fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

تركيا .. هل تنزلق نحو المزيد من الديكتاتورية !

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

يُشكل اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان المعروف (عثمان كافالا) تصعيداً في الحملة الشرسة التي تشنها حكومة رجب طيب أردوغان ضد جميع منتقديها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يُشكل اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان المعروف (عثمان كافالا) تصعيداً في الحملة الشرسة التي تشنها  حكومة رجب طيب أردوغان ضد جميع منتقديها.
“مع إصدار قرار الاعتقال، لم نفقد حرية عثمان كافالا فحسب، بل فقدنا في نفس الوقت آمالنا في الديمقراطية والسلام وسيادة القانون”. بهذه الكلمات عبرت (ايس بوغرا) وهي مثقفة تركية بارزة على أخبار اعتقال زوجها رجل الأعمال المعروف والناشط في مجال المشاريع الخيرية
(عثمان كافالا). وكان قد تم توقيف توقيفه كافالا في مطار أتاتورك في اسطنبول الشهر الماضي بعد أن أصدرت محكمة اسطنبول أمرها بسجنه بتهم الإرهاب والمشاركة في محاولة الانقلاب.
وفي الأشهر التي سبقت اعتقاله، شنت وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة تشويهٍ مكثفةٍ ضد رجل الأعمال، ووصفته بأنه “عميل” يريد “زعزعة استقرار البلد”.
وفي خطابٍ أمام تجمع حاشد  لحزب العدالة والتنمية وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كافالا بأنه شخصٌ يقف “وراء تحويلات الأموال إلى أماكن معينة”، وشبهه برجل الأعمال الأمريكي الليبرالي (جورج سورس) معتبراً أن (كافالا) هو “سوروس تركيا”. هذا في حين واصلت وسائل الإعلام الموالية هجماتها على (كافالا).
وكتبت (بوغرا) في رسالتها التي نُشرت على نطاق واسع في الصحافة المعارضة أن ما يجري لا يعدو كونه جزءاً من حملة تخوين “سخيفة”، وما يُنذِر بالخطر ويُعدُ مؤشراً لا يبشر بخير، أن يعتقد القضاء خلاف ذلك. وذكرت وكالة أنباء الأناضول الرسمية، أن (كافالا) متهمٌ بمحاولة الإطاحة بالحكومة التركية والنظام الدستوري. ويواجه (كافالا) في حالة إدانته، عقوبة السجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط، واتهم مكتب المدعي العام في اسطنبول (كافالا) أيضاً بأنه على صلة بـ”منظمي” انتفاضة حديقة غيزي عام 2013، مشوهاً بذلك طبيعة الاحتجاج الشعبي السلمي واعتباره عملاً من أعمال الإرهاب.
يُعتبر (عثمان كافالا) من المؤيدين منذ فترة طويلة للمصالحة التركية الأرمنية وأحد المطالبين بضرورة الاعتراف بعملية الإبادة الأرمنية من قبل تركيا. وقد ساهمت مؤسسته (أنادولو كولتر) أو ثقافة الأناضول بالتعاون مع الحكومة التركية، في إنقاذ واستعادة التراث الثقافي للأقليات الدينية، التي تعرضت للإهمال وتُركت لِتنهار كلياً في جميع أنحاء البلاد. وشارك (كافالا) أيضاً في جهود تعزيز حقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق مجتمع المثليين جنسياً، ومزدوجي الميل الجنسي، ومغايري الهوية الجنسانية، والمتحولين جنسياً في تركيا أو مجتمع الميم. ونظم (كافالا) جهود مساعداتٍ للاجئين ودَعَم الفنانين والمبادرات الثقافية. وفي عام 2016، قادت منظمته حملة للترويج للكتب والألعاب باللغة التركية والعربية لتعزيز التراث السوري والتعليم ثنائي اللغة للأطفال اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا.
قال (بن وارد)، نائب مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش ” هذا أمر مقلق للغاية، ومثال آخر على أن المحاكم التركية تبني أحكامها استناداً إلى مزاعم النيابة العامة التي لا تقوم على ما يبدو على أي أساس في الوقائع” ثم أضاف “من الصعب تجنب الاستنتاج بأن قرار المحكمة يقوم على دوافع سياسية”.
واعتبر (سيزجين تانري كولو) المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، والنائب في البرلمان عن المعارضة الرئيسية، المتمثلة في الحزب الشعبي الجمهوري (CHP) أن اعتقال (كافالا) يدخل في إطار “حملة ترهيب” مؤكداً أنه “لا يوجد أي أساس قانوني لهذه الاتهامات مهما كانت، وقد أصبح كافالا بمثابة رهينة سياسية”.
وأثارت قضية (كافالا) موجات من الصدمة عبر جميع مكونات المجتمع المدني في تركيا، وتُعد التهم الوهمية الموجهة إليه إشارة إنذار إلى كل من يشارك في منظمات تدعم حقوق الإنسان والسلام والتنوع الثقافي، ولسان حال هذه الحملة يقول: انتظر دورك  قريباً.
وجاء اعتقاله بعد أيام فقط من الإفراج بكفالة عن 10 من نشطاء حقوق الإنسان، تم احتجازهم في انتظار المحاكمة، من بينهم مديرة منظمة العفو الدولية في تركيا (إديل إيسير). ومع ذلك، ستتم عملية محاكمتهم، وعلى غرار (كافالا) ستوجِه لهم النيابة العامة تهمة مساعدة المنظمات الإرهابية المسلحة كما شنت وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة تشويه عدوانية ضد من أصبحوا يعرفون باسم “اسطنبول 10″، ونعتتهم بأنهم “عملاء أجانب” و”مخططين للانقلاب” و”أنصار الإرهاب” الذين كانوا يحاولون “نشر الفوضى ” في تركيا. ولا يزال (تانر كيليتش)، وهو محام ورئيس منظمة العفو الدولية في تركيا، محتجزاً بالسجن بتهمة الإرهاب، على الرغم من عدم وجود أدلة ضده.
ويشعر العديد من المراقبين بالقلق جراء تفاقم حملة قمع المجتمع المدني التركي وزيادة حدتها. ويبدو أن (كافالا) وجماعة “اسطنبول 10” ليسوا سوى حلقة من حلقات ضحايا هذه الحملة التي يصفها البعض بأنها نوع من “مطاردة الساحرات” (حملة ترهيب وقمع) في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016.
ومنذ ذلك الحين تم عزل حوالي 150 ألف شخص من وظائف الدولة، فضلاً عن سجن أكثر من 60 ألف شخص بتهمة الإرهاب، بمن فيهم أفراد من الجيش وضباط شرطة، إلى جانب عدد كبير من الصحفيين والأكاديميين والمحامين، إلى جانب إغلاق الآلاف من وسائل الإعلام والجمعيات والمنظمات والمؤسسات التعليمية.
وتتهم حكومة حزب العدالة والتنمية (فتح الله غولن)، رجل الدين المسلم المقيم بالولايات المتحدة، بتنظيم محاولة الانقلاب. وفي 20 يوليو/ تموز من العام الماضي، أعلن الرئيس أردوغان حالة الطوارئ، مما مكنه وحكومة حزب العدالة والتنمية من تجاوز البرلمان والحكم بموجب المراسيم. ومنذ ذلك الحين تحولت حملة القمع ضد الانقلابيين المحتملين إلى حملة شاملة لا تقتصر على المتعاطفين مع غولن المزعومين فحسب، بل تشمل أيضاً يساريين وأكراد وأي شخص ينتقد الحكومة.
وتُنذر عملية اعتقال كافالا بتصعيد واضح في عملية القمع، وفق تصريح الخبير في العلوم السياسية (سنجيز أكتر) مضيفاً “إن (عثمان كافالا) شخصية ذات رمزية كبيرة، وهو من رموز المجتمع المدني في تركيا، واعتقاله يشكل رسالة تحذير للجميع، ويشير إلى أن عهد تركيا الليبرالية قد ولى”، موضحاً أن تلك الفترة بدأت بمحادثات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والإصلاحات القانونية اللاحقة ومنح حريات أكبر. وتماما مثلما أشارت إليه (آيسا بوغرا)، قال (أكتار) إنه فقد الأمل في عودة عهد تركيا الليبرالية في القريب المنظور. وقال “كان كافالا نشِطاً في جميع مجالات المجتمع المدني” ويضيف “على مدى السنوات الـ 15 الماضية حطم كافالا كل المحرمات التي بنيت عليها الجمهورية التركية، وقد يترتب عن اعتقاله أيضاً تبعات خطيرة على سياسات الذاكرة الرسمية في تركيا “.
ويختم “هذا أسوأ شيء يمكن أن يحدث لبلد ما، إنه تدمير شامل للمجتمع المدني.”
 
في عام 2002، افتتحت مؤسسة (كافالا أنادولو كولتر) مركز الفنون ب(ديار بكر) المدينة ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق البلاد لتعزيز عمل الفنانين المحليين وكسر الظلم الذي طال أمده ضد الثقافة الكردية في تركيا. وتميز (كافالا) أيضاً بدعمه النشِط لمحادثات السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني المسلح قبل أن تنهار المحادثات في صيف عام 2015.
وعلى الرغم من جهود (كافالا) لتعزيز السلام، تتهمه الحكومة ووسائل الإعلام الموالية لها، بالتآمر مع حزب العمال الكردستاني وفصائل كردية أخرى ضد الدولة التركية. وتطلق عليه صحيفة “ييني شفق” الموالية للنظام القائم “المفتاح” في “تمويل الإرهاب”، وكتبت صحيفة الصباح بنبرة الانتصار، تم العثور على “صور عبد الله أوجلان” على هاتفه، وبذلك تغض هذه الصحيفة اليومية الطرف عن حقيقة تُثبِتُ أن حكومة حزب العدالة والتنمية هي التي بدأت محادثات سلام مع زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في عام 2013.
 
وتشعر جماعات حقوق الإنسان والخبراء القانونيون بالسخط إزاء الاتهامات الموجهة ضد (كافالا)، وقد وصفت هيومن رايتس ووتش سجن الناشط في مجال الأعمال الخيرية بأنه “نموذج على الطابع المسَيَسْ التعسفي لنظام العدالة في تركيا”. من جهتها وصفت وزارة الخارجية الأمريكية الاحتجاز الأولى، لكفالا بأنه مؤشر آخر، على “توجه مثير للانزعاج” في الحملة الجارية لقمع قادة المجتمع المدني والأكاديميين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ولم تكن مقررة البرلمان الأوروبي (كاتي بيري) أقل صرامة في اختيار مفرداتها في انتقادها قرار المحكمة يوم الأربعاء الماضى. وعلقت على تويتر بقولها “إن التهم الموجهة ضد كافالا ظالمة #OsmanKavala. إنه رجل محترم، لكن تركيا تحكمها اليوم نظريات المؤامرة المجنونة”.
وقال (بن وارد) عن منظمة هيومن رايتس ووتش، لقد حان الوقت لحلفاء تركيا للتعبير عن موقفهم ضد تدهور حالة حقوق الإنسان. وأضاف “اعتقال كافالا يُعَد دليلاً آخر على أن المجتمع المدنى فى تركيا يتعرض لحملة قمع شاملة، وهو ما يؤكد الأهمية الحيوية لممارسة شركاء تركيا الدوليين الضغط على تركيا لعكس مسارها”، وقال “لكن كل هذه المحاولات، يتم استخدامها أيضاً من قبل وكلاء النظام ومستشاريه الإعلاميين، لزيادة حدة العداء وتغذيتها، حيث يوظف أنصار الحكومة الغضب الدولي على اعتقال كافالا، لرسم  صورة مشوهة عن رجل الأعمال ونعته بـ “بيدق الغرب”.
ولا تبدو في الأفق أي علامة تراجع أو تخفيف في حدة حملة القمع، وقد غادر مئات الأشخاص البلاد، وأدى العمل بقانون الطوارئ إلى القضاء على الاحتجاجات السياسية السلمية، ورغم ذلك، يواصل الناشطون السياسيون والصحفيون والأكاديميون والمواطنون الشجعان نشاطهم رافضين سياسة الصمت.
بالنسبة إلى (سنجيز أكتر)، لقد تسببت حملة  قمع الحكومة  في إحداث أضرار لا يمكن ترميمها. “لقد غادرت أعدادٌ غفيرة البلد، ومن لا يزال داخل البلاد، يشعر بالخوف من مجرد التعبير سلمياً عن رفضه الوضع الحالي، وهذا أسوأ شيء يمكن أن يحدث لبلد ما، إنه تدمير شامل للمجتمع المدني”.
هذا الموضوع مترجم عن الرابط التالي[video_player link=””][/video_player]

"درج"
لبنان
16.11.2017
زمن القراءة: 6 minutes

يُشكل اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان المعروف (عثمان كافالا) تصعيداً في الحملة الشرسة التي تشنها حكومة رجب طيب أردوغان ضد جميع منتقديها.

يُشكل اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان المعروف (عثمان كافالا) تصعيداً في الحملة الشرسة التي تشنها  حكومة رجب طيب أردوغان ضد جميع منتقديها.
“مع إصدار قرار الاعتقال، لم نفقد حرية عثمان كافالا فحسب، بل فقدنا في نفس الوقت آمالنا في الديمقراطية والسلام وسيادة القانون”. بهذه الكلمات عبرت (ايس بوغرا) وهي مثقفة تركية بارزة على أخبار اعتقال زوجها رجل الأعمال المعروف والناشط في مجال المشاريع الخيرية
(عثمان كافالا). وكان قد تم توقيف توقيفه كافالا في مطار أتاتورك في اسطنبول الشهر الماضي بعد أن أصدرت محكمة اسطنبول أمرها بسجنه بتهم الإرهاب والمشاركة في محاولة الانقلاب.
وفي الأشهر التي سبقت اعتقاله، شنت وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة تشويهٍ مكثفةٍ ضد رجل الأعمال، ووصفته بأنه “عميل” يريد “زعزعة استقرار البلد”.
وفي خطابٍ أمام تجمع حاشد  لحزب العدالة والتنمية وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كافالا بأنه شخصٌ يقف “وراء تحويلات الأموال إلى أماكن معينة”، وشبهه برجل الأعمال الأمريكي الليبرالي (جورج سورس) معتبراً أن (كافالا) هو “سوروس تركيا”. هذا في حين واصلت وسائل الإعلام الموالية هجماتها على (كافالا).
وكتبت (بوغرا) في رسالتها التي نُشرت على نطاق واسع في الصحافة المعارضة أن ما يجري لا يعدو كونه جزءاً من حملة تخوين “سخيفة”، وما يُنذِر بالخطر ويُعدُ مؤشراً لا يبشر بخير، أن يعتقد القضاء خلاف ذلك. وذكرت وكالة أنباء الأناضول الرسمية، أن (كافالا) متهمٌ بمحاولة الإطاحة بالحكومة التركية والنظام الدستوري. ويواجه (كافالا) في حالة إدانته، عقوبة السجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط، واتهم مكتب المدعي العام في اسطنبول (كافالا) أيضاً بأنه على صلة بـ”منظمي” انتفاضة حديقة غيزي عام 2013، مشوهاً بذلك طبيعة الاحتجاج الشعبي السلمي واعتباره عملاً من أعمال الإرهاب.
يُعتبر (عثمان كافالا) من المؤيدين منذ فترة طويلة للمصالحة التركية الأرمنية وأحد المطالبين بضرورة الاعتراف بعملية الإبادة الأرمنية من قبل تركيا. وقد ساهمت مؤسسته (أنادولو كولتر) أو ثقافة الأناضول بالتعاون مع الحكومة التركية، في إنقاذ واستعادة التراث الثقافي للأقليات الدينية، التي تعرضت للإهمال وتُركت لِتنهار كلياً في جميع أنحاء البلاد. وشارك (كافالا) أيضاً في جهود تعزيز حقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق مجتمع المثليين جنسياً، ومزدوجي الميل الجنسي، ومغايري الهوية الجنسانية، والمتحولين جنسياً في تركيا أو مجتمع الميم. ونظم (كافالا) جهود مساعداتٍ للاجئين ودَعَم الفنانين والمبادرات الثقافية. وفي عام 2016، قادت منظمته حملة للترويج للكتب والألعاب باللغة التركية والعربية لتعزيز التراث السوري والتعليم ثنائي اللغة للأطفال اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا.
قال (بن وارد)، نائب مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش ” هذا أمر مقلق للغاية، ومثال آخر على أن المحاكم التركية تبني أحكامها استناداً إلى مزاعم النيابة العامة التي لا تقوم على ما يبدو على أي أساس في الوقائع” ثم أضاف “من الصعب تجنب الاستنتاج بأن قرار المحكمة يقوم على دوافع سياسية”.
واعتبر (سيزجين تانري كولو) المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، والنائب في البرلمان عن المعارضة الرئيسية، المتمثلة في الحزب الشعبي الجمهوري (CHP) أن اعتقال (كافالا) يدخل في إطار “حملة ترهيب” مؤكداً أنه “لا يوجد أي أساس قانوني لهذه الاتهامات مهما كانت، وقد أصبح كافالا بمثابة رهينة سياسية”.
وأثارت قضية (كافالا) موجات من الصدمة عبر جميع مكونات المجتمع المدني في تركيا، وتُعد التهم الوهمية الموجهة إليه إشارة إنذار إلى كل من يشارك في منظمات تدعم حقوق الإنسان والسلام والتنوع الثقافي، ولسان حال هذه الحملة يقول: انتظر دورك  قريباً.
وجاء اعتقاله بعد أيام فقط من الإفراج بكفالة عن 10 من نشطاء حقوق الإنسان، تم احتجازهم في انتظار المحاكمة، من بينهم مديرة منظمة العفو الدولية في تركيا (إديل إيسير). ومع ذلك، ستتم عملية محاكمتهم، وعلى غرار (كافالا) ستوجِه لهم النيابة العامة تهمة مساعدة المنظمات الإرهابية المسلحة كما شنت وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة تشويه عدوانية ضد من أصبحوا يعرفون باسم “اسطنبول 10″، ونعتتهم بأنهم “عملاء أجانب” و”مخططين للانقلاب” و”أنصار الإرهاب” الذين كانوا يحاولون “نشر الفوضى ” في تركيا. ولا يزال (تانر كيليتش)، وهو محام ورئيس منظمة العفو الدولية في تركيا، محتجزاً بالسجن بتهمة الإرهاب، على الرغم من عدم وجود أدلة ضده.
ويشعر العديد من المراقبين بالقلق جراء تفاقم حملة قمع المجتمع المدني التركي وزيادة حدتها. ويبدو أن (كافالا) وجماعة “اسطنبول 10” ليسوا سوى حلقة من حلقات ضحايا هذه الحملة التي يصفها البعض بأنها نوع من “مطاردة الساحرات” (حملة ترهيب وقمع) في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016.
ومنذ ذلك الحين تم عزل حوالي 150 ألف شخص من وظائف الدولة، فضلاً عن سجن أكثر من 60 ألف شخص بتهمة الإرهاب، بمن فيهم أفراد من الجيش وضباط شرطة، إلى جانب عدد كبير من الصحفيين والأكاديميين والمحامين، إلى جانب إغلاق الآلاف من وسائل الإعلام والجمعيات والمنظمات والمؤسسات التعليمية.
وتتهم حكومة حزب العدالة والتنمية (فتح الله غولن)، رجل الدين المسلم المقيم بالولايات المتحدة، بتنظيم محاولة الانقلاب. وفي 20 يوليو/ تموز من العام الماضي، أعلن الرئيس أردوغان حالة الطوارئ، مما مكنه وحكومة حزب العدالة والتنمية من تجاوز البرلمان والحكم بموجب المراسيم. ومنذ ذلك الحين تحولت حملة القمع ضد الانقلابيين المحتملين إلى حملة شاملة لا تقتصر على المتعاطفين مع غولن المزعومين فحسب، بل تشمل أيضاً يساريين وأكراد وأي شخص ينتقد الحكومة.
وتُنذر عملية اعتقال كافالا بتصعيد واضح في عملية القمع، وفق تصريح الخبير في العلوم السياسية (سنجيز أكتر) مضيفاً “إن (عثمان كافالا) شخصية ذات رمزية كبيرة، وهو من رموز المجتمع المدني في تركيا، واعتقاله يشكل رسالة تحذير للجميع، ويشير إلى أن عهد تركيا الليبرالية قد ولى”، موضحاً أن تلك الفترة بدأت بمحادثات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والإصلاحات القانونية اللاحقة ومنح حريات أكبر. وتماما مثلما أشارت إليه (آيسا بوغرا)، قال (أكتار) إنه فقد الأمل في عودة عهد تركيا الليبرالية في القريب المنظور. وقال “كان كافالا نشِطاً في جميع مجالات المجتمع المدني” ويضيف “على مدى السنوات الـ 15 الماضية حطم كافالا كل المحرمات التي بنيت عليها الجمهورية التركية، وقد يترتب عن اعتقاله أيضاً تبعات خطيرة على سياسات الذاكرة الرسمية في تركيا “.
ويختم “هذا أسوأ شيء يمكن أن يحدث لبلد ما، إنه تدمير شامل للمجتمع المدني.”
 
في عام 2002، افتتحت مؤسسة (كافالا أنادولو كولتر) مركز الفنون ب(ديار بكر) المدينة ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق البلاد لتعزيز عمل الفنانين المحليين وكسر الظلم الذي طال أمده ضد الثقافة الكردية في تركيا. وتميز (كافالا) أيضاً بدعمه النشِط لمحادثات السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني المسلح قبل أن تنهار المحادثات في صيف عام 2015.
وعلى الرغم من جهود (كافالا) لتعزيز السلام، تتهمه الحكومة ووسائل الإعلام الموالية لها، بالتآمر مع حزب العمال الكردستاني وفصائل كردية أخرى ضد الدولة التركية. وتطلق عليه صحيفة “ييني شفق” الموالية للنظام القائم “المفتاح” في “تمويل الإرهاب”، وكتبت صحيفة الصباح بنبرة الانتصار، تم العثور على “صور عبد الله أوجلان” على هاتفه، وبذلك تغض هذه الصحيفة اليومية الطرف عن حقيقة تُثبِتُ أن حكومة حزب العدالة والتنمية هي التي بدأت محادثات سلام مع زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في عام 2013.
 
وتشعر جماعات حقوق الإنسان والخبراء القانونيون بالسخط إزاء الاتهامات الموجهة ضد (كافالا)، وقد وصفت هيومن رايتس ووتش سجن الناشط في مجال الأعمال الخيرية بأنه “نموذج على الطابع المسَيَسْ التعسفي لنظام العدالة في تركيا”. من جهتها وصفت وزارة الخارجية الأمريكية الاحتجاز الأولى، لكفالا بأنه مؤشر آخر، على “توجه مثير للانزعاج” في الحملة الجارية لقمع قادة المجتمع المدني والأكاديميين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ولم تكن مقررة البرلمان الأوروبي (كاتي بيري) أقل صرامة في اختيار مفرداتها في انتقادها قرار المحكمة يوم الأربعاء الماضى. وعلقت على تويتر بقولها “إن التهم الموجهة ضد كافالا ظالمة #OsmanKavala. إنه رجل محترم، لكن تركيا تحكمها اليوم نظريات المؤامرة المجنونة”.
وقال (بن وارد) عن منظمة هيومن رايتس ووتش، لقد حان الوقت لحلفاء تركيا للتعبير عن موقفهم ضد تدهور حالة حقوق الإنسان. وأضاف “اعتقال كافالا يُعَد دليلاً آخر على أن المجتمع المدنى فى تركيا يتعرض لحملة قمع شاملة، وهو ما يؤكد الأهمية الحيوية لممارسة شركاء تركيا الدوليين الضغط على تركيا لعكس مسارها”، وقال “لكن كل هذه المحاولات، يتم استخدامها أيضاً من قبل وكلاء النظام ومستشاريه الإعلاميين، لزيادة حدة العداء وتغذيتها، حيث يوظف أنصار الحكومة الغضب الدولي على اعتقال كافالا، لرسم  صورة مشوهة عن رجل الأعمال ونعته بـ “بيدق الغرب”.
ولا تبدو في الأفق أي علامة تراجع أو تخفيف في حدة حملة القمع، وقد غادر مئات الأشخاص البلاد، وأدى العمل بقانون الطوارئ إلى القضاء على الاحتجاجات السياسية السلمية، ورغم ذلك، يواصل الناشطون السياسيون والصحفيون والأكاديميون والمواطنون الشجعان نشاطهم رافضين سياسة الصمت.
بالنسبة إلى (سنجيز أكتر)، لقد تسببت حملة  قمع الحكومة  في إحداث أضرار لا يمكن ترميمها. “لقد غادرت أعدادٌ غفيرة البلد، ومن لا يزال داخل البلاد، يشعر بالخوف من مجرد التعبير سلمياً عن رفضه الوضع الحالي، وهذا أسوأ شيء يمكن أن يحدث لبلد ما، إنه تدمير شامل للمجتمع المدني”.
هذا الموضوع مترجم عن الرابط التالي[video_player link=””][/video_player]