fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

حانات بيروت الحزينة… الحياة الليلية إذ سُرقت منها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من يعرف بيروت ليلاً، سيربكه التسكّع في شوارعها في هذه الأيام، سيشعر فوراً بأن حزناً ما يحوم حول كل شيء، وسيبحث كثيراً وقد لا يجد ضحكةً واحدة تخرج بلا قلق من أفواه الساهرين ورواد المقاهي القليلين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
في انتظار الرواد

يبدو التسكّع في بدارو أو مار مخايل أو الحمراء مؤلماً وغريباً، الريبة تسيطر على الجدران والأبنية وعلب الليل التي كنّا نأتيها لنسرق فرحاً ما من فم الحياة. أخبار الدولار تنتقل من طاولة إلى أخرى في الحانات القليلة التي قررت أن تخاطر وتفتح أبوابها. لا تسمع سوى أحاديث الخوف تضجّ في المكان، مع كل كأس ويسكي وزجاجة بيرة قد يتقاسمها اثنان، من أجل توفير ثمن زجاجة أخرى. أما “كورونا” فهو النجم الأقل سطوعاً في الأحاديث والدردشات، فالخوف من المرض تراجع بشكل لافت، لا لأنّ الفايروس غادرنا، بل لأنّ الخوف من الجوع والإفلاس بات أكثر إلحاحاً وخطورةً.

يرفع فؤاد مدهون، وهو صاحب حانة في بيروت، يده باتجاه شارع بدارو ويقول: “ما تنغشي بالعجقة”، مضيفاً لـ”درج”: “حانات كثيرة لم تفتح أبوابها حتى الآن منذ فرض التعبئة العامّة بسبب كورونا، وربما عدد غير قليل منها سيبقى مغلقاً، فالتكاليف أكبر من قدرتنا على التحمّل”. ثمّ يتابع: “مرّت علينا أيام صعبة كثيرة، تحمّلنا وصمدنا في وجه الظروف السياسية والاقتصادية المتقلّبة، من الفراغ الرئاسي إلى تشكيل الحكومات وغير ذلك، لكن ما يحصل اليوم مؤلم جداً. نحن نضطر إلى الاستغناء عن بعض موظّفينا لأننا عاجزون عن دفع رواتبهم. أحاول أن أساعدهم لتأمين فرص أخرى لهم، لأنني حقاً لم أعد قادراً على الصمود”. ولفت إلى أن “القدرة الشرائية تراجعت كثيراً، وبات الناس يقننون في ما يطلبونه ويحاولون توفير المال قدر المستطاع”. 

مدهون يفكّر حالياً بالهجرة مع عائلته لأنه لم يعد مستعداً لتحمّل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتدهورة، يقول “بدي عيش عرواق”.

أطباق اختفت!

لوائح الأطعمة والمشروبات في الكثير من الملاهي والحانات تغيّرت، هناك ما حُذف تماماً، لا سيما الثمار البحرية أو الأطعمة الغالية أصلاً والتي تضاعف سعرها مرّتين وأكثر الآن. “التعديلات على اللوائح تشمل عدداً كبيراً من الأطباق والمشروبات، لكننا نحاول ألا نرفع أسعارنا كثيراً”، يقول جاد وهو صاحب ملهى ليليّ في الجميزة. ثمّ يضيف: “نحن نخسر، ولا أعرف كم سنتحمّل الأمر وكم سنصمد، لا أحد يفكّر بنا وبعائلاتنا وعائلات العاملين معنا في هذه المؤسسات الصغيرة”.

يقترب جاد من أحد روّاد الملهى، يضربان كأساً بكأس، يسأل “درج” الشاب، “هل ما زلتَ قادراً على تحمّل تكاليف السهر؟”. يجيب: “كأس واحدة وحياتك”. 

تضيف صديقته: “لا تفكّري أننا سعيدان، لكننا نحاول أن نفرح قليلاً قبل أن يصل الجوع إلينا، بعدما وصل إلى كثيرين”.

يبدو السؤال عن شوارع المرح والسهر عبثياً تراجيدياً. لكنّه سؤال في العمق، فبيروت التي نعرفها والتي نريدها، ليست بيروت ناطحات السحاب ولا بيروت الدين العام ولا بيروت الطرق غير الصالحة ولا بيروت الجسور التي يبدأ العمل بها ويرجّح ألا ينتهي، بيروت التي نعرفها والتي نريدها هي بيروت الفرح والرقص والموسيقى والحب… وهذه الـ”بيروت” مهدّدة الآن، في العمق.

مأساة الحياة الليليّة شبه المعطّلة لا توفّر شارعاً واحداً من شوارع السهر، وتصل إلى ضواحي بيروت، مثل الزلقا والجديدة والضبية، حيث مطاعم وملاهٍ كثيرة قرّرت في الوقت الحالي أن تبقى مقفلة، لأنّ التكاليف مرتفعة جداً.

جمانة وهي مديرة مقهى في منطقة الزلقا توضح أنّ “المطاعم أكثر من تأذّى في القطاع السياح، لأنها تعتمد على بيع الأطباق بشكل أساسيّ، واليوم أسعار اللحوم والأجبان والألبان وأيضاً الأسماك المستوردة وغيرها، كلها ارتفعت، ونحن غير قادرين على رفع الأسعار على زبائننا، بقدر ما ارتفعت التكلفة علينا. الناس متعبون وتراجعت قدرتهم الشرائية بشكل لافت، وباتوا يفضّلون تناول طعامهم في البيت توفيراً للمال، وأيضاً خوفاً من كورونا”.

مُقفل!

جود فغالي الذي أقفل مطعم السوشي الذي كان يملكه في شارع مار مخايل، بسبب الأزمة، مكتفياً بفرعه في الحازمية، يبدو كمن لا يملك إلى الحياة طريقاً سوى العبث معها. بلهجة هادئة يقول لـ”درج”: “هناك أصناف اضطررنا إلى إلغائها في الوقت الحالي بسبب ارتفاع أسعار مكوناتها التي الكثير منها نشتريه بالدولار، اضطررنا أيضاً إلى تخفيف عدد الموظفين، حتى لا نضطر إلى رفع الأسعار. ولكن لا مهرب من رفعها في النهاية على الأقل 20 إلى 25 في المئة، وهذه نسبة أقل بكثير من نسبة الغلاء التي نتحملها”.

مطاعم كثيرة لم يُعِدها تخفيف إجرءات التعبئة العامة إلى الحياة، فالقطاع يعاني منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019 مع بدء ارتفاع سعر الدولار وانتفاضة اللبنانيين والانهيارات المتتابعة. وقطاع المطاعم والملاهي يتأثر بشكل مباشر بالوضع السياسي والأمني في البلاد، إضافة إلى الوضع الاقتصادي، وإذا كان أصحاب هذه المؤسسات يأملون بصيف يزور فيه مغتربون بلادهم، أو يأتي بعض السياح، فالأمل اندثر وأصبح ضئيلاً جداً. فحتى إجراءات فتح مطار بيروت معقّدة جداً بسبب فايروس “كورونا”، إضافةً إلى أنّ أحداً لن يحبّ تمضية صيفه في بلد منكوب. 

يخبرنا بعض المسؤولين اللبنانيين عن صيف واعد، إذ سيأتي السيّاح إلى البلد الذي أصبح رخيصاً بسبب انهيار سعر ليرته، ما سيرفع معنويات القطاع السياحي، في المقابل، يعاني قطاع المطاعم والملاهي من خسائر كبيرة، وفق ما أعلنه نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي، إذ سجل إقفال نحو 785 مؤسسة، منها 240 أقفلت في شهر كانون الثاني/ يناير وحده، وارتفع العدد أكثر في ظلّ أزمة كورونا.

نزاعات الإيجارات

يشكو عدد من أصحاب الملاهي والمطاعم من الإيجارات المرتفعة مقابل المدخول الذي تراجع، مع العلم أن الملّاكين يطالبونهم بالدفع وفق سعر الدولار في السوق السوداء، بمعنى آخر الإيجار الذي كان 3000 دولار شهرياً أي 4 ملايين و500 ألف ليرة، أصبح الآن يُدفع وفق السعر الجديد غير الثابت، حيث قد يصل الدولار الواحد إلى 7000 ليرة، وهو مبلغ يعجز أصحاب الملاهي والمطاعم عن دفعه.

من جهة أخرى، يرى رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله أن “هناك خلافاً حول القانون في هذه المسألة، فهناك رأي قانونيّ يرى أن من وقّع عقد إيجاره بالدولار يجب أن يدفع بالدولار، وهناك من يرى عكس ذلك. ولكننا كنقابة نشجّع الجميع على الوصول إلى حلول بالتراضي، فالأزمة على الجميع، والجميع يعانون، إلا أننا لا نستطيع ملاحقة كل شخص والتدخّل معه”. ويضيف: “كما في كل شيء، الدولة تسحب يدها وتترك الناس يتخبّطون. والمشكلة أن المالكين ما زالوا يعانون مع الإيجارات القديمة التي سببتها أيضاً أزمة ارتفاع الدولار قبل سنوات، ولا نعرف إن كان ما يحصل اليوم سيؤدي أيضاً إلى أزمة في الإيجارات تشبه ما عشناه مع الإيجارات القديمة”. 

فيما تهدد البطالة حوالى مليون مواطن على الأراضي اللبناني، وفق تحذيرات “المؤسسة الدولية للمعلومات” ويناطح الدولار الـ7000 ليرة، يبدو السؤال عن شوارع المرح والسهر عبثياً تراجيدياً. لكنّه سؤال في العمق، فبيروت التي نعرفها والتي نريدها، ليست بيروت ناطحات السحاب ولا بيروت الدين العام ولا بيروت الطرق غير الصالحة ولا بيروت الجسور التي يبدأ العمل بها ويرجّح ألا ينتهي، بيروت التي نعرفها والتي نريدها هي بيروت الفرح والرقص والموسيقى والحب… وهذه الـ”بيروت” مهدّدة الآن، في العمق.

من يعرف بيروت ليلاً، سيربكه التسكّع في شوارعها في هذه الأيام، سيشعر فوراً بأن حزناً ما يحوم حول كل شيء، وسيبحث كثيراً وقد لا يجد ضحكةً واحدة تخرج بلا قلق من أفواه الساهرين ورواد المقاهي القليلين.

في انتظار الرواد

يبدو التسكّع في بدارو أو مار مخايل أو الحمراء مؤلماً وغريباً، الريبة تسيطر على الجدران والأبنية وعلب الليل التي كنّا نأتيها لنسرق فرحاً ما من فم الحياة. أخبار الدولار تنتقل من طاولة إلى أخرى في الحانات القليلة التي قررت أن تخاطر وتفتح أبوابها. لا تسمع سوى أحاديث الخوف تضجّ في المكان، مع كل كأس ويسكي وزجاجة بيرة قد يتقاسمها اثنان، من أجل توفير ثمن زجاجة أخرى. أما “كورونا” فهو النجم الأقل سطوعاً في الأحاديث والدردشات، فالخوف من المرض تراجع بشكل لافت، لا لأنّ الفايروس غادرنا، بل لأنّ الخوف من الجوع والإفلاس بات أكثر إلحاحاً وخطورةً.

يرفع فؤاد مدهون، وهو صاحب حانة في بيروت، يده باتجاه شارع بدارو ويقول: “ما تنغشي بالعجقة”، مضيفاً لـ”درج”: “حانات كثيرة لم تفتح أبوابها حتى الآن منذ فرض التعبئة العامّة بسبب كورونا، وربما عدد غير قليل منها سيبقى مغلقاً، فالتكاليف أكبر من قدرتنا على التحمّل”. ثمّ يتابع: “مرّت علينا أيام صعبة كثيرة، تحمّلنا وصمدنا في وجه الظروف السياسية والاقتصادية المتقلّبة، من الفراغ الرئاسي إلى تشكيل الحكومات وغير ذلك، لكن ما يحصل اليوم مؤلم جداً. نحن نضطر إلى الاستغناء عن بعض موظّفينا لأننا عاجزون عن دفع رواتبهم. أحاول أن أساعدهم لتأمين فرص أخرى لهم، لأنني حقاً لم أعد قادراً على الصمود”. ولفت إلى أن “القدرة الشرائية تراجعت كثيراً، وبات الناس يقننون في ما يطلبونه ويحاولون توفير المال قدر المستطاع”. 

مدهون يفكّر حالياً بالهجرة مع عائلته لأنه لم يعد مستعداً لتحمّل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتدهورة، يقول “بدي عيش عرواق”.

أطباق اختفت!

لوائح الأطعمة والمشروبات في الكثير من الملاهي والحانات تغيّرت، هناك ما حُذف تماماً، لا سيما الثمار البحرية أو الأطعمة الغالية أصلاً والتي تضاعف سعرها مرّتين وأكثر الآن. “التعديلات على اللوائح تشمل عدداً كبيراً من الأطباق والمشروبات، لكننا نحاول ألا نرفع أسعارنا كثيراً”، يقول جاد وهو صاحب ملهى ليليّ في الجميزة. ثمّ يضيف: “نحن نخسر، ولا أعرف كم سنتحمّل الأمر وكم سنصمد، لا أحد يفكّر بنا وبعائلاتنا وعائلات العاملين معنا في هذه المؤسسات الصغيرة”.

يقترب جاد من أحد روّاد الملهى، يضربان كأساً بكأس، يسأل “درج” الشاب، “هل ما زلتَ قادراً على تحمّل تكاليف السهر؟”. يجيب: “كأس واحدة وحياتك”. 

تضيف صديقته: “لا تفكّري أننا سعيدان، لكننا نحاول أن نفرح قليلاً قبل أن يصل الجوع إلينا، بعدما وصل إلى كثيرين”.

يبدو السؤال عن شوارع المرح والسهر عبثياً تراجيدياً. لكنّه سؤال في العمق، فبيروت التي نعرفها والتي نريدها، ليست بيروت ناطحات السحاب ولا بيروت الدين العام ولا بيروت الطرق غير الصالحة ولا بيروت الجسور التي يبدأ العمل بها ويرجّح ألا ينتهي، بيروت التي نعرفها والتي نريدها هي بيروت الفرح والرقص والموسيقى والحب… وهذه الـ”بيروت” مهدّدة الآن، في العمق.

مأساة الحياة الليليّة شبه المعطّلة لا توفّر شارعاً واحداً من شوارع السهر، وتصل إلى ضواحي بيروت، مثل الزلقا والجديدة والضبية، حيث مطاعم وملاهٍ كثيرة قرّرت في الوقت الحالي أن تبقى مقفلة، لأنّ التكاليف مرتفعة جداً.

جمانة وهي مديرة مقهى في منطقة الزلقا توضح أنّ “المطاعم أكثر من تأذّى في القطاع السياح، لأنها تعتمد على بيع الأطباق بشكل أساسيّ، واليوم أسعار اللحوم والأجبان والألبان وأيضاً الأسماك المستوردة وغيرها، كلها ارتفعت، ونحن غير قادرين على رفع الأسعار على زبائننا، بقدر ما ارتفعت التكلفة علينا. الناس متعبون وتراجعت قدرتهم الشرائية بشكل لافت، وباتوا يفضّلون تناول طعامهم في البيت توفيراً للمال، وأيضاً خوفاً من كورونا”.

مُقفل!

جود فغالي الذي أقفل مطعم السوشي الذي كان يملكه في شارع مار مخايل، بسبب الأزمة، مكتفياً بفرعه في الحازمية، يبدو كمن لا يملك إلى الحياة طريقاً سوى العبث معها. بلهجة هادئة يقول لـ”درج”: “هناك أصناف اضطررنا إلى إلغائها في الوقت الحالي بسبب ارتفاع أسعار مكوناتها التي الكثير منها نشتريه بالدولار، اضطررنا أيضاً إلى تخفيف عدد الموظفين، حتى لا نضطر إلى رفع الأسعار. ولكن لا مهرب من رفعها في النهاية على الأقل 20 إلى 25 في المئة، وهذه نسبة أقل بكثير من نسبة الغلاء التي نتحملها”.

مطاعم كثيرة لم يُعِدها تخفيف إجرءات التعبئة العامة إلى الحياة، فالقطاع يعاني منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019 مع بدء ارتفاع سعر الدولار وانتفاضة اللبنانيين والانهيارات المتتابعة. وقطاع المطاعم والملاهي يتأثر بشكل مباشر بالوضع السياسي والأمني في البلاد، إضافة إلى الوضع الاقتصادي، وإذا كان أصحاب هذه المؤسسات يأملون بصيف يزور فيه مغتربون بلادهم، أو يأتي بعض السياح، فالأمل اندثر وأصبح ضئيلاً جداً. فحتى إجراءات فتح مطار بيروت معقّدة جداً بسبب فايروس “كورونا”، إضافةً إلى أنّ أحداً لن يحبّ تمضية صيفه في بلد منكوب. 

يخبرنا بعض المسؤولين اللبنانيين عن صيف واعد، إذ سيأتي السيّاح إلى البلد الذي أصبح رخيصاً بسبب انهيار سعر ليرته، ما سيرفع معنويات القطاع السياحي، في المقابل، يعاني قطاع المطاعم والملاهي من خسائر كبيرة، وفق ما أعلنه نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي، إذ سجل إقفال نحو 785 مؤسسة، منها 240 أقفلت في شهر كانون الثاني/ يناير وحده، وارتفع العدد أكثر في ظلّ أزمة كورونا.

نزاعات الإيجارات

يشكو عدد من أصحاب الملاهي والمطاعم من الإيجارات المرتفعة مقابل المدخول الذي تراجع، مع العلم أن الملّاكين يطالبونهم بالدفع وفق سعر الدولار في السوق السوداء، بمعنى آخر الإيجار الذي كان 3000 دولار شهرياً أي 4 ملايين و500 ألف ليرة، أصبح الآن يُدفع وفق السعر الجديد غير الثابت، حيث قد يصل الدولار الواحد إلى 7000 ليرة، وهو مبلغ يعجز أصحاب الملاهي والمطاعم عن دفعه.

من جهة أخرى، يرى رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله أن “هناك خلافاً حول القانون في هذه المسألة، فهناك رأي قانونيّ يرى أن من وقّع عقد إيجاره بالدولار يجب أن يدفع بالدولار، وهناك من يرى عكس ذلك. ولكننا كنقابة نشجّع الجميع على الوصول إلى حلول بالتراضي، فالأزمة على الجميع، والجميع يعانون، إلا أننا لا نستطيع ملاحقة كل شخص والتدخّل معه”. ويضيف: “كما في كل شيء، الدولة تسحب يدها وتترك الناس يتخبّطون. والمشكلة أن المالكين ما زالوا يعانون مع الإيجارات القديمة التي سببتها أيضاً أزمة ارتفاع الدولار قبل سنوات، ولا نعرف إن كان ما يحصل اليوم سيؤدي أيضاً إلى أزمة في الإيجارات تشبه ما عشناه مع الإيجارات القديمة”. 

فيما تهدد البطالة حوالى مليون مواطن على الأراضي اللبناني، وفق تحذيرات “المؤسسة الدولية للمعلومات” ويناطح الدولار الـ7000 ليرة، يبدو السؤال عن شوارع المرح والسهر عبثياً تراجيدياً. لكنّه سؤال في العمق، فبيروت التي نعرفها والتي نريدها، ليست بيروت ناطحات السحاب ولا بيروت الدين العام ولا بيروت الطرق غير الصالحة ولا بيروت الجسور التي يبدأ العمل بها ويرجّح ألا ينتهي، بيروت التي نعرفها والتي نريدها هي بيروت الفرح والرقص والموسيقى والحب… وهذه الـ”بيروت” مهدّدة الآن، في العمق.