على رغم صدور قرار منع ترحيل حاملي التأشيرة الأميركية والمقيمين شرعياً في الولايات المتحدة، إلا أنه تم ترحيل رشا علوية، وهي طبيبة تعمل أستاذة مساعدة في كلية الطب بجامعة براون، من رود آيلاند بالولايات المتحدة إلى لبنان. وكانت رشا (34 عاماً) تقيم في الولايات المتحدة منذ 2018، إلا أنها احتُجزت عند عودتها من لبنان ورُحّلت لاحقًا، ما أثار جدلاً قانونياً حول انتهاك السلطات الأمر القضائي.
الى جانب حادثة رشا، تناول الإعلام الأميركي قصة ترحيل كاميلا مونيو المقيمة في الولايات المتحدة منذ 2018، إذ تم احتجازها خلال حملة ترحيل نفذتها وكالة ICE، على الرغم من عدم وجود سجل جنائي لها. كاميلا جمعتها قصة حب مع برادلي بارتيل الذي يحاول بدوره حالياً مع محاميها ومنظمات حقوق الإنسان الطعن في قرار ترحيلها، أملًا بلمّ شملهما مجدداً.
وفضلاً عن رشا وكاميلا، وثقت صحيفة “يو إس إيه توداي” من خلال محامي وأفراد عائلة ووثائق اطلعت عليها، من أن إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) احتجزت لأسابيع امرأة في الخمسينات من عمرها، عاشت في البلاد لأكثر من 30 عاماً ومتزوجة من مواطن أميركي، وأخرى في الثلاثينات من عمرها تحمل إثبات إقامة قانونية دائمة سارية المفعول، والدها وإخوتها مواطنون أميركيون، قدمت إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى في سن المراهقة.
بالإضافة الى امرأة أخرى أوروبية في الثلاثينات من عمرها مخطوبة لمواطن أميركي تجاوزت مدة تأشيرتها عندما كانت في الحادية والعشرين من عمرها، وامرأة مخطوبة لمقيم دائم قانوني في الولايات المتحدة، عاشت معه لمدة تسع سنوات.
هذه حالات من بين آلاف الحالات المهددة بالترحيل أو التي تم ترحيلها بالفعل منذ تولي دونالد ترامب السلطة في كانون الثاني/ يناير المنصرم، أي خلال شهرين فقط.
بالتأكيد ما يحدث في بلد بُني على أساس الهجرة هو سابقة مثل سابقات اعتدنا متابعتها مع حكم ترامب، بخاصة في ما يتعلق بتجاوز السلطات القضائية، ويبدو أن هذه ليست إلا البداية.
منذ أن تسلم ترامب مقاليد الحكم ثانيةً وهو في حالة انتقام واضحة، بدأت مع تسريح الآلاف من موظفي مصلحة الضرائب في منتصف موسم تقديم الإقرارات الضريبية، وهو الذي خاض معارك كبيرة خلال الأعوام الماضية حول إقراراته الضريبية، إذ لم تكن هيئة الضرائب الفيدرالية تحقق في سجلات ترامب الضريبية خلال الأعوام الأولى لرئاسته الماضية، إلا أنها بدأت ذلك بعد مطالبة الديمقراطيين، وهو ما جعل الأمر شخصياً لترامب في ما يبدو.
كثراً مِن بين مَن تم تسريحهم أو ترحيلهم أو ترحيل ذويهم، كانوا قد انتخبوا ترامب رئيساً للبلاد في جولته الثانية.
خطوة التسريح التالية التي قام بها ترامب، استهدفت الصحافيين، وذلك من خلال تجميد عمل منتسبي إذاعة صوت أميركا، وباقي وسائل الإعلام الممولة من حكومة الولايات المتحدة بهدف مواجهة الإعلام الروسي والصيني وغيرهما، والذين توقف عملهم في لحظة مفاجئة.
ومن بين تلك المحطات، قناة “الحرة” الأميركية الناطقة بالعربية، والتي ما زالت قيد البث، لكن الموظفين أكدوا أنهم يعملون بجدول يومي لا يُعرف تاريخ صلاحيته. ومن المعروف أن إدارة ترامب في رئاسته الماضية، صرفت أموالاً طائلة لتحديث صورة “الحرة” وإطلاقها بحلّة جديدة، واستقدمت الكثير من الصحافيين، بخاصة من الإمارات، وعلى رأسهم نارت بوران الذي عاد لاحقاً الى العمل في الإمارات، على رغم وجود أسماء مهمة آنذاك في الولايات المتحدة، مثل حافظ الميرازي وجمال خاشقجي اللذين كانا مرشحين لرئاسة تحرير القناة. وهذا ما يناقض سياسات ترامب التي يصدح بها حول أهمية توطين الوظائف والحد من الاستقدام الخارجي، كما أن ترامب كان عين كاري ليك في كانون الأول/ ديسمبر الماضي مديرة لصوت أميركا، “لضمان بث القيم الأميركية للحرية والليبرالية في جميع أنحاء العالم بشكل عادل ودقيق، على عكس الأكاذيب التي تنشرها وسائل الإعلام الإخبارية المزيفة” بحسب وصفه. إلا أنه قرر في منتصف آذار/ مارس الحالي إنهاء عمل هذه الوسائل الإعلامية الحكومية كافة لتوفير الأموال.
من جهتها، تجنبت ليك الرد على الإدارات بعد هذا القرار، الذي يبدو أنه فاجأها بقدر ما فاجأ منتسبي القنوات أنفسهم. تخبّط يوحي بحجم إنصات ترامب الى ما يمليه عليه المستشارون.
هذه القنوات استقدمت كفاءات من الدول الموجّه إليها البث، ووطنّتهم من ثم في أميركا، إلا أن كثراً منهم لم يحصلوا بعد على الوثائق القانونية، وهو ما يعني ترحيل مزيد من المقيمين في الولايات المتحدة وأسرهم.
ما يفعله رجل الأعمال بهذه الخطوات الانتقامية الارتجالية، سيضع البلاد في حالة اقتصادية خطرة، فهؤلاء الموظفون المسرحون سيدخلون في عداد البطالة، وبعضهم سيترك خلفه قروضاً كبيرة كان اقترضها للتملك وغيره. خطوة ستهزم العقار والبنوك، وترفع معدلات البطالة، وبالطبع سيؤثر ذلك على أمور عدة أخرى وسط تضخم كبير تعيشه البلاد وتحذيرات من ركود على الأبواب، وفي ظل أسواق الأسهم المتقلبة، فهل يعي حضرة الرئيس وأعوانه حجم الفوضى التي سيتسببون فيها والتي قد تقود البلاد الى تظاهرات وانقسامات قريبة!
نعلم مسبقاً أن ترامب منبهر منذ القديم بالتجربة الخليجية على النطاقات كافة، وقد أشاد في حملاته الانتخابية الأولى بقطاع الطيران في كل من قطر والإمارات، كما اختار السعودية لزيارته الأولى الرسمية، وغير ذلك من العلاقات القوية والإعجاب بثروات الخليج، ولعله لم يسمع بعد بنظام الكفالة الذي قد يعينه كثيراً لتحقيق آمال عنصريته المقيتة وخلق الطبقية بشكل أوضح في البلاد، ولعله أيضاً لم يشاهد أو يقرأ بعد “حياة الماعز”!
جدير بالذكر أن كثراً مِن بين مَن تم تسريحهم أو ترحيلهم أو ترحيل ذويهم، كانوا قد انتخبوا ترامب رئيساً للبلاد في جولته الثانية.
إقرأوا أيضاً: