ظهرت آمال ماهر مجدداً، هذه المرة تتمنى دعوتها الى حفل توزيع جوائز “جوي أووردز” في السعودية، والذي يديره طليقها حسبما يشاع، تركي آل شيخ. وعلى رغم عدم دعوتها الى المهرجان هذا العام، إلا أن غيابها لم يحدث ضجة حتى جلبت هي الضجة بنفسها بظهورها مع الإعلامي عمرو أديب المقرب من تركي آل شيخ ، إذ تمنت “تلقّي الدعوى”، وكأن هذه الأمنية اعتذار من تركي آل شيخ الذي استطاع بين ليلة وضحاها محوها فنياً بممحاة سطوته.
في الساعات الأخيرة من عام 2017، أعلن مجلس إدارة النادي الأهلي برئاسة محمود الخطيب، تنصيب تركي آل شيخ رئيساً شرفياً للنادي. تبع الإعلان ضخ أموال للصفقات وإنشاء استاد خاص للنادي. علاقة آل الشيخ بالنادي الأهلي ستحسمها الجماهير لاحقاً بالرفض، وتدين فيها مشهد هرولة رئيس ناديها محمود الخطيب، اللاعب التاريخي، وراء تركي آل شيخ، لتنقلب العلاقة إلى حرب غير معلنة ضد النادي، وصلت إلى حد إنشاء نادي بيراميدز، ودعم الخصم المباشر، نادي الزمالك بصفقات قوية، باستثمارات وصلت عام 2019 إلى مليار و500 ألف جنيه، بحسب تصريحات الإعلاميين آنذاك.
القوة المصرية الناعمة بأيد سعوديّة
لا يتصرف تركي آل شيخ من تلقاء نفسه، بل بمخطط سعودي واضح لتحويل القوة الناعمة المصرية في الرياضة والإعلام، ثم لاحقاً المطربين والممثلين، إلى قوة ناعمة مجندة لصالح السعودية، وهو ما يفسر تحركاته القوية المشبوهة التي لن تكون سهلة في بلد يتشدق بالسيادة الوطنية مثل مصر، إلا باتفاقات مسبقة على أعلى مستوى بين البلدين. إذاً، المسألة في تلك الناحية ليست شخصية، لكن بطريقة ما تشخصنت الأمور مع تركي آل شيخ، وبدا خلف المشهد شيء إنساني أكثر تعقيداً.
خلف تصرفات أبو ناصر تجاه مصر والمصريين، علاقة حب، لكنها من النوع السام، المعقد، الذي يقوم على الاستحواذ والغطرسة، والظن النمطي أن المال يجعله مصدر قوة، ورده على الرفض وتذكيره بأنه مجرد حقيبة أموال تسير على قدمين، هو الحرب الشاملة التي تهدف إلى تعجيز من رفضه وحصاره، حرب ضد من يحب، وهو ما فعله مع النادي الأهلي بامتياز، عندما اضطر رئيس ناديه بسبب ضغط جماهيره إلى رفض هذا الحب علانية، فلم يكن من تركي آل شيخ، سوى خوض حرب قاسية، لكنه على استعداد لينهيها فوراً مقابل كلمة ود واحدة، وعلى رغم كل ما يملكه، فقد خسر الحرب والود في النهاية.
حكاية الحب المسموم لتركي آل شيخ مع النادي الأهلي، تنطبق على علاقته مع آمال ماهر (مهما كانت طبيعتها) هي علاقة تحولت خلال سبع سنوات من مأساة إلى دراما أشبه بالـ Soap Opera، طويلة، ممطوطة، مضخمة، وتافهة، حلقاتها تبدو لا نهائية، لكنها بالنسبة إلى الجمهور لا تُمل.
آخر حلقات هذا المسلسل المشوق، هو ظهور آمال ماهر على نحو مفاجئ مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه “الحكاية”، لتنفي الإشاعات التي ترددت حولها وحول تركي آل شيخ، بسبب اختفائها لفترات طويلة من دون التواصل مع جمهورها أو المقربين منها في الوسط الفني، وانتشرت أقاويل بأنه اختطفها وعذبها، قبل عامين، ما دفع جمهورها الى إطلاق هاشتاغ ” أنقذوا آمال ماهر”.
في لقائها على “إم بي سي مصر” مع عمرو أديب، بوق تركي آل شيخ، والذي لا يمكن أن يستضيف آمال ماهر من دون ترتيب أو أمر مباشر منه، كشفت المطربة أن علاقتها الفنية بالمستشار جيدة جداً، وأن لها “أغاني ناجحة كتير مع المستشار تركي آل شيخ، وأتمنى نشتغل تاني مع بعض”. وعن إمكان مشاركتها في فعاليات موسم الرياض، ردت “آمال” قائلة: “يشرفني طبعاً”، نافية إشاعة الاختطاف ومؤكدة تعجبّها من أن ” الموضوع كبر كده”.
“برج الحوت”
قبل أن ينتهي شهر العسل بين تركي آل شيخ والنادي الأهلي، كان يتمتع بما يشبه الشعبية بسبب حبه للنادي، قبل أن يفصح عن جانبه الاستحواذي والمتغطرس، فلفظته الجماهير في تلك الفترة، فيما أشيع في الوسط الفني أن قصة حب كُللت بالزواج جمعته بالمطربة آمال ماهر، وقد وعدها كما وعد النادي الأهلي بتحقيق كل أحلامها الفنية. وكهدية، وعدها بأن أهم مطرب في العالم العربي، عمرو دياب، سيغني قصة حبهما، وهو ما فعله عندما طرح دياب أغنية برج الحوت، من كتابة تركي آل شيخ وتلحين عمرو مصطفى. فهو أكثر من عاشق، إنه شاعر أيضاً، أو بالأحرى قادر على شراء القصائد الغنائية وكتابتها باسمه، كما تردد في الوسط الفني حينها.
على رغم أنها تعد حركة عاطفية من محب، لكنها في الأساس تثبت سيطرته ونفوذه على أهم مطرب في العالم العربي، مطرب في الأساس يملك من الثروة والشهرة ما يغنيه عن الانصياع لتركي آل شيخ، لكنه وفي مواقف عدة لاحقة سيؤكد أنه على استعداد لتقديم المزيد من التنازلات لصاحب السمو.
مسلسل الإنكار
شهر العسل لم يستمر طويلاً، ففي بداية عام 2018، وبعد اختفائها عن الأنظار – على عكس كل الوعود الفنية، وبعدما انتقلت أسرتها نقلة خيالية، الى حد أن آل الشيخ اشترى لشقيقها صيدلية كبرى، حررت آمال ماهر محضراً ضد زوجها لاعتدائه عليها بالضرب.
بعدها، عادت المياه الى مجاريها بين الثنائي، ولم تكتف ماهر بنفي الخبر، بل سخرت وهاجمت كل من نشره. لكن عقب أزمة جديدة أخرى بينهما، طلب آل الشيخ من رئيس الإذاعة المصرية منع إذاعة أغنياتها.
مع نهاية عام 2018، تفاقمت المشاكل بين الثنائي، إذ نشر آل الشيخ وقتها تغريدة قال فيها: “أحياناً، عدم الخروج لا يكفي”، فردت عليه آمال ماهر قائلة: “أحياناً عدم الخروج لا يكفي ده الباب اتقفل خلاص”.
ثم كتبت على حسابها على “تويتر”: “الضغوط والحرب اللي باتعرض لها أنا واخواتي وعائلتي من فترة طويلة بتتزايد، إمبارح الاستوديو بتاعي اتشمع، والنهاردة صيدلية اخويا اتشمعت، ده غير التهديدات والشتايم اللي على موبايلاتنا”. وتساءلت: “يا ترى حنفضل ساكتين لحد إمتى الله أعلم ؟؟!!!”. لكنها عادت وأنكرت ما كتبته على حسابها بدعوى أن حسابها قد سُرق.
كانت تلك التغريدة هي السبب وراء انتشار أخبار عن حبس آمال ماهر، ووضعها رهن الإقامة الجبرية، ما دفع جمهورها الى الطلب منها الظهور من خلال فيديو. لكنها اكتفت بتغريدة عبر “تويتر” قالت فيها: “وحشتوني كتير بطمنكوا عليا انا كويسة وبخير الحمدلله اختفاء ايه اللي بتقولوا عليه”.
تلك الإشاعات تعمل آمال ماهر نفسها على تذكيتها في الأساس، بصمتها لفترة طويلة قبل أن تعود وتنفيها.
دشّن تركي آل شيخ لآمال ماهر شركة إنتاج خاصة بها، وأنتج لها ألبوماً غنائياً بعنوان “أصل الإحساس”، تعاونت فيه مع نخبة من الشعراء والملحنين، أبرزهم تامر حسين وأيمن بهجت قمر ووليد سعد وخالد تاج الدين ومدين، وأقام لها حفلاً غنائياً كبيراً.
لكن، وبعد أول خلاف بينهما، هدّدها تركي آل شيخ عبر احتكاره أغنياتها، وحجبها حتى من موقع “يوتيوب”.
الانفصال والاختفاء
في عام 2021، انفصل الثنائي رسمياً، لكن الحرب بينهما لم تنته، إذ حذفت أغاني ماهر من المنصات، وأعلنت اعتزال الفن، قبل أن تعود مجدداً في بداية العام التالي في حفل بالعلمين الجديدة تحت رعاية شركة المتحدة التابعة للدولة المصرية. وقد حرص إعلام تركي آل شيخ كموقع “روتانا سينما” ومئات الحسابات المدفوعة على مواقع التواصل الاجتماعي، على الترويج لفشل الحفل، وهو ما لاقى تدعيماً من أنغام وعمرو دياب، وصل إلى حد التواطؤ معه في السخرية من المطربة المصرية.
كان تركي آل الشيخ في منتصف عام 2021 قد أعلن على نحو مفاجئ، تصفية جميع ممتلكاته في مصر وبيع العقارات التي يمتلكها ومغادرة مصر من دون أي تفاصيل إضافية، وكتب منشوراً على حسابه على تويتر قال فيه: “أنا طيب واللي يقدم الطيب معاي يأخذ عينيه. اللي بيتذاكى لازم أدفّعه فاتورة بُعد المسافة”.
بعد الحفل، الذي أكد أن الحرب مستمرة، لم تجد آمال ماهر، أو ربما أحد المقربين منها، مفراً إلا بإطلاق إشاعة تزعم أن ضابطاً سرب أخباراً عن احتجازها لدى جهة أمنية وتعرضها للتعذيب بناء على رغبة رئيس الهيئة العامة للترفيه السعودية تركي آل الشيخ، الذي كان يرتبط بعلاقة زواج بالمطربة، عقاباً لها على ابتعادها عنه ورفضها المضي في العلاقة.
انتشرت الإشاعة كالنار في الهشيم على مواقع التواصل، وأصبحت القضية الأكثر تداولاً، وأخذ ناشطون ومواطنون يتفاعلون مع وسم “#آمال_ماهر_فين” وعبروا عن غضبهم من إخفائها وطالبوا بظهورها. وما هي إلا ساعات قليلة حتى نشر الحساب الرسمي للفنانة صوراً لها على شاطئ البحر، مصحوبة بتعليق “وحشتوني”، لكن ذلك لم يطفئ النار، بل على العكس أثارت الصور شكوكاً بين الجماهير التي طالبت بظهور الفنانة بشخصها، لا سيما مع انتشار أقوال حول أنها لا تسيطر على حساباتها الرسمية على مواقع التواصل، وبالتالي يمكن أن يكون شخص ما هو من نشر الصور.
استمر الأمر على هذا النحو لأيام عدة، من دون أي تعليق من جانب الفنانة، حتى صدور بيان من نقابة الموسيقيين يقول إن النقيب هاني شاكر تواصل مع أسرة آمال ماهر، وأكدت له أنها بخير. لم يطفئ بيان نقابة الموسيقيين النيران التي أشعلتها إشاعة إخفاء الفنانة الشابة وتعذيبها، بل زادها اشتعالاً، إذ روّج البعض لفكرة أنه “لو فعلاً آمال ماهر بخير، فلماذا لا تخرج بنفسها لتطمئن جمهورها”، وانتشرت هذه النظرية بالفعل بين الجماهير كما أريد لها أن تنتشر، وظلت التساؤلات حول مصير آمال ماهر تتردد بقوة.
وأخيراً ولسبب غير معلوم، ظهرت آمال ماهر في فيديو حصري لموقع “اليوم السابع” الذي يتبع بشكل مباشر لشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المملوكة لجهاز المخابرات العامة، وقالت إنها بخير، لكنها كانت تعاني من أثر إصابتها بفيروس كورونا، وشكرت جمهورها لاهتمامه بها والسؤال عنها طوال هذه المدة، واعتذرت لأنها لم تقم بالرد قبل ذلك لأنها كانت مريضة.
هدأت قصة آمال ماهر بعد هذا الفيديو لبرهة، لكن هناك من أراد للقصة ألا تهدأ، إذ روج البعض أن “هيئة الفنانة آمال ماهر في الفيديو، تدل على أنها تعرضت للضرب والتعذيب”، كما روج البعض الآخر أن “الفيديو أُجريت عليه عمليات (مونتاج) وأنه مجتزأ من تسجيلات سابقة للفنانة”، ووصل الأمر إلى انتشار أقاويل عن “أن من ظهرت في الفيديو ليست آمال ماهر، بل (دوبليرة) بديلة عنها”.
تُرك الأمر عند هذا الحد، حتى أعلن المذيع رامي رضوان، المقرب من الأجهزة الأمنية، أن الفنانة آمال ماهر ستظهر معه خلال برنامجه “مساء DMC” الذي يقدمه على قناة DMC المملوكة أيضاً للمخابرات العامة. لكن الجميع فوجئ بأن ظهور آمال ماهر في البرنامج اقتصر على مداخلة هاتفية، أخذ خلالها رضوان يسخر من تعليقات الناشطين والمواطنين على إشاعة اختفاء الفنانة، وينتقد كثرة الحديث عن الموضوع بين الناس.
حملة الترويج للاختطاف
موجة التعاطف مع آمال ماهر والاقتناع بأنها مخطوفة، بدأت من خلال حسابات مدفوعة على الأرجح، أو من خلال التلاعب بشكل ظهورها والتوقيت الطويل بين انتشار الإشاعة ونفيها، وتعمّدها الظهور بشكل مرهق، في جولات كر وفر تُحسب لها بكل تأكيد في تعاملها مع رجل يملك نفوذاً قوياً، ولا حل في مواجهته بمفردها إلا عبر الحيلة.
لكن تصريحاتها الأخيرة مع عمرو أديب، واستخدامها الجماهير مراراً في الحشد ضد تركي آل شيخ، ثم تبرئته، ما أن تحصل على ما تريد، ذلك كله يؤكد أن المسألة ليست قصة أميرة تواجه وحشاً، بل إن شيئاً من الانتهازية يسمّ سلوك الأميرة، واستخدامها ورقة الجماهير في معركتها مع تركي آل شيخ لا يهدف بالضرورة الى التخلص من أسره، بل الاستفادة منه مادياً وفنياً حتى آخر رمق.
بعد تنازل قامات فنية كعمرو دياب وعشرات الفنانين المصريين، طمعاً بـ”حقيبة الأموال” التي تمشي على قدمين، يتبين أن آمال ماهر ليست إلا واحدة من هؤلاء، لكن الفارق بينها وبينهم أنها تملك أوراقاً أخرى غير التوسل المباشر في مواجهته. لكن، هل يمكن استخدام الجماهير مجدداً في تلك الدراما الرخيصة؟.
إقرأوا أيضاً: