على رغم عدم رغبته في ذلك، قدّم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل درساً في كيفية استخلاص العِبَر من أكثر الآراء شُحاً بالحكمة، وافتقاراً الى الحصافة، وأشدّها طائفية وعنصرية.
وبرشق من التغريدات والتصريحات، أعلن باسيل أنه سيتقدم بمشروع قانون يتيح للبنانيات المتزوجات من أجانب منح جنسيتهن لأبنائهن، شرط ألا يكون الآباء من دول الجوار (أي ليسوا من الفلسطينيين والسوريين)، واستطرد أن هناك “مستحقين” من هاتين الجنسيتين سيحصلون على الهوية اللبنانية. لا يحتاج المرء الى ذكاء خارق ليدرك أن “المستحقين” المذكورين يجب أن ينتموا إلى طوائف لا تهددّ التوازن الديموغرافي اللبناني.
يظن جبران أنه باقتراحه هذا يصيب عصفورين قبل الانتخابات النيابية المقررة في السادس من أيار (مايو) المقبل، وهو استحقاق عزيز على قلبه بعد فشله في انتخابات 2005 و2009، كون المقعد النيابي يشكل ممراً ضرورياً للوصول الى قصر الرئاسة في بعبدا. العصفور الأول هو تعزيز وضعه بين الناخبات المتزوجات من غير لبنانيين والمحرومات من منح جنسيتهن إلى أولادهن. العصفور الثاني هو تنبيه المسيحيين إلى أنه لن يسمح بالمزيد من الاختلال في الخريطة السكانية اللبنانية، عبر تضمينه الاقتراح حظراً ًعلى الأمهات المتزوجات “من دول الجوار”.
غني عن البيان أن باسيل يعرف إمكان اسقاط اقتراحه في المجلس النيابي المقبل بسبب سمته العنصرية شديدة الوضوح، وتمييزه بين اللبنانيات بحسب جنسية أزاوجهن. وهو ما يمثل انتهاكاً لمبدأ المساواة الدستوري. لكن لا نظن أن هذا مما يأبه له المرشح الدائم الى مجلس النواب. هدفه شيء آخر. الأرجح أنه يعتقد أن الصخب الإعلامي الذي ستثيره تصريحاته العنصرية، أعلى في الأهمية، من القدرة الواقعية على نقل هذه الاقتراحات الى حيز التنفيذ القانوني. المسيحيون وفق هذا التفسير سينظرون عالياً الى من يحميهم من مدّ المسلمين الكاسح.
وفي حال فشل المشروع في المجلس النيابي أو أمام المجلس الدستوري، سيستثمر باسيل الفشل بحملة إعلامية إضافية ضدّ الأعداء المتخلفين، غير الحضاريين، الذين لا يريدون أن يمنحوا للمرأة حقها الطبيعي في نقل جنسيتها إلى أبنائها.
إنه ربح صاف على جميع الجبهات.
لكننا نستطيع أن نقرأ في تصريحات وتغريدات وزير الخارجية وصهر رئيس الجمهورية وخليفته المقبل (إذا ظلت الاوضاع في لبنان على سوادها)، جانبا آخر لعل الرجل لم ينتبه إليه، وهو أنه يعيد تذكيرنا بحجم الكذبة التي يفترض بنا أن نصدقها عن لبنان، الذي ولد بعد وصول ميشال عون الى سدة الرئاسة. فتصريحات باسيل لا تختلف كثيرا عن الهواجس التي عبر عنها السياسيون الموارنة، أمام ممثلي الانتداب الفرنسي منذ حوالى المئة سنة. المنطق ذاته في اللعب على الخوف من الفناء في الآخر والتحريض على وضع العدد كقيمة عليا وحيدة في السياسة اللبنانية. ادعاءات المواطنة والكفاءة وصعود السلّم الاجتماعي عن طريق التعليم، يمكن أن ننساها بلمح البصر عند الاستماع الى باسيل المشدد على الهوية الطائفية والعدد. أي ذات أدوات التفكير التي حاول مؤسسو لبنان الكبير التمويه عليها بمزاعم حضارية وتاريخية.
لا تعايش ولا تساكن ولا سلماً أهلياً، نحن أبناء قبائل طائفية تحفظ نفسها بالتناسل وبالاستيلاء على السلطة بالقوة الذاتية أو بسطوة الحلفاء المسلحين.
سكب مقولات عنصرية بهذه الفجاجة في قالب تعزيز حقوق النساء لا يمرّ على عاقل. ذلك أن أكثرية الزيجات بين لبنانيات وغير لبنانيين تشمل فلسطينيين وسوريين. اللهم إلا إذا كان لدى باسيل أرقام مختلفة تظهر أن اللبنانيات يتزوجن في ايسلندا أكثر من سوريا. عندها تكون ايسنلدا قد تنفست الصعداء. [video_player link=””][/video_player]

تصريحات جبران باسيل: عندما تنفست آيسلندا الصعداء
على رغم عدم رغبته في ذلك، قدّم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل درساً في كيفية استخلاص العِبَر من أكثر الآراء شُحاً بالحكمة، وافتقاراً الى الحصافة، وأشدّها طائفية وعنصرية. وبرشق من التغريدات والتصريحات، أعلن باسيل أنه سيتقدم بمشروع قانون يتيح للبنانيات المتزوجات من أجانب منح جنسيتهن لأبنائهن، شرط ألا يكون الآباء من دول الجوار (أي ليسوا من الفلسطينيين والسوريين)، واستطرد أن هناك “مستحقين” من هاتين الجنسيتين سيحصلون على الهوية اللبنانية. لا يحتاج المرء الى ذكاء خارق ليدرك أن “المستحقين” المذكورين يجب أن ينتموا إلى طوائف لا تهددّ التوازن الديموغرافي اللبناني.

الأطفال في البيت الأبيض: “أبوّة” دونالد ترامب السامّة

كيف حوّل إيلون ماسك التكنولوجيا إلى سلاح سياسي؟

ما بعد المذبحة: الساحل السوري والعدالة الغائبة والمستقبل المعلّق!
على رغم عدم رغبته في ذلك، قدّم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل درساً في كيفية استخلاص العِبَر من أكثر الآراء شُحاً بالحكمة، وافتقاراً الى الحصافة، وأشدّها طائفية وعنصرية. وبرشق من التغريدات والتصريحات، أعلن باسيل أنه سيتقدم بمشروع قانون يتيح للبنانيات المتزوجات من أجانب منح جنسيتهن لأبنائهن، شرط ألا يكون الآباء من دول الجوار (أي ليسوا من الفلسطينيين والسوريين)، واستطرد أن هناك “مستحقين” من هاتين الجنسيتين سيحصلون على الهوية اللبنانية. لا يحتاج المرء الى ذكاء خارق ليدرك أن “المستحقين” المذكورين يجب أن ينتموا إلى طوائف لا تهددّ التوازن الديموغرافي اللبناني.
على رغم عدم رغبته في ذلك، قدّم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل درساً في كيفية استخلاص العِبَر من أكثر الآراء شُحاً بالحكمة، وافتقاراً الى الحصافة، وأشدّها طائفية وعنصرية.
وبرشق من التغريدات والتصريحات، أعلن باسيل أنه سيتقدم بمشروع قانون يتيح للبنانيات المتزوجات من أجانب منح جنسيتهن لأبنائهن، شرط ألا يكون الآباء من دول الجوار (أي ليسوا من الفلسطينيين والسوريين)، واستطرد أن هناك “مستحقين” من هاتين الجنسيتين سيحصلون على الهوية اللبنانية. لا يحتاج المرء الى ذكاء خارق ليدرك أن “المستحقين” المذكورين يجب أن ينتموا إلى طوائف لا تهددّ التوازن الديموغرافي اللبناني.
يظن جبران أنه باقتراحه هذا يصيب عصفورين قبل الانتخابات النيابية المقررة في السادس من أيار (مايو) المقبل، وهو استحقاق عزيز على قلبه بعد فشله في انتخابات 2005 و2009، كون المقعد النيابي يشكل ممراً ضرورياً للوصول الى قصر الرئاسة في بعبدا. العصفور الأول هو تعزيز وضعه بين الناخبات المتزوجات من غير لبنانيين والمحرومات من منح جنسيتهن إلى أولادهن. العصفور الثاني هو تنبيه المسيحيين إلى أنه لن يسمح بالمزيد من الاختلال في الخريطة السكانية اللبنانية، عبر تضمينه الاقتراح حظراً ًعلى الأمهات المتزوجات “من دول الجوار”.
غني عن البيان أن باسيل يعرف إمكان اسقاط اقتراحه في المجلس النيابي المقبل بسبب سمته العنصرية شديدة الوضوح، وتمييزه بين اللبنانيات بحسب جنسية أزاوجهن. وهو ما يمثل انتهاكاً لمبدأ المساواة الدستوري. لكن لا نظن أن هذا مما يأبه له المرشح الدائم الى مجلس النواب. هدفه شيء آخر. الأرجح أنه يعتقد أن الصخب الإعلامي الذي ستثيره تصريحاته العنصرية، أعلى في الأهمية، من القدرة الواقعية على نقل هذه الاقتراحات الى حيز التنفيذ القانوني. المسيحيون وفق هذا التفسير سينظرون عالياً الى من يحميهم من مدّ المسلمين الكاسح.
وفي حال فشل المشروع في المجلس النيابي أو أمام المجلس الدستوري، سيستثمر باسيل الفشل بحملة إعلامية إضافية ضدّ الأعداء المتخلفين، غير الحضاريين، الذين لا يريدون أن يمنحوا للمرأة حقها الطبيعي في نقل جنسيتها إلى أبنائها.
إنه ربح صاف على جميع الجبهات.
لكننا نستطيع أن نقرأ في تصريحات وتغريدات وزير الخارجية وصهر رئيس الجمهورية وخليفته المقبل (إذا ظلت الاوضاع في لبنان على سوادها)، جانبا آخر لعل الرجل لم ينتبه إليه، وهو أنه يعيد تذكيرنا بحجم الكذبة التي يفترض بنا أن نصدقها عن لبنان، الذي ولد بعد وصول ميشال عون الى سدة الرئاسة. فتصريحات باسيل لا تختلف كثيرا عن الهواجس التي عبر عنها السياسيون الموارنة، أمام ممثلي الانتداب الفرنسي منذ حوالى المئة سنة. المنطق ذاته في اللعب على الخوف من الفناء في الآخر والتحريض على وضع العدد كقيمة عليا وحيدة في السياسة اللبنانية. ادعاءات المواطنة والكفاءة وصعود السلّم الاجتماعي عن طريق التعليم، يمكن أن ننساها بلمح البصر عند الاستماع الى باسيل المشدد على الهوية الطائفية والعدد. أي ذات أدوات التفكير التي حاول مؤسسو لبنان الكبير التمويه عليها بمزاعم حضارية وتاريخية.
لا تعايش ولا تساكن ولا سلماً أهلياً، نحن أبناء قبائل طائفية تحفظ نفسها بالتناسل وبالاستيلاء على السلطة بالقوة الذاتية أو بسطوة الحلفاء المسلحين.
سكب مقولات عنصرية بهذه الفجاجة في قالب تعزيز حقوق النساء لا يمرّ على عاقل. ذلك أن أكثرية الزيجات بين لبنانيات وغير لبنانيين تشمل فلسطينيين وسوريين. اللهم إلا إذا كان لدى باسيل أرقام مختلفة تظهر أن اللبنانيات يتزوجن في ايسلندا أكثر من سوريا. عندها تكون ايسنلدا قد تنفست الصعداء. [video_player link=””][/video_player]
آخر القصص

نداء بيروت: مغامرة جديدة بالسلاح تهدّد الاستقرار الهشّ في لبنان

شهادات ناجين وناجيات من مجزرة الساحل (٢)… عن ميلا التي قتلوها فلم تمت وميرا التي لم يقتلوها فماتت!

الأطفال في البيت الأبيض: “أبوّة” دونالد ترامب السامّة

ما بعد المذبحة: الساحل السوري والعدالة الغائبة والمستقبل المعلّق!
