fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

ترامب مخاطباً العالم: You’re fired

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أسبوعياً، شاهد الجمهور الأميركي ترامب وهو يردد عبارته الشهيرة You’re Fired لأحد المتسابقين من فوق أريكة حمراء كبيرة، ما سهل دمج تكبّره وغطرسته في الوعي الثقافي. وفي مجتمع رأسمالي بامتياز مثل الولايات المتحدة، عبارة “أنت مطرود” تقال نوعاً ما بشغف.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كان من المقرر حظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة يوم الأحد 19 كانون الثاني/ يناير الحالي. ونتيجة لهذا القرار، اجتاحت المنصة موجة من المحتوى الوداعي الذي امتد ليصل إلى إنستغرام Reels، حيث أستمتع عادة بالمحتوى الذي يتم تناقله من تيك توك. وبعد ذلك بوقت قصير، عادت خدمات تيك توك مع رسالة شكر للرئيس دونالد ترامب على دعمه. بالطبع، إذا كان برنامج The Apprentice، العرض التلفزيوني الشهير لترامب، قد علمنا شيئاً، فهو أن من يملك القدرة على أن يصرح You’re fired (أنت مطرود)، يمكنه بسهولة أن يعيد التوظيف!

قبل أن يصبح رئيساً بفترة طويلة، بنى دونالد ترامب علامة تجارية قوية لنفسه داخل منازل الشعب الأميركي وقلبه، وعلى مدى أكثر من 40 عاماً تحت الأضواء الإعلامية، أسس ترامب صورته العامة قبل دخوله الفضاء السياسي. من خلال برامجه الواقعية مثل The Apprentice (2004–2008) وCelebrity Apprentice (2008–2015)، تمكن من الوصول المباشر إلى ملايين المشاهدين الأميركيين. 

أسبوعياً، شاهد الجمهور الأميركي ترامب وهو يردد عبارته الشهيرة You’re Fired لأحد المتسابقين من فوق أريكة حمراء كبيرة، ما سهل دمج تكبّره وغطرسته في الوعي الثقافي. وفي مجتمع رأسمالي بامتياز مثل الولايات المتحدة، عبارة “أنت مطرود” تقال نوعاً ما بشغف.

 يشير الفيلسوف الفرنسي جاك رانسيير إلى هذا الشغف بأنه “شغف اللامساواة”، حيث يبحث الأغنياء والفقراء عن الطبقات الأدنى ليمارسوا هذه الفوقية عليها. بالنسبة الى ترامب، الرأسمالية جزء أساسي من علامته التجارية، وقد أتقن على مدى عقود التلاعب بالمشاعر المرتبطة بها.

يطور السياسيون والرؤساء عادةً علامات تجارية شخصية بعد انتهاء فترة ولايتهم. خذ بايدن مثلاً، بنظارته الشمسية الأيقونية، أو أوباما وإسقاطه للميكروفون (Mic drop)، أو جاكي كندي وتأثيرها على عالم الموضة. لكن في لبنان، نحن معتادون على الديناميكية المعاكسة التي يطبقها ترامب الآن: لا يمكنك دخول السياسة – ناهيك بالبقاء فيها- من دون أن تكون لك علامة تجارية قوية مسبقاً!

خذ على سبيل المثال مناوشة برلمانية روتينية بين الوزراء اللبنانيين. عندما سخر الوزير سليم عون من نديم الجميل، ابن الرئيس اللبناني الراحل بشير الجميل، قائلاً له: “روح لعب حد بيتك”، فرد نديم ممتعضاً: “[…] أنا مش هون لأن ابن بيي”، مدركاً تماماً في قرارة نفسه، أن كونه إبن بشير الجميل، هو السبب الرئيسي لوجوده في البرلمان في تلك اللحظة، وفي الحياة السياسية عموماً. 

خلال الثلاثين عاماً الماضية، اعتمد معظم السياسيين في لبنان على علاماتهم التجارية التي بنوها خلال الحرب الأهلية – مستغلين الجروح العاطفية العميقة في الوعي الجماعي – أو إعادة تدوير تلك المشاعر من خلال ارتباطهم بشخصيات بارزة من زمن الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر.

عمل زعماء الحرب على ترسيخ الولاء والروابط العاطفية مع جمهورهم من خلال الملصقات، والإذاعات، والعروض التلفزيونية، والبطاقات البريدية، واللافتات، والهتافات، والشعارات. لكل منهم لون، ومجموعة من القيم، ولهجة معينة، ومناطق، وطريقة لباس، وتصرف، وحتى علامة تجارية للسيارات (مثل هوندا CRV التي كانت تُعرف بسيارة الشيعة كون الكثير من العائلات الشيعية تقودها في طريقها إلى الجنوب، وداتسون التي ارتبطت بالدروز والجبل، وستروين المرتبطة بالمسيحيين لارتباطها بفرنسا). هذا الإعلام الممنهج بنى علامة تجارية متعددة الأوجه وعميقة لزعماء الحرب، لم يعودوا قادة سياسيين فقط، بل آباء وأخوة، وفي حالة نديم، أبناء إرث سياسي. من دون علامة تجارية قوية، لا فرصة لأي سياسي طموح في لبنان. تجربة حسان دياب كرئيس وزراء هي مثال واضح: فقد ساهم افتقاره الى علامة تجارية معروفة أو مؤثرة، في فشله.

لكن العلامة التجارية القوية لا تعني بالضرورة الفساد – بل يجب أن تحمل معنى وتثير روابط عاطفية. على سبيل المثال، يحمل نواف سلام علامة تجارية قوية بصفته الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية، ومصداقيته ومكانته العالمية تجعله استثناءً. مع ذلك، في معظم الحالات، يذهب منصب رئيس الوزراء إلى شخصيات إما تعزز الارتباطات السلبية للبلد- مثل الفساد – أو تتمتع بوزن رمزي كافٍ لموازنة تلك السلبية. رجال الأعمال مثل نجيب ميقاتي يجسدون هذا النموذج، إذ يستغلون ثرواتهم وشبكاتهم للنجاح في نظام يعتمد فيه النفوذ على الموارد. ولبنان يمتلك نماذج تشبه ميقاتي أكثر من نماذج نواف سلام، ما يجعله خياراً “محظوظًا” للبنان يمكن ألا يتكرر.

علامة ترامب التجارية تتمحور حول “الآن”، أي قدرته على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ليكون حاضراً في كل مكان وسلطته في حظر وإلغاء تيك توك خلال ساعات. 

في مذكراتها What Happened، تعترف هيلاري كلينتون بأنها لم تدرك أن ترامب حوّل المناظرة بينهما إلى حلقة من برنامج واقعي. وبرز هذا النهج بشكل أكبر خلال انتقال السلطة من إدارة أوباما إلى رئاسة ترامب، إذ شهدت هذه الفترة سلسلة من الإقالات البارزة. حتى أن السياسي الجمهوري نيوت غينغريتش غرد قائلاً: “ترامب كان يتمرن على قول ‘أنت مطرود’ لسنوات، والآن يطبقه. تهانينا”.

الناقد السينمائي جيه هوبيرمان يلخص هذا الأمر بدقة: “ترامب قادم من التلفزيون. وجوده مستمر لكنه غير مترابط. يعيش في الآن، من دون إحساس بالماضي أو المستقبل”.  

رائد بو حمدان | 31.01.2025

17 تشرين: المساحة الحاضنة التي نسجها اللبنانيون لحماية بلدهم

تبني 17 تشرين (بمن فيها من نواب وقوى وناشطين/ات وإعلاميين/ات وغيره) لوصول جوزيف عون الى الرئاسة، وصناعة خيار نواف سلام، ليس فعل قطف أو تسلّق، بل هو خدمة للبنان ومصلحة لكل اللبنانيين، ومصدر طمأنينة للعيش المشترك بمنع غلبة فريق لبناني على آخر.
24.01.2025
زمن القراءة: 4 minutes

أسبوعياً، شاهد الجمهور الأميركي ترامب وهو يردد عبارته الشهيرة You’re Fired لأحد المتسابقين من فوق أريكة حمراء كبيرة، ما سهل دمج تكبّره وغطرسته في الوعي الثقافي. وفي مجتمع رأسمالي بامتياز مثل الولايات المتحدة، عبارة “أنت مطرود” تقال نوعاً ما بشغف.

كان من المقرر حظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة يوم الأحد 19 كانون الثاني/ يناير الحالي. ونتيجة لهذا القرار، اجتاحت المنصة موجة من المحتوى الوداعي الذي امتد ليصل إلى إنستغرام Reels، حيث أستمتع عادة بالمحتوى الذي يتم تناقله من تيك توك. وبعد ذلك بوقت قصير، عادت خدمات تيك توك مع رسالة شكر للرئيس دونالد ترامب على دعمه. بالطبع، إذا كان برنامج The Apprentice، العرض التلفزيوني الشهير لترامب، قد علمنا شيئاً، فهو أن من يملك القدرة على أن يصرح You’re fired (أنت مطرود)، يمكنه بسهولة أن يعيد التوظيف!

قبل أن يصبح رئيساً بفترة طويلة، بنى دونالد ترامب علامة تجارية قوية لنفسه داخل منازل الشعب الأميركي وقلبه، وعلى مدى أكثر من 40 عاماً تحت الأضواء الإعلامية، أسس ترامب صورته العامة قبل دخوله الفضاء السياسي. من خلال برامجه الواقعية مثل The Apprentice (2004–2008) وCelebrity Apprentice (2008–2015)، تمكن من الوصول المباشر إلى ملايين المشاهدين الأميركيين. 

أسبوعياً، شاهد الجمهور الأميركي ترامب وهو يردد عبارته الشهيرة You’re Fired لأحد المتسابقين من فوق أريكة حمراء كبيرة، ما سهل دمج تكبّره وغطرسته في الوعي الثقافي. وفي مجتمع رأسمالي بامتياز مثل الولايات المتحدة، عبارة “أنت مطرود” تقال نوعاً ما بشغف.

 يشير الفيلسوف الفرنسي جاك رانسيير إلى هذا الشغف بأنه “شغف اللامساواة”، حيث يبحث الأغنياء والفقراء عن الطبقات الأدنى ليمارسوا هذه الفوقية عليها. بالنسبة الى ترامب، الرأسمالية جزء أساسي من علامته التجارية، وقد أتقن على مدى عقود التلاعب بالمشاعر المرتبطة بها.

يطور السياسيون والرؤساء عادةً علامات تجارية شخصية بعد انتهاء فترة ولايتهم. خذ بايدن مثلاً، بنظارته الشمسية الأيقونية، أو أوباما وإسقاطه للميكروفون (Mic drop)، أو جاكي كندي وتأثيرها على عالم الموضة. لكن في لبنان، نحن معتادون على الديناميكية المعاكسة التي يطبقها ترامب الآن: لا يمكنك دخول السياسة – ناهيك بالبقاء فيها- من دون أن تكون لك علامة تجارية قوية مسبقاً!

خذ على سبيل المثال مناوشة برلمانية روتينية بين الوزراء اللبنانيين. عندما سخر الوزير سليم عون من نديم الجميل، ابن الرئيس اللبناني الراحل بشير الجميل، قائلاً له: “روح لعب حد بيتك”، فرد نديم ممتعضاً: “[…] أنا مش هون لأن ابن بيي”، مدركاً تماماً في قرارة نفسه، أن كونه إبن بشير الجميل، هو السبب الرئيسي لوجوده في البرلمان في تلك اللحظة، وفي الحياة السياسية عموماً. 

خلال الثلاثين عاماً الماضية، اعتمد معظم السياسيين في لبنان على علاماتهم التجارية التي بنوها خلال الحرب الأهلية – مستغلين الجروح العاطفية العميقة في الوعي الجماعي – أو إعادة تدوير تلك المشاعر من خلال ارتباطهم بشخصيات بارزة من زمن الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر.

عمل زعماء الحرب على ترسيخ الولاء والروابط العاطفية مع جمهورهم من خلال الملصقات، والإذاعات، والعروض التلفزيونية، والبطاقات البريدية، واللافتات، والهتافات، والشعارات. لكل منهم لون، ومجموعة من القيم، ولهجة معينة، ومناطق، وطريقة لباس، وتصرف، وحتى علامة تجارية للسيارات (مثل هوندا CRV التي كانت تُعرف بسيارة الشيعة كون الكثير من العائلات الشيعية تقودها في طريقها إلى الجنوب، وداتسون التي ارتبطت بالدروز والجبل، وستروين المرتبطة بالمسيحيين لارتباطها بفرنسا). هذا الإعلام الممنهج بنى علامة تجارية متعددة الأوجه وعميقة لزعماء الحرب، لم يعودوا قادة سياسيين فقط، بل آباء وأخوة، وفي حالة نديم، أبناء إرث سياسي. من دون علامة تجارية قوية، لا فرصة لأي سياسي طموح في لبنان. تجربة حسان دياب كرئيس وزراء هي مثال واضح: فقد ساهم افتقاره الى علامة تجارية معروفة أو مؤثرة، في فشله.

لكن العلامة التجارية القوية لا تعني بالضرورة الفساد – بل يجب أن تحمل معنى وتثير روابط عاطفية. على سبيل المثال، يحمل نواف سلام علامة تجارية قوية بصفته الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية، ومصداقيته ومكانته العالمية تجعله استثناءً. مع ذلك، في معظم الحالات، يذهب منصب رئيس الوزراء إلى شخصيات إما تعزز الارتباطات السلبية للبلد- مثل الفساد – أو تتمتع بوزن رمزي كافٍ لموازنة تلك السلبية. رجال الأعمال مثل نجيب ميقاتي يجسدون هذا النموذج، إذ يستغلون ثرواتهم وشبكاتهم للنجاح في نظام يعتمد فيه النفوذ على الموارد. ولبنان يمتلك نماذج تشبه ميقاتي أكثر من نماذج نواف سلام، ما يجعله خياراً “محظوظًا” للبنان يمكن ألا يتكرر.

علامة ترامب التجارية تتمحور حول “الآن”، أي قدرته على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ليكون حاضراً في كل مكان وسلطته في حظر وإلغاء تيك توك خلال ساعات. 

في مذكراتها What Happened، تعترف هيلاري كلينتون بأنها لم تدرك أن ترامب حوّل المناظرة بينهما إلى حلقة من برنامج واقعي. وبرز هذا النهج بشكل أكبر خلال انتقال السلطة من إدارة أوباما إلى رئاسة ترامب، إذ شهدت هذه الفترة سلسلة من الإقالات البارزة. حتى أن السياسي الجمهوري نيوت غينغريتش غرد قائلاً: “ترامب كان يتمرن على قول ‘أنت مطرود’ لسنوات، والآن يطبقه. تهانينا”.

الناقد السينمائي جيه هوبيرمان يلخص هذا الأمر بدقة: “ترامب قادم من التلفزيون. وجوده مستمر لكنه غير مترابط. يعيش في الآن، من دون إحساس بالماضي أو المستقبل”.  

24.01.2025
زمن القراءة: 4 minutes
|
آخر القصص
“دمقرطة” صناعة الأبطال
ديانا عيتاوي - مدوّنة في التواصل والتصميم | 31.01.2025
المواجهة مع منطق “البعث” في لبنان يجب أن تستمر 
كريم صفي الدين وعزت زهر الدين | 30.01.2025

اشترك بنشرتنا البريدية