تلوح استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المفاجئة والصادمة، بصفتها تخلياً سعودياً عن لبنان. الأخير صار دولة حزب الله، على رغم أن للحلف الإقليمي الذي ترأسه السعودية امتدادات لبنانية لا تقتصر على الحريري. وإذا أراد المرء أن يستبعد ما يفسر به حزب الله وحلفائه خطوة الحريري بصفتها حدثاً سعودياً مرتبطاً بالأمراء المعتقلين، وأن الرجل في الإقامة الجبرية في الرياض، فإن ما يبقى له لتفسير الخطوة هو أمران، سبقا الاستقالة. الأول يتمثل في زيارة المبعوث الايراني علي أكبر ولايتي بيروت ولقائه الحريري وما نُقل عن هذا اللقاء في وسائل إعلام سعودية لجهة إبلاغ ولايتي الحريري رسالة شديدة اللهجة مفادها أن إيران انتصرت وينبغي انضواء لبنان على نحو رسمي في المحور الذي تقف على رأسه. والثاني يتمثل في الصاروخ الايراني الذي أطلقه الحوثيون على مطار الرياض.الحدثان، على أهميتهما لا يكفيان لتفسير خطوة الحريري الإقدام على الاستقالة من الرياض، خصوصاً أن الحدثان يفوقان في دلالتهما وأخطارهما استقالة الحريري. القول “إن حياة المرء أهم من دوره فيها” وهو ما يبرر به معاونو الحريري في بيروت خطوته، قول غير صحيح وقاصر عن إقناع اللبنانيين، ومن بينهم أنصار الحريري. الرجل تركهم لمصير لم يرتضه لنفسه، ولبنان اليوم مكشوف بالكامل أمام احتمالات الحروب، شأنه شأن البلدان المجاورة التي لا نصاب سياسياً يقيها احتمالات الكارثة. لم يكن الحريري من أمن هذا النصاب، إنما كان على رأس تسوية، إن كانت غير عادلة، إلا أنها كانت أفضل من الحرب المفتوحة التي تلوح اليوم. ثم إن التلاعب الإيراني بهذه المعادلة ليس جديداً وسبق للحريري أن قبل بمستويات منها قد تفوق في فجاجتها مستوى الرسالة المفترضة التي تلقاها من ولايتي في الزيارة الأخيرة.حدث الاستقالة إذا ما قيس بالواقعتين اللتين سبقتاه، يبقى عاجزاً عن التأثير فيهما. فالمندوب الإيراني لم يأت إلى بيروت في غفلة من الزمان. تقدم النفوذ الايراني في المنطقة كلها لم يحصل في حين غرة. انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وتشكيل الحكومة لم يكونا بعيدين عن هذا النصر، وبالتالي فإن افتراض أن مواجهة هذا النفوذ غير المستجد باستقالة الحريري لن يعرقل التقدم الايراني فالاستقالة لن تبدل الموازين الحالية. أما الصاروخ الحوثي فإن اعتراضه عبر إفقاد لبنان نصاباً سياسياً وبالتالي تعطيل الحياة العامة، لن يؤتي ثماراً تحول دون تكرار إطلاق الصواريخ. والحرب السعودية الايرانية في اليمن لن يغير فيها سوى قرار أميركي يبدو أنه بدأ يلوح، بضم اليمن إلى مناطق محاصرة النفوذ الايراني.الخطوة السعودية أربكت الايرانيين من دون شك، لكن ليس إلى مستوى وقف تقدمهم، وهي إن رمزت إلى شيء فيبقى في حدود أن بيروت اليوم تماماً كما هي دمشق من دون غطاء يقيها أي خطوة أميركية في مواجهة النفوذ الاقليمي الايراني. وهذا أمر يكشف حزب الله، لكنه يكشف أيضاً كل لبنان، ومن ضمنه حلفاء الرياض فيه. فلبنان اليوم هو “دولة حزب الله” بالكامل، واللبنانيون ومن بينهم أنصار الحريري هم رعايا هذه الدولة، وما يصيبها يصيبهم. أول الغيث هي العقوبات الأميركية التي لن تميز بين مؤسسة لحزب الله، وأخرى لغيره من اللبنانيين. واذا كان الحزب نجح في كشف اللبنانيين أمام العقوبات فإن خطوة الحريري تولت الذهاب بهذه الخطوة نحو انكشافات موازية قد تفضي إلى صدامات عنيفة.ومرة أخرى يبقى القول إن حياة الرجل كانت على المحك رغم وجاهته لكنه لا يجدي نفعاً إذا ما وازته حقيقة أن حياة اللبنانيين اليوم على المحك أيضاً، وما قاله وليد جنبلاط، وهو يعرف تماماً ماذا يعني أن تكون حياة المرء على المحك، لجهة أن المهمة تقتضي المجازفة، يبقى صحيحاً إذا ما تصدى المرء لمهمة عامة. وطالما أن الحريري الأب كان رئيساً وزعيماً في لبنان، فان اليُتم لم يصب الإبن فقط وإنما أصاب من غادرهم سعد أيضاً. وها هم اليوم أيتام مرة ثانية.[video_player link=””][/video_player]
بعد استقالة سعد ومغادرته: الحريريون أيتام مرة ثانية
تلوح استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المفاجئة والصادمة، بصفتها تخلياً سعودياً عن لبنان. الأخير صار دولة حزب الله، على رغم أن للحلف الإقليمي الذي ترأسه السعودية امتدادات لبنانية لا تقتصر على الحريري. وإذا أراد المرء أن يستبعد ما يفسر به حزب الله وحلفائه خطوة الحريري بصفتها حدثاً سعودياً مرتبطاً بالأمراء المعتقلين، وأن الرجل في الإقامة الجبرية في الرياض
هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
لماذا أخفق حزب الله؟
"درج"
تلوح استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المفاجئة والصادمة، بصفتها تخلياً سعودياً عن لبنان. الأخير صار دولة حزب الله، على رغم أن للحلف الإقليمي الذي ترأسه السعودية امتدادات لبنانية لا تقتصر على الحريري. وإذا أراد المرء أن يستبعد ما يفسر به حزب الله وحلفائه خطوة الحريري بصفتها حدثاً سعودياً مرتبطاً بالأمراء المعتقلين، وأن الرجل في الإقامة الجبرية في الرياض
تلوح استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المفاجئة والصادمة، بصفتها تخلياً سعودياً عن لبنان. الأخير صار دولة حزب الله، على رغم أن للحلف الإقليمي الذي ترأسه السعودية امتدادات لبنانية لا تقتصر على الحريري. وإذا أراد المرء أن يستبعد ما يفسر به حزب الله وحلفائه خطوة الحريري بصفتها حدثاً سعودياً مرتبطاً بالأمراء المعتقلين، وأن الرجل في الإقامة الجبرية في الرياض، فإن ما يبقى له لتفسير الخطوة هو أمران، سبقا الاستقالة. الأول يتمثل في زيارة المبعوث الايراني علي أكبر ولايتي بيروت ولقائه الحريري وما نُقل عن هذا اللقاء في وسائل إعلام سعودية لجهة إبلاغ ولايتي الحريري رسالة شديدة اللهجة مفادها أن إيران انتصرت وينبغي انضواء لبنان على نحو رسمي في المحور الذي تقف على رأسه. والثاني يتمثل في الصاروخ الايراني الذي أطلقه الحوثيون على مطار الرياض.الحدثان، على أهميتهما لا يكفيان لتفسير خطوة الحريري الإقدام على الاستقالة من الرياض، خصوصاً أن الحدثان يفوقان في دلالتهما وأخطارهما استقالة الحريري. القول “إن حياة المرء أهم من دوره فيها” وهو ما يبرر به معاونو الحريري في بيروت خطوته، قول غير صحيح وقاصر عن إقناع اللبنانيين، ومن بينهم أنصار الحريري. الرجل تركهم لمصير لم يرتضه لنفسه، ولبنان اليوم مكشوف بالكامل أمام احتمالات الحروب، شأنه شأن البلدان المجاورة التي لا نصاب سياسياً يقيها احتمالات الكارثة. لم يكن الحريري من أمن هذا النصاب، إنما كان على رأس تسوية، إن كانت غير عادلة، إلا أنها كانت أفضل من الحرب المفتوحة التي تلوح اليوم. ثم إن التلاعب الإيراني بهذه المعادلة ليس جديداً وسبق للحريري أن قبل بمستويات منها قد تفوق في فجاجتها مستوى الرسالة المفترضة التي تلقاها من ولايتي في الزيارة الأخيرة.حدث الاستقالة إذا ما قيس بالواقعتين اللتين سبقتاه، يبقى عاجزاً عن التأثير فيهما. فالمندوب الإيراني لم يأت إلى بيروت في غفلة من الزمان. تقدم النفوذ الايراني في المنطقة كلها لم يحصل في حين غرة. انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وتشكيل الحكومة لم يكونا بعيدين عن هذا النصر، وبالتالي فإن افتراض أن مواجهة هذا النفوذ غير المستجد باستقالة الحريري لن يعرقل التقدم الايراني فالاستقالة لن تبدل الموازين الحالية. أما الصاروخ الحوثي فإن اعتراضه عبر إفقاد لبنان نصاباً سياسياً وبالتالي تعطيل الحياة العامة، لن يؤتي ثماراً تحول دون تكرار إطلاق الصواريخ. والحرب السعودية الايرانية في اليمن لن يغير فيها سوى قرار أميركي يبدو أنه بدأ يلوح، بضم اليمن إلى مناطق محاصرة النفوذ الايراني.الخطوة السعودية أربكت الايرانيين من دون شك، لكن ليس إلى مستوى وقف تقدمهم، وهي إن رمزت إلى شيء فيبقى في حدود أن بيروت اليوم تماماً كما هي دمشق من دون غطاء يقيها أي خطوة أميركية في مواجهة النفوذ الاقليمي الايراني. وهذا أمر يكشف حزب الله، لكنه يكشف أيضاً كل لبنان، ومن ضمنه حلفاء الرياض فيه. فلبنان اليوم هو “دولة حزب الله” بالكامل، واللبنانيون ومن بينهم أنصار الحريري هم رعايا هذه الدولة، وما يصيبها يصيبهم. أول الغيث هي العقوبات الأميركية التي لن تميز بين مؤسسة لحزب الله، وأخرى لغيره من اللبنانيين. واذا كان الحزب نجح في كشف اللبنانيين أمام العقوبات فإن خطوة الحريري تولت الذهاب بهذه الخطوة نحو انكشافات موازية قد تفضي إلى صدامات عنيفة.ومرة أخرى يبقى القول إن حياة الرجل كانت على المحك رغم وجاهته لكنه لا يجدي نفعاً إذا ما وازته حقيقة أن حياة اللبنانيين اليوم على المحك أيضاً، وما قاله وليد جنبلاط، وهو يعرف تماماً ماذا يعني أن تكون حياة المرء على المحك، لجهة أن المهمة تقتضي المجازفة، يبقى صحيحاً إذا ما تصدى المرء لمهمة عامة. وطالما أن الحريري الأب كان رئيساً وزعيماً في لبنان، فان اليُتم لم يصب الإبن فقط وإنما أصاب من غادرهم سعد أيضاً. وها هم اليوم أيتام مرة ثانية.[video_player link=””][/video_player]