fbpx

انهيار الليرة وجشع المشغّلين: صفعة للعمال الأجانب في لبنان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الأزمة الاقتصادية التي يعانيها البلد ألقت بثقلها على العاملين والعاملات، فبسبب عدم توافر الدولار باتوا غير قادرين على إرسال الأموال إلى بلدانهم، فيما تحويل العملة اللبنانية إلى الدولار لدى الصرافين بات يفقدها جزءاً كبيراً من قيمتها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“يقولون لي إن لا دولار في المصرف، وإنني سأحصّل مستحقاتي قريباً، إلا أنني لم أتقاضَ راتبي منذ خمسة أشهر…”، تقول برونتو (34 سنة)، وهي عاملة أثيوبية قصدت لبنان منذ سبع سنوات للعمل في الخدمة المنزلية لتأمين مستحقات تعليم أطفالها.

وتضيف: “لم أرسل لأطفالي أي مبلغ منذ مدّة، مرّ عيد الفصح عليهم من دون ملابس جديدة أو حتى هدية… أشعر بالتقصير تجاههم، وهذا يقتلني”.

وتشير برونتو إلى أنها حاولت في بداية الأزمة العمل لساعات معينة خارج منزل السيدة التي استقدمتها، مقابل أجرٍ محدد. إلا أنّ هذا الخيار لم يعد متاحاً، بخاصة بعد انتشار وباء “كورونا”، الذي حظر عليها الانتقال بين البيوت أو المكاتب، كما حجزها الحجر المنزلي في البيت. 

قصة برونتو واحدة من قصص عاملات وعمال أجانب كثيرين في لبنان يعانون الأمرّين منذ أشهر. فالأزمة الاقتصادية التي يعانيها البلد ألقت بثقلها عليهم، فبسبب عدم توافر الدولار باتوا غير قادرين على إرسال الأموال إلى بلدانهم، فيما تحويل العملة اللبنانية إلى الدولار لدى الصرافين بات يفقدها جزءاً كبيراً من قيمتها، هذا عدا عن ارتفاع كلفة التحويل إلى الخارج أكثر من 30 في المئة لندرة الدولار في السوق اللبناني.

وسط هذه الظروف، يفكر كثيرون من العمّال الأجانب الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ فترة، بالرحيل من دون عودة.  

في هذا السياق، يقول علي شعبان مدير مكتب “سادات للسفر” لـ”درج”، إن الإقبال على طلب بطاقات تذاكر الطيران بلا عودة تصاعد منذ بداية انهيار الليرة في لبنان، إلا أنه، أي بعد انتشار “كورونا”، تضاعفت رغبة العمال الأجانب في المغادرة.

ويضيف، “معظمهم يتوق للسفر، لقد حجزنا مقاعد لمجموعة كبيرة في شهر حزيران/ يونيو، إذ يُتوقع أن تفتح المطارات إلى ذلك الوقت”.   

“رامكو”: فضيحة إنسانية

جزء كبير من العمالة الأجنبية المستقدمة يعمل في مجال التنظيف. وقد انتشر في أخيراً فيديو اعتداء القوى الأمنية على أكثر من 150 عاملاً أجنبياً من شركة “رامكو” (عمّال نظافة) اعتصموا للمطالبة بحقوقهم وسداد رواتبهم وفق فارق ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية.

للوهلة الأولى، ظهر اعتصام العمال كحركة احتجاجية على عدم تلقّيهم مستحقاتهم، ليتبيّن لاحقاً، وفق بيانهم، أن العصيان الوظيفي كان بسبب تجاوزات الشركة المتكررة، بما فيها محاولة قتل موظفي الأمن في الشركة أحد العمال.

وأكّد عمال أنّ زميلاً لهم أُصيب بعدم توازن عقلي في 8 نيسان/ أبريل الماضي، وتبيّن لاحقاً أنه حاول الانتحار بسبب سوء الإدارة وقلّة الاهتمام وممارسة ضغوط عليه.

جزء من بيان أصدره عمال شركة “رامكو”

وبدل أن تقدّم الإدارة للموظف المساعدة الطبية والنفسية اللازمة، تم حجزه في غرفة مظلمة تحت الأرض لمدة ثلاثة أيام وتعرّض لعنف نفسي وجسدي، إلى أن فقد عقله بشكل كامل، فقام موظفو الأمن بمحاولة قتله، “أمسكوه من صدره وحاولوا خنقه بأيديهم”، إلى أن تدخّل أصدقاؤه وأنقذوه، وفقاً للبيان.

في هذا الصدد، تقول ديالا حيدر، مسؤولة الحملات في “منظمة العفو الدولية في لبنان”، إن المنظمة تتابع هذا الملف وتتواصل مع الجهات المعنية. كما تؤكد أن “حق العامل بالتظاهر ملحوظ في كل الالتزامات الدولية التي وافق عليها لبنان”. 

الحجر المنزلي الذي زاد الطين بلّة

إضافة إلى الجور المادي، تتعرض عاملات كثيرات لعنف لفظي وجسدي، قد يصل أحياناً إلى القتل. وأخيراً، اتخذت قضية مقتل العاملة الغانية فوستينا تاي نطاقاً عالمياً، بعدما عُثر على جثتها في موقف للسيارات تحت منزل صاحب العمل في الضاحية الجنوبية لبيروت.

واللافت أن تاي استنجدت عبر السوشيال ميديا، وفي رسائل صوتية يائسة بمجموعات خاصة بحقوق الإنسان، معبّرةً عن خوفها على حياتها. وتحدثت مطولاً عن الإساءة الجسدية التي كانت تعانيها.

قصص كثيرة مشابهة لقصة تاي انتشرت في الفترة الأخيرة في لبنان، بعد تقارير عالمية تُدين ما تتعرّض له عاملات منزليات من معاملة سيئة وعنف، بخاصة في فترة الحجر المنزلي. ومن هذه القصص، قصة العاملة د.د، التي عُثر عليها مشنوقة بواسطة قطعة قماش معلّقة في شجرة في أحد حقول الزيتون في بلدة الغسانية. هذا عدا عن عرض عاملة للبيع على إحدى المنصات! إذ كتب أحدهم، “عاملة منزليّة من جنسيّة أفريقيّة، نيجيريا، للبيع مع إقامة جديدة وأوراق قانونيّة كاملة، العمر 30 سنة، نشيطة ونظيفة جداً”…

يُشار إلى أن في لبنان حوالى 250 ألف عاملة منزلية، وتلقى عاملتان حتفهما أسبوعياً، نتيجة السقوط من المباني العالية “انتحاراً”، أو أثناء محاولات الهروب الفاشلة، وفقاً لبيانات القوى الأمنية. وغالباً ما تقفل الملفات من دون تحميل المسؤولية إلى أحد، وفي بعض حوادث العنف، يتم ترحيل العاملة إلى بلدها وكأنّ شيئاً لم يكن، من دون فتح تحقيق في القضيّة.

بيئة غير مناسبة للعمال الأجانب

جددت وزارة العمل اللبنانية 182749 إجازة عمل قائمة وفق الإحصاءات الرسمية لعام 2018. احتلت الجنسية الإثيوبية الصدارة بـ91551 إجازة، ثم المصرية 18012، والفيليبنية 17156، أما السريلانكية فبلغت 6031، والهندية 6052، والبنغلادشية فكانت 5130 إجازة عمل.

كما بلغ عدد الإجازات الممنوحة للعمالة الجديدة الوافدة إلى لبنان 86894 عاملاً أجنبياً، ليبلغ إجمالي حجم العمالة الأجنبية الشرعية 270 ألف عامل. تشير هذه الأرقام إلى الحصة الكبيرة التي يشغلها العمال الأجانب في لبنان، وسط ظروف مجحفة، وبيئة لم تعد مناسبة لاحتوائهم، بخاصة في ظلّ نظام الكفالة.

في لبنان حوالى 250 ألف عاملة منزلية، وتلقى عاملتان حتفهما أسبوعياً.

في هذا الإطار، دعت “منظمة العفو الدولية” السلطات اللبنانية إلى إلغاء نظام الكفالة في البلاد، وقالت إن “العمّال، وتحديداً عاملات المنازل المهاجرات في لبنان، عالقات في خيوط شبكة نسَجها نظام الكفالة، وهو نظام رعاية ينطوي على إساءة المعاملة بطبيعته، الأمر الذي يزيد من خطورة تعرضهن للاستغلال والعمل القسري والاتجار بالبشر، ولا يتيح لهن آفاقاً تُذكر للحصول على الإنصاف”.

وتقول حيدر، إن المنظمة وثّقت انتهاكات كثيرة بحقّ العاملات والعمال خلال أزمة وباء “كورونا”، كسوء المعاملة، وعدم الالتزام بساعات العمل، ومنع تواصلهم مع العالم الخارجي وغيره. يضاف إلى ذلك ما تعيشه العاملات المحتجزات لدى مراكز قوى الأمن، بسبب عدم امتلاكهنّ إقامات شرعية.

الأزمة الاقتصادية التي يعانيها البلد ألقت بثقلها على العاملين والعاملات، فبسبب عدم توافر الدولار باتوا غير قادرين على إرسال الأموال إلى بلدانهم، فيما تحويل العملة اللبنانية إلى الدولار لدى الصرافين بات يفقدها جزءاً كبيراً من قيمتها.

“يقولون لي إن لا دولار في المصرف، وإنني سأحصّل مستحقاتي قريباً، إلا أنني لم أتقاضَ راتبي منذ خمسة أشهر…”، تقول برونتو (34 سنة)، وهي عاملة أثيوبية قصدت لبنان منذ سبع سنوات للعمل في الخدمة المنزلية لتأمين مستحقات تعليم أطفالها.

وتضيف: “لم أرسل لأطفالي أي مبلغ منذ مدّة، مرّ عيد الفصح عليهم من دون ملابس جديدة أو حتى هدية… أشعر بالتقصير تجاههم، وهذا يقتلني”.

وتشير برونتو إلى أنها حاولت في بداية الأزمة العمل لساعات معينة خارج منزل السيدة التي استقدمتها، مقابل أجرٍ محدد. إلا أنّ هذا الخيار لم يعد متاحاً، بخاصة بعد انتشار وباء “كورونا”، الذي حظر عليها الانتقال بين البيوت أو المكاتب، كما حجزها الحجر المنزلي في البيت. 

قصة برونتو واحدة من قصص عاملات وعمال أجانب كثيرين في لبنان يعانون الأمرّين منذ أشهر. فالأزمة الاقتصادية التي يعانيها البلد ألقت بثقلها عليهم، فبسبب عدم توافر الدولار باتوا غير قادرين على إرسال الأموال إلى بلدانهم، فيما تحويل العملة اللبنانية إلى الدولار لدى الصرافين بات يفقدها جزءاً كبيراً من قيمتها، هذا عدا عن ارتفاع كلفة التحويل إلى الخارج أكثر من 30 في المئة لندرة الدولار في السوق اللبناني.

وسط هذه الظروف، يفكر كثيرون من العمّال الأجانب الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ فترة، بالرحيل من دون عودة.  

في هذا السياق، يقول علي شعبان مدير مكتب “سادات للسفر” لـ”درج”، إن الإقبال على طلب بطاقات تذاكر الطيران بلا عودة تصاعد منذ بداية انهيار الليرة في لبنان، إلا أنه، أي بعد انتشار “كورونا”، تضاعفت رغبة العمال الأجانب في المغادرة.

ويضيف، “معظمهم يتوق للسفر، لقد حجزنا مقاعد لمجموعة كبيرة في شهر حزيران/ يونيو، إذ يُتوقع أن تفتح المطارات إلى ذلك الوقت”.   

“رامكو”: فضيحة إنسانية

جزء كبير من العمالة الأجنبية المستقدمة يعمل في مجال التنظيف. وقد انتشر في أخيراً فيديو اعتداء القوى الأمنية على أكثر من 150 عاملاً أجنبياً من شركة “رامكو” (عمّال نظافة) اعتصموا للمطالبة بحقوقهم وسداد رواتبهم وفق فارق ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية.

للوهلة الأولى، ظهر اعتصام العمال كحركة احتجاجية على عدم تلقّيهم مستحقاتهم، ليتبيّن لاحقاً، وفق بيانهم، أن العصيان الوظيفي كان بسبب تجاوزات الشركة المتكررة، بما فيها محاولة قتل موظفي الأمن في الشركة أحد العمال.

وأكّد عمال أنّ زميلاً لهم أُصيب بعدم توازن عقلي في 8 نيسان/ أبريل الماضي، وتبيّن لاحقاً أنه حاول الانتحار بسبب سوء الإدارة وقلّة الاهتمام وممارسة ضغوط عليه.

جزء من بيان أصدره عمال شركة “رامكو”

وبدل أن تقدّم الإدارة للموظف المساعدة الطبية والنفسية اللازمة، تم حجزه في غرفة مظلمة تحت الأرض لمدة ثلاثة أيام وتعرّض لعنف نفسي وجسدي، إلى أن فقد عقله بشكل كامل، فقام موظفو الأمن بمحاولة قتله، “أمسكوه من صدره وحاولوا خنقه بأيديهم”، إلى أن تدخّل أصدقاؤه وأنقذوه، وفقاً للبيان.

في هذا الصدد، تقول ديالا حيدر، مسؤولة الحملات في “منظمة العفو الدولية في لبنان”، إن المنظمة تتابع هذا الملف وتتواصل مع الجهات المعنية. كما تؤكد أن “حق العامل بالتظاهر ملحوظ في كل الالتزامات الدولية التي وافق عليها لبنان”. 

الحجر المنزلي الذي زاد الطين بلّة

إضافة إلى الجور المادي، تتعرض عاملات كثيرات لعنف لفظي وجسدي، قد يصل أحياناً إلى القتل. وأخيراً، اتخذت قضية مقتل العاملة الغانية فوستينا تاي نطاقاً عالمياً، بعدما عُثر على جثتها في موقف للسيارات تحت منزل صاحب العمل في الضاحية الجنوبية لبيروت.

واللافت أن تاي استنجدت عبر السوشيال ميديا، وفي رسائل صوتية يائسة بمجموعات خاصة بحقوق الإنسان، معبّرةً عن خوفها على حياتها. وتحدثت مطولاً عن الإساءة الجسدية التي كانت تعانيها.

قصص كثيرة مشابهة لقصة تاي انتشرت في الفترة الأخيرة في لبنان، بعد تقارير عالمية تُدين ما تتعرّض له عاملات منزليات من معاملة سيئة وعنف، بخاصة في فترة الحجر المنزلي. ومن هذه القصص، قصة العاملة د.د، التي عُثر عليها مشنوقة بواسطة قطعة قماش معلّقة في شجرة في أحد حقول الزيتون في بلدة الغسانية. هذا عدا عن عرض عاملة للبيع على إحدى المنصات! إذ كتب أحدهم، “عاملة منزليّة من جنسيّة أفريقيّة، نيجيريا، للبيع مع إقامة جديدة وأوراق قانونيّة كاملة، العمر 30 سنة، نشيطة ونظيفة جداً”…

يُشار إلى أن في لبنان حوالى 250 ألف عاملة منزلية، وتلقى عاملتان حتفهما أسبوعياً، نتيجة السقوط من المباني العالية “انتحاراً”، أو أثناء محاولات الهروب الفاشلة، وفقاً لبيانات القوى الأمنية. وغالباً ما تقفل الملفات من دون تحميل المسؤولية إلى أحد، وفي بعض حوادث العنف، يتم ترحيل العاملة إلى بلدها وكأنّ شيئاً لم يكن، من دون فتح تحقيق في القضيّة.

بيئة غير مناسبة للعمال الأجانب

جددت وزارة العمل اللبنانية 182749 إجازة عمل قائمة وفق الإحصاءات الرسمية لعام 2018. احتلت الجنسية الإثيوبية الصدارة بـ91551 إجازة، ثم المصرية 18012، والفيليبنية 17156، أما السريلانكية فبلغت 6031، والهندية 6052، والبنغلادشية فكانت 5130 إجازة عمل.

كما بلغ عدد الإجازات الممنوحة للعمالة الجديدة الوافدة إلى لبنان 86894 عاملاً أجنبياً، ليبلغ إجمالي حجم العمالة الأجنبية الشرعية 270 ألف عامل. تشير هذه الأرقام إلى الحصة الكبيرة التي يشغلها العمال الأجانب في لبنان، وسط ظروف مجحفة، وبيئة لم تعد مناسبة لاحتوائهم، بخاصة في ظلّ نظام الكفالة.

في لبنان حوالى 250 ألف عاملة منزلية، وتلقى عاملتان حتفهما أسبوعياً.

في هذا الإطار، دعت “منظمة العفو الدولية” السلطات اللبنانية إلى إلغاء نظام الكفالة في البلاد، وقالت إن “العمّال، وتحديداً عاملات المنازل المهاجرات في لبنان، عالقات في خيوط شبكة نسَجها نظام الكفالة، وهو نظام رعاية ينطوي على إساءة المعاملة بطبيعته، الأمر الذي يزيد من خطورة تعرضهن للاستغلال والعمل القسري والاتجار بالبشر، ولا يتيح لهن آفاقاً تُذكر للحصول على الإنصاف”.

وتقول حيدر، إن المنظمة وثّقت انتهاكات كثيرة بحقّ العاملات والعمال خلال أزمة وباء “كورونا”، كسوء المعاملة، وعدم الالتزام بساعات العمل، ومنع تواصلهم مع العالم الخارجي وغيره. يضاف إلى ذلك ما تعيشه العاملات المحتجزات لدى مراكز قوى الأمن، بسبب عدم امتلاكهنّ إقامات شرعية.

|
آخر القصص
 هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
أفراح ناصر - باحثة في المركز العربي في واشنطن | 12.10.2024
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
شكري الريان - كاتب فلسطيني سوري | 12.10.2024
لماذا أخفق حزب الله؟
ندى عبدالصمد - كاتبة وصحافية لبنانية | 12.10.2024
خطبة الوداع
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 11.10.2024

اشترك بنشرتنا البريدية