fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

تخبّط عالمي بعد تعليق التمويل الأميركي… ماذا عن الإعلام المستقلّ والجيش اللبناني؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تحوّلت صفحات “لينكدإن” إلى منصات إعلان عن توقف التمويل للعديد من المنظمات. منشورات متتالية تستعرض أعداد العاملين الذين فقدوا وظائفهم، وأخرى تعلن فيها منظمات عن توقف مشاريعها بالكامل. هذا المشهد يعكس حالة الإرباك التي خلفها قرار تعليق التمويل الأميركي وتأثيره على المجتمع المدني والإعلام المستقل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على رغم التوقعات بأن الرئيس الأميركي الجديد – القديم  دونالد ترامب سيقلب الطاولة رأساً على عقب فور عودته إلى البيت الأبيض، إلا أن إعلان تعليق تمويل الحكومة الأميركية المساعدات الخارجية جاء كالصاعقة، محدثاً حالة من الإرباك والفوضى في قطاعات إنسانية وتنموية كثيرة حول العالم. القرار، الذي أُعلن عنه في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، يقضي بتجميد المساعدات التنموية الخارجية لمدة 90 يوماً بهدف “إعادة تقييم كفاءة البرامج ومدى توافقها مع سياسة الولايات المتحدة الخارجية”. 

بالإضافة إلى ذلك، اتخذت إدارة الرئيس ترامب خطوات مدمّرة ضد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في 4 شباط/ فبراير 2025، إذ وضعت عدداً كبيراً إضافياً من الموظفين في إجازة مفتوحة من مساء يوم الجمعة في 7 شباط 2024 وأبلغت جميع العاملين في الخارج بأنه سيتم استدعاؤهم إلى الولايات المتحدة خلال شهر، مع بعض الاستثناءات.

الإعلام المستقل: إحدى ضحايا التعليق!

تحوّلت صفحات “لينكدإن” إلى منصات إعلان عن توقف التمويل للكثير من المنظمات، ما أدى إلى فقدان مشاريع ووظائف بشكل واسع. منشورات متتالية تستعرض أعداد العاملين الذين خسروا وظائفهم، وأخرى تعلن فيها منظمات عن توقف تمويلها بالكامل. هذا المشهد يعكس حالة الإرباك والفوضى التي خلفها قرار تعليق التمويل الأميركي، إذ أصبحت المؤسسات غير الحكومية والإعلام المستقل في مواجهة تحديات وجودية تهدّد استمراريتها ودورها الحيوي.

لا شكّ في أن الإعلام المستقل هو أحد أكبر الخاسرين من هذا التعليق. إذ جمّد ترامب مليارات الدولارات من مشاريع المساعدات حول العالم، بما في ذلك أكثر من 268 مليون دولار خصّصها الكونغرس لدعم الإعلام المستقل وتدفّق المعلومات بحرية. وقد أدانت منظمة “مراسلون بلا حدود” (RSF) هذا القرار الذي أوقع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والصحافيين الذين يقومون بعمل حيوي، في حالة من الفوضى وعدم اليقين. علماً أنّ الولايات المتحدة هي أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، إذ أنفقت 68 مليار دولار في عام 2023 وفقاً للأرقام الحكومية. ومع ذلك، فإن قرار تعليق المساعدات يترك استثناءات محدودة تشمل فقط المساعدات الغذائية الطارئة والتمويل العسكري لإسرائيل ومصر.

يكتب جيرارد رايل، المدير التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، “جمدت الإدارة الأميركية الجديدة مليارات الدولارات من المساعدات العالمية، بما في ذلك أكثر من 268 مليون دولار خُصصت لدعم الإعلام المستقل وتدفق المعلومات بحرية. هذا القرار يعمّق مخاوفنا المالية، ويخلق حالة من عدم اليقين، ويهدد الدور الحيوي للصحافيين كحراس لمحاسبة أصحاب السلطة.

في المركز الدولي للصحافة الاستقصائية (ICIJ)، نعلم جيداً ما يحدث عندما يضعف الإعلام المستقل. يزدهر الفساد والتهرب الضريبي وإساءة استخدام السلطة والظلم في ظل السرية. ومع وجود التمويل الأساسي في خطر، لم تكن الحاجة الى دعم الصحافة الاستقصائية أكثر إلحاحاً من الآن”.

أمّا درو سوليفان، مؤسس وناشر مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP، فتأسّف لإحدى منصّات الإعلام المستقل التي دعمها الـ OCCRP وتمّ وقف تمويلها. هذا هو حال الكثير من المنصّات الصحافية المستقلة ومنظّمات المجتمع المدني حول العالم. 

USAID وردّ مكتبها في لبنان

تأسست الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) بموجب قانون عام 1961، وتوزّع سنوياً مليارات الدولارات حول العالم بهدف التخفيف من حدة الفقر، وعلاج الأمراض، والاستجابة للمجاعات والكوارث الطبيعية. كما تسعى الوكالة إلى تعزيز الديمقراطية والتنمية من خلال دعم المنظمات غير الحكومية، والإعلام المستقل، والمبادرات الاجتماعية.

أمّا في لبنان فـ”تعمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) مع شركاء محليين لزيادة فرص الوصول إلى التعليم، وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، وضمان الحوكمة الرشيدة، وتعزيز الفرص الأكاديمية، خصوصاً في المناطق الفقيرة والمهمّشة، وحماية البيئة”، بحسب موقعها الرسمي.

في تواصل لموقع “درج” مع مكتب الـ USAID في لبنان، قال متحدّث باسم المنظمة: “نحن نعالج طلبات الاستثناء بسرعة. تمّت الموافقة على الكثير من الطلبات العاجلة خلال ساعات. لا يمكننا الرد على كل سؤال فردي متعلق بالاستثناءات، لكننا نلتزم بالشفافية بما يتماشى مع الأمر التنفيذي للرئيس.
وافق وزير الخارجية على تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية المنقذة للحياة وأصدر إعفاءات لأغراض محددة. يجب على الجهات المنفذة للبرامج الإنسانية المنقذة للحياة الحالية أن تستمر أو تستأنف عملها”.

ماذا عن الجيش اللبناني؟

يبقى من الأخطر على الصعيد اللبناني هو التمويل الأميركي الكبير للجيش اللبناني، فحتى اللحظة لم يتم توضيح ما مصير تمويل الجيش، خصوصاً أنّ استثناءات تعليق التمويل تشمل العمل الإغاثي والمساعدات العسكرية لمصر وإسرائيل حصراً. 

“أكثر من 90 في المئة من احتياجات القوات تلبّيها واشنطن”، وفقاً لما قاله ضابط متقاعد لصحيفة L’Orient Le Jour.

إلّا أنّه في مطلع هذا العام، حوّلت الإدارة الأميركية مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليون دولار أميركي من مصر إلى لبنان. 

تُقدر المساعدات العسكرية الأميركية للبنان منذ عام 2006 بنحو 3 مليارات دولار، منها مليارا دولار على شكل أسلحة، وفقاً لموقع The Intercept الأميركي. قدمت الولايات المتحدة أكثر من 80 في المئة من معدات القوات المسلحة اللبنانية، بما في ذلك الطائرات والمركبات والأسلحة والمعدات الأخرى، كجزء من جهودها لمكافحة الإرهاب في المنطقة، بحسب دراسة معهد السياسات البديلة.

لم ترد قيادة الجيش على أسئلة فريق “درج” حتى لحظة النشر.


خلفيّة القرار وتفاصيله

في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً رئاسياً بعنوان “إعادة تقييم وإعادة توجيه المساعدات الخارجية للولايات المتحدة”، والذي ينص على تجميد المساعدات التنموية الخارجية للولايات المتحدة لمدة 90 يوماً  “بهدف تقييم كفاءة البرامج ومدى توافقها مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة”. وخلال هذه الفترة، “يجب على برامج المساعدات التنموية الخارجية التوقف فوراً عن الالتزامات الجديدة وصرف أموال المساعدات التنموية للدول الأجنبية والمنظمات غير الحكومية المنفّذة والمنظمات الدولية والمتعاقدين، بانتظار مراجعات لهذه البرامج من حيث الكفاءة البرمجية ومدى توافقها مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والتي ستتم خلال 90 يوماً من صدور هذا الأمر”.

يشمل هذا التجميد الكثير من برامج المساعدات الخارجية، بما في ذلك تلك التي تديرها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ومكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل (DRL). 

يذكر القرار الأميركي المعلومات التالية:

“التحديدات: سيتشاور رؤساء الإدارات والوكالات المعنية، مع مدير مكتب الإدارة والميزانية (OMB)، باتخاذ قرارات خلال 90 يوماً من صدور هذا الأمر بشأن استمرار أو تعديل أو إيقاف كل برنامج من برامج المساعدات الخارجية بناءً على توصيات المراجعة، وبموافقة وزير الخارجية.

استئناف تمويل المساعدات التنموية المعلقة: يمكن استئناف الالتزامات والصرف الجديد لأموال المساعدات التنموية الخارجية لبرنامج معين قبل انتهاء فترة الـ90 يوماً إذا تم إجراء مراجعة، وقرر وزير الخارجية أو من ينوب عنه، بالتشاور مع مدير مكتب الإدارة والميزانية (OMB)، استمرار البرنامج بصيغته الحالية أو المعدلة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتم الموافقة على أي برامج مساعدات خارجية جديدة أو التزامات أخرى من وزير الخارجية أو من ينوب عنه، بالتشاور مع مدير OMB.

الإعفاء: بإمكان وزير الخارجية إعفاء برامج معينة من التجميد المنصوص عليه في القسم 3(أ) بناءً على تقديره”.


إرباك عالمي

تعد الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، إذ أنفقت 68 مليار دولار في عام 2023 وفقاً للأرقام الحكومية. تموّل الولايات المتحدة الأميركية نحو 47 في المئة من المساعدات الانسانية العالمية. وتموّل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مشاريع مساعدات في أكثر من 100 دولة حول العالم. 


قالت منظمة “براك” (BRAC)، أكبر منظمة غير ربحية في العالم، لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) إن 3.5 مليون شخص سيتأثرون بالبرامج التي عُلِّقت في أربع دول.

خلق هذا القرار حالة واسعة من الإرباك حول المشاريع الإغاثية الجارية، فهذا يعني أنّ بعض المتعاقدين في مجال المساعدات قد لا يتلقون مستحقاتهم عن العقود والأعمال التي أُنجزت بالفعل، وفقاً لمصدر في قطاع المساعدات تحدث إلى شبكة CNN. المتعاقدون الذين يعملون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) غالباً ما يتحملون التكاليف مقدماً لتنفيذ أعمال المساعدات، ثم يقدمون الفواتير لاسترداد الأموال لاحقاً.

دور إيلون ماسك

يقود الملياردير المقرب من ترامب إيلون ماسك حملة لإضعاف دور الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)  واصفاً إياها بـ “وكر لماركسيين يساريين متطرفين يكرهون أميركا”، ودعا إلى إلغائها بالكامل. إذ صرّح ماسك عبر منصّة X بأن “الوكالة يجب أن تموت”، كما أرسل ممثلين من “وزارة كفاءة الحكومة” التي يديرها إلى الوكالة، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً حول مستقبل المساعدات الأميركية الخارجية.

ختاماً وكما ذكر بريد إلكتروني للـ OCCRP، “نحن ندرك أن حالة عدم اليقين حول التمويل قد تسببت في اضطراب كبير، ونحن نبذل كل ما في وسعنا لتخفيف آثار تجميد المساعدات الخارجية الأميركية على الشبكة. هناك تحديات تنتظرنا، ولكن إذا كان هناك شيء أثبتناه مراراً وتكراراً، فهو أننا لا نستسلم بسهولة”، وهذا هو لسان حال كل المنصّات المستقلة.

نجيب جورج عوض - باحث سوري | 21.03.2025

هيئة تحرير الشام، الطائفية، و”ميتريكس” سوريا الموازية

في سوريا الحالية الواقعية، لا يوجد خيار ولا كبسولتان ولا حتى مورفيوس: إما أن تنصاع لحقيقة هيمنة ميتريكس سوريا الافتراضية الموازية الذي أحضرته الهيئة معها من تجربة إدلب، أو عليك أن تتحول إلى ضحية وهدف مشروعين أمام خالقي الميتريكس وحراسه في سبيل ترسيخ وتحقيق هيمنة الميتريكس المذكور على الواقع.
07.02.2025
زمن القراءة: 6 minutes

تحوّلت صفحات “لينكدإن” إلى منصات إعلان عن توقف التمويل للعديد من المنظمات. منشورات متتالية تستعرض أعداد العاملين الذين فقدوا وظائفهم، وأخرى تعلن فيها منظمات عن توقف مشاريعها بالكامل. هذا المشهد يعكس حالة الإرباك التي خلفها قرار تعليق التمويل الأميركي وتأثيره على المجتمع المدني والإعلام المستقل.

على رغم التوقعات بأن الرئيس الأميركي الجديد – القديم  دونالد ترامب سيقلب الطاولة رأساً على عقب فور عودته إلى البيت الأبيض، إلا أن إعلان تعليق تمويل الحكومة الأميركية المساعدات الخارجية جاء كالصاعقة، محدثاً حالة من الإرباك والفوضى في قطاعات إنسانية وتنموية كثيرة حول العالم. القرار، الذي أُعلن عنه في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، يقضي بتجميد المساعدات التنموية الخارجية لمدة 90 يوماً بهدف “إعادة تقييم كفاءة البرامج ومدى توافقها مع سياسة الولايات المتحدة الخارجية”. 

بالإضافة إلى ذلك، اتخذت إدارة الرئيس ترامب خطوات مدمّرة ضد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في 4 شباط/ فبراير 2025، إذ وضعت عدداً كبيراً إضافياً من الموظفين في إجازة مفتوحة من مساء يوم الجمعة في 7 شباط 2024 وأبلغت جميع العاملين في الخارج بأنه سيتم استدعاؤهم إلى الولايات المتحدة خلال شهر، مع بعض الاستثناءات.

الإعلام المستقل: إحدى ضحايا التعليق!

تحوّلت صفحات “لينكدإن” إلى منصات إعلان عن توقف التمويل للكثير من المنظمات، ما أدى إلى فقدان مشاريع ووظائف بشكل واسع. منشورات متتالية تستعرض أعداد العاملين الذين خسروا وظائفهم، وأخرى تعلن فيها منظمات عن توقف تمويلها بالكامل. هذا المشهد يعكس حالة الإرباك والفوضى التي خلفها قرار تعليق التمويل الأميركي، إذ أصبحت المؤسسات غير الحكومية والإعلام المستقل في مواجهة تحديات وجودية تهدّد استمراريتها ودورها الحيوي.

لا شكّ في أن الإعلام المستقل هو أحد أكبر الخاسرين من هذا التعليق. إذ جمّد ترامب مليارات الدولارات من مشاريع المساعدات حول العالم، بما في ذلك أكثر من 268 مليون دولار خصّصها الكونغرس لدعم الإعلام المستقل وتدفّق المعلومات بحرية. وقد أدانت منظمة “مراسلون بلا حدود” (RSF) هذا القرار الذي أوقع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والصحافيين الذين يقومون بعمل حيوي، في حالة من الفوضى وعدم اليقين. علماً أنّ الولايات المتحدة هي أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، إذ أنفقت 68 مليار دولار في عام 2023 وفقاً للأرقام الحكومية. ومع ذلك، فإن قرار تعليق المساعدات يترك استثناءات محدودة تشمل فقط المساعدات الغذائية الطارئة والتمويل العسكري لإسرائيل ومصر.

يكتب جيرارد رايل، المدير التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، “جمدت الإدارة الأميركية الجديدة مليارات الدولارات من المساعدات العالمية، بما في ذلك أكثر من 268 مليون دولار خُصصت لدعم الإعلام المستقل وتدفق المعلومات بحرية. هذا القرار يعمّق مخاوفنا المالية، ويخلق حالة من عدم اليقين، ويهدد الدور الحيوي للصحافيين كحراس لمحاسبة أصحاب السلطة.

في المركز الدولي للصحافة الاستقصائية (ICIJ)، نعلم جيداً ما يحدث عندما يضعف الإعلام المستقل. يزدهر الفساد والتهرب الضريبي وإساءة استخدام السلطة والظلم في ظل السرية. ومع وجود التمويل الأساسي في خطر، لم تكن الحاجة الى دعم الصحافة الاستقصائية أكثر إلحاحاً من الآن”.

أمّا درو سوليفان، مؤسس وناشر مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP، فتأسّف لإحدى منصّات الإعلام المستقل التي دعمها الـ OCCRP وتمّ وقف تمويلها. هذا هو حال الكثير من المنصّات الصحافية المستقلة ومنظّمات المجتمع المدني حول العالم. 

USAID وردّ مكتبها في لبنان

تأسست الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) بموجب قانون عام 1961، وتوزّع سنوياً مليارات الدولارات حول العالم بهدف التخفيف من حدة الفقر، وعلاج الأمراض، والاستجابة للمجاعات والكوارث الطبيعية. كما تسعى الوكالة إلى تعزيز الديمقراطية والتنمية من خلال دعم المنظمات غير الحكومية، والإعلام المستقل، والمبادرات الاجتماعية.

أمّا في لبنان فـ”تعمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) مع شركاء محليين لزيادة فرص الوصول إلى التعليم، وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، وضمان الحوكمة الرشيدة، وتعزيز الفرص الأكاديمية، خصوصاً في المناطق الفقيرة والمهمّشة، وحماية البيئة”، بحسب موقعها الرسمي.

في تواصل لموقع “درج” مع مكتب الـ USAID في لبنان، قال متحدّث باسم المنظمة: “نحن نعالج طلبات الاستثناء بسرعة. تمّت الموافقة على الكثير من الطلبات العاجلة خلال ساعات. لا يمكننا الرد على كل سؤال فردي متعلق بالاستثناءات، لكننا نلتزم بالشفافية بما يتماشى مع الأمر التنفيذي للرئيس.
وافق وزير الخارجية على تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية المنقذة للحياة وأصدر إعفاءات لأغراض محددة. يجب على الجهات المنفذة للبرامج الإنسانية المنقذة للحياة الحالية أن تستمر أو تستأنف عملها”.

ماذا عن الجيش اللبناني؟

يبقى من الأخطر على الصعيد اللبناني هو التمويل الأميركي الكبير للجيش اللبناني، فحتى اللحظة لم يتم توضيح ما مصير تمويل الجيش، خصوصاً أنّ استثناءات تعليق التمويل تشمل العمل الإغاثي والمساعدات العسكرية لمصر وإسرائيل حصراً. 

“أكثر من 90 في المئة من احتياجات القوات تلبّيها واشنطن”، وفقاً لما قاله ضابط متقاعد لصحيفة L’Orient Le Jour.

إلّا أنّه في مطلع هذا العام، حوّلت الإدارة الأميركية مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليون دولار أميركي من مصر إلى لبنان. 

تُقدر المساعدات العسكرية الأميركية للبنان منذ عام 2006 بنحو 3 مليارات دولار، منها مليارا دولار على شكل أسلحة، وفقاً لموقع The Intercept الأميركي. قدمت الولايات المتحدة أكثر من 80 في المئة من معدات القوات المسلحة اللبنانية، بما في ذلك الطائرات والمركبات والأسلحة والمعدات الأخرى، كجزء من جهودها لمكافحة الإرهاب في المنطقة، بحسب دراسة معهد السياسات البديلة.

لم ترد قيادة الجيش على أسئلة فريق “درج” حتى لحظة النشر.


خلفيّة القرار وتفاصيله

في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً رئاسياً بعنوان “إعادة تقييم وإعادة توجيه المساعدات الخارجية للولايات المتحدة”، والذي ينص على تجميد المساعدات التنموية الخارجية للولايات المتحدة لمدة 90 يوماً  “بهدف تقييم كفاءة البرامج ومدى توافقها مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة”. وخلال هذه الفترة، “يجب على برامج المساعدات التنموية الخارجية التوقف فوراً عن الالتزامات الجديدة وصرف أموال المساعدات التنموية للدول الأجنبية والمنظمات غير الحكومية المنفّذة والمنظمات الدولية والمتعاقدين، بانتظار مراجعات لهذه البرامج من حيث الكفاءة البرمجية ومدى توافقها مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والتي ستتم خلال 90 يوماً من صدور هذا الأمر”.

يشمل هذا التجميد الكثير من برامج المساعدات الخارجية، بما في ذلك تلك التي تديرها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ومكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل (DRL). 

يذكر القرار الأميركي المعلومات التالية:

“التحديدات: سيتشاور رؤساء الإدارات والوكالات المعنية، مع مدير مكتب الإدارة والميزانية (OMB)، باتخاذ قرارات خلال 90 يوماً من صدور هذا الأمر بشأن استمرار أو تعديل أو إيقاف كل برنامج من برامج المساعدات الخارجية بناءً على توصيات المراجعة، وبموافقة وزير الخارجية.

استئناف تمويل المساعدات التنموية المعلقة: يمكن استئناف الالتزامات والصرف الجديد لأموال المساعدات التنموية الخارجية لبرنامج معين قبل انتهاء فترة الـ90 يوماً إذا تم إجراء مراجعة، وقرر وزير الخارجية أو من ينوب عنه، بالتشاور مع مدير مكتب الإدارة والميزانية (OMB)، استمرار البرنامج بصيغته الحالية أو المعدلة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتم الموافقة على أي برامج مساعدات خارجية جديدة أو التزامات أخرى من وزير الخارجية أو من ينوب عنه، بالتشاور مع مدير OMB.

الإعفاء: بإمكان وزير الخارجية إعفاء برامج معينة من التجميد المنصوص عليه في القسم 3(أ) بناءً على تقديره”.


إرباك عالمي

تعد الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، إذ أنفقت 68 مليار دولار في عام 2023 وفقاً للأرقام الحكومية. تموّل الولايات المتحدة الأميركية نحو 47 في المئة من المساعدات الانسانية العالمية. وتموّل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مشاريع مساعدات في أكثر من 100 دولة حول العالم. 


قالت منظمة “براك” (BRAC)، أكبر منظمة غير ربحية في العالم، لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) إن 3.5 مليون شخص سيتأثرون بالبرامج التي عُلِّقت في أربع دول.

خلق هذا القرار حالة واسعة من الإرباك حول المشاريع الإغاثية الجارية، فهذا يعني أنّ بعض المتعاقدين في مجال المساعدات قد لا يتلقون مستحقاتهم عن العقود والأعمال التي أُنجزت بالفعل، وفقاً لمصدر في قطاع المساعدات تحدث إلى شبكة CNN. المتعاقدون الذين يعملون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) غالباً ما يتحملون التكاليف مقدماً لتنفيذ أعمال المساعدات، ثم يقدمون الفواتير لاسترداد الأموال لاحقاً.

دور إيلون ماسك

يقود الملياردير المقرب من ترامب إيلون ماسك حملة لإضعاف دور الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)  واصفاً إياها بـ “وكر لماركسيين يساريين متطرفين يكرهون أميركا”، ودعا إلى إلغائها بالكامل. إذ صرّح ماسك عبر منصّة X بأن “الوكالة يجب أن تموت”، كما أرسل ممثلين من “وزارة كفاءة الحكومة” التي يديرها إلى الوكالة، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً حول مستقبل المساعدات الأميركية الخارجية.

ختاماً وكما ذكر بريد إلكتروني للـ OCCRP، “نحن ندرك أن حالة عدم اليقين حول التمويل قد تسببت في اضطراب كبير، ونحن نبذل كل ما في وسعنا لتخفيف آثار تجميد المساعدات الخارجية الأميركية على الشبكة. هناك تحديات تنتظرنا، ولكن إذا كان هناك شيء أثبتناه مراراً وتكراراً، فهو أننا لا نستسلم بسهولة”، وهذا هو لسان حال كل المنصّات المستقلة.

07.02.2025
زمن القراءة: 6 minutes

اشترك بنشرتنا البريدية