fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“جنون عظمة” ترامب يستعيده إيلون ماسك في “تويتر”: “حصرية السخرية لي وحدي!”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كأن ماسك يحاول أن يحوّل “تويتر” إلى ساحة استعراض وفرض للقوّة، كما الأسلوب الذي كان يعتمده ترامب مع مناصريه في أثناء الانتخابات السابقة. الشعار الانتخابي لترامب “اجعل أميركا عظيمة مجدّداً”، يحاول ماسك تجسيده في شعار “تويتر سيّئ لكنّه الأفضل”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لا يعرف ما الذي يفعله وهو “يثير قلق الجميع”، يقول بروس دايزلي نائب رئيس “تويتر” السابق لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا من 2015 إلى 2020، عن إيلون ماسك. 

بحسب دايزلي فإنه يشعر بالصدمة بسبب التغييرات “غير الديمقراطية في تويتر”، وسيترك المنصة “بلا تردد” إذا كان هناك بديل جيد.

“من الواضح جدًا من كل إجراء عام اتخذه مع هذا الاستحواذ بأكمله: إنه لا يعرف ما الذي يفعله”، يقول دايزلي في مقابلة مع بودكاست The News Agents.

كما انتقد دايزلي الذي كان أكبر مسؤول تنفيذي في “تويتر”- لندن خطة ماسك لفرض 8 دولارات شهريًا على المستخدمين مقابل رمز التحقق من “العلامة الزرقاء”. وقال لصحيفة الأوبزرفر إن ماسك يتاجر بـ “شرعية المصادر التي تم التحقق منها” مقابل “مصروف الجيب”. وقال: “حقيقة أننا لا نملك حق الرجوع عن ذلك أمر غير ديمقراطي”.

تأتي هذه الانتقادات الشديدة بعد أن نفذ ماسك مجموعة من التغييرات على تويتر أثارت مخاوف بشأن مقاربته للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية.

“لا يعرف ما الذي يفعله وهو “يثير قلق الجميع”، يقول بروس دايزلي نائب رئيس “تويتر” السابق لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا من 2015 إلى 2020، عن إيلون ماسك. 

ما ضاعف القلق من استحواذ ماسك على تويتر هو عمليات التسريح الجماعية للموظفين والتي كان من بينها موظفون معنيون بشؤون حقوق الإنسان والحقوق عموماً في المنصة. 

خطط ماسك السريعة بعد استحواذه على تويتر شهدت تسريح حوالي 50 ٪ من موظفي Twitter ، قائلاً إنه “ليس لديه خيار” لأن الشركة تنفق أكثر من 4 ملايين دولار في اليوم. وبحسب ما ورد شملت عمليات التسريح موظفون يغطون مجالات حقوق الإنسان والأخلاقيات والتنظيم في تويتر.

ماذا فعل ماسك خلال أيام؟

تسريح موظّفين بشكل تعسّفي، عمليّات حظر للحسابات، وفرض قيود غير مفهومة. بهذه الاستراتيجيّة، بدأ الرئيس التنفيذي الجديد لـ”تويتر” والملياردير إيلون ماسك عمله الجديد. يأتي ذلك بعد مناكفات قضائية بينه وبين الرئيس السابق باراغ أغراوال انتهت باستحواذ ماسك على التطبيق مقابل 44 مليار دولار. هو نفسه الذي كان مغرّداً، بأن سعيه للاستحواذ هو لـ”خدمة إنسانية” و”لا يتعلّق بالمال”، يسلك اليوم مسار تضييقي، لم يسبق أن شهدته مواقع التواصل الاجتماعي من قبل. 

تحت ذريعة أن “يصبح تويتر المصدر الأكثر دقّة للمعلومات” بدأ ماسك بتعليق الحسابات الكوميدية التهكّمية أو ما يُعرف بـ”البارودي Parody”. وشمل هذا الحظر الممثلة الكوميدية الأميركية كاثي غريفين التي غيرت اسم حسابها إلى إسم “إيلون ماسك” وتطلق منه تغريدات ساخرة.

ماسك اعتبر غريفين “منتحلة صفته”. أعقب ذلك انتقادات واسعة على “تويتر” طاولت المدير التنفيذي لـ”SpaceX” و”Tesla”. وحوّل كُثر أسماء حساباتهم مطابقةً لاسم ماسك، منهم من كتب مستهزئاً: “في الواقع، ظنّ إيلون ماسك أنّ حساب كاثي غريفين هو نفسه حسابه”.

وهذا حقيقةً ما أغضبه وأدرج ضمن التعديلات الجديدة للتطبيق أن يوضّح كل حساب مشابه لذلك أنّه لـ”البارودي”. “لن يكون هناك تحذير قبل تعليق الحسابات، وأي تغيير في الاسم سيؤدي إلى فقدان الأشخاص العلامة الزرقاء”. لا يتعلّق الأمر بتعليق ماسك لمنتحلي صفته فحسب، بل بمنسوب الضيق الذي سيشعر به المغرّدون، بمن فيهم الحساب الأسترالي التهكّمي “The Chaser”، الذي تمّ تعليقه أيضاً لتسميته بـ”إيلون ماسك”. 

يبدو واضحاً التناقض الذي يمارسه ماسك على نفسه اليوم. إذ نلمس ذلك في تغريداته التي جزم فيها أنّ “حريّة التعبير مضمونة، والكوميديا أصبحت قانونية الآن على تويتر”. روّج ماسك للحريّة “المزيّفة” التي يحاول إضفاءها على “تويتر”، وكأنّه المؤتمن على محاربة خطابات الكراهية التي ساهمت بحظر حساب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. إذ صرّح ماسك أنّه يريد إعادة الحسابات التي تمّ حظرها سابقاً، بحجة “حرية التعبير” ومنها حساب ترامب.

من ضمن التّعديلات، تسديد أصحاب “العلامة الزرقاء” 8 دولارات أميركية شهرياً للتطبيق. وهذا يعني حكماً ان من يملك مالاً لتغطية ذلك، باستطاعته أن يدفع المبلغ وينتحل صفة أو ينشر أخباراً زائفة أو خطاب كراهية. “المضحك أنّ الملياردير يريد أن يبيع الناس فكرة حرية التعبير بـ8 دولارات في الشهر”، غرّدت النائبة الأميركية أكساندريا أوكاسيو. ليردّ عليها ماسك قائلاً: “نقدّر ملاحظتك، الآن ادفعي 8 دولارات“. وهذا المشهد العام، لربما، ما يدفع الكوميديّة غريفين وأشباهها إلى استخدام هذه “الحريّة”  لمضايقة ماسك، وصولاً إلى تعطيل حساباتهم. 

ماسك نفسه استخدم “البارودي” في ردوده على منتقدي الـ”8 دولارات”، مقارناً بين سعر كوب “الستارباكس” وشهريّة العلامة الزرقاء على تويتر. 

وفق إحصاء أجرته شركة “ميمتيكا Memetica”، غرّد ماسك أكثر من 750 مرة هذا الشهر. كتب التغريدات بصفته “رئيس تويتر”، لكنّه سرعان ما بدّلها بصفة “الخط الساخن لشكاوى تويتر Twitter Complaint Hot Line Operator”. يضاف إلى هذه الفوضى، تسريحه لأكثر من 50% من موظّفي “تويتر”، أي ما يقرب من 3700 من أصل 7500، تحت ذريعة أنّ ليس “لديه خيار آخر قبل أن يخسر التطبيق 4 ملايين دولار يومياً”. 

“تشير المظاهر الأوّلية أن المنصّة تسير مساراً خاطئاً تحت قيادة ماسك في وقتٍ غير مناسب، خصوصاً للديمقراطية الأمريكية”،  قال باحثون في جامعة “تافتس” الأميركية Tufts University. يشهد الكونغرس الأميركي الانتخابات النصفية، يأتي ذلك في ظل إشهار إيلون ماسك رأيه السياسي على “تويتر“: “أدعو للتصويت للجمهوريّين” لكنّه زعم أنّه كان “ديمقراطياً” من قبل، ومن الممكن أن يصوّت للديمقراطيين في مراحل لاحقة. 

يثير سلوك ماسك تساؤلات كثيرة حول كيفية عمل “تويتر” في المراحل المقبلة. إذ أنّه يظهر رغبته في أن تكون المنصة مركزاً لحرية التعبير “غير المقيّدة” مندّداً بالمعلومات المضللة. لذلك، يخضع التطبيق اليوم لرقابة مستخدميها حول كيفية نجاحها في محاربة ما صنّفه ماسك “أكاذيب”. فيما تتردّد معلومات كثيرة، ومنها ذكرتها صحف أميركيّة، عن تقرّب ماسك من الجمهوريين واليمين الأميركي، ويترافق ذلك مع تلميح ترامب بترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة المقبلة 2024. 

ومع ذلك ، يبدو أن Twitter قد أخاف بعض المعلنين، حيث ورد أن العديد منهم قد أوقفوا إنفاقهم الإعلاني مؤقتاً وفهم آخرون أنهم يفكرون في موقفهم.

في تغريدة يوم الجمعة ، قال ماسك إن تويتر شهد “انخفاضًا هائلاً في الإيرادات” وألقى باللوم على “المجموعات الناشطة” في الضغط على المعلنين. ”عابث للغاية! إنهم يحاولون تدمير حرية التعبير في أمريكا “، قال لمتابعيه البالغ عددهم 114 مليونًا. واقترح لاحقًا أنه سينشر أسماء المعلنين الذين يوقفون إنفاقهم مؤقتًا.

في وقت سابق من الأسبوع ، دعا تحالف Stop Toxic Twitter ، وهو تحالف يضم NAACP ، أكبر 20 معلنًا على المنصة لإخبار Musk أنهم سيوقفون الإعلانات إذا تابع خططه “لتقويض معايير مجتمع الشبكة الاجتماعية والاعتدال في المحتوى”.

ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أنّ “تويتر” أرجأ عملية توثيق حسابات جديدة إلى ما بعد الانتخابات النصفية، وسط مخاوف من ظهور حسابات مزيفة على أنها جو بايدن أو شخصيات سياسية أخرى أو مؤسسات إخبارية. إذ تلقّت الصحيفة رسالة داخلية من أحد الموظفين الذي سأل: “لماذا تتخذ الشركة مثل هذه القرارات المحفوفة بالمخاطر قبل الانتخابات، وما قد يسبّب تدخّلاً في الانتخابات ونتائجها”.

روّج ماسك للحريّة “المزيّفة” التي يحاول إضفاءها على “تويتر”، وكأنّه المؤتمن على محاربة خطابات الكراهية التي ساهمت بحظر حساب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

“أصبح تويتر بؤرة للكراهية والتعصّب، وبالتالي لا أريد أن أكون جزءاً من هذا المكان”، علّقت عارضة الأزياء جيجي حديد على “إنستغرام”. هذا جزءٌ من حملة الاعتراضات على سلسلة القرارات التي اتّخذها إيلون ماسك. وأرفقت حديد تصريحها بتغريدة لمستشارة حقوق الإنسان شانون راج سينغ التي عملت في تويتر: “أمس كان آخر يوم لي في تويتر، جميع زملائي في قسم حقوق الإنسان تم إنهاء خدماتهم”. 

من المواقف التي تُظهر شخصنة ماسك للتطبيق هو حذفه حساب حبيبته السابقة الممثلة الأميركية آمبر هيرد. فيما ذكرت صحف أميركية أخرى أن هيرد هي من حذفت الحساب، ولا يزال حسابها على “فيسبوك” و”إنستغرام” ناشطاً. ماسك وهيرد كانا قد انفصلا عن بعضهما في نيسان/ أبريل 2018، بعد أن انضمّت إلى “تويتر” في الشهر نفسه من العام 2017.

إيلون ماسك ليس دونالد ترامب. كلاهما يختلف في حنكتهما، ويحتلّان أدواراً مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية، إنّما المشهد يوضح مدى تقرّب ماسك من الجمهوريين واليمينيّين والخطورة التي تطاول الديمقراطية الأميركية. ومن الواضح مدى “جنون العظمة” الذي يحاول ماسك إظهاره حالياً. يهدف ماسك وترامب إلى صبّ غرورهما عبر ممارسة “القوّة الغاشمة” على الناس، ويتمثل ذلك في المساحة المحتملة الذي سيعيدها ماسك لترامب على المنصّة.

يمكننا مقارنة ماسك بترامب عند تولّي الشخصيتان لمنصب معيّن، فيما يلاحظ مستخدمو “تويتر” مدى التشتّت والفوضى الحاصلة، والمسار التعسّفي الذي من الممكن أن يتصاعد في الفترة المقبلة. وكأن ماسك يحاول أن يحوّل “تويتر” إلى ساحة استعراض وفرض للقوّة، كما الأسلوب الذي كان يعتمده “ترامب” مع مناصريه في أثناء الانتخابات السابقة. الشعار الانتخابي لترامب “اجعل أميركا عظيمة مجدّداً Make America Great Again”، يحاول ماسك تجسيده في شعار “تويتر سيّئ لكنّه الأفضل Twitter is the worst, but also the best”.  

10.11.2022
زمن القراءة: 6 minutes

كأن ماسك يحاول أن يحوّل “تويتر” إلى ساحة استعراض وفرض للقوّة، كما الأسلوب الذي كان يعتمده ترامب مع مناصريه في أثناء الانتخابات السابقة. الشعار الانتخابي لترامب “اجعل أميركا عظيمة مجدّداً”، يحاول ماسك تجسيده في شعار “تويتر سيّئ لكنّه الأفضل”.

“لا يعرف ما الذي يفعله وهو “يثير قلق الجميع”، يقول بروس دايزلي نائب رئيس “تويتر” السابق لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا من 2015 إلى 2020، عن إيلون ماسك. 

بحسب دايزلي فإنه يشعر بالصدمة بسبب التغييرات “غير الديمقراطية في تويتر”، وسيترك المنصة “بلا تردد” إذا كان هناك بديل جيد.

“من الواضح جدًا من كل إجراء عام اتخذه مع هذا الاستحواذ بأكمله: إنه لا يعرف ما الذي يفعله”، يقول دايزلي في مقابلة مع بودكاست The News Agents.

كما انتقد دايزلي الذي كان أكبر مسؤول تنفيذي في “تويتر”- لندن خطة ماسك لفرض 8 دولارات شهريًا على المستخدمين مقابل رمز التحقق من “العلامة الزرقاء”. وقال لصحيفة الأوبزرفر إن ماسك يتاجر بـ “شرعية المصادر التي تم التحقق منها” مقابل “مصروف الجيب”. وقال: “حقيقة أننا لا نملك حق الرجوع عن ذلك أمر غير ديمقراطي”.

تأتي هذه الانتقادات الشديدة بعد أن نفذ ماسك مجموعة من التغييرات على تويتر أثارت مخاوف بشأن مقاربته للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية.

“لا يعرف ما الذي يفعله وهو “يثير قلق الجميع”، يقول بروس دايزلي نائب رئيس “تويتر” السابق لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا من 2015 إلى 2020، عن إيلون ماسك. 

ما ضاعف القلق من استحواذ ماسك على تويتر هو عمليات التسريح الجماعية للموظفين والتي كان من بينها موظفون معنيون بشؤون حقوق الإنسان والحقوق عموماً في المنصة. 

خطط ماسك السريعة بعد استحواذه على تويتر شهدت تسريح حوالي 50 ٪ من موظفي Twitter ، قائلاً إنه “ليس لديه خيار” لأن الشركة تنفق أكثر من 4 ملايين دولار في اليوم. وبحسب ما ورد شملت عمليات التسريح موظفون يغطون مجالات حقوق الإنسان والأخلاقيات والتنظيم في تويتر.

ماذا فعل ماسك خلال أيام؟

تسريح موظّفين بشكل تعسّفي، عمليّات حظر للحسابات، وفرض قيود غير مفهومة. بهذه الاستراتيجيّة، بدأ الرئيس التنفيذي الجديد لـ”تويتر” والملياردير إيلون ماسك عمله الجديد. يأتي ذلك بعد مناكفات قضائية بينه وبين الرئيس السابق باراغ أغراوال انتهت باستحواذ ماسك على التطبيق مقابل 44 مليار دولار. هو نفسه الذي كان مغرّداً، بأن سعيه للاستحواذ هو لـ”خدمة إنسانية” و”لا يتعلّق بالمال”، يسلك اليوم مسار تضييقي، لم يسبق أن شهدته مواقع التواصل الاجتماعي من قبل. 

تحت ذريعة أن “يصبح تويتر المصدر الأكثر دقّة للمعلومات” بدأ ماسك بتعليق الحسابات الكوميدية التهكّمية أو ما يُعرف بـ”البارودي Parody”. وشمل هذا الحظر الممثلة الكوميدية الأميركية كاثي غريفين التي غيرت اسم حسابها إلى إسم “إيلون ماسك” وتطلق منه تغريدات ساخرة.

ماسك اعتبر غريفين “منتحلة صفته”. أعقب ذلك انتقادات واسعة على “تويتر” طاولت المدير التنفيذي لـ”SpaceX” و”Tesla”. وحوّل كُثر أسماء حساباتهم مطابقةً لاسم ماسك، منهم من كتب مستهزئاً: “في الواقع، ظنّ إيلون ماسك أنّ حساب كاثي غريفين هو نفسه حسابه”.

وهذا حقيقةً ما أغضبه وأدرج ضمن التعديلات الجديدة للتطبيق أن يوضّح كل حساب مشابه لذلك أنّه لـ”البارودي”. “لن يكون هناك تحذير قبل تعليق الحسابات، وأي تغيير في الاسم سيؤدي إلى فقدان الأشخاص العلامة الزرقاء”. لا يتعلّق الأمر بتعليق ماسك لمنتحلي صفته فحسب، بل بمنسوب الضيق الذي سيشعر به المغرّدون، بمن فيهم الحساب الأسترالي التهكّمي “The Chaser”، الذي تمّ تعليقه أيضاً لتسميته بـ”إيلون ماسك”. 

يبدو واضحاً التناقض الذي يمارسه ماسك على نفسه اليوم. إذ نلمس ذلك في تغريداته التي جزم فيها أنّ “حريّة التعبير مضمونة، والكوميديا أصبحت قانونية الآن على تويتر”. روّج ماسك للحريّة “المزيّفة” التي يحاول إضفاءها على “تويتر”، وكأنّه المؤتمن على محاربة خطابات الكراهية التي ساهمت بحظر حساب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. إذ صرّح ماسك أنّه يريد إعادة الحسابات التي تمّ حظرها سابقاً، بحجة “حرية التعبير” ومنها حساب ترامب.

من ضمن التّعديلات، تسديد أصحاب “العلامة الزرقاء” 8 دولارات أميركية شهرياً للتطبيق. وهذا يعني حكماً ان من يملك مالاً لتغطية ذلك، باستطاعته أن يدفع المبلغ وينتحل صفة أو ينشر أخباراً زائفة أو خطاب كراهية. “المضحك أنّ الملياردير يريد أن يبيع الناس فكرة حرية التعبير بـ8 دولارات في الشهر”، غرّدت النائبة الأميركية أكساندريا أوكاسيو. ليردّ عليها ماسك قائلاً: “نقدّر ملاحظتك، الآن ادفعي 8 دولارات“. وهذا المشهد العام، لربما، ما يدفع الكوميديّة غريفين وأشباهها إلى استخدام هذه “الحريّة”  لمضايقة ماسك، وصولاً إلى تعطيل حساباتهم. 

ماسك نفسه استخدم “البارودي” في ردوده على منتقدي الـ”8 دولارات”، مقارناً بين سعر كوب “الستارباكس” وشهريّة العلامة الزرقاء على تويتر. 

وفق إحصاء أجرته شركة “ميمتيكا Memetica”، غرّد ماسك أكثر من 750 مرة هذا الشهر. كتب التغريدات بصفته “رئيس تويتر”، لكنّه سرعان ما بدّلها بصفة “الخط الساخن لشكاوى تويتر Twitter Complaint Hot Line Operator”. يضاف إلى هذه الفوضى، تسريحه لأكثر من 50% من موظّفي “تويتر”، أي ما يقرب من 3700 من أصل 7500، تحت ذريعة أنّ ليس “لديه خيار آخر قبل أن يخسر التطبيق 4 ملايين دولار يومياً”. 

“تشير المظاهر الأوّلية أن المنصّة تسير مساراً خاطئاً تحت قيادة ماسك في وقتٍ غير مناسب، خصوصاً للديمقراطية الأمريكية”،  قال باحثون في جامعة “تافتس” الأميركية Tufts University. يشهد الكونغرس الأميركي الانتخابات النصفية، يأتي ذلك في ظل إشهار إيلون ماسك رأيه السياسي على “تويتر“: “أدعو للتصويت للجمهوريّين” لكنّه زعم أنّه كان “ديمقراطياً” من قبل، ومن الممكن أن يصوّت للديمقراطيين في مراحل لاحقة. 

يثير سلوك ماسك تساؤلات كثيرة حول كيفية عمل “تويتر” في المراحل المقبلة. إذ أنّه يظهر رغبته في أن تكون المنصة مركزاً لحرية التعبير “غير المقيّدة” مندّداً بالمعلومات المضللة. لذلك، يخضع التطبيق اليوم لرقابة مستخدميها حول كيفية نجاحها في محاربة ما صنّفه ماسك “أكاذيب”. فيما تتردّد معلومات كثيرة، ومنها ذكرتها صحف أميركيّة، عن تقرّب ماسك من الجمهوريين واليمين الأميركي، ويترافق ذلك مع تلميح ترامب بترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة المقبلة 2024. 

ومع ذلك ، يبدو أن Twitter قد أخاف بعض المعلنين، حيث ورد أن العديد منهم قد أوقفوا إنفاقهم الإعلاني مؤقتاً وفهم آخرون أنهم يفكرون في موقفهم.

في تغريدة يوم الجمعة ، قال ماسك إن تويتر شهد “انخفاضًا هائلاً في الإيرادات” وألقى باللوم على “المجموعات الناشطة” في الضغط على المعلنين. ”عابث للغاية! إنهم يحاولون تدمير حرية التعبير في أمريكا “، قال لمتابعيه البالغ عددهم 114 مليونًا. واقترح لاحقًا أنه سينشر أسماء المعلنين الذين يوقفون إنفاقهم مؤقتًا.

في وقت سابق من الأسبوع ، دعا تحالف Stop Toxic Twitter ، وهو تحالف يضم NAACP ، أكبر 20 معلنًا على المنصة لإخبار Musk أنهم سيوقفون الإعلانات إذا تابع خططه “لتقويض معايير مجتمع الشبكة الاجتماعية والاعتدال في المحتوى”.

ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أنّ “تويتر” أرجأ عملية توثيق حسابات جديدة إلى ما بعد الانتخابات النصفية، وسط مخاوف من ظهور حسابات مزيفة على أنها جو بايدن أو شخصيات سياسية أخرى أو مؤسسات إخبارية. إذ تلقّت الصحيفة رسالة داخلية من أحد الموظفين الذي سأل: “لماذا تتخذ الشركة مثل هذه القرارات المحفوفة بالمخاطر قبل الانتخابات، وما قد يسبّب تدخّلاً في الانتخابات ونتائجها”.

روّج ماسك للحريّة “المزيّفة” التي يحاول إضفاءها على “تويتر”، وكأنّه المؤتمن على محاربة خطابات الكراهية التي ساهمت بحظر حساب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

“أصبح تويتر بؤرة للكراهية والتعصّب، وبالتالي لا أريد أن أكون جزءاً من هذا المكان”، علّقت عارضة الأزياء جيجي حديد على “إنستغرام”. هذا جزءٌ من حملة الاعتراضات على سلسلة القرارات التي اتّخذها إيلون ماسك. وأرفقت حديد تصريحها بتغريدة لمستشارة حقوق الإنسان شانون راج سينغ التي عملت في تويتر: “أمس كان آخر يوم لي في تويتر، جميع زملائي في قسم حقوق الإنسان تم إنهاء خدماتهم”. 

من المواقف التي تُظهر شخصنة ماسك للتطبيق هو حذفه حساب حبيبته السابقة الممثلة الأميركية آمبر هيرد. فيما ذكرت صحف أميركية أخرى أن هيرد هي من حذفت الحساب، ولا يزال حسابها على “فيسبوك” و”إنستغرام” ناشطاً. ماسك وهيرد كانا قد انفصلا عن بعضهما في نيسان/ أبريل 2018، بعد أن انضمّت إلى “تويتر” في الشهر نفسه من العام 2017.

إيلون ماسك ليس دونالد ترامب. كلاهما يختلف في حنكتهما، ويحتلّان أدواراً مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية، إنّما المشهد يوضح مدى تقرّب ماسك من الجمهوريين واليمينيّين والخطورة التي تطاول الديمقراطية الأميركية. ومن الواضح مدى “جنون العظمة” الذي يحاول ماسك إظهاره حالياً. يهدف ماسك وترامب إلى صبّ غرورهما عبر ممارسة “القوّة الغاشمة” على الناس، ويتمثل ذلك في المساحة المحتملة الذي سيعيدها ماسك لترامب على المنصّة.

يمكننا مقارنة ماسك بترامب عند تولّي الشخصيتان لمنصب معيّن، فيما يلاحظ مستخدمو “تويتر” مدى التشتّت والفوضى الحاصلة، والمسار التعسّفي الذي من الممكن أن يتصاعد في الفترة المقبلة. وكأن ماسك يحاول أن يحوّل “تويتر” إلى ساحة استعراض وفرض للقوّة، كما الأسلوب الذي كان يعتمده “ترامب” مع مناصريه في أثناء الانتخابات السابقة. الشعار الانتخابي لترامب “اجعل أميركا عظيمة مجدّداً Make America Great Again”، يحاول ماسك تجسيده في شعار “تويتر سيّئ لكنّه الأفضل Twitter is the worst, but also the best”.