fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

حرية الصحافة في اليمن وسؤال الحرية المعلق

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما يجري في اليمن لم تتم الكتابة عنه وتغطيته بشكل كافٍ بعد، ورغم أن روحي مثقلة بوجع على ما يصيب بلدي، فإن عزائي هو جيل من الصحافيين يعملون بشغف وثقة رغم التحديات الكبيرة، ما يعكس الإصرار على والصمود في وجه القمع.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يشير تقرير صادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” (Reporters Without Borders) حول مؤشر حرية الصحافة العالمي للعام ٢٠٢٤، الذي يقوم بتصنيف ١٨٠ دولة حول العالم، إلى أن اليمن تحتل المرتبة ١٥٤، أي قريبة من الدول التي تواجه أكبر القيود والقمع على الصحافة. 

في العام السابق ٢٠٢٣، كانت اليمن تحتل مرتبة أسوأ (المرتبة ١٦٤) على المؤشر نفسه، وبالتالي، فإن اليمن قد حققت بعض التحسن في مجال حرية الصحافة، حيث تقدمت ١٠ مراتب في تصنيف العام ٢٠٢٤ مقارنة بالعام ٢٠٢٣. 

هذا التقدم البسيط يشير إلى بعض التحسن في وضع حرية الصحافة في اليمن، لكنه لا يزال يعني أن اليمن تواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، حيث أن المرتبة ١٥٤ تعتبر مرتبة متدنية نسبياً، مما يشير إلى أن حرية الصحافة في اليمن، لا تزال مقيدة بشدة وتواجه صعوبات كبيرة. 

يشير تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” إلى أنه “منذ عام ٢٠١٤، يواصل الصراع العسكري في اليمن تمزيق البلاد، مخلفاً عواقب وخيمة للغاية على حرية الصحافة. الصحافيون في اليمن يواجهون الخطف، التهديدات، والاعتقال لمجرد نشر تدوينة، ويعيشون في بيئة قانونية معقدة، حيث لا ينالون استحسان السلطات إلا إذا أظهروا ولاءهم”.

  رغم التحديات الهائلة والقيود الشديدة التي واجهتها الصحافة في اليمن على مر السنوات، إلا أن هناك نمواً ملحوظاً في المشهد الإعلامي، خاصة في الصحافة الرقمية. 

بدأتُ مشواري في الصحافة عام ٢٠٠٨، وغالباً ما كنت أتلقى نصيحة من المحيطين بي بأن “أتجنب السياسة”، التزمتُ بهذه النصيحة بجدية، وركزتُ على تغطية قضايا المجتمع، الثقافة، السياحة، والفنون في صحيفة “يمن أوبزرفر” الناطقة بالإنجليزية التي كنت أعمل فيها.

كان الشغف يحركني لرواية ما يحصل في اليمن، خصوصاً أن التغطية الصحافية كانت ضعيفة، رأيتُ قصة صحافية في كل من يصادفني، واستمتعت بكل لقاء صحافي أجريته مع شرائح مختلفة.

مع الوقت استوعبتُ معنى التحذير من تجنب السياسة، مع تصاعد نفوذ الرقابة على الصحافة. تكررت حالات إغلاق الصحف، واعتقال الصحافيين، واحتجاز قادة الرأي، والاعتداءات على الصحافيين ومحاكمتهم في محكمة أمن الدولة المختصة بقضايا الإرهاب. الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان يسعى لإقرار تشريعات لمحاكمة الصحافيين الذين يسيئون له أو لكبار المسؤولين. 

بدا واضحاً أن الصحافة في اليمن ليست بمهمة آمنة، ومع ذلك، كنت معجبة بشدة بكل الصحافيين والصحافيات الذين يتحدون كل هذه القيود، ويكتبون ويناقشون قضايا اليمن بثقة وشغف، وتابعت عمود الإعلامية الراحلة رؤوفة حسن الأسبوعي، حيث كانت تناقش كل المواضيع، وتابعت قضية الصحافي المعتقل عبد الإله حيدر شايع، الذي اعتقل بسبب عمله الصحافي وكشفه دور الولايات المتحدة الأميركية في هجوم بالقنابل العنقودية الذي أودى بحياة العشرات، كان من الصعب عدم العثور على الإلهام في كل ذلك، وفي أعمال آخرين من الصحافيين والإعلاميين اليمنيين. 

مرت السنوات، وأصبح من الصعب عليّ الكتابة عن المواضيع “الناعمة”، بينما تتدهور أوضاع اليمن ويتزايد الفساد بالتحديد، واليمن في طريقها لتكريس موقعها كدولة فاشلة. 

في ٢٠١١ اندلعت ثورة اليمن بشكل تلقائي، وجدت نفسي أنغمس في متابعة أحداث الاحتجاجات، وكان أول تقرير كتبته بعنوان: “نريد تغييراً، وليس عنفاً” وكان هذا تصريحاً لأحد الناشطين. 

لم يعجب هذا التقرير مالك الصحيفة فارس السنباني، الذي كان سكرتيراً للرئيس علي عبدالله صالح. أذكر المشهد كأنه البارحة، دخل السنباني غرفة التحرير بغضب، ووضع نسخة من الصحيفة التي تحتوي على الخبر الذي أعددته على مكتبي، ورسم دائرة كبيرة بالقلم الأحمر على العنوان، وقال بصوت عالٍ: “غير مقبول”، ثم خرج مسرعاً وسط صمت الجميع.

عدت لتغطية المواضيع “البسيطة” للصحيفة، ولكن بدأتُ أنشر كل ما يخص المظاهرات والثورة على مدونتي، أصبحت التغطية صعبة جداً، منذ اللحظة التي سالت فيها دماء المتظاهرين، وتلك كانت المرحلة التي أصابتني في الصميم، من وقتها، اليمن في ذاكرتي ملطخة بالكثير من الدماء.

خلال السنوات العشر الماضية، كانت اليمن في حالة “من حرب إلى حرب”، هكذا أصف وضع اليمن لمن يسألني، وعادة ما يصلني الرد: “لابد أنك دائماً مشغولة”ممن يعرف أنني أعمل صحافية أغطي الشأن اليمني. 

أتابع صراعات اليمن منذ سنوات، ولم أسمع أخباراً سعيدة إلا نادراً، أصعب مرحلة كانت عندما تعمقت في عملي كباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” من ٢٠١٩ إلى ٢٠٢٢، اللقاءات التي أجريتها مع ضحايا الحرب كانت تدمي القلب، كنت في توتر مستمر، والأرق كان يرافقني دائماً، ساعات الدوام العادية لم تكن تكفي لمواكبة حجم ملف اليمن الحقوقي المأسوي.

لن أنسى لقاءً أجريته، حيث أخبرني أحد أقارب ضحية في مأرب، كيف سقط الصاروخ عليهم أثناء جلسة القات، أو ما أخبرتني به أم شاب عمره ١٩ عاماً، مختفٍ منذ شهور، بعد أن ذهب للتقدم للتجنيد في سيئون براتب ٥٠ دولاراً، لكنه لم يعد بعد، مشاهدة الفيديوهات مرة بعد أخرى، لأشلاء الضحايا بعد قصف منازل في صنعاء والتحقق من حداثتها ومصداقيتها، بات لصيقاً بذاكرتي، ومعها صدى العديد من الشهادات. 

بعد عملي في “هيومن رايتس ووتش”، بدأت العمل في “المركز العربي” في واشنطن في مجال البحث وتحليل السياسات، في عملي أعتمد كثيراً على أعمال الصحافيين اليمنيين، رغم أن وسائل الإعلام اليمنية تأثرت سلباً بالحرب على مستويات متعددة، إلا أن المشهد الصحافي اليمني اليوم، ممتلئ بالطاقات أكثر من أي وقت مضى، ويعتمد بشكل كبير على الصحافة الرقمية. 

خسرت اليمن خلال الأعوام الماضية ما لا يقل عن ٤٩ صحافياً  لقوا حتفهم منذ عام ٢٠١١ جراء النزاع المسلح، الانتهاكات واسعة النطاق ضد الصحافة، جعلت اليمن أحد أخطر الأماكن للعمل كصحافي، قصص الصحافيين المعتقلين السابقين عما تعرضوا له أثناء الاعتقال قصص مأسوية،  وما هو مأسوي بحق أن عدداً من الصحافيين اليمنيين الجديين، تركوا مهنة الصحافة واتجهوا إلى قراهم لرعي الغنم وزراعة الأراضي، بعد أن استحال استمرارهم في هذه المهنة، وهناك من هاجر وقدم لجوءاً في أقصى بقاع الأرض، تفتك بيومه صعوبة الاندماج، وعقله وقلبه لا يزالان في اليمن. 

في الوقت نفسه الصحافة الرقمية اليمنية تشق طريقها، عندما أقارن بين عدد الصحافيين والإعلاميين اليمنيين، الذين يستخدمون الصحافة الرقمية بين عام ٢٠١١ أي عندما بدأت نشاطي على وسائل التواصل الاجتماعي واليوم، أجد أن العدد في تزايد مستمر، خصوصاً بين اليمنيين الناطقين باللغة الإنجليزية. 

في ٢٠١١، كان من المعتاد أن تجد ندوة أو برنامجاً تلفزيونياً عن اليمن، يتحدث فيه خبير غربي، كان هناك ما يشبه الاحتكار من قبل خبراء الشرق الأوسط الغربيين على هذه المساحات، مع الوقت، ومع تزايد عدد الصحافيين والباحثين اليمنيين الناطقين باللغة الإنجليزية، تغير الوضع تماماً، أنا شخصياً سعيدة لأنني استطعت اختراق هذه المساحات، وأنا الفتاة اليمنية القادمة من حارة الرقاص المتواضعة في قلب مدينة صنعاء.

ما يجري في اليمن لم تتم الكتابة عنه وتغطيته بشكل كافٍ بعد، ورغم أن روحي مثقلة بوجع على ما يصيب بلدي، فإن عزائي هو جيل من الصحافيين يعملون بشغف وثقة رغم التحديات الكبيرة، ما يعكس الإصرار على والصمود في وجه القمع. 

ما يجري في اليمن لم تتم الكتابة عنه وتغطيته بشكل كافٍ بعد، ورغم أن روحي مثقلة بوجع على ما يصيب بلدي، فإن عزائي هو جيل من الصحافيين يعملون بشغف وثقة رغم التحديات الكبيرة، ما يعكس الإصرار على والصمود في وجه القمع.


يشير تقرير صادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” (Reporters Without Borders) حول مؤشر حرية الصحافة العالمي للعام ٢٠٢٤، الذي يقوم بتصنيف ١٨٠ دولة حول العالم، إلى أن اليمن تحتل المرتبة ١٥٤، أي قريبة من الدول التي تواجه أكبر القيود والقمع على الصحافة. 

في العام السابق ٢٠٢٣، كانت اليمن تحتل مرتبة أسوأ (المرتبة ١٦٤) على المؤشر نفسه، وبالتالي، فإن اليمن قد حققت بعض التحسن في مجال حرية الصحافة، حيث تقدمت ١٠ مراتب في تصنيف العام ٢٠٢٤ مقارنة بالعام ٢٠٢٣. 

هذا التقدم البسيط يشير إلى بعض التحسن في وضع حرية الصحافة في اليمن، لكنه لا يزال يعني أن اليمن تواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، حيث أن المرتبة ١٥٤ تعتبر مرتبة متدنية نسبياً، مما يشير إلى أن حرية الصحافة في اليمن، لا تزال مقيدة بشدة وتواجه صعوبات كبيرة. 

يشير تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” إلى أنه “منذ عام ٢٠١٤، يواصل الصراع العسكري في اليمن تمزيق البلاد، مخلفاً عواقب وخيمة للغاية على حرية الصحافة. الصحافيون في اليمن يواجهون الخطف، التهديدات، والاعتقال لمجرد نشر تدوينة، ويعيشون في بيئة قانونية معقدة، حيث لا ينالون استحسان السلطات إلا إذا أظهروا ولاءهم”.

  رغم التحديات الهائلة والقيود الشديدة التي واجهتها الصحافة في اليمن على مر السنوات، إلا أن هناك نمواً ملحوظاً في المشهد الإعلامي، خاصة في الصحافة الرقمية. 

بدأتُ مشواري في الصحافة عام ٢٠٠٨، وغالباً ما كنت أتلقى نصيحة من المحيطين بي بأن “أتجنب السياسة”، التزمتُ بهذه النصيحة بجدية، وركزتُ على تغطية قضايا المجتمع، الثقافة، السياحة، والفنون في صحيفة “يمن أوبزرفر” الناطقة بالإنجليزية التي كنت أعمل فيها.

كان الشغف يحركني لرواية ما يحصل في اليمن، خصوصاً أن التغطية الصحافية كانت ضعيفة، رأيتُ قصة صحافية في كل من يصادفني، واستمتعت بكل لقاء صحافي أجريته مع شرائح مختلفة.

مع الوقت استوعبتُ معنى التحذير من تجنب السياسة، مع تصاعد نفوذ الرقابة على الصحافة. تكررت حالات إغلاق الصحف، واعتقال الصحافيين، واحتجاز قادة الرأي، والاعتداءات على الصحافيين ومحاكمتهم في محكمة أمن الدولة المختصة بقضايا الإرهاب. الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان يسعى لإقرار تشريعات لمحاكمة الصحافيين الذين يسيئون له أو لكبار المسؤولين. 

بدا واضحاً أن الصحافة في اليمن ليست بمهمة آمنة، ومع ذلك، كنت معجبة بشدة بكل الصحافيين والصحافيات الذين يتحدون كل هذه القيود، ويكتبون ويناقشون قضايا اليمن بثقة وشغف، وتابعت عمود الإعلامية الراحلة رؤوفة حسن الأسبوعي، حيث كانت تناقش كل المواضيع، وتابعت قضية الصحافي المعتقل عبد الإله حيدر شايع، الذي اعتقل بسبب عمله الصحافي وكشفه دور الولايات المتحدة الأميركية في هجوم بالقنابل العنقودية الذي أودى بحياة العشرات، كان من الصعب عدم العثور على الإلهام في كل ذلك، وفي أعمال آخرين من الصحافيين والإعلاميين اليمنيين. 

مرت السنوات، وأصبح من الصعب عليّ الكتابة عن المواضيع “الناعمة”، بينما تتدهور أوضاع اليمن ويتزايد الفساد بالتحديد، واليمن في طريقها لتكريس موقعها كدولة فاشلة. 

في ٢٠١١ اندلعت ثورة اليمن بشكل تلقائي، وجدت نفسي أنغمس في متابعة أحداث الاحتجاجات، وكان أول تقرير كتبته بعنوان: “نريد تغييراً، وليس عنفاً” وكان هذا تصريحاً لأحد الناشطين. 

لم يعجب هذا التقرير مالك الصحيفة فارس السنباني، الذي كان سكرتيراً للرئيس علي عبدالله صالح. أذكر المشهد كأنه البارحة، دخل السنباني غرفة التحرير بغضب، ووضع نسخة من الصحيفة التي تحتوي على الخبر الذي أعددته على مكتبي، ورسم دائرة كبيرة بالقلم الأحمر على العنوان، وقال بصوت عالٍ: “غير مقبول”، ثم خرج مسرعاً وسط صمت الجميع.

عدت لتغطية المواضيع “البسيطة” للصحيفة، ولكن بدأتُ أنشر كل ما يخص المظاهرات والثورة على مدونتي، أصبحت التغطية صعبة جداً، منذ اللحظة التي سالت فيها دماء المتظاهرين، وتلك كانت المرحلة التي أصابتني في الصميم، من وقتها، اليمن في ذاكرتي ملطخة بالكثير من الدماء.

خلال السنوات العشر الماضية، كانت اليمن في حالة “من حرب إلى حرب”، هكذا أصف وضع اليمن لمن يسألني، وعادة ما يصلني الرد: “لابد أنك دائماً مشغولة”ممن يعرف أنني أعمل صحافية أغطي الشأن اليمني. 

أتابع صراعات اليمن منذ سنوات، ولم أسمع أخباراً سعيدة إلا نادراً، أصعب مرحلة كانت عندما تعمقت في عملي كباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” من ٢٠١٩ إلى ٢٠٢٢، اللقاءات التي أجريتها مع ضحايا الحرب كانت تدمي القلب، كنت في توتر مستمر، والأرق كان يرافقني دائماً، ساعات الدوام العادية لم تكن تكفي لمواكبة حجم ملف اليمن الحقوقي المأسوي.

لن أنسى لقاءً أجريته، حيث أخبرني أحد أقارب ضحية في مأرب، كيف سقط الصاروخ عليهم أثناء جلسة القات، أو ما أخبرتني به أم شاب عمره ١٩ عاماً، مختفٍ منذ شهور، بعد أن ذهب للتقدم للتجنيد في سيئون براتب ٥٠ دولاراً، لكنه لم يعد بعد، مشاهدة الفيديوهات مرة بعد أخرى، لأشلاء الضحايا بعد قصف منازل في صنعاء والتحقق من حداثتها ومصداقيتها، بات لصيقاً بذاكرتي، ومعها صدى العديد من الشهادات. 

بعد عملي في “هيومن رايتس ووتش”، بدأت العمل في “المركز العربي” في واشنطن في مجال البحث وتحليل السياسات، في عملي أعتمد كثيراً على أعمال الصحافيين اليمنيين، رغم أن وسائل الإعلام اليمنية تأثرت سلباً بالحرب على مستويات متعددة، إلا أن المشهد الصحافي اليمني اليوم، ممتلئ بالطاقات أكثر من أي وقت مضى، ويعتمد بشكل كبير على الصحافة الرقمية. 

خسرت اليمن خلال الأعوام الماضية ما لا يقل عن ٤٩ صحافياً  لقوا حتفهم منذ عام ٢٠١١ جراء النزاع المسلح، الانتهاكات واسعة النطاق ضد الصحافة، جعلت اليمن أحد أخطر الأماكن للعمل كصحافي، قصص الصحافيين المعتقلين السابقين عما تعرضوا له أثناء الاعتقال قصص مأسوية،  وما هو مأسوي بحق أن عدداً من الصحافيين اليمنيين الجديين، تركوا مهنة الصحافة واتجهوا إلى قراهم لرعي الغنم وزراعة الأراضي، بعد أن استحال استمرارهم في هذه المهنة، وهناك من هاجر وقدم لجوءاً في أقصى بقاع الأرض، تفتك بيومه صعوبة الاندماج، وعقله وقلبه لا يزالان في اليمن. 

في الوقت نفسه الصحافة الرقمية اليمنية تشق طريقها، عندما أقارن بين عدد الصحافيين والإعلاميين اليمنيين، الذين يستخدمون الصحافة الرقمية بين عام ٢٠١١ أي عندما بدأت نشاطي على وسائل التواصل الاجتماعي واليوم، أجد أن العدد في تزايد مستمر، خصوصاً بين اليمنيين الناطقين باللغة الإنجليزية. 

في ٢٠١١، كان من المعتاد أن تجد ندوة أو برنامجاً تلفزيونياً عن اليمن، يتحدث فيه خبير غربي، كان هناك ما يشبه الاحتكار من قبل خبراء الشرق الأوسط الغربيين على هذه المساحات، مع الوقت، ومع تزايد عدد الصحافيين والباحثين اليمنيين الناطقين باللغة الإنجليزية، تغير الوضع تماماً، أنا شخصياً سعيدة لأنني استطعت اختراق هذه المساحات، وأنا الفتاة اليمنية القادمة من حارة الرقاص المتواضعة في قلب مدينة صنعاء.

ما يجري في اليمن لم تتم الكتابة عنه وتغطيته بشكل كافٍ بعد، ورغم أن روحي مثقلة بوجع على ما يصيب بلدي، فإن عزائي هو جيل من الصحافيين يعملون بشغف وثقة رغم التحديات الكبيرة، ما يعكس الإصرار على والصمود في وجه القمع.