fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

بشار الأسد الذي كان يلهو بدماء مريديه

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ليست مصادفة أن مقرباً واحداً منه لم يتردد بإطلاق الشتائم منذ اليوم الأول لفعلة الرئيس السابق. كأنهم كانوا بانتظار خطوته حتى يباشروا في شتمه. ليس الفنانون فحسب، فهذا رئيس حكومته ووزير خارجيته ورئيس برلمانه، هؤلاء كلهم وبعد لحظات من وصول خبر فراره إليهم باشروا بلعنه. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يشعر كثيرون من بطانة بشار الأسد ومن عائلته بخيبة، ليس بسبب سقوط النظام، إنما قبل ذلك بسبب فراره على هذا النحو المهين والمذلّ لهم جميعاً. حمل الرجل حقائبه وغادر، من دون أن يبلغهم. أي وضاعة هذه؟ إنها نفسها الوضاعة التي كان يمارسها عندما كان يقتل السوريين بينما هو جالس في قصر المهاجرين. ونفسها الوضاعة التي كانت تتخلّل خطبه المملّة في “مجلس الشعب”.

الوضاعة جزء من ملامح هذا الرجل غير المكتمل. الرجل الذي نشأ على يد ضباط مخابرات أبيه، فخلفوا فيه نقصاً في الملامح وتعثراً في اللغة، ولكنهم أسسوا لعطب شعوري لطالما رصده المرء في خطبه. 

غادر بشار الأسد سوريا على حين غرة. منال الأسد، زوجة شقيقه المجرم ماهر، وصفته بتغريدة بأنه “بائع العائلة والوطن”. بشار فعلاً باع حاشيته على نحو مخزٍ. أصاب بصغارته دائرة واسعة من مريديه السوريين وغير السوريين. اضطرهم لإجراء انعطافة تراجيدية بين ليلة وضحاها. دول وأنظمة وأحزاب وزعماء تولى هذا الرجل المدلّل شطب وجوههم بسقطته. بدءاً من قيس سعيد ومروراً بمحمد بن زايد ووصولاً إلى جبران باسيل وسليمان فرنجية. غدرهم بشار وغادرهم فجراً قبل أن يستيقظوا.

 الإهانة ممتدة من المحيط إلى الخليج. لكن الأمر لا يقتصر على ما لحق بهؤلاء من مذلة، ذاك أن ثمة دماءً بُذلت لحماية بشار الأسد ونظامه. حزب الله أزهق أرواح مقاتليه في سوريا صوناً لنظام البعث! ماذا عن مئاتٍ، وربما آلاف، من عناصر الحزب ممن قُتلوا في سوريا؟ هذا السؤال، وبعيداً من جوهره الأخلاقي، يحضر أيضاً في لحظة هرب بشار مخلفاً دماء السوريين، ولكن أيضاً دماء حلفاء هبوا لحماية نظامه على مدى أكثر من عشر سنوات. بماذا شعر الشيخ نعيم قاسم عندما وصله الخبر؟ بماذا شعرت أم لبنانية قضى ابنها أثناء قتاله في سوريا؟ مأساة موازية من دون شك. أكثر من عشر سنوات من القتال ومن “المساندة” غادر بعدها بشار وعائلته دمشق إلى روسيا.

ما كان بشار الأسد ليفعل غير ما فعله. إنه الديكتاتور غير الصلب. المسافة بينه وبين صدام حسين مثلاً، هائلة. فهو يبلغ من الوضاعة مبلغاً يؤهله لمغافلة أولاده ربما. يتركهم وينجو بنفسه. ربيب ضباط المخابرات غير المكتمل عاطفياً وذهنياً، وصاحب القابلية الهائلة للقتل واللهو والفرار. هذا بعض من بشار الأسد، الذي ورث من والده آلة قتل، وبطانة من القتلة، وأضاف إليهم أقارب وأصدقاء السوء، فحكم سوريا بقبضة أبيه وبشراهة ابن خاله رامي وصفاقة شقيقه ماهر. ورث عن أبيه “المسلخ البشري”، أي سجن صيدنايا، وأضاف إليه “المكبس البشري” تلك الآلة الجهنمية التي ظهرت في صيدنايا، والتي كان النظام يكبس فيها جثث من يعدمهم لكي تترقق ويسهل رصفها في المقابر الجماعية. هذا الإجرام ليس وليد الساعة، فقد أنتجته مخيلة تراكمية أضاف إليها ضباط البعث خبرات الخبراء النازيين الذين استضافوهم منذ ستينات العقد المنصرم. 

ليست مصادفة أن مقرباً واحداً منه لم يتردد بإطلاق الشتائم منذ اليوم الأول لفعلة الرئيس السابق. كأنهم كانوا بانتظار خطوته حتى يباشروا في شتمه. ليس الفنانون فحسب، فهذا رئيس حكومته ووزير خارجيته ورئيس برلمانه، هؤلاء كلهم وبعد لحظات من وصول خبر فراره إليهم باشروا بلعنه. 

حركة حماس التي كانت بصدد استئناف علاقاتها مع نظام الممانعة في دمشق، سارعت الى الترحيب بسقوط النظام. طهران وموسكو لم تبديا أسفاً واضحاً عليه. 

ثم إن بشار لم يغادر فحسب، إنما خلف وراءه مشهداً مذهلاً تكثفت فيه ممارسات النظام منذ استيلاء والده على السلطة في سوريا. وبهذا المعنى طعن بشار “الرئيس الوالد” في ظهره أيضاً. ما نشهده اليوم في سوريا من صور للسجون وللأفرع الأمنية، ومن صور الفقر والانتهاكات، تكشف مزيداً عما كنا نعرفه عن حافظ الأسد. بشار غادر مخلفاً جرائم والده أيضاً. والسوريون إذ راحوا يسخرون من إقامته في موسكو عاطلاً من العمل، لا يدركون أن هذا الرجل لا تصيبه سهام سخريتهم، ذاك أنه مُصَمّمٌ من مواد أخرى غير تلك التي نعهدها حتى في أسوأ ديكتاتوريي العالم. فهو كان يلهو بدماء ضحاياه، لكن الجديد الذي اكتشفناه أنه كان يلهو بدماء حاميته وأهله وحلفائه.     

10.12.2024
زمن القراءة: 3 minutes

ليست مصادفة أن مقرباً واحداً منه لم يتردد بإطلاق الشتائم منذ اليوم الأول لفعلة الرئيس السابق. كأنهم كانوا بانتظار خطوته حتى يباشروا في شتمه. ليس الفنانون فحسب، فهذا رئيس حكومته ووزير خارجيته ورئيس برلمانه، هؤلاء كلهم وبعد لحظات من وصول خبر فراره إليهم باشروا بلعنه. 

يشعر كثيرون من بطانة بشار الأسد ومن عائلته بخيبة، ليس بسبب سقوط النظام، إنما قبل ذلك بسبب فراره على هذا النحو المهين والمذلّ لهم جميعاً. حمل الرجل حقائبه وغادر، من دون أن يبلغهم. أي وضاعة هذه؟ إنها نفسها الوضاعة التي كان يمارسها عندما كان يقتل السوريين بينما هو جالس في قصر المهاجرين. ونفسها الوضاعة التي كانت تتخلّل خطبه المملّة في “مجلس الشعب”.

الوضاعة جزء من ملامح هذا الرجل غير المكتمل. الرجل الذي نشأ على يد ضباط مخابرات أبيه، فخلفوا فيه نقصاً في الملامح وتعثراً في اللغة، ولكنهم أسسوا لعطب شعوري لطالما رصده المرء في خطبه. 

غادر بشار الأسد سوريا على حين غرة. منال الأسد، زوجة شقيقه المجرم ماهر، وصفته بتغريدة بأنه “بائع العائلة والوطن”. بشار فعلاً باع حاشيته على نحو مخزٍ. أصاب بصغارته دائرة واسعة من مريديه السوريين وغير السوريين. اضطرهم لإجراء انعطافة تراجيدية بين ليلة وضحاها. دول وأنظمة وأحزاب وزعماء تولى هذا الرجل المدلّل شطب وجوههم بسقطته. بدءاً من قيس سعيد ومروراً بمحمد بن زايد ووصولاً إلى جبران باسيل وسليمان فرنجية. غدرهم بشار وغادرهم فجراً قبل أن يستيقظوا.

 الإهانة ممتدة من المحيط إلى الخليج. لكن الأمر لا يقتصر على ما لحق بهؤلاء من مذلة، ذاك أن ثمة دماءً بُذلت لحماية بشار الأسد ونظامه. حزب الله أزهق أرواح مقاتليه في سوريا صوناً لنظام البعث! ماذا عن مئاتٍ، وربما آلاف، من عناصر الحزب ممن قُتلوا في سوريا؟ هذا السؤال، وبعيداً من جوهره الأخلاقي، يحضر أيضاً في لحظة هرب بشار مخلفاً دماء السوريين، ولكن أيضاً دماء حلفاء هبوا لحماية نظامه على مدى أكثر من عشر سنوات. بماذا شعر الشيخ نعيم قاسم عندما وصله الخبر؟ بماذا شعرت أم لبنانية قضى ابنها أثناء قتاله في سوريا؟ مأساة موازية من دون شك. أكثر من عشر سنوات من القتال ومن “المساندة” غادر بعدها بشار وعائلته دمشق إلى روسيا.

ما كان بشار الأسد ليفعل غير ما فعله. إنه الديكتاتور غير الصلب. المسافة بينه وبين صدام حسين مثلاً، هائلة. فهو يبلغ من الوضاعة مبلغاً يؤهله لمغافلة أولاده ربما. يتركهم وينجو بنفسه. ربيب ضباط المخابرات غير المكتمل عاطفياً وذهنياً، وصاحب القابلية الهائلة للقتل واللهو والفرار. هذا بعض من بشار الأسد، الذي ورث من والده آلة قتل، وبطانة من القتلة، وأضاف إليهم أقارب وأصدقاء السوء، فحكم سوريا بقبضة أبيه وبشراهة ابن خاله رامي وصفاقة شقيقه ماهر. ورث عن أبيه “المسلخ البشري”، أي سجن صيدنايا، وأضاف إليه “المكبس البشري” تلك الآلة الجهنمية التي ظهرت في صيدنايا، والتي كان النظام يكبس فيها جثث من يعدمهم لكي تترقق ويسهل رصفها في المقابر الجماعية. هذا الإجرام ليس وليد الساعة، فقد أنتجته مخيلة تراكمية أضاف إليها ضباط البعث خبرات الخبراء النازيين الذين استضافوهم منذ ستينات العقد المنصرم. 

ليست مصادفة أن مقرباً واحداً منه لم يتردد بإطلاق الشتائم منذ اليوم الأول لفعلة الرئيس السابق. كأنهم كانوا بانتظار خطوته حتى يباشروا في شتمه. ليس الفنانون فحسب، فهذا رئيس حكومته ووزير خارجيته ورئيس برلمانه، هؤلاء كلهم وبعد لحظات من وصول خبر فراره إليهم باشروا بلعنه. 

حركة حماس التي كانت بصدد استئناف علاقاتها مع نظام الممانعة في دمشق، سارعت الى الترحيب بسقوط النظام. طهران وموسكو لم تبديا أسفاً واضحاً عليه. 

ثم إن بشار لم يغادر فحسب، إنما خلف وراءه مشهداً مذهلاً تكثفت فيه ممارسات النظام منذ استيلاء والده على السلطة في سوريا. وبهذا المعنى طعن بشار “الرئيس الوالد” في ظهره أيضاً. ما نشهده اليوم في سوريا من صور للسجون وللأفرع الأمنية، ومن صور الفقر والانتهاكات، تكشف مزيداً عما كنا نعرفه عن حافظ الأسد. بشار غادر مخلفاً جرائم والده أيضاً. والسوريون إذ راحوا يسخرون من إقامته في موسكو عاطلاً من العمل، لا يدركون أن هذا الرجل لا تصيبه سهام سخريتهم، ذاك أنه مُصَمّمٌ من مواد أخرى غير تلك التي نعهدها حتى في أسوأ ديكتاتوريي العالم. فهو كان يلهو بدماء ضحاياه، لكن الجديد الذي اكتشفناه أنه كان يلهو بدماء حاميته وأهله وحلفائه.     

10.12.2024
زمن القراءة: 3 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية