عبّر عدد من أعضاء مجلس النواب التونسي، وعدد من الناشطين والحقوقيين، عن رفضهم لتصريحات رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس، التي قال فيها إن “النساء في تونس تعانين من فرض ارتداء الحجاب عليهن، كما عليه الحال في إيران.” وقد قام عدد من نواب البرلمان، بتوقيع عريضة احتجاجية، طالبوا فيها فالس بتصحيح المعلومة التي وصفوها ب”المسيئة للمرأة التونسية” وبالاعتذار.
هذا الاحتجاج، أعاد مسألة ارتداء الحجاب في تونس إلى طاولة النقاش، حيث تعدّدت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وتراوحت بين مؤكّد لما جاء على لسان الوزير الفرنسي السابق ورافض لها. غير أن تبريرات الطرفين لم تخل من حجج، أثبتت في مجملها أن مسألة الحجاب لازالت “شأناً عاماً”، ولم تنجح الثورة التونسية، في تحويلها إلى شأن “فردي”، خصوصاً وأن ارتداء الحجاب في تونس، تحول منذ حكم بورقيبة إلى “شأن سياسي”. فمنذ سنة 1981 أصدر الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة ما يعرف بالمنشور 108، الذي يمنع ارتداء الحجاب في الاماكن الرسمية. وقد واصل نظام بن علي العمل بهذا المنشور، وطوّره عبر ممارسات قمعية، مورست ضد المحجبات، وعبر إطلاق وصف “اللباس الطائفي”، على الحجاب. غير أنه مباشرةً، وإثر انتهاء نظام بن علي إبان ثورة عام 2011، انتهى العمل بهذا المنشور نهائياً، وعاد هذا اللباس “الديني” بقوة إلى الشارع التونسي، مثيراً من جديد موجةً من الانتقادات والتعليقات.
وحول تاريخيّة مسألة الحجاب في تونس، انطلق الكاتب والصحفي التونسي محمد الناصر مولهي، في حديث مع “درج”، من كلام الكاتبة المصرية النسوية فريدة النّقّاش، في كتابها “حدائق النساء نقد الأصولية”. يقول مولهي، “إن ارتداء الحجاب يتجاوز كونه زياً بين الأزياء، ليتحول إلى رمز سياسي متحرك لما تعتبره المؤلفة قوى الإسلام السياسي، والتي تستخدم مظهر وأجساد النساء المحجبات كشعارات متحركة، تدعو لمشروع القوى الدينية”. ويضيف الكاتب ، “من المفارقة أن يعود الحجاب، من بعد جهود الحبيب بورقيبة المبذولة لإلغائه”. وهنا، نستذكّر حادثة قيام بورقيبة بنزع اللحاف عن رأس امرأة أثناء جولة شعبية له، داعياً إلى تحرّر المرأة من كل أشكال التمييز التي تسعى للحط من شأنها. وفعلا كانت المرأة التونسية شريكة في بناء الدولة الحديثة.
ويضيف المولهي “استُعمل الحجاب في تونس خاصةً أواخر الثمانينات، كوسيلة تعبير عن ثقافة سياسية وأيديولوجية، تبناها الإتجاه الإسلامي التابع لمنظمة الإخوان المسلمين، ما دعا النظام إثر انقلاب السابع من نوفمبر إلى محاربة الحجاب بشراسة، لمنعه كشكل من أشكال التعبير الأيديولوجي، لكن محاربة مفهوم الحجاب أدت إلى ردة فعل عكسية، حيث لم يكن الحجاب فقط تعبيرا أيديولوجيا، بل هو أيضا تمثل نفسي وفكري لنساء وفتيات عانين من التمييز الاقتصادي، حيث أجر المرأة أقل من الرجل، والكبت الاجتماعي الذي تقوده ذكورية وأبوية متسلطة، ما حدا بكثيرات منهن إلى الاستكانة والارتداد والرضوخ إلى قمع المجتمع الأبوي والعادات، واعتبار أنهن كائنات ضعيفة عليها الانصياع إلى البُنى الاجتماعية والدينية المفروضة، ولو عن غير وعي، فبعضهن يتوهمن أن اختيارهن حرّ، فيما هو ليس اختيارا بقدر ما هو إجبار إما مباشر أو مقنّع”.
وحول تغيّر الأوضاع الاجتماعية والسياسية بعد الثورة وعلاقتها بمسألة الحجاب، يشرح المولهي قائلا “بعد ثورة 2011، وانفتاح المجتمع التونسي على جو من الحريات، عادت موجة الحجاب من جديد، وكأنه ركلة انتقام على وجه جثة النظام المخلوع، وشجع على ذلك عودة الإسلام السياسي الممثل في حركة النهضة إلى تونس، مدعوما بالمال والعتاد الإعلامي وتمكنه من بلوغ السلطة، ليحاول بشتى السبل فرض منظومته الاجتماعية القديمة نفسها، وكان أول باب له في ذلك المرأة، التي تمثل شريحة انتخابية كبيرة وعنصر تأثير عميق في المجتمع، لذا حاولت حركة النهضة الوقوف في المنتصف، وضمت لها حتى نساء غير متحجبات في رسالة واضحة على أن الحجاب لم يعد لسانها الأيديولوجي على رؤوس النساء، فيما الخفي عكس ما تظهره تماما. عاد الحجاب بقوة ليغزو الشارع والمؤسسات التعليمية والإدارات وغيرها، محافظاً على وظائفه القديمة الأيديولوجية، أو الثقافية التي ترتد بوضع المرأة، إلى بيئة الاستكانة والانصياع للعقل الذكوري الذي يرى المرأة عورة، علاوة على إشكالية الهوية التي يعاني منها الفرد المسلم اليوم، والتي قادت الكثير من الشباب إلى ما يسمونه جهاداً، وقادت الكثير من النساء إلى التحجب. وقد ظهر أيضا “الحجاب كموضة”، وهذا يعود إلى تأثير الفضائيات الخليجية، علاوة على الانفتاح على أسواق جديدة أهمها تركيا، واستقطاب أشكال جديدة من الحجاب الذي ترتديه بعض النساء، فقط من أجل التباهي وخلق صورة وهمية تعكس تديّنا شكلياً، يجدُ لدى أصحاب النفوس البسيطة استحساناً وإعجابا”.
وحول تشبيه رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس النساء التونسيات بالإيرانيات، فيما يتعلق بارتداء الحجاب، علقت الصحفية السياسية أحلام العبدلي في تصريح ل”درج” بالقول، “إنّ مانويل فالس، استعمل مقارنة غير واقعية في مسألة الحجاب، و تشبيه الإيرانيات بالتونسيات، متناسياً الشوط الذي قطعته تونس في تطوير حرية المرأة، و مكاسبها التشريعية والمجتمعية، في جمهورية مدنية سبقت فيها مجلة الأحوال الشخصية كتابة الدستو،ر في الفترة التي تلت الاستقلال. أمّا في إيران، فإن الحجاب يفرضه القانون، وتُعاقب كلّ من لا تضعه، مما دفع النساء الإيرانيات للقيام بمحاولات التخلّص من هكذا قيود و التمرّد على النمط الذي فرضه النظام الإيراني الديني بصفة متكرّرة.”
وتضيف العبدلي، “بالنسبة إلى تونس، و رغم الوضع المتقدم للمرأة فيها، خاصة على الصعيد العربي، إلاّ أنّ المجتمع شهد في السنوات الأخيرة، خاصّة تلك التي تلت سقوط نظام بن علي، زحفاً للفكر المحافظ، الذي مال في بعض الجهات إلى التشدد، وظهر نوع من الردة المجتمعية رافقها انتشار ملحوظ لارتداء النقاب،أو الحجاب، أو ما يسمى باللباس الشرعي. كما يمكن الحديث كذلك على ظاهرة إجبار الصغيرات على ارتداء الحجاب، من قبل عائلاتهنّ، في انتهاك لحقوق الطفل، وتعمّد بعض العائلات إجبار بناتهنّ، على وضع غطاء للرّأس، خاصة في المناطق الداخليّة، والأرياف أو إكراه غير مباشر، من خلال ضغط المحيط المحافظ مما يدفع بالفتاة إلى التماهي مع محيطها توقّيا من نظرة المجتمع. وقد عبّرت شريحة هامة من التونسيين إبان الثورة عن رفضها للنقاب بحجة إمكانية اعتماده لتنفيذ عمليات إرهابية فردية، إلا أن الحكومات المختلفة التي شاركت حركة النهضة في إدارتها، رفضت تقنين منع النقاب، رغم منعه في بعض المؤسسات التعليمية والجامعية. والقوانين هنا واضحة فهي لا تمنع الحجاب ولا تفرضه، إلا أن بعض العائلات تفرضه على بناتها، منذ سن الرابعة. وتصريح فالس هنا لا يتعارض فعلياً مع واقع شريحة هامة من نساء تونس، فرغم اختلاف طريقة “الإجبار” بين تونس وإيران، إلا إن النتيجة واحدة، وهي فرض لباس ديني على فئة بسبب جنسها.”
من جهته أكّد الصحفي السياسي أسامة السعفي في تصريح “لدرج”، أن “تصريح فالس غريب ومجانب للحقيقة، فالقانون التونسي المدعم بالدستور الجديد يضمن حرية المرأة ويحمي حقوقها. وهذا التصريح يعكس فقط جهل صاحبه بالواقع التونسي، واستناده إلى تصريحات بعض الحقوقيين التونسيين، الذين يقومون من خلال تدخّلاتهم عبر وسائل الإعلام الأجنبية ببعض المغالطات، التي تهدف إلى شيطنة الأحزاب الدينية في تونس وإبرازها كعنصر مهدد لمكتسبات المرأة التونسية، وغاياتهم من هذا سياسية بالأساس.” وأضاف السعفي، “بعيدا عن المغالاة في الوصف والمقارنات غير الواقعية، فإنّ حرية المرأة التونسية، لازالت مهددة في بعض المناطق الداخلية، وفي الأرياف، حيث يفرض عليهن ارتداء اللباس الديني منذ سن الطفولة، استناداً إلى معتقدات دينية تدخل ربما في خانة الأمر الشخصي، وهو أمر من المهم أن تتعامل معه المرأة، بصفة فردية خلال مرحلة النضوج، بحيث يتحول الحجاب إلى خيار بإمكانها إلغاؤه. ولا يمكن للقوانين بأي حال من الأحوال، أن تتدخّل في اختيارات المواطنين فيما يتعلق بلباسهم أو لباس ذويهم، خصوصاً وأن القانون التونسي لا يمنع الحجاب، ويمنح الجميع حرية المعتقد.”[video_player link=””][/video_player]
تونس تتحجب رغم قوانينها العلمانية
عبّر عدد من أعضاء مجلس النواب التونسي، وعدد من الناشطين والحقوقيين، عن رفضهم لتصريحات رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس، التي قال فيها إن “النساء في تونس تعانين من فرض ارتداء الحجاب عليهن، كما عليه الحال في إيران.” وقد قام عدد من نواب البرلمان، بتوقيع عريضة احتجاجية، طالبوا فيها فالس بتصحيح المعلومة التي وصفوها ب”المسيئة للمرأة التونسية” وبالاعتذار.
أعضاء البرلمان السويدي يدعون الاتحاد الأوروبي إلى تشديد العقوبات على سوريا بعد تحقيق OCCRP وسراج
إسرائيل: قوّة غاشمة فمن يوقفها؟
ضغط عسكري على الشمال ومجازر في جنوبه… عدوان “إسرائيل” في غزة لا يتوقّف
عبّر عدد من أعضاء مجلس النواب التونسي، وعدد من الناشطين والحقوقيين، عن رفضهم لتصريحات رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس، التي قال فيها إن “النساء في تونس تعانين من فرض ارتداء الحجاب عليهن، كما عليه الحال في إيران.” وقد قام عدد من نواب البرلمان، بتوقيع عريضة احتجاجية، طالبوا فيها فالس بتصحيح المعلومة التي وصفوها ب”المسيئة للمرأة التونسية” وبالاعتذار.
عبّر عدد من أعضاء مجلس النواب التونسي، وعدد من الناشطين والحقوقيين، عن رفضهم لتصريحات رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس، التي قال فيها إن “النساء في تونس تعانين من فرض ارتداء الحجاب عليهن، كما عليه الحال في إيران.” وقد قام عدد من نواب البرلمان، بتوقيع عريضة احتجاجية، طالبوا فيها فالس بتصحيح المعلومة التي وصفوها ب”المسيئة للمرأة التونسية” وبالاعتذار.
هذا الاحتجاج، أعاد مسألة ارتداء الحجاب في تونس إلى طاولة النقاش، حيث تعدّدت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وتراوحت بين مؤكّد لما جاء على لسان الوزير الفرنسي السابق ورافض لها. غير أن تبريرات الطرفين لم تخل من حجج، أثبتت في مجملها أن مسألة الحجاب لازالت “شأناً عاماً”، ولم تنجح الثورة التونسية، في تحويلها إلى شأن “فردي”، خصوصاً وأن ارتداء الحجاب في تونس، تحول منذ حكم بورقيبة إلى “شأن سياسي”. فمنذ سنة 1981 أصدر الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة ما يعرف بالمنشور 108، الذي يمنع ارتداء الحجاب في الاماكن الرسمية. وقد واصل نظام بن علي العمل بهذا المنشور، وطوّره عبر ممارسات قمعية، مورست ضد المحجبات، وعبر إطلاق وصف “اللباس الطائفي”، على الحجاب. غير أنه مباشرةً، وإثر انتهاء نظام بن علي إبان ثورة عام 2011، انتهى العمل بهذا المنشور نهائياً، وعاد هذا اللباس “الديني” بقوة إلى الشارع التونسي، مثيراً من جديد موجةً من الانتقادات والتعليقات.
وحول تاريخيّة مسألة الحجاب في تونس، انطلق الكاتب والصحفي التونسي محمد الناصر مولهي، في حديث مع “درج”، من كلام الكاتبة المصرية النسوية فريدة النّقّاش، في كتابها “حدائق النساء نقد الأصولية”. يقول مولهي، “إن ارتداء الحجاب يتجاوز كونه زياً بين الأزياء، ليتحول إلى رمز سياسي متحرك لما تعتبره المؤلفة قوى الإسلام السياسي، والتي تستخدم مظهر وأجساد النساء المحجبات كشعارات متحركة، تدعو لمشروع القوى الدينية”. ويضيف الكاتب ، “من المفارقة أن يعود الحجاب، من بعد جهود الحبيب بورقيبة المبذولة لإلغائه”. وهنا، نستذكّر حادثة قيام بورقيبة بنزع اللحاف عن رأس امرأة أثناء جولة شعبية له، داعياً إلى تحرّر المرأة من كل أشكال التمييز التي تسعى للحط من شأنها. وفعلا كانت المرأة التونسية شريكة في بناء الدولة الحديثة.
ويضيف المولهي “استُعمل الحجاب في تونس خاصةً أواخر الثمانينات، كوسيلة تعبير عن ثقافة سياسية وأيديولوجية، تبناها الإتجاه الإسلامي التابع لمنظمة الإخوان المسلمين، ما دعا النظام إثر انقلاب السابع من نوفمبر إلى محاربة الحجاب بشراسة، لمنعه كشكل من أشكال التعبير الأيديولوجي، لكن محاربة مفهوم الحجاب أدت إلى ردة فعل عكسية، حيث لم يكن الحجاب فقط تعبيرا أيديولوجيا، بل هو أيضا تمثل نفسي وفكري لنساء وفتيات عانين من التمييز الاقتصادي، حيث أجر المرأة أقل من الرجل، والكبت الاجتماعي الذي تقوده ذكورية وأبوية متسلطة، ما حدا بكثيرات منهن إلى الاستكانة والارتداد والرضوخ إلى قمع المجتمع الأبوي والعادات، واعتبار أنهن كائنات ضعيفة عليها الانصياع إلى البُنى الاجتماعية والدينية المفروضة، ولو عن غير وعي، فبعضهن يتوهمن أن اختيارهن حرّ، فيما هو ليس اختيارا بقدر ما هو إجبار إما مباشر أو مقنّع”.
وحول تغيّر الأوضاع الاجتماعية والسياسية بعد الثورة وعلاقتها بمسألة الحجاب، يشرح المولهي قائلا “بعد ثورة 2011، وانفتاح المجتمع التونسي على جو من الحريات، عادت موجة الحجاب من جديد، وكأنه ركلة انتقام على وجه جثة النظام المخلوع، وشجع على ذلك عودة الإسلام السياسي الممثل في حركة النهضة إلى تونس، مدعوما بالمال والعتاد الإعلامي وتمكنه من بلوغ السلطة، ليحاول بشتى السبل فرض منظومته الاجتماعية القديمة نفسها، وكان أول باب له في ذلك المرأة، التي تمثل شريحة انتخابية كبيرة وعنصر تأثير عميق في المجتمع، لذا حاولت حركة النهضة الوقوف في المنتصف، وضمت لها حتى نساء غير متحجبات في رسالة واضحة على أن الحجاب لم يعد لسانها الأيديولوجي على رؤوس النساء، فيما الخفي عكس ما تظهره تماما. عاد الحجاب بقوة ليغزو الشارع والمؤسسات التعليمية والإدارات وغيرها، محافظاً على وظائفه القديمة الأيديولوجية، أو الثقافية التي ترتد بوضع المرأة، إلى بيئة الاستكانة والانصياع للعقل الذكوري الذي يرى المرأة عورة، علاوة على إشكالية الهوية التي يعاني منها الفرد المسلم اليوم، والتي قادت الكثير من الشباب إلى ما يسمونه جهاداً، وقادت الكثير من النساء إلى التحجب. وقد ظهر أيضا “الحجاب كموضة”، وهذا يعود إلى تأثير الفضائيات الخليجية، علاوة على الانفتاح على أسواق جديدة أهمها تركيا، واستقطاب أشكال جديدة من الحجاب الذي ترتديه بعض النساء، فقط من أجل التباهي وخلق صورة وهمية تعكس تديّنا شكلياً، يجدُ لدى أصحاب النفوس البسيطة استحساناً وإعجابا”.
وحول تشبيه رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس النساء التونسيات بالإيرانيات، فيما يتعلق بارتداء الحجاب، علقت الصحفية السياسية أحلام العبدلي في تصريح ل”درج” بالقول، “إنّ مانويل فالس، استعمل مقارنة غير واقعية في مسألة الحجاب، و تشبيه الإيرانيات بالتونسيات، متناسياً الشوط الذي قطعته تونس في تطوير حرية المرأة، و مكاسبها التشريعية والمجتمعية، في جمهورية مدنية سبقت فيها مجلة الأحوال الشخصية كتابة الدستو،ر في الفترة التي تلت الاستقلال. أمّا في إيران، فإن الحجاب يفرضه القانون، وتُعاقب كلّ من لا تضعه، مما دفع النساء الإيرانيات للقيام بمحاولات التخلّص من هكذا قيود و التمرّد على النمط الذي فرضه النظام الإيراني الديني بصفة متكرّرة.”
وتضيف العبدلي، “بالنسبة إلى تونس، و رغم الوضع المتقدم للمرأة فيها، خاصة على الصعيد العربي، إلاّ أنّ المجتمع شهد في السنوات الأخيرة، خاصّة تلك التي تلت سقوط نظام بن علي، زحفاً للفكر المحافظ، الذي مال في بعض الجهات إلى التشدد، وظهر نوع من الردة المجتمعية رافقها انتشار ملحوظ لارتداء النقاب،أو الحجاب، أو ما يسمى باللباس الشرعي. كما يمكن الحديث كذلك على ظاهرة إجبار الصغيرات على ارتداء الحجاب، من قبل عائلاتهنّ، في انتهاك لحقوق الطفل، وتعمّد بعض العائلات إجبار بناتهنّ، على وضع غطاء للرّأس، خاصة في المناطق الداخليّة، والأرياف أو إكراه غير مباشر، من خلال ضغط المحيط المحافظ مما يدفع بالفتاة إلى التماهي مع محيطها توقّيا من نظرة المجتمع. وقد عبّرت شريحة هامة من التونسيين إبان الثورة عن رفضها للنقاب بحجة إمكانية اعتماده لتنفيذ عمليات إرهابية فردية، إلا أن الحكومات المختلفة التي شاركت حركة النهضة في إدارتها، رفضت تقنين منع النقاب، رغم منعه في بعض المؤسسات التعليمية والجامعية. والقوانين هنا واضحة فهي لا تمنع الحجاب ولا تفرضه، إلا أن بعض العائلات تفرضه على بناتها، منذ سن الرابعة. وتصريح فالس هنا لا يتعارض فعلياً مع واقع شريحة هامة من نساء تونس، فرغم اختلاف طريقة “الإجبار” بين تونس وإيران، إلا إن النتيجة واحدة، وهي فرض لباس ديني على فئة بسبب جنسها.”
من جهته أكّد الصحفي السياسي أسامة السعفي في تصريح “لدرج”، أن “تصريح فالس غريب ومجانب للحقيقة، فالقانون التونسي المدعم بالدستور الجديد يضمن حرية المرأة ويحمي حقوقها. وهذا التصريح يعكس فقط جهل صاحبه بالواقع التونسي، واستناده إلى تصريحات بعض الحقوقيين التونسيين، الذين يقومون من خلال تدخّلاتهم عبر وسائل الإعلام الأجنبية ببعض المغالطات، التي تهدف إلى شيطنة الأحزاب الدينية في تونس وإبرازها كعنصر مهدد لمكتسبات المرأة التونسية، وغاياتهم من هذا سياسية بالأساس.” وأضاف السعفي، “بعيدا عن المغالاة في الوصف والمقارنات غير الواقعية، فإنّ حرية المرأة التونسية، لازالت مهددة في بعض المناطق الداخلية، وفي الأرياف، حيث يفرض عليهن ارتداء اللباس الديني منذ سن الطفولة، استناداً إلى معتقدات دينية تدخل ربما في خانة الأمر الشخصي، وهو أمر من المهم أن تتعامل معه المرأة، بصفة فردية خلال مرحلة النضوج، بحيث يتحول الحجاب إلى خيار بإمكانها إلغاؤه. ولا يمكن للقوانين بأي حال من الأحوال، أن تتدخّل في اختيارات المواطنين فيما يتعلق بلباسهم أو لباس ذويهم، خصوصاً وأن القانون التونسي لا يمنع الحجاب، ويمنح الجميع حرية المعتقد.”[video_player link=””][/video_player]