كشفت شابة عراقية تدعى “جيهان” شهادة مطولة عن تعرضها للاغتصاب من عبد الله رشدي الشيخ المعروف إعلامياً في مصر، وله شريحة عريضة من المتابعين في العالم، برغم آرائه المعادية للنساء وتبريراته للتحرش والاغتصاب الزوجي وغيرها.
هذه الشهادة جيشت الرأي العام في مصر لتقسمه إلى فئتين؛ فئة تدافع بقوة عن الشيخ صاحب النموذج العصري للدعاة الجدد، وقدوتهم المُنَزّهة عن السقوط في “الكبائر” الشرعية، وفئة أخرى تناصر الفتاة وتفتح مجالاً لوضع عبد الله رشدي تحت المجهر، وبصورة كاشفة أكثر، بخاصة أنه مؤيد لفتاوى معادية للمرأة؛ منها تأييده الاغتصاب الزوجي واعتبار مناهضيه “منبطحين للغرب”.
ما ورد في ادعاء جيهان وما نشرته من رسائل بينها وبين زوجة عبد الله رشدي يشير إلى أنها كانت فريسة “زواج المتعة”، برغم أن أركانه بحسب الشرع- المرجعية التي ينطلق رشدي من أرضها- لا يعد زواجاً.
بحسب جيهان، فالزواج حصل على الهاتف والشهود لم يكونوا حاضرين. ولم يسألوها بشأن موافقتها على الزواج، بلا إشهار أو توثيق، الصادم أن الزوجة الأولى نشرت في مراسلاتها التي نسبتها لها جيهان، أن عبد الله رشدي اعتاد هذه الطريقة في الزواج السريع عبر الهاتف لتلبية شهواته الجنسية، وهو ما يبرر تضامنه السابق مع كثرة زيجات الشيخ محمد حسين يعقوب إحداها كانت من فتاة في عمر حفيدته.
فوجئت جيهان، خلال إقامتها لخمسة أيام فقط في مصر، بتحول شخصية الشيخ المهذب العالم بدينه لشخصية عنيفة تجبرها على ممارسة الجنس بغير رضاها، وتسبب لها كدمات وإصابات وتقييد لحركتها، برغم أنها كانت دائماً في وضع الدفاع عن النفس طوال فترة الاعتداء الجنسي عليها، بحسب روايتها.
كانت جيهان فريسة نفسها أيضاً بسبب تصوراتها الساذجة عن رجال الدين أو الطريق الرومانسي للتقرب إلى الله، تقول: “تمنيت لو تزوجت رجل دين مسلم يعينني على التقرب إلى الله وأعيش في العالم العربي وأترك أوروبا، بسبب طريقة عيش مواطنيها المتحررين!”.
جيهان ربما رأت وجها قاسياً في رحلتها القصيرة إلى مصر، جعلها تهلع إلى أوروبا ولا ترغب في استكمال زيارتها لمصر، تقول “في أوروبا مستحيل أقعد مع شخص في مكان لوحدنا ويكون أول رد فعل منه أنه يعتدى علي جنسياً، ما حدث معي في مصر ومع الشيخ عبد الله رشدي جعلني في حالة صدمة لا أستطيع تجاوزها”.
في البداية لم تعلن جيهان عن هويتها، لكن بعد حالة التشكيك، ظهرت في بث مباشر لتؤكد أنها تملك أدلة تدين الشيخ، بدءاً من المحادثات التي كانت تجري بينهما، وتطالب بتفريغ الكاميرات داخل المطار وفي مدينتي العبور و”مدينتي” والمقاهي التي جلست فيها برفقة الشيخ في القاهرة.
شهادة جيهان جاءت لطلب الدعم أولاً قبل أن تسلك الطريق القضائي لأنها خافت من التواطؤ ضدها قانونياً دون أن تخرج قضيتها للعلن. بخاصة أن الشيخ عبد الله رشدي مدعوم من الأزهر، المؤسسة الدينية الكبرى في مصر، حيث عمل كأزهري وخطيب في مسجد السيدة نفيسة وتحت إشراف الأزهر. وهو الوجه الذي تم اختياره ممثلاً رسمياً عن الأزهر لمناظرة إسلام بحيري، الذي أزعج السلطات الدينية في مصر، عام 2015.
يتنعم عبد الله رشدي بسلطة وسطوة مطلقتين تُمنحان لرجال الدين والأئمة عبر العصور، تتوارث الأجيال نموذجاً لرجل الدين وكأنه مصنوع من البلور النقي، يخطف الألباب ويكسب ثقة الناس بنزاهته المطلقة، حتى اليوم ما زالت مراجعات الشيخ الشعراوي مثلاً تحدث على استحياء، برغم أن غالبية خطاباته تلخص النساء بالفعل الجنسي.
برأي الشعراوي المرأة ليست سوى “مصرف” و”فرج” جاهز لشهوة الرجال، ومثله يتبنى عبد الله رشدي هذا الخطاب لكن بطريقة “شيك” رغم ما بها من تطاول. يقول عبد الله رشدي في تعليقه على جريمة اغتصاب فتاة الفيرمونت،”وحدة هي وصاحبها ورايحة بكيفها برجليها على اوضته وتيجي تقول يا مجتمع ساعدوني… لا ما قدرش أقف معاكي”.
لا يرى عبد الله رشدي النساء سوى خادمات للزوج والأبناء ولا دور لهن خارج المجتمع. وفي السابق وصف عبد الله رشدي فتاة تعرضت للاغتصاب بالساحل الشمالي بـ”الرخيصةٌ الخسيسة” لأنها كانت تحت تأثير الكحول، ما سهل على الشاب اغتصابها، إن صحت رواية جيهان فهذا يعني أن الشيخ عبد الله رشدي في سبه فتاة الساحل كان يدافع عن نفسه، لأنه يخدر فتياته ليس بالكحول ربما، إنما بأفيون الدين وكاريزما شيوخه المعاصرين.
يحاول عبد الله رشدي دائماً إخراج فتاويه عن إطارها النظري للتطبيق العملي، وهو ما يشكل خطراً على سلامة كثيرين لا سيما، النساء فهو يعتبر المجاهرة- دون مبيح شرعي– بالفطر في نهار رمضان ذنب يجب منعه بالقانون ويستوجب العقوبة بسلطان الحاكم.
وما قالته والدة المتهم محمد عادل عن أن ابنها من متابعي الشيخ عبد الله رشدي الذي لا ينشغل سوى بتحقير “المتبرجات”، يشير إلى خطورة أن تخرج فتاويه للواقع العملي كما رأينا في ذبح نيرة أشرف علناً أمام الجامعة.
بين الحين والآخر يأخذ وزير الأوقاف المصري قرارات بوقف عبد الله رشدي عن الخطابة، وإحالته للعمل بوظيفة باحث دعوة، لكن سرعان ما يرفع رشدي قضية ويربحها، ويعاود نشاطه الدعوي واستخدام صفحته على السوشيال ميديا لنشر تدوينات وفتاوى بما يخالف قرار وزير الأوقاف.
سواء استطاعت جيهان أن تأخذ خطوة قانونية تدين عبد الله رشدي أو لا، إلا أننا أمام حقيقتين، أولهما أن حجم الدعم لعبدالله رشدي هائل، برغم ازدرائه النساء باسم الدين، وهذا مؤشر مفزع لحجم الكراهية العتيقة تجاه النساء في مصر. الحقيقة الثانية أن جيهان استطاعت أن تهز عرش عبد الله رشدي وصورة الشيخ النموذج، ليظهر للمرة الأولى مرتبكاً أمام محاولات هدم الصورة البراقة، وهي الصورة التي ظل يبنيها لسنوات ليخلق من نفسه رمزاً يردد الملايين من خلفه: الله يا شيخ!
يقول عبد الله رشدي رداً على شهادة جيهان “أعلم أنهم يجتهدون.. ويعملون بكَدٍّ ليسقِطوا رمزاً، قَضَّ مضاجِعَهم؛ لسنا بلُقمَةٍ سائغة، ولا تنالُ الضِّباعُ من طوافِها حول الأسودِ إلا الخيْبَة؛ الأسودُ لا تَصنَعُ ما يُضْعِفُها أمامَ الضِّباعِ.
فاهم يا ضَبْع منك له؟!”.
إن وجدت جيهان الحماية القانونية فمن يحمي اللاتي يكتوين يومياً بفتاوى شيخ متشدد يرى أنهن السبب الرئيسي للتحرش أو كما يقول “ليس من الطبيعي أن تخرج فتاةٌ بملابس لا تصلح إلا للنوم ثم تشكو من التحرش“.
ربما قد يغيب عبد الله رشدي وتغيب معه كل حكاياته إذا رغب الأزهر في ذلك، وربما يبقى على حاله، لتستمر خطاباته الكارهة للنساء، ومواعظه للفنانين الذين يصفهم بـ”الدياثة“، ونطالعه كالمعتاد في تعليق صباحي على صورة عارضة أزياء أميركية أو أوروبية مهمة بجملته الشهيرة: “إذا أردت أن تعرفي أكثر عن الإسلام تابعي صفحتي... عبد الله رشدي”.
إقرأوا أيضاً: