fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“بالدوش والنومة ع البلاط”: السوريون يواجهون جحيم الصيف

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

هذا الصيف قاسٍ على السوريين والغليان بدأ يجتاح النفوس، وبشكل أو بآخر، تبدو الاحتجاجات اليوم انعكاساً لاختناق موسمي وسياسي، فالصيف ينهك الأجساد والنظام يسرق الناس وينكّل بهم، وبين موسم سيمر ونظام يتمسك بالبقاء قد يبدو الصيف سبباً كافياً ليحتج الناس فيه سياسياً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“بالدوش والنومة ع البلاط”، “أنا استسلمت للبيت وما طلعت عالامتحان اليوم”، “لا يمكن وصف ذلك، إنه نوع جديد من الموت”، “عايشين تحت الدوش”، هكذا يجيبك السوريون لو سألتهم كيف يواجهون واحدة من أقسى موجات الحر منذ سنوات، وسط غياب شبه كامل للكهرباء في كثير المناطق ونقص المياه وانقطاعها في مناطق أخرى.

مواجهة غير عادلة بين الصيف والسوريين

أحياناً حتى طرح السؤال على السوريين يجب أن يكون دقيقاً، فكلمة مثل مواجهة لا يجب أن تُذكر في سؤال عن الحرّ، إذ إنها ليست خياراً مطروحاً. فهي تذكر السوريين بالعدو، فلم توجد الكلمة إلّا في هذا السياق، محاربة الإرهاب والعدو والاحتلال، فكيف يمكن أن توجد في سياق الحر. في كل الأحوال، يعترف كثرٌ من السوريين بعجزهم حتى عن المواجهة، لقد انتهت طاقاتهم عند مواجهة الخوف والجوع والانهيار الاقتصادي، ويبقى الحر موسماً سيمرّ في النهاية على عكس الانهيار الاقتصادي وحكم الأسد.

الحر في سوريا هو عقاب إضافي، فالناس  يفتقرون الى أبسط حقوقهم، ليأتي الصيف الحار ويزيد معاناتهم. تغيب الكهرباء في بعض المناطق بشكل شبه كامل وتأتي لنصف ساعة أو ساعة في أفضل الأحوال بعد كل 5 أو 6 ساعات. بينما دخلت مناطق كثيرة في أزمة شحّ المياه سواء بسبب غياب الكهرباء لضخّ المياه أو الأعطال التقنية في الآبار، والتي تأخذ وقتاً طويلاً لإصلاحها أو لا يتمّ إصلاحها على الإطلاق.

وصلت درجات الحرارة إلى أعتاب الأربعين في بلد يمكن وصف مرافقه بالبدائية، ما دفع الناس الى اللجوء لأي وسيلة تخفف عبء الاختناق. ففي المناطق التي لا تعاني من مشاكل في المياه، يلجأون في غالبيتهم إلى الاستحمام كل بضع ساعات، إذ إن المياه تخفف وطأة الحرارة وتشعر الشخص بانتعاشٍ مؤقت. يمكن المراوح التي تعمل على البطارية أن تسدّ الحاجة لبعض الوقت في حال أتت الكهرباء وقتاً كافياً لشحنها.

التحدي الحقيقي يكمن ليلاً حين يأتي وقت الاستراحة والنوم، لكن الحر أقوى من التعب، والتعرق يمنع الجسد من الاستسلام للغفوة. تترك السيدة عيدة سريرها وتفترش البلاط، فهو يحتفظ ببعض البرودة القادمة من الأرض. ورغم آلام الظهر وقساوة الأرض، إلا أنها تستطيع النوم لبضع ساعات.

“بالدوش والنومة ع البلاط”، “أنا استسلمت للبيت وما طلعت عالامتحان اليوم”

جحيم المعتقلات والمخيمات

تزيد المعاناة في مخيمات اللجوء والنزوح حيث لا تقي الخيم  الحرارة، وسط غياب شبكات المياه والخدمات، إذ تتسبب المواد التي تُصنع منها الخيام وهي النايلون أو البلاستيك أو القماش في ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيم. ليس هناك الكثير من الخيارات لمحاربة الحر في المخيمات، إذ تحصل بعض المخيمات على قوالب ثلج سواء من المنظمات الإغاثية أو من أصحاب الأيادي البيضاء ويضعها الناس بعد تكسيرها في “ترامس” المياه البلاستيكية، لتساعدهم على عبور يوم جحيمي جديد، في حين لا يزال أكثر من 1.5 مليون سوري شمال غربي البلاد يسكنون في نحو 1633 مخيماً، حيث يعاني أكثر من 811 مخيماً من انعدام المياه، إضافة إلى انخفاض كمياتها في باقي المخيمات نتيجة تخفيض الدعم وارتفاع معدل استهلاك المياه. وكانت إذاعة “شام أف أم” المحلية قالت قبل أسبوع، إن شخصاً توفي في مدينة حلب بسبب تعرضه لضربة شمس، فيما أسعفت فرق الدفاع المدني السوري منتصف شهر آب/ أغسطس، 5 مدنيين بينهم 3 أطفال تعرضوا للإصابة بضربة شمس بسبب ارتفاع درجات الحرارة وموجة الحرّ، في مدينة إدلب ومخيم مرام بكفرجالس بالقرب منها، وفي قرية العجيل بريف حلب الشرقي.

تغيب من دون قصد أخبار المعتقلات الكارثية خلال الصيف، حيث يتكدس المئات في غرف ضيقة تحت الأرض من دون تهوئة أو وسائل تبريد، ويواجه المعتقلون أصنافاً إضافية من التعذيب، مثل إخضاعهم لجحيم المعتقلات والأجساد المتكدسة والاختناق. وفي حين يلتصق المعتقلون بأجساد بعضهم البعض شتاء بحثاً عن قليل من الدفء، تغدو هذه الأجساد عبئاً في الصيف، ولا طريقة لترك مسافة بينها وسط الاكتظاظ المخيف في ظل انعدام وسائل النظافة والمياه. وتقول الشبكة السورية في تقرير لها، إن أعداد المعتقلين لدى النظام السوري تجاوزت الـ 135 ألف شخص منذ 2011 حتى آب 2022، بينهم نحو 112 ألف حالة اختفاء قسري، وذكرت أن ما لا يقل عن 15281 شخصاً قتلوا في سوريا بسبب التعذيب، منذ آذار/ مارس 2011 وحتى حزيران/ يونيو الماضي.

في البحث عن الحلول

تمكّنت قلة من السوريين من تركيب الطاقة الشمسية، السعر المرتفع دفع السيدة فاطمة (اسم مستعار) الى بيع ذهبها مقابل الحصول على الكهرباء الدائمة في المنزل. تمد الطاقة الشمسية منزلها بالإضاءة كما تشغّل المراوح، وفي الاستجرار المباشر نهاراً يعمل التكييف وهو ما تعتبره السيدة فاطمة نعمة حقيقية في زمن الحرمان من الكهرباء، تقول: “ما بعرف شو كان رح يصير فينا لولا الطاقة الشمسية!”.

لكن النظام يضيق حتى على أولئك الذين يحاولون إيجاد حلول فردية، إذ انتشرت أخبار عن دراسة النظام خطة لفرض ضرائب على مستخدمي الطاقة النظيفة. ورغم نفي النظام هذا الخبر إلا أن عدداً من السوريين أبدوا تخوّفهم، فكل إشاعة تصبح لاحقاً حقيقة، وبخاصة حين يتعلق الأمر بمنفعة سيحصل عليها النظام!

يتأثر الأطفال والمسنون بدرجة أكبر للإجهاد الحراري، وهذا ما قد يعرضهم لخطر حقيقي. تقول ميس (اسم مستعار) إنها تعيش خوفاً دائماً على طفلها ذي الثلاث سنوات، الذي ظهرت عليه مرة أعراض الإجهاد الحراري ترافقت مع تعب وانخفاض طاقته. تحاول ميس الانتباه طوال الوقت ومنح الماء لطفلها ومنعه من الحركة الزائدة، لكنه، كما تقول، طفل ولا يمكنها منعه من اللعب والحركة.  

هذا الصيف قاسٍ على السوريين والغليان بدأ يجتاح النفوس، وبشكل أو بآخر، تبدو الاحتجاجات اليوم انعكاساً لاختناق موسمي وسياسي، فالصيف ينهك الأجساد والنظام يسرق الناس وينكّل بهم، وبين موسم سيمر ونظام يتمسك بالبقاء قد يبدو الصيف سبباً كافياً ليحتج الناس فيه سياسياً.

سلام فريحات | 24.04.2025

“مخيم جرش” في الأردن: غزّيو النكبة الأولى

أعاد القرار بتأسيس وكالة "للتهجير الطوعي" للفلسطينيين في قطاع غزّة المنكوب، ذكريات تجارب قاسية ومريرة  لغزّيين نزحوا إلى الأردن عقب نكسة 1967، واستقرّوا  في مخيّم جرش المكتظّ، الذي يعاني من نقص حادّ في الخدمات الأساسية وسط تفشي البطالة والفقر. 
"درج"
لبنان
24.08.2023
زمن القراءة: 4 minutes

هذا الصيف قاسٍ على السوريين والغليان بدأ يجتاح النفوس، وبشكل أو بآخر، تبدو الاحتجاجات اليوم انعكاساً لاختناق موسمي وسياسي، فالصيف ينهك الأجساد والنظام يسرق الناس وينكّل بهم، وبين موسم سيمر ونظام يتمسك بالبقاء قد يبدو الصيف سبباً كافياً ليحتج الناس فيه سياسياً.

“بالدوش والنومة ع البلاط”، “أنا استسلمت للبيت وما طلعت عالامتحان اليوم”، “لا يمكن وصف ذلك، إنه نوع جديد من الموت”، “عايشين تحت الدوش”، هكذا يجيبك السوريون لو سألتهم كيف يواجهون واحدة من أقسى موجات الحر منذ سنوات، وسط غياب شبه كامل للكهرباء في كثير المناطق ونقص المياه وانقطاعها في مناطق أخرى.

مواجهة غير عادلة بين الصيف والسوريين

أحياناً حتى طرح السؤال على السوريين يجب أن يكون دقيقاً، فكلمة مثل مواجهة لا يجب أن تُذكر في سؤال عن الحرّ، إذ إنها ليست خياراً مطروحاً. فهي تذكر السوريين بالعدو، فلم توجد الكلمة إلّا في هذا السياق، محاربة الإرهاب والعدو والاحتلال، فكيف يمكن أن توجد في سياق الحر. في كل الأحوال، يعترف كثرٌ من السوريين بعجزهم حتى عن المواجهة، لقد انتهت طاقاتهم عند مواجهة الخوف والجوع والانهيار الاقتصادي، ويبقى الحر موسماً سيمرّ في النهاية على عكس الانهيار الاقتصادي وحكم الأسد.

الحر في سوريا هو عقاب إضافي، فالناس  يفتقرون الى أبسط حقوقهم، ليأتي الصيف الحار ويزيد معاناتهم. تغيب الكهرباء في بعض المناطق بشكل شبه كامل وتأتي لنصف ساعة أو ساعة في أفضل الأحوال بعد كل 5 أو 6 ساعات. بينما دخلت مناطق كثيرة في أزمة شحّ المياه سواء بسبب غياب الكهرباء لضخّ المياه أو الأعطال التقنية في الآبار، والتي تأخذ وقتاً طويلاً لإصلاحها أو لا يتمّ إصلاحها على الإطلاق.

وصلت درجات الحرارة إلى أعتاب الأربعين في بلد يمكن وصف مرافقه بالبدائية، ما دفع الناس الى اللجوء لأي وسيلة تخفف عبء الاختناق. ففي المناطق التي لا تعاني من مشاكل في المياه، يلجأون في غالبيتهم إلى الاستحمام كل بضع ساعات، إذ إن المياه تخفف وطأة الحرارة وتشعر الشخص بانتعاشٍ مؤقت. يمكن المراوح التي تعمل على البطارية أن تسدّ الحاجة لبعض الوقت في حال أتت الكهرباء وقتاً كافياً لشحنها.

التحدي الحقيقي يكمن ليلاً حين يأتي وقت الاستراحة والنوم، لكن الحر أقوى من التعب، والتعرق يمنع الجسد من الاستسلام للغفوة. تترك السيدة عيدة سريرها وتفترش البلاط، فهو يحتفظ ببعض البرودة القادمة من الأرض. ورغم آلام الظهر وقساوة الأرض، إلا أنها تستطيع النوم لبضع ساعات.

“بالدوش والنومة ع البلاط”، “أنا استسلمت للبيت وما طلعت عالامتحان اليوم”

جحيم المعتقلات والمخيمات

تزيد المعاناة في مخيمات اللجوء والنزوح حيث لا تقي الخيم  الحرارة، وسط غياب شبكات المياه والخدمات، إذ تتسبب المواد التي تُصنع منها الخيام وهي النايلون أو البلاستيك أو القماش في ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيم. ليس هناك الكثير من الخيارات لمحاربة الحر في المخيمات، إذ تحصل بعض المخيمات على قوالب ثلج سواء من المنظمات الإغاثية أو من أصحاب الأيادي البيضاء ويضعها الناس بعد تكسيرها في “ترامس” المياه البلاستيكية، لتساعدهم على عبور يوم جحيمي جديد، في حين لا يزال أكثر من 1.5 مليون سوري شمال غربي البلاد يسكنون في نحو 1633 مخيماً، حيث يعاني أكثر من 811 مخيماً من انعدام المياه، إضافة إلى انخفاض كمياتها في باقي المخيمات نتيجة تخفيض الدعم وارتفاع معدل استهلاك المياه. وكانت إذاعة “شام أف أم” المحلية قالت قبل أسبوع، إن شخصاً توفي في مدينة حلب بسبب تعرضه لضربة شمس، فيما أسعفت فرق الدفاع المدني السوري منتصف شهر آب/ أغسطس، 5 مدنيين بينهم 3 أطفال تعرضوا للإصابة بضربة شمس بسبب ارتفاع درجات الحرارة وموجة الحرّ، في مدينة إدلب ومخيم مرام بكفرجالس بالقرب منها، وفي قرية العجيل بريف حلب الشرقي.

تغيب من دون قصد أخبار المعتقلات الكارثية خلال الصيف، حيث يتكدس المئات في غرف ضيقة تحت الأرض من دون تهوئة أو وسائل تبريد، ويواجه المعتقلون أصنافاً إضافية من التعذيب، مثل إخضاعهم لجحيم المعتقلات والأجساد المتكدسة والاختناق. وفي حين يلتصق المعتقلون بأجساد بعضهم البعض شتاء بحثاً عن قليل من الدفء، تغدو هذه الأجساد عبئاً في الصيف، ولا طريقة لترك مسافة بينها وسط الاكتظاظ المخيف في ظل انعدام وسائل النظافة والمياه. وتقول الشبكة السورية في تقرير لها، إن أعداد المعتقلين لدى النظام السوري تجاوزت الـ 135 ألف شخص منذ 2011 حتى آب 2022، بينهم نحو 112 ألف حالة اختفاء قسري، وذكرت أن ما لا يقل عن 15281 شخصاً قتلوا في سوريا بسبب التعذيب، منذ آذار/ مارس 2011 وحتى حزيران/ يونيو الماضي.

في البحث عن الحلول

تمكّنت قلة من السوريين من تركيب الطاقة الشمسية، السعر المرتفع دفع السيدة فاطمة (اسم مستعار) الى بيع ذهبها مقابل الحصول على الكهرباء الدائمة في المنزل. تمد الطاقة الشمسية منزلها بالإضاءة كما تشغّل المراوح، وفي الاستجرار المباشر نهاراً يعمل التكييف وهو ما تعتبره السيدة فاطمة نعمة حقيقية في زمن الحرمان من الكهرباء، تقول: “ما بعرف شو كان رح يصير فينا لولا الطاقة الشمسية!”.

لكن النظام يضيق حتى على أولئك الذين يحاولون إيجاد حلول فردية، إذ انتشرت أخبار عن دراسة النظام خطة لفرض ضرائب على مستخدمي الطاقة النظيفة. ورغم نفي النظام هذا الخبر إلا أن عدداً من السوريين أبدوا تخوّفهم، فكل إشاعة تصبح لاحقاً حقيقة، وبخاصة حين يتعلق الأمر بمنفعة سيحصل عليها النظام!

يتأثر الأطفال والمسنون بدرجة أكبر للإجهاد الحراري، وهذا ما قد يعرضهم لخطر حقيقي. تقول ميس (اسم مستعار) إنها تعيش خوفاً دائماً على طفلها ذي الثلاث سنوات، الذي ظهرت عليه مرة أعراض الإجهاد الحراري ترافقت مع تعب وانخفاض طاقته. تحاول ميس الانتباه طوال الوقت ومنح الماء لطفلها ومنعه من الحركة الزائدة، لكنه، كما تقول، طفل ولا يمكنها منعه من اللعب والحركة.  

هذا الصيف قاسٍ على السوريين والغليان بدأ يجتاح النفوس، وبشكل أو بآخر، تبدو الاحتجاجات اليوم انعكاساً لاختناق موسمي وسياسي، فالصيف ينهك الأجساد والنظام يسرق الناس وينكّل بهم، وبين موسم سيمر ونظام يتمسك بالبقاء قد يبدو الصيف سبباً كافياً ليحتج الناس فيه سياسياً.

"درج"
لبنان
24.08.2023
زمن القراءة: 4 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية