fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

ترامب وهاريس: صراعٌ في الداخل وتحالف في الخارج

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع مرور الوقت، ينضم المزيد من مسؤولي الحزب الديمقراطي إلى قافلة المراهنة على كامالا هاريس، لكن احتمال تقدّم ديمقراطيين آخرين منتخبين لتحدّيها لا يزال وارداً على رغم تضاؤله، وقد يؤدي ذلك، في حال حصوله، إلى انقسام في الحزب الديمقراطي قبل أشهر قليلة من المواجهة الحاسمة مع ترامب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في أول خطاب لها في حملتها الانتخابية الجديدة في 23 تموز/ يوليو 2024 في مقاطعة ميلووكي في ولاية ويسكونسن، هاجمت كامالا هاريس منافسها دونالد ترامب بعنفٍ قائلة: “لقد واجهت مرتكبي الجرائم من جميع الأنواع؛ المعتدين الذين يسيئون معاملة النساء، والمحتالين الذين سرقوا المستهلكين، والغشاشين الذين انتهكوا القوانين لتحقيق مكاسب خاصة بهم، لذا اسمعوني عندما أقول إنني أعرف نوع دونالد ترامب”. وأضافت أن ترامب مسؤول عن ارتكاب اعتداءات جنسية، وأنه مذنب في 34 تهمة احتيال مالي.

بالنسبة إلى هاريس، لا تهدف حملتها الانتخابية فقط إلى التغلب على ترامب، بل إن هدفاً أساسياً من أهدافها هو “إعادة بناء الطبقة الوسطى”، لأنه “عندما تكون الطبقة الوسطى قوية، تكون الولايات المتحدة الأميركية قوية”. وأضافت أنها حصلت على دعم عدد كافٍ من كبار مسؤولي الحزب الديمقراطي لتأمين ترشيحها.

لا يُخفى أن لنائبة الرئيس الأميركي ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس خلفية قانونية وإدارية صلبة، فهي مدّعية عامة سابقة، وقد أثبتت مهاراتها في التحقيق والتدقيق في لجان مجلس الشيوخ. 

بدأت هاريس حملتها الجديدة بعد انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن من السباق الرئاسي – والذي حصلت على تأييده الفوري إضافة إلى تأييد الكثير من القادة البارزين في الحزب الديمقراطي – بإعلان يظهرها وهي تقوم باستجواب جمهوريين ممن شغلوا مناصب قانونية بارزة في إدارة ترامب، مرشح المحكمة العليا بريت كافانو، والمدعين العامين ويليام بار وجيف سيشنز. 

ويزعم الإعلان بأن هاريس ستستجوب مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب وتفضحه بالطريقة نفسها في مناظرة رئاسية، والتي من المحتمل أن يتخلّى فيها ترامب، كعادته، عن ضبط نفسه ويُظهِر جانبه الميسوجيني المنفّر أمام مئات الملايين من المشاهدين.

مع تأجّج حملتي ترامب وهاريس، تتراجع الحملات الانتخابية الرئاسية الأخرى لمرشحين مستقلين وديمقراطيين، وتفقد ما تبقى من بريقها. وفيما يظهر أن هناك صراعاً في الداخل الأميركي بينهما، يبدو التقاطع بينهما حول المسائل الدولية الحساسة مثل القضية الفلسطينية واضحاً، إذ تتشابك مواقفهما في نقاط كثيرة. 

على رغم خلفيتها الديمقراطية والقانونية، لكن قد لا تكون هاريس تملك مواقف تقدمية حقيقية في الوقت الحالي باستثناء حقوق الإجهاض للنساء، والتي أصبحت أساساً محل إجماع للديمقراطيين، إلى جانب إغداقها الجمهور بوعود متعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي سئمت شرائح واسعة من الأميركيين تكرارها من دون نتائج ملموسة.

سجلت حملة هاريس الانتخابية رقماً قياسياً بالتمويل الشعبي بلغ خلال أول 24 ساعة أكثر من 81 مليون دولار أميركي، بخاصة مع عودة الداعمين الذين سحبوا تمويلهم لحملة بايدن بعد تعبيرهم عن مخاوفهم بسبب تقدمه بالسن، فيما قدمت حملة ترامب شكوى إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية ضد حملة هاريس بسبب “استيلائها” على أموال حملة بايدن البالغة 91.5 مليون دولار، ما يعتبره ترامب “انتهاكاً لقوانين تمويل الحملات الفيدرالية”.

في المقابل، يقول ترامب إنه “مستعد للمواجهة”، وإن “هزيمة هاريس ستكون أسهل من هزيمة بايدن”، لكنه وضع شرطاً لقبوله المناظرة الرئاسية، وهو نقلها من قناة ABC News التي يعتبرها “منحازة”، إلى قناة FOX News. وهو شرطٌ ساذج حقاً، لكنه يحمل في طياته قدراً كبيراً من الاستخفاف بخصمه، إذ يبدو تركيزه أكبر على وسيلة الإعلام التي تنقل المناظرة وليس على المناظرة ذاتها. هذا فيما بدأت حملة ترامب بإعداد الإعلانات والشعارات لمهاجمة هاريس، خصوصاً في مواضيع تتعلق بالهجرة والحدود والاقتصاد الأميركي.

هاجم ترامب منافسته هاريس في خطابه الأول بعد ترشحها في مدينة شارلوت في ولاية كارولينا الشمالية قائلاً: “كامالا هاريس غير مناسبة للقيادة، ستدمّر بلدنا خلال سنة واحدة”، ومعتبراً أنها ستكون “أكثر شخصية يسارية متطرّفة تصل إلى البيت الأبيض في حال فوزها بالرئاسة”، واصفاً إياها بـ “المجنونة”!

خطر انقسام الديمقراطيين يتراجع لكنه لم ينتهِ بعد

مع مرور الوقت، ينضم المزيد من مسؤولي الحزب الديمقراطي إلى قافلة المراهنة على كامالا هاريس، لكن احتمال تقدّم ديمقراطيين آخرين منتخبين لتحدّيها لا يزال وارداً على رغم تضاؤله، وقد يؤدي ذلك، في حال حصوله، إلى انقسام في الحزب الديمقراطي قبل أشهر قليلة من المواجهة الحاسمة مع ترامب. إذ إن الإجماع حول هاريس في الحزب الديمقراطي ليس كبيراً – بعد – بما فيه الكفاية لخوض حملة واسعة بوجه ترامب. 

ولا تزال هاريس تدفع ثمن حملتها الفاشلة عام 2020، إذ أشار استطلاع للرأي قامت به جامعة مونموث عام 2019 في حينها، إلى حصول هاريس على 11 في المئة فقط من التأييد بين الديمقراطيين، وذلك في المركز الثالث بعد الرئيس جو بايدن (29 في المئة) والسيناتور بيرني ساندرز (16 في المئة). 

لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى تقدمٍ بسيط فقط لترامب على هاريس، التي تمكنت من معادلة أرقام بايدن في فترة قصيرة. وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن ترامب يتفوق على هاريس بنسبة 1.5 في المئة في متوسط ​​11 استطلاعاً وطنياً. 

لم تبدأ هاريس حملتها الانتخابية بشكل حقيقي، لذا فإن هذه الأرقام مرجّحة إلى الازدياد، لكن لا يمكن اعتبار استطلاعات الرأي العشوائية لعيّنات لا تتعدى بضع مئات (وفي أفضل الأحوال بضعة آلاف) مقياساً دقيقاً. وفي حال فوزها، ستكون هاريس أول امرأة تترأس الولايات المتحدة الأميركية. وهي بالفعل كانت أول امرأة أميركية سوداء، من أصول هندية وجامايكية، تحصل على مركز نائب الرئيس عام 2020.

السياسة الخارجية والمسألة الفلسطينية

لا تقلّ هاريس طيشاً عن ترامب في ما يتعلق بالسياسة الخارجية. فسجلّ هاريس التي تصف نفسها بالتقدمية مروّع في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، انحازت في أول تصويت لها حول السياسة الخارجية في كانون الثاني/ يناير 2017، إلى جانب الرئيس السابق دونالد ترامب في “انتقاد رفض الرئيس الأسبق باراك أوباما استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن المستوطنات الإسرائيلية”. كما شاركت في “رعاية قرار مجلس الشيوخ الذي يتحدى حق الأمم المتحدة في إبداء رأيها في مسائل القانون الإنساني الدولي في الأراضي الخاضعة للاحتلال الأجنبي”. وهي تصرّ على أن الأمم المتحدة لا يجب أن يكون لها أي دور في ما يخص المستوطنات الإسرائيلية، وأن الولايات المتحدة هي فقط المعنية برعاية المحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في هذا المجال!

بالإضافة إلى ذلك كله، فإن السياسة الخارجية لهاريس يمكن أن تشكل قلقاً حتى لزملائها في الحزب الديمقراطي، إذ سبق وانحازت في دعمها الى قرار ترامب، إلى جانب زعيم مجلس الشيوخ الجمهوري ميتش ماكونيل، ضد زميلتها السيناتور الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا ديان فاينشتاين، ومع زعيم مجلس النواب الجمهوري بول رايان ضد رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي.

تذهب هاريس أبعد من انحياز الديمقراطيين الاعتيادي لإسرائيل، إلى درجة رفضها التوقيع على رسائل وجهها عدد من زملائها في الحزب إلى نتنياهو، يطالبونه فيها بالتوقف عن هدم قرية فلسطينية هنا أو استخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين هناك.

 وبينما يتحالف معظم زملائها في الحزب مع مجموعة J Street المعتدلة في تأييدها لإسرائيل والمطالبة بفرض حلول سلمية، تنسج هاريس علاقات أقوى مع مجموعة AIPAC المتشدّدة، والمرتبطة باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، والداعمة للحزب الجمهوري.

حظوظ المنافسين يحدّدها المانحون الكبار

في النهاية، لم يتراجع بايدن عن السباق الرئاسي سوى تحت ضغط “المانحين الكبار”، ولم تكن هاريس لتخوض السباق من دونهم أيضاً، إذ بلغ مجموع أموال حملتها 294 مليون دولار، إضافة إلى 130 مليون دولار كدعم من خارج الحملة. الأمر نفسه ينطبق على الحزب الجمهوري ومرشحيه تاريخياً، إذ سيتزايد دعم كبار الأثرياء لترامب مع تزايد خطر حملة هاريس، وحتى الآن فإن أموال حملة ترامب تبلغ 216 مليون دولار، إضافة إلى دعم خارجي يبلغ 233 مليون دولار.

يبدو أن تمويل حملة المرشح المستقل روبرت كينيدي جونيور، الذي أبدى دعمه المطلق لإسرائيل معتبراً إياها “أمة أخلاقية”، متواضعاً ولا يتجاوز الـ 51 مليون دولار حتى الآن، إضافة إلى أموال خارجية تبلغ نحو 52 مليون دولار. أما المرشح الديمقراطي اليهودي دين فيليبس الذي سبق وأعلن معارضته التصويت على مشروع قانون تمويل الحزب الجمهوري لإسرائيل، فلا تبلغ أموال حملته أكثر من 7 ملايين دولار، إضافة إلى 6.4 مليون دولار أموال خارجية.

أما حظوظ المرشحين الآتية أسماؤهم، فتبدو منعدمة تماماً بوجه الحملات المدعومة من كبار أثرياء الأميركيين وجمهور الطبقة الوسطى: كورنيل ويست (مجموع أموال حملته كلها مليون و139 ألف دولار) وهو فيلسوف وممثل وأستاذ جامعي أميركي رافض للحرب على غزة، وماريان ويليامسون (5 ملايين و300 ألف دولار)، وهي كاتبة يهودية كانت تطمح إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي وتعارض استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، معتبرة إياها “غير إنسانية” على رغم تأييدها إسرائيل، وجيل ستاين (لا يوجد أرقام تذكر) وهي طبيبة وناشطة مرشحة عن حزب الخضر ولها مواقف ضد الحرب على غزة، اعتُقلت ومدير حملتها الانتخابية ونائبه في إحدى الوقفات الاحتجاجية والتضامنية مع الفلسطينيين.

25.07.2024
زمن القراءة: 6 minutes

مع مرور الوقت، ينضم المزيد من مسؤولي الحزب الديمقراطي إلى قافلة المراهنة على كامالا هاريس، لكن احتمال تقدّم ديمقراطيين آخرين منتخبين لتحدّيها لا يزال وارداً على رغم تضاؤله، وقد يؤدي ذلك، في حال حصوله، إلى انقسام في الحزب الديمقراطي قبل أشهر قليلة من المواجهة الحاسمة مع ترامب.

في أول خطاب لها في حملتها الانتخابية الجديدة في 23 تموز/ يوليو 2024 في مقاطعة ميلووكي في ولاية ويسكونسن، هاجمت كامالا هاريس منافسها دونالد ترامب بعنفٍ قائلة: “لقد واجهت مرتكبي الجرائم من جميع الأنواع؛ المعتدين الذين يسيئون معاملة النساء، والمحتالين الذين سرقوا المستهلكين، والغشاشين الذين انتهكوا القوانين لتحقيق مكاسب خاصة بهم، لذا اسمعوني عندما أقول إنني أعرف نوع دونالد ترامب”. وأضافت أن ترامب مسؤول عن ارتكاب اعتداءات جنسية، وأنه مذنب في 34 تهمة احتيال مالي.

بالنسبة إلى هاريس، لا تهدف حملتها الانتخابية فقط إلى التغلب على ترامب، بل إن هدفاً أساسياً من أهدافها هو “إعادة بناء الطبقة الوسطى”، لأنه “عندما تكون الطبقة الوسطى قوية، تكون الولايات المتحدة الأميركية قوية”. وأضافت أنها حصلت على دعم عدد كافٍ من كبار مسؤولي الحزب الديمقراطي لتأمين ترشيحها.

لا يُخفى أن لنائبة الرئيس الأميركي ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس خلفية قانونية وإدارية صلبة، فهي مدّعية عامة سابقة، وقد أثبتت مهاراتها في التحقيق والتدقيق في لجان مجلس الشيوخ. 

بدأت هاريس حملتها الجديدة بعد انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن من السباق الرئاسي – والذي حصلت على تأييده الفوري إضافة إلى تأييد الكثير من القادة البارزين في الحزب الديمقراطي – بإعلان يظهرها وهي تقوم باستجواب جمهوريين ممن شغلوا مناصب قانونية بارزة في إدارة ترامب، مرشح المحكمة العليا بريت كافانو، والمدعين العامين ويليام بار وجيف سيشنز. 

ويزعم الإعلان بأن هاريس ستستجوب مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب وتفضحه بالطريقة نفسها في مناظرة رئاسية، والتي من المحتمل أن يتخلّى فيها ترامب، كعادته، عن ضبط نفسه ويُظهِر جانبه الميسوجيني المنفّر أمام مئات الملايين من المشاهدين.

مع تأجّج حملتي ترامب وهاريس، تتراجع الحملات الانتخابية الرئاسية الأخرى لمرشحين مستقلين وديمقراطيين، وتفقد ما تبقى من بريقها. وفيما يظهر أن هناك صراعاً في الداخل الأميركي بينهما، يبدو التقاطع بينهما حول المسائل الدولية الحساسة مثل القضية الفلسطينية واضحاً، إذ تتشابك مواقفهما في نقاط كثيرة. 

على رغم خلفيتها الديمقراطية والقانونية، لكن قد لا تكون هاريس تملك مواقف تقدمية حقيقية في الوقت الحالي باستثناء حقوق الإجهاض للنساء، والتي أصبحت أساساً محل إجماع للديمقراطيين، إلى جانب إغداقها الجمهور بوعود متعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي سئمت شرائح واسعة من الأميركيين تكرارها من دون نتائج ملموسة.

سجلت حملة هاريس الانتخابية رقماً قياسياً بالتمويل الشعبي بلغ خلال أول 24 ساعة أكثر من 81 مليون دولار أميركي، بخاصة مع عودة الداعمين الذين سحبوا تمويلهم لحملة بايدن بعد تعبيرهم عن مخاوفهم بسبب تقدمه بالسن، فيما قدمت حملة ترامب شكوى إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية ضد حملة هاريس بسبب “استيلائها” على أموال حملة بايدن البالغة 91.5 مليون دولار، ما يعتبره ترامب “انتهاكاً لقوانين تمويل الحملات الفيدرالية”.

في المقابل، يقول ترامب إنه “مستعد للمواجهة”، وإن “هزيمة هاريس ستكون أسهل من هزيمة بايدن”، لكنه وضع شرطاً لقبوله المناظرة الرئاسية، وهو نقلها من قناة ABC News التي يعتبرها “منحازة”، إلى قناة FOX News. وهو شرطٌ ساذج حقاً، لكنه يحمل في طياته قدراً كبيراً من الاستخفاف بخصمه، إذ يبدو تركيزه أكبر على وسيلة الإعلام التي تنقل المناظرة وليس على المناظرة ذاتها. هذا فيما بدأت حملة ترامب بإعداد الإعلانات والشعارات لمهاجمة هاريس، خصوصاً في مواضيع تتعلق بالهجرة والحدود والاقتصاد الأميركي.

هاجم ترامب منافسته هاريس في خطابه الأول بعد ترشحها في مدينة شارلوت في ولاية كارولينا الشمالية قائلاً: “كامالا هاريس غير مناسبة للقيادة، ستدمّر بلدنا خلال سنة واحدة”، ومعتبراً أنها ستكون “أكثر شخصية يسارية متطرّفة تصل إلى البيت الأبيض في حال فوزها بالرئاسة”، واصفاً إياها بـ “المجنونة”!

خطر انقسام الديمقراطيين يتراجع لكنه لم ينتهِ بعد

مع مرور الوقت، ينضم المزيد من مسؤولي الحزب الديمقراطي إلى قافلة المراهنة على كامالا هاريس، لكن احتمال تقدّم ديمقراطيين آخرين منتخبين لتحدّيها لا يزال وارداً على رغم تضاؤله، وقد يؤدي ذلك، في حال حصوله، إلى انقسام في الحزب الديمقراطي قبل أشهر قليلة من المواجهة الحاسمة مع ترامب. إذ إن الإجماع حول هاريس في الحزب الديمقراطي ليس كبيراً – بعد – بما فيه الكفاية لخوض حملة واسعة بوجه ترامب. 

ولا تزال هاريس تدفع ثمن حملتها الفاشلة عام 2020، إذ أشار استطلاع للرأي قامت به جامعة مونموث عام 2019 في حينها، إلى حصول هاريس على 11 في المئة فقط من التأييد بين الديمقراطيين، وذلك في المركز الثالث بعد الرئيس جو بايدن (29 في المئة) والسيناتور بيرني ساندرز (16 في المئة). 

لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى تقدمٍ بسيط فقط لترامب على هاريس، التي تمكنت من معادلة أرقام بايدن في فترة قصيرة. وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن ترامب يتفوق على هاريس بنسبة 1.5 في المئة في متوسط ​​11 استطلاعاً وطنياً. 

لم تبدأ هاريس حملتها الانتخابية بشكل حقيقي، لذا فإن هذه الأرقام مرجّحة إلى الازدياد، لكن لا يمكن اعتبار استطلاعات الرأي العشوائية لعيّنات لا تتعدى بضع مئات (وفي أفضل الأحوال بضعة آلاف) مقياساً دقيقاً. وفي حال فوزها، ستكون هاريس أول امرأة تترأس الولايات المتحدة الأميركية. وهي بالفعل كانت أول امرأة أميركية سوداء، من أصول هندية وجامايكية، تحصل على مركز نائب الرئيس عام 2020.

السياسة الخارجية والمسألة الفلسطينية

لا تقلّ هاريس طيشاً عن ترامب في ما يتعلق بالسياسة الخارجية. فسجلّ هاريس التي تصف نفسها بالتقدمية مروّع في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، انحازت في أول تصويت لها حول السياسة الخارجية في كانون الثاني/ يناير 2017، إلى جانب الرئيس السابق دونالد ترامب في “انتقاد رفض الرئيس الأسبق باراك أوباما استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن المستوطنات الإسرائيلية”. كما شاركت في “رعاية قرار مجلس الشيوخ الذي يتحدى حق الأمم المتحدة في إبداء رأيها في مسائل القانون الإنساني الدولي في الأراضي الخاضعة للاحتلال الأجنبي”. وهي تصرّ على أن الأمم المتحدة لا يجب أن يكون لها أي دور في ما يخص المستوطنات الإسرائيلية، وأن الولايات المتحدة هي فقط المعنية برعاية المحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في هذا المجال!

بالإضافة إلى ذلك كله، فإن السياسة الخارجية لهاريس يمكن أن تشكل قلقاً حتى لزملائها في الحزب الديمقراطي، إذ سبق وانحازت في دعمها الى قرار ترامب، إلى جانب زعيم مجلس الشيوخ الجمهوري ميتش ماكونيل، ضد زميلتها السيناتور الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا ديان فاينشتاين، ومع زعيم مجلس النواب الجمهوري بول رايان ضد رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي.

تذهب هاريس أبعد من انحياز الديمقراطيين الاعتيادي لإسرائيل، إلى درجة رفضها التوقيع على رسائل وجهها عدد من زملائها في الحزب إلى نتنياهو، يطالبونه فيها بالتوقف عن هدم قرية فلسطينية هنا أو استخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين هناك.

 وبينما يتحالف معظم زملائها في الحزب مع مجموعة J Street المعتدلة في تأييدها لإسرائيل والمطالبة بفرض حلول سلمية، تنسج هاريس علاقات أقوى مع مجموعة AIPAC المتشدّدة، والمرتبطة باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، والداعمة للحزب الجمهوري.

حظوظ المنافسين يحدّدها المانحون الكبار

في النهاية، لم يتراجع بايدن عن السباق الرئاسي سوى تحت ضغط “المانحين الكبار”، ولم تكن هاريس لتخوض السباق من دونهم أيضاً، إذ بلغ مجموع أموال حملتها 294 مليون دولار، إضافة إلى 130 مليون دولار كدعم من خارج الحملة. الأمر نفسه ينطبق على الحزب الجمهوري ومرشحيه تاريخياً، إذ سيتزايد دعم كبار الأثرياء لترامب مع تزايد خطر حملة هاريس، وحتى الآن فإن أموال حملة ترامب تبلغ 216 مليون دولار، إضافة إلى دعم خارجي يبلغ 233 مليون دولار.

يبدو أن تمويل حملة المرشح المستقل روبرت كينيدي جونيور، الذي أبدى دعمه المطلق لإسرائيل معتبراً إياها “أمة أخلاقية”، متواضعاً ولا يتجاوز الـ 51 مليون دولار حتى الآن، إضافة إلى أموال خارجية تبلغ نحو 52 مليون دولار. أما المرشح الديمقراطي اليهودي دين فيليبس الذي سبق وأعلن معارضته التصويت على مشروع قانون تمويل الحزب الجمهوري لإسرائيل، فلا تبلغ أموال حملته أكثر من 7 ملايين دولار، إضافة إلى 6.4 مليون دولار أموال خارجية.

أما حظوظ المرشحين الآتية أسماؤهم، فتبدو منعدمة تماماً بوجه الحملات المدعومة من كبار أثرياء الأميركيين وجمهور الطبقة الوسطى: كورنيل ويست (مجموع أموال حملته كلها مليون و139 ألف دولار) وهو فيلسوف وممثل وأستاذ جامعي أميركي رافض للحرب على غزة، وماريان ويليامسون (5 ملايين و300 ألف دولار)، وهي كاتبة يهودية كانت تطمح إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي وتعارض استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، معتبرة إياها “غير إنسانية” على رغم تأييدها إسرائيل، وجيل ستاين (لا يوجد أرقام تذكر) وهي طبيبة وناشطة مرشحة عن حزب الخضر ولها مواقف ضد الحرب على غزة، اعتُقلت ومدير حملتها الانتخابية ونائبه في إحدى الوقفات الاحتجاجية والتضامنية مع الفلسطينيين.