fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

بالمعونة والقروض: هل يستطيع ترامب ليّ ذراع مصر؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

  خمس مرات في أسبوع واحد طالب ترامب بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر. يطالب، يأمر، أو يهدد، يتماوج خطابه بين هذه النبرات، وهو يتحدّث عن قطاع غزة ومصير أهلها، وعن مشروعه: ريفييرا شرق أوسطية، وإشارته إلى ما منحته الولايات المتحدة لكل من الأردن ومصر، ما يعني أن هذا وقت “رد المعروف” لأميركا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتاد منذ الأسبوع الماضي، أن يصحو يومياً من النوم ليتناول فطوره ويرتدي ربطة عنقه، ثم يُصرّح للمراسلين الصحافيين عن رغبته في طرد الفلسطينيين من أرضهم.

  خمس مرات في أسبوع واحد طالب ترامب بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر. يطالب، يأمر، أو يهدد، يتماوج خطابه بين هذه النبرات، وهو يتحدّث عن قطاع غزة ومصير أهلها، وعن مشروعه: ريفييرا شرق أوسطية، وإشارته إلى ما منحته الولايات المتحدة لكل من الأردن ومصر، ما يعني أن هذا وقت “رد المعروف” لأميركا.

إن كنت لا تتابع هذه المطالب منذ بدء ولايته الرئاسية الثانية، أو إن كنت تتابع لكنك تُهت بين كثرة التصريحات وردود الفعل عليها، فلك أن تعرف أنه حتى كتابة هذه السطور، كان آخر ما صرّح به الثنائي ترامب ونتانياهو، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي دعا إلى إقامة دولة فلسطينية في السعودية، خلال مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية الجمعة الماضية، قائلاً: “يُمكن للسعوديين إنشاء دولة فلسطينية في المملكة، فلديهم الكثير من الأراضى هناك”، فكان رد الخارجية السعودية يوم الأحد، بأن “هذه عقلية متطرّفة محتلّة لا تستوعب ما تعنيه الأرض لشعب فلسطين”.

 يبدو أن لوثة ترامب أصابت نتانياهو، فصار يُدلي كل يوم بتصريحات غير معقولة، فقد زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي أن مصر هي التي تمنع مغادرة الفلسطينيين من القطاع المدمر، كما اتّهمها بتحويل غزة إلى سجن مفتوح، قائلاً في مقابلة مع “فوكس نيوز” بُثت ليل السبت الماضي: “حان الوقت لتمنحهم فرصة المغادرة”.

ومن قبلها في يوم الخميس الماضي، نقلت “أسيوشيتدبرس” عن مسؤولين مصريين، قولهم إن القاهرة أبلغت أميركا وإسرائيل ودولاً أوروبية أن المضيّ قُدماً في مخطط التهجير من قطاع غزة سيُعرّض معاهدة السلام للخطر، وأنها ستقاوم أي اقتراح من هذا القبيل، وفي اليوم نفسه أصدرت الخارجية المصرية بياناً حذّرت فيه من تداعيات تصريحات عدد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية، حول بدء تنفيذ مخطط تهجير الفلسطيني من أرضه “وهو ما يُعدّ خرقاً سافراً للقانون الدولي الإنساني”، مؤكّدة أنها تصريحات “تستدعي المحاسبة”.

أما ترامب فقد شطح بخياله للمرة الخامسة يوم الثلاثاء الماضي، حين قال إن الولايات المتحدة تخطط للسيطرة على غزة، وتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط، وإعادة توطين أصحاب الأرض في دول عربية مجاورة، ما قوبل برفض عربي وعالمي من بعض الدول.

وقبل إعلان “ريفييرا” الثلاثاء، كان الرئيس الأميركي قد دعا كلاً من مصر والأردن، لاستقبال عدد من سكان غزة، وقوبل طلبه بالرفض من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال إن تهجير الشعب الفلسطيني “ظلم لا يمكن أن نشارك فيه”، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن “الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين”، وبعدها جدد ترامب دعوته أو أوامره مرة أخرى، متجاهلاً هذا الرفض قائلاً: “مصر والأردن سيفعلان ذلك، نحن نقدّم لهما الكثير وسوف يفعلان ذلك”.
بعيداً عن التفسيرات الكثيرة لتصريحات الرئيس الأميركي حول مصير أهل غزة، وتداولها على منصات التواصل الاجتماعي، وفي البرامج الحوارية، وتعليقات الخبراء في برامج المساء، حاولنا أن نرصد على أرض الواقع بالأرقام ما “الكثير الذي  تقدّمه” الإدارة الأميركية لمصر، ما هو حجم التبادل التجاري بين مصر وأميركا وكذلك حجم المعونة، وقروض الصندوق الدولي وفوائدها، لنعرف تأثير القرارات الجمركية على كندا والمكسيك والصين، وكيف ستؤثر على اقتصاد مصر الذي يحاول التعافي من أزمات كثيرة مؤخراً.

ثُلث صادرات مصر إلى أميركا

حسنٌ، ما حجم الصادرات التي تخرج من شركات ومصانع في مصر إلى الولايات المتحدة الأميركية، حتى نقف على حقيقة الأمر وما قد يناله من تهديد؟
حسب أرقام الحكومة المصرية فإنه في عام 2023 بلغت قيمة صادرات مصر إلى أميركا 1.9 مليار دولار، وفي العام الذي قبله2022 كانت بقيمة 2.2 ملياري دولار سنوياً، إذا قارنا هذه الصادرات بما تصدرّه مصر إلى بقية دول العالم، فسنجد أنها صدّرت بقيمة 4.2 مليارات دولار في 2023، والعام الذي قبله ب5.2 مليارات دولار، أي أن حجم المنتجات والمواد التي ترسلها مصر إلى الولايات المتحدة هو ثُلث حجم تجارتها الخارجية إجمالاً.

وماذا عن الوارادت الآتية من أميركا؟ تقول أرقام الحكومة المصرية إنه في العام 2023 أرسلت لنا أميركا واردات بقيمة 5.4 مليارات دولار.

ما يعني اعتماد شركات ومصانع بموظفيها وعمالها وأهاليهم، على تصدير 35% من إنتاجها إلى الولايات المتحدة فقط في دخلهم الشهري والسنوي، وباقي المواد والمنتوجات المُصدّرة تذهب إلى باقي دول العالم.

معونة كامب ديفيد: كارت ضغط قديم

تمنح الولايات المتحدة مصر سنوياً مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار، ويربط الكونغرس نحو  300 مليون دولار بأوضاع حقوق الإنسان.

لكن إدارة بايدن أعلنت في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، أنها قررت التنازل عن قيود حقوق الإنسان في مصر مقابل 235 مليون دولار من المساعدات، معللة ذلك بالمزايا الأمنية التي ستحصل عليها الولايات المتحدة في المقابل.

والمعونة الأميركية لمصر هي مبلغ ثابت سنوياً، تتلقاه مصر منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في عام 1979، حيث أعلن الرئيس الأميركي في ذلك الوقت جيمي كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحوّلت منذ العام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.

ويبلغ إجمالي ما حصلت عليه مصر خلال العقود الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام نحو 80 مليار دولار، وتمثّل المعونات الأميركية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما، كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري.

وفي عام 2022، حجبت واشنطن ما قيمته 130 مليون دولار، وسمحت بالإفراج عن 75 مليون دولار من المساعدات العسكرية، كما تلقّت القاهرة 95 مليون دولار أخرى، بموجب استثناء قانوني يتعلّق بتمويل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.

وفي عام 2021 حجبت الولايات المتحدة أيضاً، ما قيمته 130 مليون دولار بسبب ملف حقوق الإنسان في مصر، ومنحتها 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية.

الحقوقي محمد زراع قال ل”بي بي سي” إن “أميركا لا يهمّها في قصة ملف حقوق الإنسان إلا مصلحتها، ومصلحتها السياسية هي مع مصر حالياً، لأن هناك ترتيبات في المنطقة وحرب غزة، وهي تحتاج إلى القاهرة في كل ذلك، فآخر أولويات واشنطن في العالم هي حقوق الإنسان”.

المساعدات العسكرية الأميركية لمصر عبارة عن تدريب وتأهيل فني وخدمات استشارية عسكرية، بينما يشكّل الجزء الآخر تقديم معدات عسكرية؛ وهي المعدّات والأسلحة نفسها التي تمنحها لإسرائيل، كذلك تشمل قطع الغيار الخاصة بالمعدّات العسكرية والأسلحة، التي تتعطّل ويتم إرسالها إلى أميركا للإصلاح أو التغيير، والمستشارين الفنيين الذين يحضرون مع قطع الغيار أو المعدات للشرح أو التركيب أو التدريب عليها.

شخلل عشان تعدّي/ إدفع حتى تمر

أعلن دونالد ترامب السبت الماضي فرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك، لكنه أرجأ تنفيذ القرار بعد ردّ فعل سلبي من المستثمرين، وقال مرشحه لمنصب الممثل التجاري للولايات المتحدة جيميسون جرير، في جلسة تأكيد تعيينه يوم الخميس، إن دولاً أخرى سيتعيّن عليها تقليص الحواجز أمام الصادرات الأميركية، إذا أرادت المحافظة على إمكانية دخول السوق الأميركية، وخص فيتنام بالذكر.

كذلك هدد ترامب قبل لقائه الأحد الماضي رئيس وزراء اليابان برفع الرسوم الجمركية على صادرات اليابان، إلا أنه بعد اللقاء قال شيجيرو إيشيبا رئيس الوزراء الياباني إن بلده تجنّب فرض الرسوم الجمركية، حيث إنه استعرض مع ترامب حجم استثمارات اليابان في أميركا، التي تُعتبر أكبر دولة تستثمر فيها قبل كندا وألمانيا.

المصريون لهم عبارة شهيرة يطلقونها على أي رسوم تُفرض عليهم، سواء ضرائب أو رسوم مرورهم على الطرقات، فيقولون “شخلل عشان تعدّي”…

حسنٌ، هل يؤثر تطبيق الرسوم الجمركية على مصر؟ يقول الدكتور محمد فؤاد الخبير الاقتصادي في لقائه مع عمرو أديب: “إن تطبيق الرسوم الجمركية على الصين وكندا والمكسيك سيؤثر على الاقتصاد المصري، لأن هذا سيؤدّي إلى توترات واضطرابات في التجارة العالمية، خاصة مع الصين؛ وهي شريك أساسي في التجارة العالمية وشريك كبير في التجارة مع مصر، وأيضاً رفع سعر الدولار في مصر، وهو بالفعل في ارتفاع منذ فوز ترامب في الانتخابات، كما أن تطبيق هذه الزيادات الجمركية سيؤدّي إلى تراجع معدّل الاستثمارات الاجنبية، لأن رأس المال جبان، ولن يُجازف المستثمرون بأموالهم في الدول النامية، وبالتالي سيحدث ارتفاع في معدّل التضخم”.

ومن الحلول الممكنة لتفادي هذه الحرب التجارية العالمية، لو حدثت بالفعل وليست مجرد “تهاويش”، هو التوجّه إلى الدول العربية والآسيوية في التبادل التجاري وجذبهم للاستثمار في مصر، والتوسّع في تصدير السلع ذات القيمة المضافة، والتركيز على تعميق التصنيع المحلي، وغيرها من حلول تمكّن مصر من التعافي إذا حدثت هذه الأزمة.

القروض: اليد المؤلمة

ربما هي من أكثر العوامل مساهمة في الأزمة الاقتصادية المصرية، وهي أكثر ما يتحدّث عنه المواطن المصري، حين يأتي الحديث عن فرض أميركا سياساتها على مصر، فهل حقاً تستخدم الإدارة الأميركية هذه القروض لليّ ذراع مصر؟

جولي كوزاك المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي قالت في مؤتمر صحافي الخميس الماضي “إن المجلس التنفيذي للصندوق، سيناقش المراجعة الرابعة لمصر على برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يدعمه بقرض بـ 8 مليارات دولار خلال الأسابيع المقبلة”.

واعتماد المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المراجعة الرابعة، سيُتيح لمصر استلام 1.2 مليار دولار من إجمالي القرض وفق البرنامج المتّفق عليه.

وفي وقت سابق توقّع أحمد كجوك وزير المالية المصرية، استلام مصر الشريحة الرابعة من صندوق النقد الدولي في كانون الثاني/ يناير الماضي، وهو ما لم يتم حتى الآن.

وحسب “مصرواي” وهو موقع صحافي مصري، فإن عدم حسم صرف الشريحة الرابعة لمصر وفق المتوقّع في كانون الثاني/ يناير الماضي، يُشير إلى وجود بعض الإصلاحات المطلوبة من مصر، قبل اعتماد المراجعة الرابعة، برغم مرور شهرين على اعتماد بعثة صندوق النقد على مستوى الخبراء المراجعة الرابعة.

لكن يتوقّف صرف الشريحة على اعتمادها من المجلس التنفيذي للصندوق، وتنفيذ مصر السياسات المطلوبة، التي تشمل تعويماً جديداً للجنيه أمام الدولار، وتطبيق إصلاحات ضريبية وغيرها مما يتعلّق بالقطاع الخاص والحدّ من مخاطر الدين العام.

كانت مصر تسلّمت نحو 1.64 مليار جنيه على شريحتين في نيسان/ أبريل وآب/ أغسطس الماضيين، بعد اعتماد أول 3 مراجعات من قرض الصندوق.

ومنذ أيام قال نيف جوردون وهو خبير إسرائيلي، في مداخلة مع قناة” الجزيرة” إن “الرئيس السيسي رفض تهجير الفلسطينيين إلى مصر، مقابل حذف جزء كبير من الديون في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن”.

أحمد حاج حمدو - - أحمد حاج بكري (سراج) مصعب الياسين - عمّار المأمون (درج) | 22.03.2025

سوريا: وثائق تكشف القصة الكاملة وراء إشراف نهلة عيسى على أفلام  وثائقية طلبتها المخابرات الجوّية

عام 2013، وبينما المظاهرات في سوريا تعمّ الشوارع، قررت "المخابرات الجوّية" إنتاج مجموعة أفلام وثائقيّة بناء على اعترافات معتقلين كانوا في عهدتها، واقتُرح إشراك مجموعة من الأساتذة الجامعيين في عملية صناعة الأفلام، على رأسهم الأستاذة في كلية الإعلام الدكتورة نهلة عيسى التي رُشحت لـ"إخراج" أحد الأفلام من "الناحية المنهجية".
13.02.2025
زمن القراءة: 7 minutes

  خمس مرات في أسبوع واحد طالب ترامب بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر. يطالب، يأمر، أو يهدد، يتماوج خطابه بين هذه النبرات، وهو يتحدّث عن قطاع غزة ومصير أهلها، وعن مشروعه: ريفييرا شرق أوسطية، وإشارته إلى ما منحته الولايات المتحدة لكل من الأردن ومصر، ما يعني أن هذا وقت “رد المعروف” لأميركا.

يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتاد منذ الأسبوع الماضي، أن يصحو يومياً من النوم ليتناول فطوره ويرتدي ربطة عنقه، ثم يُصرّح للمراسلين الصحافيين عن رغبته في طرد الفلسطينيين من أرضهم.

  خمس مرات في أسبوع واحد طالب ترامب بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر. يطالب، يأمر، أو يهدد، يتماوج خطابه بين هذه النبرات، وهو يتحدّث عن قطاع غزة ومصير أهلها، وعن مشروعه: ريفييرا شرق أوسطية، وإشارته إلى ما منحته الولايات المتحدة لكل من الأردن ومصر، ما يعني أن هذا وقت “رد المعروف” لأميركا.

إن كنت لا تتابع هذه المطالب منذ بدء ولايته الرئاسية الثانية، أو إن كنت تتابع لكنك تُهت بين كثرة التصريحات وردود الفعل عليها، فلك أن تعرف أنه حتى كتابة هذه السطور، كان آخر ما صرّح به الثنائي ترامب ونتانياهو، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي دعا إلى إقامة دولة فلسطينية في السعودية، خلال مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية الجمعة الماضية، قائلاً: “يُمكن للسعوديين إنشاء دولة فلسطينية في المملكة، فلديهم الكثير من الأراضى هناك”، فكان رد الخارجية السعودية يوم الأحد، بأن “هذه عقلية متطرّفة محتلّة لا تستوعب ما تعنيه الأرض لشعب فلسطين”.

 يبدو أن لوثة ترامب أصابت نتانياهو، فصار يُدلي كل يوم بتصريحات غير معقولة، فقد زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي أن مصر هي التي تمنع مغادرة الفلسطينيين من القطاع المدمر، كما اتّهمها بتحويل غزة إلى سجن مفتوح، قائلاً في مقابلة مع “فوكس نيوز” بُثت ليل السبت الماضي: “حان الوقت لتمنحهم فرصة المغادرة”.

ومن قبلها في يوم الخميس الماضي، نقلت “أسيوشيتدبرس” عن مسؤولين مصريين، قولهم إن القاهرة أبلغت أميركا وإسرائيل ودولاً أوروبية أن المضيّ قُدماً في مخطط التهجير من قطاع غزة سيُعرّض معاهدة السلام للخطر، وأنها ستقاوم أي اقتراح من هذا القبيل، وفي اليوم نفسه أصدرت الخارجية المصرية بياناً حذّرت فيه من تداعيات تصريحات عدد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية، حول بدء تنفيذ مخطط تهجير الفلسطيني من أرضه “وهو ما يُعدّ خرقاً سافراً للقانون الدولي الإنساني”، مؤكّدة أنها تصريحات “تستدعي المحاسبة”.

أما ترامب فقد شطح بخياله للمرة الخامسة يوم الثلاثاء الماضي، حين قال إن الولايات المتحدة تخطط للسيطرة على غزة، وتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط، وإعادة توطين أصحاب الأرض في دول عربية مجاورة، ما قوبل برفض عربي وعالمي من بعض الدول.

وقبل إعلان “ريفييرا” الثلاثاء، كان الرئيس الأميركي قد دعا كلاً من مصر والأردن، لاستقبال عدد من سكان غزة، وقوبل طلبه بالرفض من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال إن تهجير الشعب الفلسطيني “ظلم لا يمكن أن نشارك فيه”، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن “الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين”، وبعدها جدد ترامب دعوته أو أوامره مرة أخرى، متجاهلاً هذا الرفض قائلاً: “مصر والأردن سيفعلان ذلك، نحن نقدّم لهما الكثير وسوف يفعلان ذلك”.
بعيداً عن التفسيرات الكثيرة لتصريحات الرئيس الأميركي حول مصير أهل غزة، وتداولها على منصات التواصل الاجتماعي، وفي البرامج الحوارية، وتعليقات الخبراء في برامج المساء، حاولنا أن نرصد على أرض الواقع بالأرقام ما “الكثير الذي  تقدّمه” الإدارة الأميركية لمصر، ما هو حجم التبادل التجاري بين مصر وأميركا وكذلك حجم المعونة، وقروض الصندوق الدولي وفوائدها، لنعرف تأثير القرارات الجمركية على كندا والمكسيك والصين، وكيف ستؤثر على اقتصاد مصر الذي يحاول التعافي من أزمات كثيرة مؤخراً.

ثُلث صادرات مصر إلى أميركا

حسنٌ، ما حجم الصادرات التي تخرج من شركات ومصانع في مصر إلى الولايات المتحدة الأميركية، حتى نقف على حقيقة الأمر وما قد يناله من تهديد؟
حسب أرقام الحكومة المصرية فإنه في عام 2023 بلغت قيمة صادرات مصر إلى أميركا 1.9 مليار دولار، وفي العام الذي قبله2022 كانت بقيمة 2.2 ملياري دولار سنوياً، إذا قارنا هذه الصادرات بما تصدرّه مصر إلى بقية دول العالم، فسنجد أنها صدّرت بقيمة 4.2 مليارات دولار في 2023، والعام الذي قبله ب5.2 مليارات دولار، أي أن حجم المنتجات والمواد التي ترسلها مصر إلى الولايات المتحدة هو ثُلث حجم تجارتها الخارجية إجمالاً.

وماذا عن الوارادت الآتية من أميركا؟ تقول أرقام الحكومة المصرية إنه في العام 2023 أرسلت لنا أميركا واردات بقيمة 5.4 مليارات دولار.

ما يعني اعتماد شركات ومصانع بموظفيها وعمالها وأهاليهم، على تصدير 35% من إنتاجها إلى الولايات المتحدة فقط في دخلهم الشهري والسنوي، وباقي المواد والمنتوجات المُصدّرة تذهب إلى باقي دول العالم.

معونة كامب ديفيد: كارت ضغط قديم

تمنح الولايات المتحدة مصر سنوياً مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار، ويربط الكونغرس نحو  300 مليون دولار بأوضاع حقوق الإنسان.

لكن إدارة بايدن أعلنت في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، أنها قررت التنازل عن قيود حقوق الإنسان في مصر مقابل 235 مليون دولار من المساعدات، معللة ذلك بالمزايا الأمنية التي ستحصل عليها الولايات المتحدة في المقابل.

والمعونة الأميركية لمصر هي مبلغ ثابت سنوياً، تتلقاه مصر منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في عام 1979، حيث أعلن الرئيس الأميركي في ذلك الوقت جيمي كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحوّلت منذ العام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.

ويبلغ إجمالي ما حصلت عليه مصر خلال العقود الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام نحو 80 مليار دولار، وتمثّل المعونات الأميركية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما، كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري.

وفي عام 2022، حجبت واشنطن ما قيمته 130 مليون دولار، وسمحت بالإفراج عن 75 مليون دولار من المساعدات العسكرية، كما تلقّت القاهرة 95 مليون دولار أخرى، بموجب استثناء قانوني يتعلّق بتمويل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.

وفي عام 2021 حجبت الولايات المتحدة أيضاً، ما قيمته 130 مليون دولار بسبب ملف حقوق الإنسان في مصر، ومنحتها 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية.

الحقوقي محمد زراع قال ل”بي بي سي” إن “أميركا لا يهمّها في قصة ملف حقوق الإنسان إلا مصلحتها، ومصلحتها السياسية هي مع مصر حالياً، لأن هناك ترتيبات في المنطقة وحرب غزة، وهي تحتاج إلى القاهرة في كل ذلك، فآخر أولويات واشنطن في العالم هي حقوق الإنسان”.

المساعدات العسكرية الأميركية لمصر عبارة عن تدريب وتأهيل فني وخدمات استشارية عسكرية، بينما يشكّل الجزء الآخر تقديم معدات عسكرية؛ وهي المعدّات والأسلحة نفسها التي تمنحها لإسرائيل، كذلك تشمل قطع الغيار الخاصة بالمعدّات العسكرية والأسلحة، التي تتعطّل ويتم إرسالها إلى أميركا للإصلاح أو التغيير، والمستشارين الفنيين الذين يحضرون مع قطع الغيار أو المعدات للشرح أو التركيب أو التدريب عليها.

شخلل عشان تعدّي/ إدفع حتى تمر

أعلن دونالد ترامب السبت الماضي فرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك، لكنه أرجأ تنفيذ القرار بعد ردّ فعل سلبي من المستثمرين، وقال مرشحه لمنصب الممثل التجاري للولايات المتحدة جيميسون جرير، في جلسة تأكيد تعيينه يوم الخميس، إن دولاً أخرى سيتعيّن عليها تقليص الحواجز أمام الصادرات الأميركية، إذا أرادت المحافظة على إمكانية دخول السوق الأميركية، وخص فيتنام بالذكر.

كذلك هدد ترامب قبل لقائه الأحد الماضي رئيس وزراء اليابان برفع الرسوم الجمركية على صادرات اليابان، إلا أنه بعد اللقاء قال شيجيرو إيشيبا رئيس الوزراء الياباني إن بلده تجنّب فرض الرسوم الجمركية، حيث إنه استعرض مع ترامب حجم استثمارات اليابان في أميركا، التي تُعتبر أكبر دولة تستثمر فيها قبل كندا وألمانيا.

المصريون لهم عبارة شهيرة يطلقونها على أي رسوم تُفرض عليهم، سواء ضرائب أو رسوم مرورهم على الطرقات، فيقولون “شخلل عشان تعدّي”…

حسنٌ، هل يؤثر تطبيق الرسوم الجمركية على مصر؟ يقول الدكتور محمد فؤاد الخبير الاقتصادي في لقائه مع عمرو أديب: “إن تطبيق الرسوم الجمركية على الصين وكندا والمكسيك سيؤثر على الاقتصاد المصري، لأن هذا سيؤدّي إلى توترات واضطرابات في التجارة العالمية، خاصة مع الصين؛ وهي شريك أساسي في التجارة العالمية وشريك كبير في التجارة مع مصر، وأيضاً رفع سعر الدولار في مصر، وهو بالفعل في ارتفاع منذ فوز ترامب في الانتخابات، كما أن تطبيق هذه الزيادات الجمركية سيؤدّي إلى تراجع معدّل الاستثمارات الاجنبية، لأن رأس المال جبان، ولن يُجازف المستثمرون بأموالهم في الدول النامية، وبالتالي سيحدث ارتفاع في معدّل التضخم”.

ومن الحلول الممكنة لتفادي هذه الحرب التجارية العالمية، لو حدثت بالفعل وليست مجرد “تهاويش”، هو التوجّه إلى الدول العربية والآسيوية في التبادل التجاري وجذبهم للاستثمار في مصر، والتوسّع في تصدير السلع ذات القيمة المضافة، والتركيز على تعميق التصنيع المحلي، وغيرها من حلول تمكّن مصر من التعافي إذا حدثت هذه الأزمة.

القروض: اليد المؤلمة

ربما هي من أكثر العوامل مساهمة في الأزمة الاقتصادية المصرية، وهي أكثر ما يتحدّث عنه المواطن المصري، حين يأتي الحديث عن فرض أميركا سياساتها على مصر، فهل حقاً تستخدم الإدارة الأميركية هذه القروض لليّ ذراع مصر؟

جولي كوزاك المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي قالت في مؤتمر صحافي الخميس الماضي “إن المجلس التنفيذي للصندوق، سيناقش المراجعة الرابعة لمصر على برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يدعمه بقرض بـ 8 مليارات دولار خلال الأسابيع المقبلة”.

واعتماد المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المراجعة الرابعة، سيُتيح لمصر استلام 1.2 مليار دولار من إجمالي القرض وفق البرنامج المتّفق عليه.

وفي وقت سابق توقّع أحمد كجوك وزير المالية المصرية، استلام مصر الشريحة الرابعة من صندوق النقد الدولي في كانون الثاني/ يناير الماضي، وهو ما لم يتم حتى الآن.

وحسب “مصرواي” وهو موقع صحافي مصري، فإن عدم حسم صرف الشريحة الرابعة لمصر وفق المتوقّع في كانون الثاني/ يناير الماضي، يُشير إلى وجود بعض الإصلاحات المطلوبة من مصر، قبل اعتماد المراجعة الرابعة، برغم مرور شهرين على اعتماد بعثة صندوق النقد على مستوى الخبراء المراجعة الرابعة.

لكن يتوقّف صرف الشريحة على اعتمادها من المجلس التنفيذي للصندوق، وتنفيذ مصر السياسات المطلوبة، التي تشمل تعويماً جديداً للجنيه أمام الدولار، وتطبيق إصلاحات ضريبية وغيرها مما يتعلّق بالقطاع الخاص والحدّ من مخاطر الدين العام.

كانت مصر تسلّمت نحو 1.64 مليار جنيه على شريحتين في نيسان/ أبريل وآب/ أغسطس الماضيين، بعد اعتماد أول 3 مراجعات من قرض الصندوق.

ومنذ أيام قال نيف جوردون وهو خبير إسرائيلي، في مداخلة مع قناة” الجزيرة” إن “الرئيس السيسي رفض تهجير الفلسطينيين إلى مصر، مقابل حذف جزء كبير من الديون في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن”.

13.02.2025
زمن القراءة: 7 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية