fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

رحلتي مع اكتئاب ما بعد الولادة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كنت أظن أن هذه الحالة سترافقني مدى الحياة، ولكن الآن وأنا أشاهد أطفالي يكبرون، أشعر بالسعادة والفخر. لقد علمتني هذه التجربة أهمية الاعتناء بنفسي، فصحة الأم العقلية والنفسية تؤثر بشكل مباشر على صحة عائلتها. فمفهوم التضحية اللامتناهية الذي يتوقعه مجتمعنا من الأمهات هو أمر غير واقعي لا بل مؤذٍ وسام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل سمعتم بالـ Post-partum Depression أو ما يُعرف باكتئاب ما بعد الولادة؟ يمكن لواحدة من كل سبع نساء أن تصاب بهذا النوع من الاكتئاب. أنا كنت إحدى هؤلاء الأمهات! أكتب هذا المقال اليوم لأخبركم عن رحلتي الطويلة مع اكتئاب ما بعد الولادة، عن فقدان الشغف، عن الانعزال، عن صعوبة تجربة الأمومة بالنسبة لي، ولكن أيضاً أكتب عن كيف تمكّنت أخيراً، بعد سنوات عدة، من إيجاد ذاتي وسط كل التحديات!

تعاني ٨٠ في المئة من الأمهات الجدد من “الكآبة النفاسية” أو ما يعرف بالـ baby blues بعد الولادة. لكن نحو 1 من كل 10 من هؤلاء النساء تصاب باكتئاب أكثر حدة وأطول أمداً، وهو ما يُعرف باكتئاب ما بعد الولادة. في حين أن النساء اللاتي يعانين من “الكآبة النفاسية” يملن إلى التعافي بسرعة، فإن اكتئاب ما بعد الولادة يستمر لفترة أطول ويؤثر بشدة على قدرة المرأة على العودة إلى حياتها ووظيفتها الطبيعية، كما يؤثر على علاقتها بالرضيع.

تحديات الأمومة

قبل أن أصبح أماً في عام 2014، كنت موظفة بدوام كامل في قسم الطوارئ في إحدى أكبر مستشفيات بيروت، لكنني قدمت استقالتي بعد ولادة طفلتي. لم يكن هذا الخيار سهلاً، ولكنه كان ضرورياً. كنت على يقين بأن دوام وظيفتي الطويل وبُعد مكان سكني عن مكان عملي لن يسمحا لي بتمضية الوقت اللازم مع طفلتي. شعرت أن أفضل خيار هو ترك الوظيفة والتفرغ للاعتناء بمولودتي الجديدة. أردت تقديم أفضل رعاية لها، والبقاء لساعات طويلة بعيدة عنها لم يكن ليسمح بذلك.

لا شك في أن الاهتمام بطفل رضيع مسؤولية كبيرة تتطلب الكثير من الجهد، وهو جهد غالباً ما يكون غير مقدّر بالشكل الكافي في المجتمع أو في سوق العمل. بينما تُمنح النساء في الدول الأوروبية، مثل النرويج، إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 49 أسبوعاً بـ 80 في المئة من الراتب، فيما تكتفي الدولة اللبنانية بـ 10 أسابيع مدفوعة فقط للأم. 

وبقدر ما تحمل الأمومة من حب وحنان وروابط عظيمة بين الأم وطفلها، إلا أنها تقلب حياة الأهل رأساً على عقب. لقد كانت الأمومة بالنسبة اليّ مهمة صعبة جداً وتتطلب الكثير من البذل والتضحية. كالكثير من الأمهات الجدد، بدأت أعاني من الـ baby blues، وسرعان ما تحوّلت الحالة إلى اكتئاب طويل الأمد، مكث معي نحو ثلاث سنوات وعزلني عن محيطي الاجتماعي وعن سوق العمل بشكلٍ كبير.

الكآبة النفاسية

استناداً الى موقع WEBMD، تعاني 80 في المئة من الأمهات الجدد من “الكآبة النفاسية” في الأيام التي تلي الولادة مباشرة. قد تستمر “الكآبة النفاسية” لبضع ساعات فقط أو لمدة تتراوح من أسبوع إلى أسبوعين بعد الولادة. وتشعر الأم خلالها بتقلبات مزاجية مفاجئة، مثل الشعور بالسعادة المفرطة ثم الشعور بالحزن الشديد، وقد تصيبها نوبات بكاء من دون سبب. كما يمكن أن تشعر بنفاد الصبر، والقلق، والوحدة، والحزن. 

على رغم أنّ معظم النساء يتخلّصن من “الكآبة النفاسية” بعد مدّة قصيرة، تستمر معاناة عدد من النساء الأخريات، وكنت أنا إحداهنّ.

يقولون إن الكتابة تشفي؛ لعل الكتابة عن تجربتي تساعدني في محو ما تبقى من هذه المعاناة وتساعد كل أم تمر بتجربة مماثلة.

اكتئاب ما بعد الولادة

مع مرور الوقت، لم تزل حالة “الكآبة النفاسية” التي عانيت منها، بل تطورت لتصبح ما يسمى بالـ postpartum depression. كانت الأيام تمر بثقلها علي، إذ كنت أمضي معظم وقتي في المنزل أقدم الرعاية لطفلتي، شعرت فيها بالحزن واليأس والذنب وانعدام القيمة. كان الوقت يمر بطيئاً جداً وكنت أشعر أنني أُستنزف يومياً. لقد قتل هذا الشعور أي رغبة في الحياة في داخلي، وفقدت أي روابط مع حياتي السابقة: غياب الحياة الاجتماعية وعدم ممارسة الهوايات والنشاطات التي كانت تخفف عني وتجدد طاقتي، وفقدان الشغف في أي شيء.

استمرت حالتي هذه لثلاث سنوات، شعرت فيها بالكثير من الكآبة والوحدة. كان يجب عليّ استشارة اختصاصي منذ البداية وإدراك مدى أهمية الاعتناء بصحتي النفسية من أجلي ومن أجل أطفالي. فكيف يمكن للمرأة أن تعطي وكأسها فارغ؟ لكني لم أدرك ذلك إلا بعد مرور سنوات، حين قررت استشارة اختصاصية نفسية. ساعدني ذلك كثيراً على تخطي كآبتي. كان مفيداً للغاية التحدث عن مخاوفي والعثور على طرق أفضل للتعامل مع مشاعري، والاستجابة للمواقف بطريقة إيجابية، وتحديد أهداف واقعية، وإيجاد حلول للمشكلات التي تواجهني. لا شكّ في أنني كنت محظوظة بزوج داعم، فالكثير من النساء يجدن أنفسهنّ محاطين ببيئة غير متفهّمة وغير حاضنة.

أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

اكتئاب ما بعد الولادة هو شكل من أشكال الاكتئاب الشديد ويرتبط بتغيرات كيميائية واجتماعية ونفسية تحدث عند إنجاب طفل. تشعر الأم بمشاعر مشابهة لمشاعر “الكآبة النفاسية” ولكن بقوة أكبر. غالباً ما يمنع الاكتئاب الأم من القيام بالأشياء التي تحتاج إلى القيام بها، وقد تزداد الأعراض سوءاً إذا لم تحصل على العلاج. 

قد تشعر الأمهات الجدد بضغوط ويتعرضن لأحكام مسبقة، حتى من أحبائهن ذوي النوايا الحسنة، ويمكن أن تؤدي هذه التوقعات إلى تفاقم المأساة.

تشمل أعراض اكتئاب ما بعد الولادة:

الشعور بالحزن والقلق والتوتر والإرهاق

مشاعر الذنب وانعدام القيمة

العزلة الاجتماعية وتجنب الأنشطة التي كانت ممتعة سابقاً

صعوبة في العناية بالنفس، بالطفل، أو بالعائلة

صعوبة في التفكير أو التركيز

صعوبة في التواصل مع الطفل

تغيرات في الشهية أو عدم الأكل

البكاء من دون سبب أو بكاء مفرط

صعوبة في النوم

الألم، مثل الصداع أو آلام المعدة

وهنا لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى أنّ ربع الرجال يعانون من اكتئاب ما بعد الولادة خلال السنة الأولى من حياة أطفالهم بحسب موقع Psychology today. ويحث الخبراء الأزواج على البحث عن علاج لاكتئاب ما بعد الولادة معاً، بغض النظر عن أي منهم يعاني من الأعراض.

ما بعد الاكتئاب!

كنت أظن أن هذه الحالة سترافقني مدى الحياة، ولكن الآن وأنا أشاهد أطفالي يكبرون، أشعر بالسعادة والفخر. لقد علمتني هذه التجربة أهمية الاعتناء بنفسي، فصحة الأم العقلية والنفسية تؤثر بشكل مباشر على صحة عائلتها. فمفهوم التضحية اللامتناهية الذي يتوقعه مجتمعنا من الأمهات هو أمر غير واقعي لا بل مؤذٍ وسام.

قبل عامين، قررت العودة إلى سوق العمل بعد غياب دام ثماني سنوات، واجهت خلالها الكثير من الصعوبات والضغوط النفسية. على رغم كل التحديات، ساعدتني هذه العودة إلى عملي في المجال الصحي على استعادة التوازن في حياتي وتعزيز ثقتي بنفسي بعد نحو عقد من الشعور بالإحباط وانعدام الثقة. لقد منحتني هذه التجربة إحساساً بالهوية، ما ساعدني على إعادة التواصل مع ذاتي.

لا شك في أن الأمومة تمثل مدرسة كبيرة في الصبر والحب والتفاني والتضحية. وعلى رغم أنه من الضروري تزويد أطفالنا بالحب والحنان الذي يحتاجونه، لكن يجب علينا ألا نغفل أهمية الاعتناء بأنفسنا والحفاظ على صحتنا العقلية والعاطفية والجسدية.

أشارك تجربتي هنا لأنني اليوم أدرك أهمية زيادة الوعي حول اكتئاب ما بعد الولادة وانتشاره، لمساعدة المصابين به، إذ يمكن لذلك أن يساهم بشكل كبير في تخفيف معاناتهم. على أمل أن تتجدد القوانين في لبنان التي تدعم الأم وتتيح لها فرصة خلق التوازن المناسب في حياتها.

على الرغم من مرور الوقت، كانت كتابة هذا المقال تجربة صعبة، إذ اختلطت مشاعر الحزن والغضب بداخلي أثناء استعراض ذكرياتي مع الاكتئاب. يقولون إن الكتابة تشفي؛ لعل الكتابة عن تجربتي تساعدني في محو ما تبقى من هذه المعاناة وتساعد كل أم تمر بتجربة مماثلة.

نجيب جورج عوض - باحث سوري | 21.03.2025

هيئة تحرير الشام، الطائفية، و”ميتريكس” سوريا الموازية

في سوريا الحالية الواقعية، لا يوجد خيار ولا كبسولتان ولا حتى مورفيوس: إما أن تنصاع لحقيقة هيمنة ميتريكس سوريا الافتراضية الموازية الذي أحضرته الهيئة معها من تجربة إدلب، أو عليك أن تتحول إلى ضحية وهدف مشروعين أمام خالقي الميتريكس وحراسه في سبيل ترسيخ وتحقيق هيمنة الميتريكس المذكور على الواقع.
30.08.2024
زمن القراءة: 5 minutes

كنت أظن أن هذه الحالة سترافقني مدى الحياة، ولكن الآن وأنا أشاهد أطفالي يكبرون، أشعر بالسعادة والفخر. لقد علمتني هذه التجربة أهمية الاعتناء بنفسي، فصحة الأم العقلية والنفسية تؤثر بشكل مباشر على صحة عائلتها. فمفهوم التضحية اللامتناهية الذي يتوقعه مجتمعنا من الأمهات هو أمر غير واقعي لا بل مؤذٍ وسام.

هل سمعتم بالـ Post-partum Depression أو ما يُعرف باكتئاب ما بعد الولادة؟ يمكن لواحدة من كل سبع نساء أن تصاب بهذا النوع من الاكتئاب. أنا كنت إحدى هؤلاء الأمهات! أكتب هذا المقال اليوم لأخبركم عن رحلتي الطويلة مع اكتئاب ما بعد الولادة، عن فقدان الشغف، عن الانعزال، عن صعوبة تجربة الأمومة بالنسبة لي، ولكن أيضاً أكتب عن كيف تمكّنت أخيراً، بعد سنوات عدة، من إيجاد ذاتي وسط كل التحديات!

تعاني ٨٠ في المئة من الأمهات الجدد من “الكآبة النفاسية” أو ما يعرف بالـ baby blues بعد الولادة. لكن نحو 1 من كل 10 من هؤلاء النساء تصاب باكتئاب أكثر حدة وأطول أمداً، وهو ما يُعرف باكتئاب ما بعد الولادة. في حين أن النساء اللاتي يعانين من “الكآبة النفاسية” يملن إلى التعافي بسرعة، فإن اكتئاب ما بعد الولادة يستمر لفترة أطول ويؤثر بشدة على قدرة المرأة على العودة إلى حياتها ووظيفتها الطبيعية، كما يؤثر على علاقتها بالرضيع.

تحديات الأمومة

قبل أن أصبح أماً في عام 2014، كنت موظفة بدوام كامل في قسم الطوارئ في إحدى أكبر مستشفيات بيروت، لكنني قدمت استقالتي بعد ولادة طفلتي. لم يكن هذا الخيار سهلاً، ولكنه كان ضرورياً. كنت على يقين بأن دوام وظيفتي الطويل وبُعد مكان سكني عن مكان عملي لن يسمحا لي بتمضية الوقت اللازم مع طفلتي. شعرت أن أفضل خيار هو ترك الوظيفة والتفرغ للاعتناء بمولودتي الجديدة. أردت تقديم أفضل رعاية لها، والبقاء لساعات طويلة بعيدة عنها لم يكن ليسمح بذلك.

لا شك في أن الاهتمام بطفل رضيع مسؤولية كبيرة تتطلب الكثير من الجهد، وهو جهد غالباً ما يكون غير مقدّر بالشكل الكافي في المجتمع أو في سوق العمل. بينما تُمنح النساء في الدول الأوروبية، مثل النرويج، إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 49 أسبوعاً بـ 80 في المئة من الراتب، فيما تكتفي الدولة اللبنانية بـ 10 أسابيع مدفوعة فقط للأم. 

وبقدر ما تحمل الأمومة من حب وحنان وروابط عظيمة بين الأم وطفلها، إلا أنها تقلب حياة الأهل رأساً على عقب. لقد كانت الأمومة بالنسبة اليّ مهمة صعبة جداً وتتطلب الكثير من البذل والتضحية. كالكثير من الأمهات الجدد، بدأت أعاني من الـ baby blues، وسرعان ما تحوّلت الحالة إلى اكتئاب طويل الأمد، مكث معي نحو ثلاث سنوات وعزلني عن محيطي الاجتماعي وعن سوق العمل بشكلٍ كبير.

الكآبة النفاسية

استناداً الى موقع WEBMD، تعاني 80 في المئة من الأمهات الجدد من “الكآبة النفاسية” في الأيام التي تلي الولادة مباشرة. قد تستمر “الكآبة النفاسية” لبضع ساعات فقط أو لمدة تتراوح من أسبوع إلى أسبوعين بعد الولادة. وتشعر الأم خلالها بتقلبات مزاجية مفاجئة، مثل الشعور بالسعادة المفرطة ثم الشعور بالحزن الشديد، وقد تصيبها نوبات بكاء من دون سبب. كما يمكن أن تشعر بنفاد الصبر، والقلق، والوحدة، والحزن. 

على رغم أنّ معظم النساء يتخلّصن من “الكآبة النفاسية” بعد مدّة قصيرة، تستمر معاناة عدد من النساء الأخريات، وكنت أنا إحداهنّ.

يقولون إن الكتابة تشفي؛ لعل الكتابة عن تجربتي تساعدني في محو ما تبقى من هذه المعاناة وتساعد كل أم تمر بتجربة مماثلة.

اكتئاب ما بعد الولادة

مع مرور الوقت، لم تزل حالة “الكآبة النفاسية” التي عانيت منها، بل تطورت لتصبح ما يسمى بالـ postpartum depression. كانت الأيام تمر بثقلها علي، إذ كنت أمضي معظم وقتي في المنزل أقدم الرعاية لطفلتي، شعرت فيها بالحزن واليأس والذنب وانعدام القيمة. كان الوقت يمر بطيئاً جداً وكنت أشعر أنني أُستنزف يومياً. لقد قتل هذا الشعور أي رغبة في الحياة في داخلي، وفقدت أي روابط مع حياتي السابقة: غياب الحياة الاجتماعية وعدم ممارسة الهوايات والنشاطات التي كانت تخفف عني وتجدد طاقتي، وفقدان الشغف في أي شيء.

استمرت حالتي هذه لثلاث سنوات، شعرت فيها بالكثير من الكآبة والوحدة. كان يجب عليّ استشارة اختصاصي منذ البداية وإدراك مدى أهمية الاعتناء بصحتي النفسية من أجلي ومن أجل أطفالي. فكيف يمكن للمرأة أن تعطي وكأسها فارغ؟ لكني لم أدرك ذلك إلا بعد مرور سنوات، حين قررت استشارة اختصاصية نفسية. ساعدني ذلك كثيراً على تخطي كآبتي. كان مفيداً للغاية التحدث عن مخاوفي والعثور على طرق أفضل للتعامل مع مشاعري، والاستجابة للمواقف بطريقة إيجابية، وتحديد أهداف واقعية، وإيجاد حلول للمشكلات التي تواجهني. لا شكّ في أنني كنت محظوظة بزوج داعم، فالكثير من النساء يجدن أنفسهنّ محاطين ببيئة غير متفهّمة وغير حاضنة.

أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

اكتئاب ما بعد الولادة هو شكل من أشكال الاكتئاب الشديد ويرتبط بتغيرات كيميائية واجتماعية ونفسية تحدث عند إنجاب طفل. تشعر الأم بمشاعر مشابهة لمشاعر “الكآبة النفاسية” ولكن بقوة أكبر. غالباً ما يمنع الاكتئاب الأم من القيام بالأشياء التي تحتاج إلى القيام بها، وقد تزداد الأعراض سوءاً إذا لم تحصل على العلاج. 

قد تشعر الأمهات الجدد بضغوط ويتعرضن لأحكام مسبقة، حتى من أحبائهن ذوي النوايا الحسنة، ويمكن أن تؤدي هذه التوقعات إلى تفاقم المأساة.

تشمل أعراض اكتئاب ما بعد الولادة:

الشعور بالحزن والقلق والتوتر والإرهاق

مشاعر الذنب وانعدام القيمة

العزلة الاجتماعية وتجنب الأنشطة التي كانت ممتعة سابقاً

صعوبة في العناية بالنفس، بالطفل، أو بالعائلة

صعوبة في التفكير أو التركيز

صعوبة في التواصل مع الطفل

تغيرات في الشهية أو عدم الأكل

البكاء من دون سبب أو بكاء مفرط

صعوبة في النوم

الألم، مثل الصداع أو آلام المعدة

وهنا لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى أنّ ربع الرجال يعانون من اكتئاب ما بعد الولادة خلال السنة الأولى من حياة أطفالهم بحسب موقع Psychology today. ويحث الخبراء الأزواج على البحث عن علاج لاكتئاب ما بعد الولادة معاً، بغض النظر عن أي منهم يعاني من الأعراض.

ما بعد الاكتئاب!

كنت أظن أن هذه الحالة سترافقني مدى الحياة، ولكن الآن وأنا أشاهد أطفالي يكبرون، أشعر بالسعادة والفخر. لقد علمتني هذه التجربة أهمية الاعتناء بنفسي، فصحة الأم العقلية والنفسية تؤثر بشكل مباشر على صحة عائلتها. فمفهوم التضحية اللامتناهية الذي يتوقعه مجتمعنا من الأمهات هو أمر غير واقعي لا بل مؤذٍ وسام.

قبل عامين، قررت العودة إلى سوق العمل بعد غياب دام ثماني سنوات، واجهت خلالها الكثير من الصعوبات والضغوط النفسية. على رغم كل التحديات، ساعدتني هذه العودة إلى عملي في المجال الصحي على استعادة التوازن في حياتي وتعزيز ثقتي بنفسي بعد نحو عقد من الشعور بالإحباط وانعدام الثقة. لقد منحتني هذه التجربة إحساساً بالهوية، ما ساعدني على إعادة التواصل مع ذاتي.

لا شك في أن الأمومة تمثل مدرسة كبيرة في الصبر والحب والتفاني والتضحية. وعلى رغم أنه من الضروري تزويد أطفالنا بالحب والحنان الذي يحتاجونه، لكن يجب علينا ألا نغفل أهمية الاعتناء بأنفسنا والحفاظ على صحتنا العقلية والعاطفية والجسدية.

أشارك تجربتي هنا لأنني اليوم أدرك أهمية زيادة الوعي حول اكتئاب ما بعد الولادة وانتشاره، لمساعدة المصابين به، إذ يمكن لذلك أن يساهم بشكل كبير في تخفيف معاناتهم. على أمل أن تتجدد القوانين في لبنان التي تدعم الأم وتتيح لها فرصة خلق التوازن المناسب في حياتها.

على الرغم من مرور الوقت، كانت كتابة هذا المقال تجربة صعبة، إذ اختلطت مشاعر الحزن والغضب بداخلي أثناء استعراض ذكرياتي مع الاكتئاب. يقولون إن الكتابة تشفي؛ لعل الكتابة عن تجربتي تساعدني في محو ما تبقى من هذه المعاناة وتساعد كل أم تمر بتجربة مماثلة.