أذاع الرئيس الجزائريّ عبد العزيز بوتفليقة بياناً يشرح فيه أسباب ترشّحه لعهدة رئاسيّة رابعة، وهو ما اعتبره المراقبون بمثابة برنامج سياسيّ للسنوات المقبلة.
يقول البيان: “يا أبنائي، سوف أوضح لكم لماذا ينبغي أن أترشّح مجدّداً لرئاسة بلدنا الحبيب، وأقلب الطاولة على كلّ من انتقدوا خطوتي هذه، مفنّداً حججهم من دون أن أسمّيهم.
لا شكّ أنّكم لاحظتم تعبير “يا أبنائي”، فأنتم أبنائي فعلاً، وهل هناك من يحبّ الأبناء ويحرص على مستقبلهم أكثر من أبيهم الذي لا يطالبهم إلاّ بالطاعة لما هو في مصلحتهم؟ إنّني أوّلاً من مواليد 1937، أي أنّ لي من العمر 81 سنة، وهذا ما يجعلني أباً وجَدّاً في الوقت نفسه. والأمر لا يقف عند هذا الحدّ: فأنا أب مجرّب، أتولّى رئاستكم منذ 1999، أي منذ 19 عاماً، وقبل ذلك، ولسنوات مديدة، كنت وزير خارجيّتكم. لكنّني قبل هذا أيضاً، كنت من قادة ثورتكم المجيدة التي أنجبت المليون شهيد. فلقد ناضلت ضمن “مجموعة وجدة” على الحدود المغربيّة، إلى جانب قائدنا الأب هواري بومدين. هناك عقدتُ صداقات رفاقيّة مع الشهداء، حتّى صحّت تسميتي بأنّني ممثّل الشهداء بينكم. وهذا كي لا أحدّثكم عن المهامّ العسكريّة التي تولّيتها، إبّان الثورة، جنباً إلى جنب الشهداء المجاهدين.
لقد اتُّهمتُ بالفساد، بحيث اضطررت إلى مغادرة البلد الحبيب لسنوات. لكنْ ما لبث أن تبيّن أنّ الاتّهام هذا جزء من الحملة على الإرث البومدينيّ الرائع. لهذا عفا عنّي الرئيس الشاذلي بن جديد فعدت إلى الجزائر في 1987. بعد ذاك كرّر الأشرار اللعبة نفسها، فاتّهموا أخي السعيد بوتفليقة بالفساد، لكنْ هل هناك من يصدّق ذلك؟ أخي، الذي من لحمي ودمي، هل يمكن أن يكون فاسداً؟
وبين فترة وأخرى، تظهر شائعات تقول إنّني متّ. وأنا لا أخفيكم أنّني تعرّضت لقرحة معويّة قويّة جدّاً، قبل أن أتعرّض لجلطة دماغيّة جعلتني أغيب عنكم عشرات الأيّام في باريس وجنيف طلباً للعلاج. وأنتم تذكرون أنّكم رأيتموني لدى انتخابي للعهدة الثالثة في 2014 وأنا محمولاً على كرسيّ متحرّك. لكنْ ما قيمة هذا كلّه يا أبنائي؟ هل تريدون أن يكون أبوكم عدّاء مسافات طويلة، أم تريدونه معبّراً عن حكمة التاريخ وروح الشهداء الذين صنعوا استقلالكم المجيد؟ هل تريدون أباكم رافع أثقال حديديّة أم تريدونه موضع ثقة الجيش الذي يرفع أثقال الوطن ويحفظ ذكرى الشهداء؟
إنّني سوف أتولّى رئاستكم للمرّة الرابعة وكلّي ثقة بأنّني لو قضيت نحبي في سدّة الرئاسة فإنّ شيئاً لن يتغيّر. فنحن أمّة أصيلة ومستمرّة في التاريخ، سياستها وتوجّهاتها العامّة تُستقى من أرواح الشهداء ومن مجد الثورة الذي لا يفنى. كونوا، إذاً، واثقين من أنّ شبّانكم سيفيضون حيويّةً، ويطفحون ديناميّةً، في ظلّ رئاستي الأبويّة العطوفة، التي هي رئاسة المليون شهيد ممّن عهدوا بها إليّ. والشهداء، كما تعلمون جيّداً، “أحياء عند ربّهم يُرزقون”. صدق الله العظيم”.