fbpx

انفجار بيروت: صرف التعويضات لإسكات الأهالي وتأجيل العدالة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تُحاول القوى السياسية طيّ القضية بذريعة شركات التأمين ومقايضة أهالي الضحايا بالمال للسكوت عن الجريمة، عبر إجبار شركات التأمين على دفع التعويضات للمتضررين، خصوصاً في ظل انهيار اقتصادي كبير يشهده لبنان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“اقتصاد لبنان بأسفل السافلين ووزير الاقتصاد لا يتحرّك إلا في ملف تفجير المرفأ الذي لا دخل له فيه… لا أعرف ما الذي يريده الوزير، لكنني أعرف ما يريده أهالي الضحايا، نحن بصدد رفع دعاوى جماعية ضده!”، يقول المتحدث باسم عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت إبراهيم حطيط لـ”درج”، مؤكداً توجه الأهالي نحو القضاء للفصل بينهم ووزير الاقتصاد راؤول نعمة، الذي سمح لنفسه بلعب دور في تحقيقات ملف تفجير المرفأ، وطلب من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في كتاب أرسله بتاريخ 8 نيسان/ أبريل، “إصدار تقرير رسمي يُخرج الأعمال الحربية والإرهابية من دائرة الأسباب التي أدت إلى وقوع إنفجار 4 آب/ أغسطس 2020″، وذلك بذريعة التوجه إلى هيئات الضمان اللبنانية والدولية، لسداد التزاماتها المالية.

القاضي بيطار نفى استلامه أي رسالة من هذا النوع، كما تبرّأت وزيرة العدل ماري كلود نجم من نعمة، فأوضحت في بيان أن “الكتاب لم يصلها وأنها غير مسؤولة تالياً عن مضمونه وأنها لا توافق عليه وأن الكتاب لم يصل أبداً إلى الوزارة”. وبذلك بقي راؤول وحيداً وهو ما يطرح أسئلة حول نيته وأهدافه ومن دفعه للقيام بهذه الخطوة. علماً أنه نشر توضيحاً بعدما أثار كتابه غضباً واسعاً، فأشار إلى أن “الكتاب لا يهدف بأي شكل إلى التدخل في عمل القضاء”، كما أبدى استعداده لسحب الكتاب وإعادة صياغته، “نظراً إلى سوء تفسيره بما لا يتماشى مع الهدف المنشود منه”. وأضاف أنه “بصفته المسؤول عن لجنة مراقبة هيئات الضمان، فهو يحض بشكل متواصل شركات التأمين على تعويض المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، حماية لحقوقهم، إنما لا يمكن إلزامهم التعويض من دون صدور تقرير رسمي يبين الأسباب وراء الانفجار، لأن معظم عقود التأمين وإعادة التأمين تستثني أعمال الحرب والإرهاب من نطاق التغطية”. 

تدخل نعمة في الملف بهذا الشكل يظهر بجلاء نهج جهات سياسية أساسية في السلطة على سحب مسألة العمل الجرمي والإرهابي عن تفجير المرفأ، بذريعة أن سحب هذه الصفة سيتيح لأهالي الضحايا قبض تعويضاتهم من شركات التأمين. 

وهو ما يُرجّح محاولة القوى السياسية طيّ القضية بذريعة شركات التأمين ومقايضة أهالي الضحايا بالمال للسكوت عن الجريمة، عبر إجبار شركات التأمين على دفع التعويضات للمتضررين، خصوصاً في ظل انهيار اقتصادي كبير يشهده لبنان. 

وفي هذا السياق، تصف المحامية ديالا شحادة تدخل الوزير في ملف التحقيقات بـ”البدعة والسفسطة على النظام القضائي”، وتشرح أنه “على رغم التدخلات السياسية في القضاء اللبناني، إلا أن القصة الأخيرة كانت سابقة لم يشهدها القضاء من قبل، وترتقي إلى الوقاحة”. وتضيف، “كان أجدى بالوزير البحث عن مصادر لتغطية الأضرار التي لحقت بالمصالح الاقتصادية على الأقل”.     

“إذا كانوا يظنون أننا سنساوم على دماء شهدائنا بالمال، فليعلموا أن المال لا يعوّض شيئاً من خسارتنا”.

يحصل ذلك فيما لبنان يعيش الذكرى الـ46 عاماً لاندلاع الحرب الأهلية، والتي انتهت بقانون عفو عام وعرقلة أي محاسبة لجرائم الحرب فيما تقاسم أمراء القتال كعكة الحكم. 

اليوم وكأن السيناريو نفسه يتكرر، إذ تحاول السلطة السياسية اتّباع النهج ذاته عبر التعمية واللامبالاة المثيرة للريبة، حول تفجيرٍ قضى ضحيته 200 شخص وأُصيب أكثر من 6 آلاف آخرين.

ما فعله راؤول نعمة، كان أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، تحدث عنه عبر إيحاءات، هي أقرب إلى “توجيهات”، في خطابه في 16 شباط/ فبراير. إذ دعا نصرالله القضاء إلى الكشف عن نتائج التحقيقات الفنية في الجريمة، ملمّحاً إلى أنه في حال كان التفجير “إرهابياً”، فإن شركات التأمين لن تغطي تكاليف الأضرار. بدا وكأنه يقول للقضاء: “استبعِد هذه الفرضية إذاً، واظهِر أن التفجير كان قضاءً وقدراً”.

هذا عدا أن التوضيح الذي أصدره نعمة زاد الطين بلّة، إذ غرّد المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية، أن الوزير ضغط على القاضي لوضع سقف زمني وموضوعي لتحقيقاته، وهو ما يشكّل جرماً وفق المادة 419 من قانون العقوبات اللبناني، تصل إلى السجن لمدة 4 سنوات ونص السنة، والتي يستند إليها أهالي الضحايا لرفع دعاوى جماعية ضد الوزير ومقاضاته. “سيكون لنا ردود قاسية على تصرّف الوزير نعمة وسنلقّن الآخرين درساً عبره، لا يمكن لأحد أن يساومنا على دم أهلنا”، يقول إبراهيم حطيط شقيق ثروت، الذي قضى بانفجار مرفأ بيروت.

“المال لا يعوّض شيئاً من خسارتنا”

“إذا كانوا يظنون أننا سنساوم على دماء شهدائنا بالمال، فليعلموا أن المال لا يعوّض شيئاً من خسارتنا”، يقول محمد اسكندر لـ”درج”، وهو ابن عم الرقيب حمزة اسكندر الذي انتشرت صورته وهو يفتح باب العنبر رقم 12 قبل دقائق من وقوع انفجار المرفأ. 

يؤكد محمد، كما معظم أهالي الضحايا، أن “تدخّل وزير الاقتصاد في ملف أمني يضعه في خانة الشبهات لجهة ما يعرفه من معلومات يريد التستّر عنها، أو لجهة خضوعه لأوامر جهات عليا”. 

أصدرت لجنة أهالي الضحايا بياناً رداً على خطوة نعمة، قالت فيه “فاجأنا وزير الاقتصاد بتنصيب نفسه قاضياً عدلياً، مصدراً حكماً مسبقاً بتبرئة العدو الصهيوني والإرهاب من جريمة تفجير مرفأ بيروت، التي قتلت فلذات أكبادنا وجرحت الآلاف ودمّرت مدينتنا بيروت تحت حجّة واهية، لاعباً دور الحريص على حقوق المتضرّرين وضارباً عرض الحائط بمشاعرنا كعائلات شهداء ننتظر الحقيقة بفارغ الصبر والألم والدموع”.

ورأى الأهالي أنّ ما قام به الوزير “تدخل سافر غير مقبول بنتائج التحقيق، وطعنة غادرة في خاصرة قضيتنا الوطنية والإنسانية، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه”، وختموا بالقول “اللي استحوا ماتوا”.

ولم يكتفِ الأهالي بالبيان، بل نظّموا تحركاً احتجاجياً تحت منزل الوزير في الأشرفية لتوصيل رسالتهم، والتصعيد الآن نحو التوجه إلى القضاء، استكمالاً لمعركتهم من أجل جلاء الحقيقة.

إقرأوا أيضاً:

محمد أبو شحمة- صحفي فلسطيني | 11.10.2024

ضغط عسكري على الشمال ومجازر في جنوبه… عدوان “إسرائيل” في غزة لا يتوقّف

يمارس الجيش الإسرائيلي ضغطاً عسكرياً على سكان المخيم بهدف دفعهم إلى النزوح لجنوب القطاع، تنفيذاً لما يُعرف بخطة "الجنرالات" التي وضعها اللواء الإسرائيلي المتقاعد غيورا إيلاند، والهادفة إلى إجلاء المدنيين بعد حصار محكم.
13.04.2021
زمن القراءة: 4 minutes

تُحاول القوى السياسية طيّ القضية بذريعة شركات التأمين ومقايضة أهالي الضحايا بالمال للسكوت عن الجريمة، عبر إجبار شركات التأمين على دفع التعويضات للمتضررين، خصوصاً في ظل انهيار اقتصادي كبير يشهده لبنان.

“اقتصاد لبنان بأسفل السافلين ووزير الاقتصاد لا يتحرّك إلا في ملف تفجير المرفأ الذي لا دخل له فيه… لا أعرف ما الذي يريده الوزير، لكنني أعرف ما يريده أهالي الضحايا، نحن بصدد رفع دعاوى جماعية ضده!”، يقول المتحدث باسم عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت إبراهيم حطيط لـ”درج”، مؤكداً توجه الأهالي نحو القضاء للفصل بينهم ووزير الاقتصاد راؤول نعمة، الذي سمح لنفسه بلعب دور في تحقيقات ملف تفجير المرفأ، وطلب من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في كتاب أرسله بتاريخ 8 نيسان/ أبريل، “إصدار تقرير رسمي يُخرج الأعمال الحربية والإرهابية من دائرة الأسباب التي أدت إلى وقوع إنفجار 4 آب/ أغسطس 2020″، وذلك بذريعة التوجه إلى هيئات الضمان اللبنانية والدولية، لسداد التزاماتها المالية.

القاضي بيطار نفى استلامه أي رسالة من هذا النوع، كما تبرّأت وزيرة العدل ماري كلود نجم من نعمة، فأوضحت في بيان أن “الكتاب لم يصلها وأنها غير مسؤولة تالياً عن مضمونه وأنها لا توافق عليه وأن الكتاب لم يصل أبداً إلى الوزارة”. وبذلك بقي راؤول وحيداً وهو ما يطرح أسئلة حول نيته وأهدافه ومن دفعه للقيام بهذه الخطوة. علماً أنه نشر توضيحاً بعدما أثار كتابه غضباً واسعاً، فأشار إلى أن “الكتاب لا يهدف بأي شكل إلى التدخل في عمل القضاء”، كما أبدى استعداده لسحب الكتاب وإعادة صياغته، “نظراً إلى سوء تفسيره بما لا يتماشى مع الهدف المنشود منه”. وأضاف أنه “بصفته المسؤول عن لجنة مراقبة هيئات الضمان، فهو يحض بشكل متواصل شركات التأمين على تعويض المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، حماية لحقوقهم، إنما لا يمكن إلزامهم التعويض من دون صدور تقرير رسمي يبين الأسباب وراء الانفجار، لأن معظم عقود التأمين وإعادة التأمين تستثني أعمال الحرب والإرهاب من نطاق التغطية”. 

تدخل نعمة في الملف بهذا الشكل يظهر بجلاء نهج جهات سياسية أساسية في السلطة على سحب مسألة العمل الجرمي والإرهابي عن تفجير المرفأ، بذريعة أن سحب هذه الصفة سيتيح لأهالي الضحايا قبض تعويضاتهم من شركات التأمين. 

وهو ما يُرجّح محاولة القوى السياسية طيّ القضية بذريعة شركات التأمين ومقايضة أهالي الضحايا بالمال للسكوت عن الجريمة، عبر إجبار شركات التأمين على دفع التعويضات للمتضررين، خصوصاً في ظل انهيار اقتصادي كبير يشهده لبنان. 

وفي هذا السياق، تصف المحامية ديالا شحادة تدخل الوزير في ملف التحقيقات بـ”البدعة والسفسطة على النظام القضائي”، وتشرح أنه “على رغم التدخلات السياسية في القضاء اللبناني، إلا أن القصة الأخيرة كانت سابقة لم يشهدها القضاء من قبل، وترتقي إلى الوقاحة”. وتضيف، “كان أجدى بالوزير البحث عن مصادر لتغطية الأضرار التي لحقت بالمصالح الاقتصادية على الأقل”.     

“إذا كانوا يظنون أننا سنساوم على دماء شهدائنا بالمال، فليعلموا أن المال لا يعوّض شيئاً من خسارتنا”.

يحصل ذلك فيما لبنان يعيش الذكرى الـ46 عاماً لاندلاع الحرب الأهلية، والتي انتهت بقانون عفو عام وعرقلة أي محاسبة لجرائم الحرب فيما تقاسم أمراء القتال كعكة الحكم. 

اليوم وكأن السيناريو نفسه يتكرر، إذ تحاول السلطة السياسية اتّباع النهج ذاته عبر التعمية واللامبالاة المثيرة للريبة، حول تفجيرٍ قضى ضحيته 200 شخص وأُصيب أكثر من 6 آلاف آخرين.

ما فعله راؤول نعمة، كان أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، تحدث عنه عبر إيحاءات، هي أقرب إلى “توجيهات”، في خطابه في 16 شباط/ فبراير. إذ دعا نصرالله القضاء إلى الكشف عن نتائج التحقيقات الفنية في الجريمة، ملمّحاً إلى أنه في حال كان التفجير “إرهابياً”، فإن شركات التأمين لن تغطي تكاليف الأضرار. بدا وكأنه يقول للقضاء: “استبعِد هذه الفرضية إذاً، واظهِر أن التفجير كان قضاءً وقدراً”.

هذا عدا أن التوضيح الذي أصدره نعمة زاد الطين بلّة، إذ غرّد المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية، أن الوزير ضغط على القاضي لوضع سقف زمني وموضوعي لتحقيقاته، وهو ما يشكّل جرماً وفق المادة 419 من قانون العقوبات اللبناني، تصل إلى السجن لمدة 4 سنوات ونص السنة، والتي يستند إليها أهالي الضحايا لرفع دعاوى جماعية ضد الوزير ومقاضاته. “سيكون لنا ردود قاسية على تصرّف الوزير نعمة وسنلقّن الآخرين درساً عبره، لا يمكن لأحد أن يساومنا على دم أهلنا”، يقول إبراهيم حطيط شقيق ثروت، الذي قضى بانفجار مرفأ بيروت.

“المال لا يعوّض شيئاً من خسارتنا”

“إذا كانوا يظنون أننا سنساوم على دماء شهدائنا بالمال، فليعلموا أن المال لا يعوّض شيئاً من خسارتنا”، يقول محمد اسكندر لـ”درج”، وهو ابن عم الرقيب حمزة اسكندر الذي انتشرت صورته وهو يفتح باب العنبر رقم 12 قبل دقائق من وقوع انفجار المرفأ. 

يؤكد محمد، كما معظم أهالي الضحايا، أن “تدخّل وزير الاقتصاد في ملف أمني يضعه في خانة الشبهات لجهة ما يعرفه من معلومات يريد التستّر عنها، أو لجهة خضوعه لأوامر جهات عليا”. 

أصدرت لجنة أهالي الضحايا بياناً رداً على خطوة نعمة، قالت فيه “فاجأنا وزير الاقتصاد بتنصيب نفسه قاضياً عدلياً، مصدراً حكماً مسبقاً بتبرئة العدو الصهيوني والإرهاب من جريمة تفجير مرفأ بيروت، التي قتلت فلذات أكبادنا وجرحت الآلاف ودمّرت مدينتنا بيروت تحت حجّة واهية، لاعباً دور الحريص على حقوق المتضرّرين وضارباً عرض الحائط بمشاعرنا كعائلات شهداء ننتظر الحقيقة بفارغ الصبر والألم والدموع”.

ورأى الأهالي أنّ ما قام به الوزير “تدخل سافر غير مقبول بنتائج التحقيق، وطعنة غادرة في خاصرة قضيتنا الوطنية والإنسانية، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه”، وختموا بالقول “اللي استحوا ماتوا”.

ولم يكتفِ الأهالي بالبيان، بل نظّموا تحركاً احتجاجياً تحت منزل الوزير في الأشرفية لتوصيل رسالتهم، والتصعيد الآن نحو التوجه إلى القضاء، استكمالاً لمعركتهم من أجل جلاء الحقيقة.

إقرأوا أيضاً: