قبل خمس سنوات، عانت شركة توصيل أميركية من ارتفاع في معدلات دوران العمالة. وفي سبيل سعي الشركة إلى إيجاد حل لهذه المشكلة، بدأ المديرون استقدام اللاجئين من المنطقة المحلية وتوظيفهم.وتراجعت معدلات دوران العمالة من 13 في المئة إلى 2 في المئة. وصارت النسبة اليوم 20 في المئة من موظفي الشركة من اللاجئين.
جاءت هذه القصة من “معهد السياسات المالية” Fiscal Policy Institute، الذي نشر تقريراً عن نتائج توظيف اللاجئين، بمساعدة “مؤسسة الخيمة” Tent Foundation، وهي منظمة غير ربحية تساعد اللاجئين للعثور على عمل. ولم يُكشف عن هوية الشركات التي شملتها الدراسة في مقابل البيانات المتعلقة بالعمالة.
يأتي هذا التقرير في وقت وصل فيه عدد اللاجئين الذين أُعيد توطينهم في الولايات المتحدة إلى مستويات منخفضة قياسية في ظل الإدارة الحالية. وعلى رغم هذه البيئة السياسية التي تتسم بالتقييد المتزايد، فإن أعداد اللاجئين الذين يبحثون عن عمل تنمو، بحسب ما ذُكر في التقرير.
وعموماً، وجد التقرير أن معدل دوران الموظفين اللاجئين أقل من غيرهم من الموظفين في 19 أو 26 شركة في مختلف الصناعات، ومعدل دوران الموظفين ذاته في أربع شركات. ووجد التقرير أن الشركات التي تدفع رواتب أكثر، كانت لديها معدلات دوران أقل.
ووفقاً للتقرير، فإن ارتفاع معدلات استبقاء الموظفين، توفر للشركات في المتوسط 5200 دولار لكل موظف سنوياً. وقد بلغ معدل دوران الموظفين اللاجئين بين الشركات التي تم استعراضها في مجال الصناعات التحويلية، التي تُمثل القطاع الثاني الرائد في مجال توظيف اللاجئين، إلى 4 في المئة، مقارنة بمعدل 11 في المئة السائد في هذا المجال.
أما بالنسبة إلى شركة التوصيل المذكورة أعلاه، فقد حقق توظيف اللاجئين “نجاحاً باهراً”. وقال أحد المديرين لمؤلفي التقرير: “يعتبر التسليم في الوقت المحدد من أهم سمات النجاح، كما يتوقف الأمر على الجودة، في حين تظل المعرفة المتبقية ثابتة هنا، وأعتقد أن لدينا الآن قوة عاملة أكثر ترابطاً”. وأردف قائلاً: “أعتقد أن السبب هو أننا حاولنا العثور على الأشخاص المناسبين الذين يمكنهم البدء والارتقاء في نهاية المطاف داخل المؤسسة، بدلاً من البحث عن الأشخاص ذوي المهارات المكتسبة في أماكن أخرى”.
تعهدت شركات مختلفة في السنوات الأخيرة بتوظيف اللاجئين، وغالباً ما تُبرَّر هذه العمليات بأنها خطوة إنسانية، وفقاً لما ذكره موقع “كوارتز” Quartz الأميركي.
وأفاد الموقع بأنه على سبيل المثال، تعهدت شركة المقاهي الأميركية، “ستاربكس” بتوظيف 10000 لاجئ، وتخطط شركة وي وورك WeWork الأميركية لتوظيف 1500 لاجئ، وتصل القوى العاملة في شركة شوباني Chobani المتخصصة في تصنيع الألبان، حالياً إلى ما بين 30 في المئة إلى 40 في المئة من اللاجئين والمهاجرين.
قال أحد أصحاب العمل إلى معهد السياسات المالية ومؤسسة الخيمة: “إذا كنت تستطيع أن تكون جزءاً من تغيير حياة شخص واحد، فهذا أمر مجزٍ”، وأضاف: “يُطرد اللاجئون من هناك. لكن الجميع في حاجة إلى مرشد وخبير- والجميع يحتاجون إلى دليل وبعض المساعدة على طول الطريق”.
يشير ذلك التقرير الجديد إلى أنه على رغم وجود دوافع إنسانية، فإن توظيف اللاجئين يُعد أيضاً قراراً تجارياً ذكياً. ويقول جيدون مالتز، المدير التنفيذي لمؤسسة الخيمة، لموقع كوارتز: “هناك صورة نمطية تُشير إلى أن اللاجئين كسالى أو لا يريدون المساهمة”. وأردف: “إنهم يساهمون بشكل هائل من الناحية الاقتصادية. لكن بشكل أكثر تحديداً، هم موظفون رائعون”.
وقال أصحاب العمل الذين أجريت معهم المقابلات عند إعداد التقرير إن اللاجئين يعملون بجد ويُمكن الاعتماد عليهم والثقة بهم، وإن وجودهم قد سمح لهم بأن يكونوا أرباب عمل أفضل بشكل عام من خلال إجبار الشركات على التكيف مع الفروق الثقافية التي تُعد من سمات المجتمع الجديد.
غالباً ما تكون اللغة أكبر عقبة تواجههم، لكن الشركات التي تستثمر في دورات التدريب اللغوي ترى معدلات استبقاء أعلى للموظفين.إضافة إلى ذلك تتكيف الشركات بطرائق أخرى أيضاً.
وجدت إحدى الشركات على سبيل المثال، أنه من الأفضل أن تكون مرنة في أوقات الوصول والمغادرة بسبب الانتقالات الطويلة التي يواجهها بعض اللاجئين. ووجدت شركة أخرى أن توسيع نطاق سياسات الإجازات في حالات الوفاة للاجئين أمر منطقي بالنسبة إلى الشركة بأكملها، لأنه يسمح للأشخاص بالشعور بالحزن وبالتالي تحسين الإنتاجية الكلية.
ووجدت شركة أخرى أن استيعاب اللاجئين أدى إلى تحسين قدرتها على استيعاب المجتمعات المهمشة الأخرى، مثل السجناء السابقين.
قال أحد مديري الشركات للمؤلفين، وهو يروي مقابلة عمل أجراها مع أحد السجناء السابقين: “لقد أجريت مقابلة مع رجل كان سجيناً سابقاً، وكان لديه وشم في جميع أنحاء عنقه”. وسأل الرجل “هل ستكون هذه مشكلة؟” فقلت له “يا صديقي، سوف تتأقلم وتندمج هنا بسهولة”. وأكد المدير: “لقد تعلمنا الكثير من خلال العمل مع اللاجئين”.
عموماً، وجدت الشركات أن توظيف اللاجئين له تأثير الشبكة. فبعد تعيين موظف واحد، يقوم هو أو هي بالترويج للشركة لأفراد المجتمع. وعندما يُدمج لاجئ واحد في ثقافة الشركة، يصبح من الأسهل دمج الآخرين.
على رغم أن حجم عينة التقرير صغيرة، إلا أن النتائج تظهر أن اللاجئين ليسوا أشخاصاً يستحقون الشفقة. بدلاً من ذلك، فهم عمال يعملون بكل جد ويريدون فقط الوقوف على أقدامهم من جديد.
قال أحد أصحاب العمل في التقرير “إنه الحلم الأميركي. ومن الرائع رؤيته يتحقق”.
كتب جو مكارثي، وهو صانع محتوى يعمل لمصلحة مجلة Global Citizen، وتخرج من جامعة ولاية كونيتيكت الجنوبية، أنه يؤمن بأن اللامبالاة أكبر خطر يهدد الجهود الرامية إلى خلق عالم أكثر عدلاً ويحاول قصارى جهده للبقاء منفتح الذهن وفضولياً. وقد ساعده العيش في مدينة نيويورك على أن يبقى مدركاً كيفية ارتباط عالمنا ببعضه بعضاً..
هذا المقال مترجم عن موقع global citizen ولقراءة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي