fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

رسالة إلى مواطنينا في الخارج: السكوت علامة الوجع 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لن يقتنع أهلنا وأحباؤنا في الخارج أن ظروفنا المعيشية تتطلب منا أن نتناسى مطالبهم بالحرية والعدالة والمساواة. فالحرية صارت كلمة لا معنى لها. والعدالة والمساواة تحققت فالحرمان يوزع بسخاء بين الجميع.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

السكوت علامة الوجع.

في تغريبتنا السورية مستويات عديدة من المعاناة. ولكن الاختلاف مع أقربائنا وأصدقائنا والمتواصلين معنا من خارج البلاد هو أشدّها إشكالية وقسوة.

قد تكون حياتنا في سورية خيارنا المتعمّد أو لا تكون. وهذه مبدئياً حرية شخصية لا يوافق عليها أحد ممن يعيش في الظلال الوارفة للديموقراطيات الحرة الغربية. فكلنا موصومون ضمنياً بأحكام مسبقة أشد صرامة من قانون قيصر كأشخاص يكفّرون عن أخطاء لم يرتكبوها.

فنحن مدانون بأننا ننفذ ما يطلب منا دون اعتراض. 

وبأننا لا نخرج في الطرقات لنصرخ في وجه السلطات التي تحكمنا بسبب الظلم الذي يقع علينا أو على اللاجئين في الخارج.

 وبأننا نقبل بالعدوان الإسرائيلي. 

ولا نتعاطف مع ضحايا القتل بسبب غارات جيشنا على فصائل المعارضة.   

لن يقتنع أهلنا وأحباؤنا في الخارج أن ظروفنا المعيشية تتطلب منا أن نتناسى مطالبهم بالحرية والعدالة والمساواة. فالحرية صارت كلمة لا معنى لها. والعدالة والمساواة تحققت فالحرمان يوزع بسخاء بين الجميع.

نحن الذين يجب أن نتفهّم همومهم الأرستقراطية في الحنين للحارات القديمة ورائحة الياسمين وصور أول مطرة، وأول ثلجة، والمطاعم الشعبية وذكريات الطفولة، بشرط أن لا نظهر في إطار الصور.

ونحن الذين علينا أن نزودهم كل يوم بأخبار بؤسنا، ونزدري معهم أية مظاهر فرح في هذا البلد المكّرس للاكتآب والعتمة.

يعلّقون على الأخبار الثقافية والرياضية بسخرية ووجوه ضاحكة. يقابلون أخبار بطولاتنا الصغيرة بتحليلات فلسفية وعلمية, أما الاحتفالات فهي فاحشة كبرى  وخصوصاً إذا كانت المناسبة عيداَ وطنياً. وإذا نشرنا صورة جماعية لسهرة عائلية نكون قد وقعنا في شر أعمالنا إذا أصيب أحدنا بعدوى الكوفيد ونصبح ناكرين للقواعد الصحية وعيشتنا ملوّثة بسبب تواجدنا في بيئة جاهلة متخلّفة.

وإذا كان الوجه المشرق لقضية تساهلنا مع أهلنا في الخارج هو الدعم المادي الذي تتكّل عليه معظم العائلات لتعيش فإن ثمنه أصبح ثقيلاً على القلب.

وهكذا صار الموت البريستيج الوحيد المسموح به للسوريين في الداخل. وبالأمس أضيف تقييد جديد على المحتضرين الالتزام به وهو أن لا يموتوا بسبب البرد. فالشابة التي توفيت و شُخّص سبب وفاتها بجلطة دموية بسبب البرد أعاد القائمون على مصلحة البلد تحليل الحادثة وتبين أن البرد لم يكن سبب موتها.

لقد أضحت المحافظة على وتيرة أخبار الشقاء مهمة بائسة. وبدأنا نقصّر في شتم الجهات التي تؤرق ضمائر المغتربين لأسباب متعدّدة وأهمها أننا لا نريد “وهن عزيمة الأمّة”. 

فلم نعد نظهر التعاطف الكافي على صور الجثث المرمية بين أكوام الثلج أو أكوام النفايات .

وصرنا نلف كالدراويش نلملم أطراف أثوابنا وذكرياتنا وأحلامنا. 

نحن نحاول أن نعيد إحياء الحياة لنصدر لهم أخبار الموت بأشكال جديدة. لنغذي جذوة عواطفهم. 

لم يعد السكوت علامة الرضا، أصبح علامة الوجع .

نشكر عواطفهم 

نشكر تعاطفهم 

أغلقوا الشاشات الحمقاء الآن كي نعود لممارسة متلازمة استوكهولم الخاصة بنا.

لقد انتهت فقرة البكاء.

إقرأوا أيضاً:

30.01.2022
زمن القراءة: 2 minutes

لن يقتنع أهلنا وأحباؤنا في الخارج أن ظروفنا المعيشية تتطلب منا أن نتناسى مطالبهم بالحرية والعدالة والمساواة. فالحرية صارت كلمة لا معنى لها. والعدالة والمساواة تحققت فالحرمان يوزع بسخاء بين الجميع.

السكوت علامة الوجع.

في تغريبتنا السورية مستويات عديدة من المعاناة. ولكن الاختلاف مع أقربائنا وأصدقائنا والمتواصلين معنا من خارج البلاد هو أشدّها إشكالية وقسوة.

قد تكون حياتنا في سورية خيارنا المتعمّد أو لا تكون. وهذه مبدئياً حرية شخصية لا يوافق عليها أحد ممن يعيش في الظلال الوارفة للديموقراطيات الحرة الغربية. فكلنا موصومون ضمنياً بأحكام مسبقة أشد صرامة من قانون قيصر كأشخاص يكفّرون عن أخطاء لم يرتكبوها.

فنحن مدانون بأننا ننفذ ما يطلب منا دون اعتراض. 

وبأننا لا نخرج في الطرقات لنصرخ في وجه السلطات التي تحكمنا بسبب الظلم الذي يقع علينا أو على اللاجئين في الخارج.

 وبأننا نقبل بالعدوان الإسرائيلي. 

ولا نتعاطف مع ضحايا القتل بسبب غارات جيشنا على فصائل المعارضة.   

لن يقتنع أهلنا وأحباؤنا في الخارج أن ظروفنا المعيشية تتطلب منا أن نتناسى مطالبهم بالحرية والعدالة والمساواة. فالحرية صارت كلمة لا معنى لها. والعدالة والمساواة تحققت فالحرمان يوزع بسخاء بين الجميع.

نحن الذين يجب أن نتفهّم همومهم الأرستقراطية في الحنين للحارات القديمة ورائحة الياسمين وصور أول مطرة، وأول ثلجة، والمطاعم الشعبية وذكريات الطفولة، بشرط أن لا نظهر في إطار الصور.

ونحن الذين علينا أن نزودهم كل يوم بأخبار بؤسنا، ونزدري معهم أية مظاهر فرح في هذا البلد المكّرس للاكتآب والعتمة.

يعلّقون على الأخبار الثقافية والرياضية بسخرية ووجوه ضاحكة. يقابلون أخبار بطولاتنا الصغيرة بتحليلات فلسفية وعلمية, أما الاحتفالات فهي فاحشة كبرى  وخصوصاً إذا كانت المناسبة عيداَ وطنياً. وإذا نشرنا صورة جماعية لسهرة عائلية نكون قد وقعنا في شر أعمالنا إذا أصيب أحدنا بعدوى الكوفيد ونصبح ناكرين للقواعد الصحية وعيشتنا ملوّثة بسبب تواجدنا في بيئة جاهلة متخلّفة.

وإذا كان الوجه المشرق لقضية تساهلنا مع أهلنا في الخارج هو الدعم المادي الذي تتكّل عليه معظم العائلات لتعيش فإن ثمنه أصبح ثقيلاً على القلب.

وهكذا صار الموت البريستيج الوحيد المسموح به للسوريين في الداخل. وبالأمس أضيف تقييد جديد على المحتضرين الالتزام به وهو أن لا يموتوا بسبب البرد. فالشابة التي توفيت و شُخّص سبب وفاتها بجلطة دموية بسبب البرد أعاد القائمون على مصلحة البلد تحليل الحادثة وتبين أن البرد لم يكن سبب موتها.

لقد أضحت المحافظة على وتيرة أخبار الشقاء مهمة بائسة. وبدأنا نقصّر في شتم الجهات التي تؤرق ضمائر المغتربين لأسباب متعدّدة وأهمها أننا لا نريد “وهن عزيمة الأمّة”. 

فلم نعد نظهر التعاطف الكافي على صور الجثث المرمية بين أكوام الثلج أو أكوام النفايات .

وصرنا نلف كالدراويش نلملم أطراف أثوابنا وذكرياتنا وأحلامنا. 

نحن نحاول أن نعيد إحياء الحياة لنصدر لهم أخبار الموت بأشكال جديدة. لنغذي جذوة عواطفهم. 

لم يعد السكوت علامة الرضا، أصبح علامة الوجع .

نشكر عواطفهم 

نشكر تعاطفهم 

أغلقوا الشاشات الحمقاء الآن كي نعود لممارسة متلازمة استوكهولم الخاصة بنا.

لقد انتهت فقرة البكاء.

إقرأوا أيضاً: