fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

انتخابات لبنان: عندما تُختزل المرشّحات بـ”طليقة” و”أمّ”!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المفارقة أن التصويب على ناهدة وريما وحصر اسمهما بدائرة العائلة والزوج، لم يأتِ من أحزاب السلطة التقليدية، إنما أتى بمبادرة من مجموعات مُعارضة يُفترض أنها تحمل أجندات تغييرية وتخوض معركة ضد السلطة في لبنان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“هيدي أنا وهيدي عيلتي وهيدا تاريخي… حاسبوني على برنامجي الانتخابي ووعودي…”، تبتسم ناهدة وتجيب بثقةٍ على من يحاول تقويض ترشحها للانتخابات النيابية المقبلة بسبب هوية ابنتها الجندرية. 

ناهدة خليل مهندسة معمارية وناشطة في مجالي البيئة والتراث منذ نحو ثلاثين عاماً، ولها سجلّ طويل بالنضال في المجالات السياسية والبيئية والاجتماعية. شاطئ العاصمة وأبنيتها الأثرية وبيئتها كانت عناوين لحملات عدة شاركت فيها ناهدة وصولاً إلى إعلان ترشحها ضمن لائحة “مدينتي”.

واجهت ناهدة حملات لإقصائها من الاستحقاق الانتخابي المقرر في 15 أيار/ مايو المقبل، علماً أنها مرشحة عن المقعد الشيعي في دائرة بيروت الثانية. 

وناهدة، امرأة عصامية بدأت العمل مذ كانت في الثانية عشرة، لتساعد والدتها التي كانت تعمل حارسة أحد المباني في بيروت. أكملت تعليمها ونجحت وتفوقت ولديها ثلاثة أبناء بينهم فتاتان توأمان، إحداهما هي شادن، ممثلة كوميدية وشخصية جريئة أعلنت عن هويتها الجنسية المثلية، وهو الأمر الذي حاول البعض استهداف ناهدة بسببه.  

“بدّي إبقى بهيدا البلد وبدّي استرد البلد الحقيقي اللي شوّهوه واستملكوه وقضوا عليه وحولوه لمصالحهن الخاصة…”، تقول ناهدة مؤكّدة أنها لم تتراجع عن خوض المعركة الانتخابية، وتمكّنت بفضل حملة ضغط داخل صفوف المعارضة وعبر حملات إلكترونية من الاستمرار في التّرشح وإجبار من حاول إقصاءها على الاعتذار، وفق ما تروي لـ”درج”. علماً أن مرشحين كثر لديهم سجلاً سيئاً من انتهاكات للنساء إلى قضايا تحرّش لم يُواجهوا بحملات مُماثلة، فقط لأنهم رجال! تُشير ناهدة أن رجالاً في مناصب دستورية ودينية عليا لديهم أبناء مثليين ومثليات جنسياً، لكن لم يُواجهوا بذلك، ولم تُستخدم حياتهم وحياة أبناءهم الشخصية ضدهم في مسيرتهم السياسية. 

ما حصل مع ناهدة تكرّر في الأيام الماضية مع المرشحة ريما أبو شقرا، وهي ايضاً مرشحة على لائحة بيروت مدينتي في بيروت. “على رغم نشاطي لسنوات، تمّ اختزالي بـ”طليقة فلان” في الانتخابات النيابية… وكأني هلأد مش أكتر…”، تقول أبو شقرا لـ”درج”، تعليقاً على الغمز ضدّها بسبب زواجها السابق من ناشطٍ معارض.

ريما ناشطة اجتماعية منذ سنوات ولها مشاركات فعّالة بالدفاع عن الحريات والحقوق والأملاك العامة، إلا أن جهات مُعارضة اختزلتها بـ”طليقة فلان” عندما قررت خوض الانتخابات النيابية عن المقعد الدرزي في بيروت الثانية، واعتبر هؤلاء أن طليقها هو الذي فرضها في الانتخابات وليس بناء على جهدها ودورها في الحياة العامة.

المفارقة أن التصويب على ناهدة وريما وحصر اسمهما بدائرة العائلة والزوج، لم يأتِ من أحزاب السلطة التقليدية، إنما أتى بمبادرة من مجموعات مُعارضة يُفترض أنها تحمل أجندات تغييرية وتخوض معركة ضد السلطة في لبنان، وهو ما صدم المرشحتين من جهة، كما أكّد أن مسار التغيير، حتى ضمن صفوف المعارضة، لا يزال طويلاً.  

أدنى نسبة مرشحات لدى الطائفة الشيعية!

إلى جانب ضعف تمكين النساء سياسياً، إلا أن العراقيل التي تُواجهها المرشحات لتقويض جهودهن أكبر وأكثر تعقيداً من تلك التي تُواجه الرجال، وهو ما يُفسّر تدني نسبة حضور النساء في السياسة على مرّ سنوات. إذ لا يزال دور النساء الفاعل غائباً عن العمل السياسي في لبنان، وهو ما يعود لأسباب بنيوية متجذّرة في طبيعة المجتمع اللبناني الذكوري وتاريخه. فعدد اللواتي فزن بمقاعد نيابية عام 2018 بلغ 6 نساء فقط من أصل 128 نائباً. الأمر الذي يُفسر تصنيف لبنان كواحد من بين الدول الأربع الأكثر تأخّراً لناحية التمثيل السياسي للمرأة، وفق ما ورد في التقرير السنوي لـ”المنتدى الاقتصادي العالمي” الصادر عام 2018. إذ ذكر التقرير أن لبنان يحتاج إلى سدّ 97 في المئة من الفجوة بين الجنسين في هذا المجال السياسي، كما لا يزال عليه ردم 90 في المئة من الفجوة لناحية تبوّؤ النساء مناصب قيادية في العمل. 

لم تترشّح في لبنان كله سوى 20 امرأة شيعية.

بالعودة إلى الاستحقاق الانتخابي المفترض في أيار المقبل، بلغ عدد المرشحات 157 من أصل 1043 مرشحاً، وفق مبادرة “غربال”. توزّعت المرشحات على الدوائر كاملةً، وكان حضور النساء بارزاً في المقاعد الخمس لطائفة السنة في طرابلس والمقاعد الست لطائفة السنة في بيروت الثانية. إلا أن المفارقة أن عدد النساء فاق عدد المقاعد المخصّص لطوائفهن، باستثناء الطائفة الشيعية، حيث لم تترشّح في لبنان كله سوى 20 امرأة شيعية، في حين أن هناك 27 مقعداً مخصصاً للشيعة، وفق بيانات “غربال” الأخيرة.  

تلك الأرقام تؤكّد أن للبيئة الحاضنة دوراً أساسياً بتمكين النساء ودعمهن لخوض العمل السياسي. وما حصر عدد المرشحات بـ20 مرشّحة فقط، سوى انعكاس لغياب النساء عن لوائح “حزب الله” كلياً، فيما منحت “حركة أمل” نساءها مقعداً واحداً مثلاً، شرط أن لا تخرج عن السياسات التي يرسمها النواب الرجال في الكتلة. وهنا نستحضر واقعة انسحاب النائبة عناية عزّ الدين، مرشحة “حركة أمل” من جلسة اللجان المشتركة في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد توافق النواب في أقلّ من دقيقة، ومن ضمنهم زملاء لها في “كتلة التنمية والتحرير”، على رفض مناقشة الاقتراح الذي تقدمت به لإقرار “كوتا” نسائية.     

إقرأوا أيضاً:

05.04.2022
زمن القراءة: 4 minutes

المفارقة أن التصويب على ناهدة وريما وحصر اسمهما بدائرة العائلة والزوج، لم يأتِ من أحزاب السلطة التقليدية، إنما أتى بمبادرة من مجموعات مُعارضة يُفترض أنها تحمل أجندات تغييرية وتخوض معركة ضد السلطة في لبنان.

“هيدي أنا وهيدي عيلتي وهيدا تاريخي… حاسبوني على برنامجي الانتخابي ووعودي…”، تبتسم ناهدة وتجيب بثقةٍ على من يحاول تقويض ترشحها للانتخابات النيابية المقبلة بسبب هوية ابنتها الجندرية. 

ناهدة خليل مهندسة معمارية وناشطة في مجالي البيئة والتراث منذ نحو ثلاثين عاماً، ولها سجلّ طويل بالنضال في المجالات السياسية والبيئية والاجتماعية. شاطئ العاصمة وأبنيتها الأثرية وبيئتها كانت عناوين لحملات عدة شاركت فيها ناهدة وصولاً إلى إعلان ترشحها ضمن لائحة “مدينتي”.

واجهت ناهدة حملات لإقصائها من الاستحقاق الانتخابي المقرر في 15 أيار/ مايو المقبل، علماً أنها مرشحة عن المقعد الشيعي في دائرة بيروت الثانية. 

وناهدة، امرأة عصامية بدأت العمل مذ كانت في الثانية عشرة، لتساعد والدتها التي كانت تعمل حارسة أحد المباني في بيروت. أكملت تعليمها ونجحت وتفوقت ولديها ثلاثة أبناء بينهم فتاتان توأمان، إحداهما هي شادن، ممثلة كوميدية وشخصية جريئة أعلنت عن هويتها الجنسية المثلية، وهو الأمر الذي حاول البعض استهداف ناهدة بسببه.  

“بدّي إبقى بهيدا البلد وبدّي استرد البلد الحقيقي اللي شوّهوه واستملكوه وقضوا عليه وحولوه لمصالحهن الخاصة…”، تقول ناهدة مؤكّدة أنها لم تتراجع عن خوض المعركة الانتخابية، وتمكّنت بفضل حملة ضغط داخل صفوف المعارضة وعبر حملات إلكترونية من الاستمرار في التّرشح وإجبار من حاول إقصاءها على الاعتذار، وفق ما تروي لـ”درج”. علماً أن مرشحين كثر لديهم سجلاً سيئاً من انتهاكات للنساء إلى قضايا تحرّش لم يُواجهوا بحملات مُماثلة، فقط لأنهم رجال! تُشير ناهدة أن رجالاً في مناصب دستورية ودينية عليا لديهم أبناء مثليين ومثليات جنسياً، لكن لم يُواجهوا بذلك، ولم تُستخدم حياتهم وحياة أبناءهم الشخصية ضدهم في مسيرتهم السياسية. 

ما حصل مع ناهدة تكرّر في الأيام الماضية مع المرشحة ريما أبو شقرا، وهي ايضاً مرشحة على لائحة بيروت مدينتي في بيروت. “على رغم نشاطي لسنوات، تمّ اختزالي بـ”طليقة فلان” في الانتخابات النيابية… وكأني هلأد مش أكتر…”، تقول أبو شقرا لـ”درج”، تعليقاً على الغمز ضدّها بسبب زواجها السابق من ناشطٍ معارض.

ريما ناشطة اجتماعية منذ سنوات ولها مشاركات فعّالة بالدفاع عن الحريات والحقوق والأملاك العامة، إلا أن جهات مُعارضة اختزلتها بـ”طليقة فلان” عندما قررت خوض الانتخابات النيابية عن المقعد الدرزي في بيروت الثانية، واعتبر هؤلاء أن طليقها هو الذي فرضها في الانتخابات وليس بناء على جهدها ودورها في الحياة العامة.

المفارقة أن التصويب على ناهدة وريما وحصر اسمهما بدائرة العائلة والزوج، لم يأتِ من أحزاب السلطة التقليدية، إنما أتى بمبادرة من مجموعات مُعارضة يُفترض أنها تحمل أجندات تغييرية وتخوض معركة ضد السلطة في لبنان، وهو ما صدم المرشحتين من جهة، كما أكّد أن مسار التغيير، حتى ضمن صفوف المعارضة، لا يزال طويلاً.  

أدنى نسبة مرشحات لدى الطائفة الشيعية!

إلى جانب ضعف تمكين النساء سياسياً، إلا أن العراقيل التي تُواجهها المرشحات لتقويض جهودهن أكبر وأكثر تعقيداً من تلك التي تُواجه الرجال، وهو ما يُفسّر تدني نسبة حضور النساء في السياسة على مرّ سنوات. إذ لا يزال دور النساء الفاعل غائباً عن العمل السياسي في لبنان، وهو ما يعود لأسباب بنيوية متجذّرة في طبيعة المجتمع اللبناني الذكوري وتاريخه. فعدد اللواتي فزن بمقاعد نيابية عام 2018 بلغ 6 نساء فقط من أصل 128 نائباً. الأمر الذي يُفسر تصنيف لبنان كواحد من بين الدول الأربع الأكثر تأخّراً لناحية التمثيل السياسي للمرأة، وفق ما ورد في التقرير السنوي لـ”المنتدى الاقتصادي العالمي” الصادر عام 2018. إذ ذكر التقرير أن لبنان يحتاج إلى سدّ 97 في المئة من الفجوة بين الجنسين في هذا المجال السياسي، كما لا يزال عليه ردم 90 في المئة من الفجوة لناحية تبوّؤ النساء مناصب قيادية في العمل. 

لم تترشّح في لبنان كله سوى 20 امرأة شيعية.

بالعودة إلى الاستحقاق الانتخابي المفترض في أيار المقبل، بلغ عدد المرشحات 157 من أصل 1043 مرشحاً، وفق مبادرة “غربال”. توزّعت المرشحات على الدوائر كاملةً، وكان حضور النساء بارزاً في المقاعد الخمس لطائفة السنة في طرابلس والمقاعد الست لطائفة السنة في بيروت الثانية. إلا أن المفارقة أن عدد النساء فاق عدد المقاعد المخصّص لطوائفهن، باستثناء الطائفة الشيعية، حيث لم تترشّح في لبنان كله سوى 20 امرأة شيعية، في حين أن هناك 27 مقعداً مخصصاً للشيعة، وفق بيانات “غربال” الأخيرة.  

تلك الأرقام تؤكّد أن للبيئة الحاضنة دوراً أساسياً بتمكين النساء ودعمهن لخوض العمل السياسي. وما حصر عدد المرشحات بـ20 مرشّحة فقط، سوى انعكاس لغياب النساء عن لوائح “حزب الله” كلياً، فيما منحت “حركة أمل” نساءها مقعداً واحداً مثلاً، شرط أن لا تخرج عن السياسات التي يرسمها النواب الرجال في الكتلة. وهنا نستحضر واقعة انسحاب النائبة عناية عزّ الدين، مرشحة “حركة أمل” من جلسة اللجان المشتركة في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد توافق النواب في أقلّ من دقيقة، ومن ضمنهم زملاء لها في “كتلة التنمية والتحرير”، على رفض مناقشة الاقتراح الذي تقدمت به لإقرار “كوتا” نسائية.     

إقرأوا أيضاً: