fbpx

خلاف بين حاكم مصرف لبنان بالإنابة ووزير المال يحرم المودعين أموالهم 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعيش المودعون لدى المصارف اللبنانية حالة من الضياع، خصوصاً أولئك الذين يتّكلون على وديعتهم لتأمين قوت يومهم. فيما تمارس المصارف اللبنانية برمّتها سياسة الاقتطاع أو “الهيركات” على أموالهم، لأن سعر الصرف فيها أقل من السعر الصرف الرسمي الذي حدّده منصوري، وهو 89500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“يسرقون أموالنا بقوّة القانون”، بهذه الكلمات اختصر إيلي شمعون، وهو أب لشابّيْن في الجامعة، اضطراره لسحب وديعته من المصرف بشكل مقنّن وعلى سعر صرف غير رسمي (15 ألف ليرة لبنانية)، فقط لتأمين أقساط الجامعات وأدويته المزمنة.  

“كل ما يُحكى عن هذه الخطة فارغٌ وتضييعٌ للوقت”، هكذا عبّر توفيق كاسبار، الخبير المالي، عن سعي وزارة المال في حكومة تصريف الأعمال الحالية، الى رفع سعر صرف الدولار في المصارف إلى 25 ألف ليرة وربما أكثر، مضيفاً أن الهدف الأساسي إلهاء الناس لبعض الوقت.  

منذ بداية العام الحالي، لا يوجد سعر صرف مصرفي موحّد في لبنان، معنى ذلك أنه لا معدّل لتحويل سعر صرف الليرة اللبنانية إلى الدولار والعكس صحيح، لأنه العمل توقّف بالتعميم 151 الصادر عن مصرف لبنان، والذي يفرض على المصارف إعطاء المودعين أموالهم المودعة بالدولار على سعر صرف 15 ألف ليرة  لكل دولار أميركي. 

وُضع هذا القرار بقلم حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في 19 نيسان/ أبريل 2023، على أن تنتهي مدته في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023، ويعدّل في ما بعد. لكن ذلك لم يحصل، والطلاق قائم بين حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري من جهة، وبين وزير المال يوسف خليل والحكومة برئاسة نجيب ميقاتي من جهة ثانية.  

سرقة المودعين؟  

عندما يتوجّه شمعون لسحب جزء من وديعته لتسديد بعض النفقات، كأقساط الجامعة وأدوية مزمنة وفواتير المستشفى، مرفقاً ذلك ببيانات تثبت حاجته الى المبلغ، من حسابه الخاص، يحصل على عرض من إدارة المصرف.  

مضمون العرض عبارة عن اقتصاص أكثر لأمواله، إذ تقول الإدارة له: “سنعطيك مبلغاً أكبر من الذي تحتاجه، لكن على سعر صرف 15 ألف ليرة لبنانية”، الأمر الذي يعتبره شمعون “سرقة مقوننة” لأمواله.  

هذا ما أكده أيضاً مصدر داخل جمعية “صرخة المودعين”، إذ يتلقّى عبرها شكاوى كثيرة من المودعين الذين يتجنّبون خسارة ما تبقّى من أموالهم. وأشار المصدر في حديثه مع “درج”، إلى أن “المصارف تعطي المودع فتاتاً من حقه الطبيعي”، مضيفاً أن المصارف تحاول رفع سقف السحوبات إذا كان المودع بحاجة ملحّة الى المبلغ، لكن بالليرة اللبنانية، لتكون المستفيدة الأكبر من هذه الخطة.  

إجراءات غير قانونيّة  

يعيش المودعون لدى المصارف اللبنانية حالة من الضياع، خصوصاً أولئك الذين يتّكلون على وديعتهم لتأمين قوت يومهم. فيما تمارس المصارف اللبنانية برمّتها سياسة الاقتطاع أو “الهيركات” على أموالهم، لأن سعر الصرف فيها أقل من السعر الصرف الرسمي الذي حدّده منصوري، وهو 89500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد.  

لا تطبّق المصارف هذا القرار، الأمر الذي يُعتبر غير قانوني، خصوصاً أن المصارف اللبنانية تمارس “الكابيتال كونترول”، أي تحديد سقف السحوبات، و”الهيركات” بطريقة غير شرعية.  

خطورة القرار تكمن في عدم شرعيّته والقدرة على الالتفاف حوله، مثلاً إذا كان الحد الأقصى للسحوبات المصرفية 150 دولاراً، وفقاً للتعميم 151، ورغب المودع في سحب مبلغ أكبر من ذلك، فسيضطر لسحب القيمة الإضافية بالليرة اللبنانية على سعر 25 ألفاً.  

الخبير الاقتصادي علي نور الدين، يلفت لـ”درج” إلى أن باستطاعة مصرف لبنان رفع قيمة السحب بالدولار من الأساس، كون القرارات التي تصدر في هذا الخصوص هي مجرّد تعاميم لها صلاحية تنتهي بعد مدّة. حتى أنه بإمكان المصارف ألا تطبّق هذا القرار، وبالتالي إجبار المودع على سحب وديعته بالليرة اللبنانية على سعر 25 ألفاً.  

بين مصرف لبنان ووزارة المالية  

يؤكد نور الدين أن تراشق المسؤوليات بين مصرف لبنان ووزارة المالية هو سيّد الموقف حالياً، قائلاً إن منصوري رمى الكرة في ملعب وزير المال يوسف خليل والحكومة اللبنانية لأنه لا يريد تحمّل مسؤولية هذا القرار.  

يضيف نورالدين أن منصوري دفع لتمرير رفع سعر الصرف في المصارف إلى 25 ألف ليرة لبنانيّة، وألحّ على النائب علي حسن خليل عبر لجنة المال والموازنة، لإقراره في قانون الموازنة، لكنه لم ينجح، وبالتالي توجّه للضغط على وزارة المال.  

حاولنا التواصل مع وزير المال يوسف خليل لكنه لم يجب، إلاّ أنه نفى عبر الإعلام تحديد سعر الصرف للسحوبات بـ25 ألف ليرة لبنانية قائلا: “البتّ في هذا الموضوع أصبح أمراً ملحّاً لتفادي التضليل والاستنسابية وإطاحة حقّ المودعين”.  

 فيما يؤكد مصدر مقرّب من منصوري لـ”درج”، أن الأخير لا يريد التلاعب بسعر الصرف في المصارف اللبنانية، على أن يعتمد سعر الصرف الرسمي وهو89500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد. ويضيف المصدر أن أي قرار من دون ذلك سيكون مجحفاً بحق المودعين.  

المصارف تتنصّل  

تشير مصادر في مصارف مختلفة لـ”درج”، الى أنها حتى الآن لم تستلم قراراً حول رفع سعر الصرف لديها، وحتى الآن لا خطّة واضحة لسحب المودعين أموالهم. إذ يؤكّد مصدر في “بنك بيروت” أنهم ما زالوا يطبّقون التعميم 151، أي السحب وفق سعر 15 ألف ليرة لبنانية. فيما يوضح مصدر آخر في “المصرف العربي”، ألا سياسة محدّدة، فالمودع يسحب بالدولار فقط مع سقف محدّد.  

18.03.2024
زمن القراءة: 4 minutes

يعيش المودعون لدى المصارف اللبنانية حالة من الضياع، خصوصاً أولئك الذين يتّكلون على وديعتهم لتأمين قوت يومهم. فيما تمارس المصارف اللبنانية برمّتها سياسة الاقتطاع أو “الهيركات” على أموالهم، لأن سعر الصرف فيها أقل من السعر الصرف الرسمي الذي حدّده منصوري، وهو 89500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد.


“يسرقون أموالنا بقوّة القانون”، بهذه الكلمات اختصر إيلي شمعون، وهو أب لشابّيْن في الجامعة، اضطراره لسحب وديعته من المصرف بشكل مقنّن وعلى سعر صرف غير رسمي (15 ألف ليرة لبنانية)، فقط لتأمين أقساط الجامعات وأدويته المزمنة.  

“كل ما يُحكى عن هذه الخطة فارغٌ وتضييعٌ للوقت”، هكذا عبّر توفيق كاسبار، الخبير المالي، عن سعي وزارة المال في حكومة تصريف الأعمال الحالية، الى رفع سعر صرف الدولار في المصارف إلى 25 ألف ليرة وربما أكثر، مضيفاً أن الهدف الأساسي إلهاء الناس لبعض الوقت.  

منذ بداية العام الحالي، لا يوجد سعر صرف مصرفي موحّد في لبنان، معنى ذلك أنه لا معدّل لتحويل سعر صرف الليرة اللبنانية إلى الدولار والعكس صحيح، لأنه العمل توقّف بالتعميم 151 الصادر عن مصرف لبنان، والذي يفرض على المصارف إعطاء المودعين أموالهم المودعة بالدولار على سعر صرف 15 ألف ليرة  لكل دولار أميركي. 

وُضع هذا القرار بقلم حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في 19 نيسان/ أبريل 2023، على أن تنتهي مدته في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023، ويعدّل في ما بعد. لكن ذلك لم يحصل، والطلاق قائم بين حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري من جهة، وبين وزير المال يوسف خليل والحكومة برئاسة نجيب ميقاتي من جهة ثانية.  

سرقة المودعين؟  

عندما يتوجّه شمعون لسحب جزء من وديعته لتسديد بعض النفقات، كأقساط الجامعة وأدوية مزمنة وفواتير المستشفى، مرفقاً ذلك ببيانات تثبت حاجته الى المبلغ، من حسابه الخاص، يحصل على عرض من إدارة المصرف.  

مضمون العرض عبارة عن اقتصاص أكثر لأمواله، إذ تقول الإدارة له: “سنعطيك مبلغاً أكبر من الذي تحتاجه، لكن على سعر صرف 15 ألف ليرة لبنانية”، الأمر الذي يعتبره شمعون “سرقة مقوننة” لأمواله.  

هذا ما أكده أيضاً مصدر داخل جمعية “صرخة المودعين”، إذ يتلقّى عبرها شكاوى كثيرة من المودعين الذين يتجنّبون خسارة ما تبقّى من أموالهم. وأشار المصدر في حديثه مع “درج”، إلى أن “المصارف تعطي المودع فتاتاً من حقه الطبيعي”، مضيفاً أن المصارف تحاول رفع سقف السحوبات إذا كان المودع بحاجة ملحّة الى المبلغ، لكن بالليرة اللبنانية، لتكون المستفيدة الأكبر من هذه الخطة.  

إجراءات غير قانونيّة  

يعيش المودعون لدى المصارف اللبنانية حالة من الضياع، خصوصاً أولئك الذين يتّكلون على وديعتهم لتأمين قوت يومهم. فيما تمارس المصارف اللبنانية برمّتها سياسة الاقتطاع أو “الهيركات” على أموالهم، لأن سعر الصرف فيها أقل من السعر الصرف الرسمي الذي حدّده منصوري، وهو 89500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد.  

لا تطبّق المصارف هذا القرار، الأمر الذي يُعتبر غير قانوني، خصوصاً أن المصارف اللبنانية تمارس “الكابيتال كونترول”، أي تحديد سقف السحوبات، و”الهيركات” بطريقة غير شرعية.  

خطورة القرار تكمن في عدم شرعيّته والقدرة على الالتفاف حوله، مثلاً إذا كان الحد الأقصى للسحوبات المصرفية 150 دولاراً، وفقاً للتعميم 151، ورغب المودع في سحب مبلغ أكبر من ذلك، فسيضطر لسحب القيمة الإضافية بالليرة اللبنانية على سعر 25 ألفاً.  

الخبير الاقتصادي علي نور الدين، يلفت لـ”درج” إلى أن باستطاعة مصرف لبنان رفع قيمة السحب بالدولار من الأساس، كون القرارات التي تصدر في هذا الخصوص هي مجرّد تعاميم لها صلاحية تنتهي بعد مدّة. حتى أنه بإمكان المصارف ألا تطبّق هذا القرار، وبالتالي إجبار المودع على سحب وديعته بالليرة اللبنانية على سعر 25 ألفاً.  

بين مصرف لبنان ووزارة المالية  

يؤكد نور الدين أن تراشق المسؤوليات بين مصرف لبنان ووزارة المالية هو سيّد الموقف حالياً، قائلاً إن منصوري رمى الكرة في ملعب وزير المال يوسف خليل والحكومة اللبنانية لأنه لا يريد تحمّل مسؤولية هذا القرار.  

يضيف نورالدين أن منصوري دفع لتمرير رفع سعر الصرف في المصارف إلى 25 ألف ليرة لبنانيّة، وألحّ على النائب علي حسن خليل عبر لجنة المال والموازنة، لإقراره في قانون الموازنة، لكنه لم ينجح، وبالتالي توجّه للضغط على وزارة المال.  

حاولنا التواصل مع وزير المال يوسف خليل لكنه لم يجب، إلاّ أنه نفى عبر الإعلام تحديد سعر الصرف للسحوبات بـ25 ألف ليرة لبنانية قائلا: “البتّ في هذا الموضوع أصبح أمراً ملحّاً لتفادي التضليل والاستنسابية وإطاحة حقّ المودعين”.  

 فيما يؤكد مصدر مقرّب من منصوري لـ”درج”، أن الأخير لا يريد التلاعب بسعر الصرف في المصارف اللبنانية، على أن يعتمد سعر الصرف الرسمي وهو89500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد. ويضيف المصدر أن أي قرار من دون ذلك سيكون مجحفاً بحق المودعين.  

المصارف تتنصّل  

تشير مصادر في مصارف مختلفة لـ”درج”، الى أنها حتى الآن لم تستلم قراراً حول رفع سعر الصرف لديها، وحتى الآن لا خطّة واضحة لسحب المودعين أموالهم. إذ يؤكّد مصدر في “بنك بيروت” أنهم ما زالوا يطبّقون التعميم 151، أي السحب وفق سعر 15 ألف ليرة لبنانية. فيما يوضح مصدر آخر في “المصرف العربي”، ألا سياسة محدّدة، فالمودع يسحب بالدولار فقط مع سقف محدّد.