fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

تحت أنقاض الحرب… فوضى السرقة تضرب غزّة من جديد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تعد السرقات محصورة بالمخازن والمحالّ، بل امتدّت إلى الطرقات، حيث بدأ لصوص باعتراض سائقي السيّارات والدرّاجات النارية، وسرقة هواتفهم المحمولة، ونقودهم الشخصيّة، تحت تهديد السلاح.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عادت من جديد عمليّات السرقة والنهب إلى الواجهة في قطاع غزّة، بعد فترة قصيرة من التوقّف المؤقت خلال الهدنة السابقة، لكن هذه المرّة، جاءت أكثر حدّة وتنظيماً، في ظلّ دخول المجاعة مرحلة حرجة، وحاجة السكّان الماسّة إلى الطعام وسدّ الرمق.

وباتت هذه العمليّات تأخذ طابعاً مختلفاً، حيث أصبحت تُنفّذ بأسلوب منظّم، مما يُثير القلق من تصاعد حالة الانفلات الأمني. 

سُجّلت حوادث اعتداء من قِبل مجموعات مسلّحة على مخازن تابعة لمنظّمات دولية، لا تزال تعمل على تقديم المساعدات في قطاع غزّة. وتقوم هذه المجموعات باقتحام المخازن تحت تهديد السلاح، وتفريغ محتوياتها من الموادّ الغذائية، بينما يتجمّع عدد من السكّان القريبين من الموقع للاستيلاء على ما تبقّى من المساعدات.

ولم تقتصر هذه السرقات على مخازن الإغاثة الدولية، بل طالت محالّ تجارية بقيت قائمة في حيّ الرمال، أحد أبرز الأحياء التجارية وسط مدينة غزّة.

 وتُظهر طبيعة هذه الهجمات أن الفاعلين ليسوا فقط من العائلات الجائعة، بل من عصابات منظّمة تستغلّ الأزمة لتحقيق مكاسب خاصّة، وسط انهيار تامّ للمنظومة الأمنية.

وانتقلت عمليات النهب التي كانت قبل دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، تقتصر على بعض عائلات البدو، التي تقطن في المناطق الشرقية من قطاع غزّة، والقريبة من أماكن تمركز الجيش الإسرائيلي إلى عمق المدن، في تحوّل خطير.

ومن أبرز الوقائع التي أثارت الرأي العامّ، اقتحام فندق “المشتل” المطلّ على شاطئ غزّة، الذي كان يضمّ مخازن “مطابخ غزّة العزّة”، وهي مبادرة إنسانية يُديرها رجل الأعمال الفلسطيني المعروف بشّار المصري.

 وقامت مجموعة مسلّحة بسرقة كافّة الموادّ الغذائية الموجودة داخل الفندق، إضافة إلى نهب محتوياته الأخرى، من قِبل السكّان القريبين منه، الذين تدفّقوا إليه بعد اقتحامه من قِبل المجموعة.

وعقّب المصري على الحادثة عبر منشور في حسابه على موقع “فيسبوك”، حيث أعرب عن صدمته واستنكاره الشديد، قائلاً: “هذه الأفعال لا تُمثّل أخلاق شعبنا، ولا تمّت بصلة إلى قيمنا الوطنية والإنسانية. لكن كان الله في عون أهلنا جميعاً في هذه الظروف”.

وأضاف المصري: “شعبنا في غزّة يموت جوعاً، وأطفالنا ينتظرون وجبة تحفظ لهم ما تبقّى من كرامة وسط هذه الحرب الظالمة، وإن سرقة ما تبقّى من قوتهم اليومي جريمة أخلاقية، لا يُمكن تبريرها تحت أي ظرف، وما نحتاجه الآن هو حماية المؤسّسات الإنسانية لا استهدافها”.

كذلك تعرّض المخزن الرئيس لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” غرب مدينة غزّة، إلى محاولة اقتحام وسرقة من قِبل مجموعة مسلّحة أيضاً.

الشارع تحت رحمة الفوضى

لم تعد السرقات محصورة بالمخازن والمحالّ، بل امتدّت إلى الطرقات، حيث بدأ لصوص باعتراض سائقي السيّارات والدرّاجات النارية، وسرقة هواتفهم المحمولة، ونقودهم الشخصيّة، تحت تهديد السلاح.

السكّان بدأوا يشعرون بأن هناك وحشاً جديداً ينهش حياتهم إلى جانب القصف الإسرائيلي المستمرّ والجوع المتفاقم، نتيجة إغلاق المعابر بشكل كامل من قِبل سلطات الاحتلال، وحرمان السكّان من الحصول حتى على الحبوب الأساسية كالقمح.

ومع تصاعد حدّة الانفلات، سارعت عائلات فلسطينية معروفة إلى إصدار بيانات تستنكر ما يحدث، وتدعو إلى تحمّل المسؤولية المجتمعية في مواجهة هذه الظواهر الغريبة عن قيم الشعب الفلسطيني، مؤكّدين أن “ما يجري يشكّل إساءة بالغة لتاريخ النضال الوطني”.

وفي مبادرة شعبية لافتة، تطوّعت عائلة الغول لحماية مستشفى “الشيخ حمد للأطراف الصناعية” شمال قطاع غزّة، ومنع اللصوص من الاعتداء عليه. 

كما شكّلت مجموعات محلّية من الأهالي والفصائل، لجاناً لتأمين بعض الشوارع المهمّة وفرض حظر تجوّل جزئي، لكنّ تلك الجهود قوبلت بتحدّيات كبيرة ولم تنجح بالكامل في الحدّ من أعمال السرقة.

وفي وقت لاحق، استهدفت طائرات استطلاع إسرائيلية مجموعة من المسلّحين المشتبه بهم في شارع الثورة غرب مدينة غزّة، مما أدّى إلى مقتل وجرح عدد منهم.

في ظلّ تصاعد هذا المشهد المأساوي، أصدرت جهة تُطلق على نفسها اسم “الحملة الشعبية لمحاربة اللصوص وقطّاع الطرق”، بياناً صحافياً، أكّدت فيه أن “الشارع الغزّي يشهد تدهوراً خطيراً في ظلّ استمرار المجازر، وغياب فعلي للسلطة الأمنية”، مشيرة إلى أن “اللصوص وقطّاع الطرق يمارسون عربدتهم من دون خوف من العقاب”.

وأوضحت الحملة أن “هذه السلوكيات تُساهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف الاحتلال الإسرائيلي، من خلال نشر الفوضى وتفكيك النسيج المجتمعي”، معتبرة أن “الاحتلال لا يستهدف هذه الفئات، بينما يقصف رجال الأمن الفلسطينيين، في محاولة لتدمير منظومة الأمان المجتمعي”.

وطالبت الحملة وجهاء ومخاتير وكبار العائلات بـ”المزيد من التفاعل مع الجهود الشعبية، والعمل على محاسبة المتورّطين عرفياً، في ظلّ غياب آليات القانون، وتدمير البنية الأمنية بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتواصل”.

شلل أمني تامّ

الفراغ الأمني في قطاع غزّة واضح للعيان، فلا وجود لأي مظهر من مظاهر السيطرة الأمنية، ولا تنتشر دوريات الشرطة، لا لتنظيم المرور ولا لحماية الأسواق، في ظلّ استهداف قوّات الاحتلال لأي تحرّك لعناصر الشرطة، خاصّة التابعة لحركة “حماس”.

لقد تحوّل القطاع إلى ما يُشبه الغابة، حيث يفرض القوّي سطوته، ويهضم حقّ الضعيف، وانعكس ذلك في انفلات الأسعار، وتحكّم التجّار بالسوق من دون أي رقابة، حيث تجاوزت أسعار بعض السلع الأساسية قدرة المواطنين المعدمين.

يتطلّب هذا الوضع الكارثي تدخلاً فورياً من الجهات الفلسطينية والفصائل، ومنظّمات المجتمع المدني، لاحتواء الانهيار الكامل في بنية المجتمع، وإعادة الحدّ الأدنى من النظام الذي يضمن الكرامة والأمان للسكّان.

رنا الصبّاغ- كاتبة وصحافية أردنية | 23.05.2025

الرقص على أوجاع الغزّيين !…عندما تعطّل واشنطن وتل أبيب ديناميات الأمم المتّحدة 

أثناء كتابة هذا المقال، بدأت كوادر في الشركات الجديدة ومتعهّدون أمنيون ومرتزقة، بالوصول مع معدّاتهم إلى إسرائيل، استعداداً لدخول غزّة، وتطبيق الخطّة الإشكالية البديلة عن المسار الأممي.
06.05.2025
زمن القراءة: 4 minutes

لم تعد السرقات محصورة بالمخازن والمحالّ، بل امتدّت إلى الطرقات، حيث بدأ لصوص باعتراض سائقي السيّارات والدرّاجات النارية، وسرقة هواتفهم المحمولة، ونقودهم الشخصيّة، تحت تهديد السلاح.

عادت من جديد عمليّات السرقة والنهب إلى الواجهة في قطاع غزّة، بعد فترة قصيرة من التوقّف المؤقت خلال الهدنة السابقة، لكن هذه المرّة، جاءت أكثر حدّة وتنظيماً، في ظلّ دخول المجاعة مرحلة حرجة، وحاجة السكّان الماسّة إلى الطعام وسدّ الرمق.

وباتت هذه العمليّات تأخذ طابعاً مختلفاً، حيث أصبحت تُنفّذ بأسلوب منظّم، مما يُثير القلق من تصاعد حالة الانفلات الأمني. 

سُجّلت حوادث اعتداء من قِبل مجموعات مسلّحة على مخازن تابعة لمنظّمات دولية، لا تزال تعمل على تقديم المساعدات في قطاع غزّة. وتقوم هذه المجموعات باقتحام المخازن تحت تهديد السلاح، وتفريغ محتوياتها من الموادّ الغذائية، بينما يتجمّع عدد من السكّان القريبين من الموقع للاستيلاء على ما تبقّى من المساعدات.

ولم تقتصر هذه السرقات على مخازن الإغاثة الدولية، بل طالت محالّ تجارية بقيت قائمة في حيّ الرمال، أحد أبرز الأحياء التجارية وسط مدينة غزّة.

 وتُظهر طبيعة هذه الهجمات أن الفاعلين ليسوا فقط من العائلات الجائعة، بل من عصابات منظّمة تستغلّ الأزمة لتحقيق مكاسب خاصّة، وسط انهيار تامّ للمنظومة الأمنية.

وانتقلت عمليات النهب التي كانت قبل دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، تقتصر على بعض عائلات البدو، التي تقطن في المناطق الشرقية من قطاع غزّة، والقريبة من أماكن تمركز الجيش الإسرائيلي إلى عمق المدن، في تحوّل خطير.

ومن أبرز الوقائع التي أثارت الرأي العامّ، اقتحام فندق “المشتل” المطلّ على شاطئ غزّة، الذي كان يضمّ مخازن “مطابخ غزّة العزّة”، وهي مبادرة إنسانية يُديرها رجل الأعمال الفلسطيني المعروف بشّار المصري.

 وقامت مجموعة مسلّحة بسرقة كافّة الموادّ الغذائية الموجودة داخل الفندق، إضافة إلى نهب محتوياته الأخرى، من قِبل السكّان القريبين منه، الذين تدفّقوا إليه بعد اقتحامه من قِبل المجموعة.

وعقّب المصري على الحادثة عبر منشور في حسابه على موقع “فيسبوك”، حيث أعرب عن صدمته واستنكاره الشديد، قائلاً: “هذه الأفعال لا تُمثّل أخلاق شعبنا، ولا تمّت بصلة إلى قيمنا الوطنية والإنسانية. لكن كان الله في عون أهلنا جميعاً في هذه الظروف”.

وأضاف المصري: “شعبنا في غزّة يموت جوعاً، وأطفالنا ينتظرون وجبة تحفظ لهم ما تبقّى من كرامة وسط هذه الحرب الظالمة، وإن سرقة ما تبقّى من قوتهم اليومي جريمة أخلاقية، لا يُمكن تبريرها تحت أي ظرف، وما نحتاجه الآن هو حماية المؤسّسات الإنسانية لا استهدافها”.

كذلك تعرّض المخزن الرئيس لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” غرب مدينة غزّة، إلى محاولة اقتحام وسرقة من قِبل مجموعة مسلّحة أيضاً.

الشارع تحت رحمة الفوضى

لم تعد السرقات محصورة بالمخازن والمحالّ، بل امتدّت إلى الطرقات، حيث بدأ لصوص باعتراض سائقي السيّارات والدرّاجات النارية، وسرقة هواتفهم المحمولة، ونقودهم الشخصيّة، تحت تهديد السلاح.

السكّان بدأوا يشعرون بأن هناك وحشاً جديداً ينهش حياتهم إلى جانب القصف الإسرائيلي المستمرّ والجوع المتفاقم، نتيجة إغلاق المعابر بشكل كامل من قِبل سلطات الاحتلال، وحرمان السكّان من الحصول حتى على الحبوب الأساسية كالقمح.

ومع تصاعد حدّة الانفلات، سارعت عائلات فلسطينية معروفة إلى إصدار بيانات تستنكر ما يحدث، وتدعو إلى تحمّل المسؤولية المجتمعية في مواجهة هذه الظواهر الغريبة عن قيم الشعب الفلسطيني، مؤكّدين أن “ما يجري يشكّل إساءة بالغة لتاريخ النضال الوطني”.

وفي مبادرة شعبية لافتة، تطوّعت عائلة الغول لحماية مستشفى “الشيخ حمد للأطراف الصناعية” شمال قطاع غزّة، ومنع اللصوص من الاعتداء عليه. 

كما شكّلت مجموعات محلّية من الأهالي والفصائل، لجاناً لتأمين بعض الشوارع المهمّة وفرض حظر تجوّل جزئي، لكنّ تلك الجهود قوبلت بتحدّيات كبيرة ولم تنجح بالكامل في الحدّ من أعمال السرقة.

وفي وقت لاحق، استهدفت طائرات استطلاع إسرائيلية مجموعة من المسلّحين المشتبه بهم في شارع الثورة غرب مدينة غزّة، مما أدّى إلى مقتل وجرح عدد منهم.

في ظلّ تصاعد هذا المشهد المأساوي، أصدرت جهة تُطلق على نفسها اسم “الحملة الشعبية لمحاربة اللصوص وقطّاع الطرق”، بياناً صحافياً، أكّدت فيه أن “الشارع الغزّي يشهد تدهوراً خطيراً في ظلّ استمرار المجازر، وغياب فعلي للسلطة الأمنية”، مشيرة إلى أن “اللصوص وقطّاع الطرق يمارسون عربدتهم من دون خوف من العقاب”.

وأوضحت الحملة أن “هذه السلوكيات تُساهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف الاحتلال الإسرائيلي، من خلال نشر الفوضى وتفكيك النسيج المجتمعي”، معتبرة أن “الاحتلال لا يستهدف هذه الفئات، بينما يقصف رجال الأمن الفلسطينيين، في محاولة لتدمير منظومة الأمان المجتمعي”.

وطالبت الحملة وجهاء ومخاتير وكبار العائلات بـ”المزيد من التفاعل مع الجهود الشعبية، والعمل على محاسبة المتورّطين عرفياً، في ظلّ غياب آليات القانون، وتدمير البنية الأمنية بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتواصل”.

شلل أمني تامّ

الفراغ الأمني في قطاع غزّة واضح للعيان، فلا وجود لأي مظهر من مظاهر السيطرة الأمنية، ولا تنتشر دوريات الشرطة، لا لتنظيم المرور ولا لحماية الأسواق، في ظلّ استهداف قوّات الاحتلال لأي تحرّك لعناصر الشرطة، خاصّة التابعة لحركة “حماس”.

لقد تحوّل القطاع إلى ما يُشبه الغابة، حيث يفرض القوّي سطوته، ويهضم حقّ الضعيف، وانعكس ذلك في انفلات الأسعار، وتحكّم التجّار بالسوق من دون أي رقابة، حيث تجاوزت أسعار بعض السلع الأساسية قدرة المواطنين المعدمين.

يتطلّب هذا الوضع الكارثي تدخلاً فورياً من الجهات الفلسطينية والفصائل، ومنظّمات المجتمع المدني، لاحتواء الانهيار الكامل في بنية المجتمع، وإعادة الحدّ الأدنى من النظام الذي يضمن الكرامة والأمان للسكّان.

06.05.2025
زمن القراءة: 4 minutes
|
آخر القصص
وثائق إيلي كوهين تعود إلى تل أبيب: حفظ الحقيقة أم تكريس للسلطة الاستعمارية؟
جيفري كرم - أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية | 23.05.2025
شهر على جيرة البحيرة
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 23.05.2025

اشترك بنشرتنا البريدية