fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

زار لبنان وسبب الكثير من الجدل.. من هو “قيس الخزعلي” ؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في صوره الكثيرة، يظهر قائد ميليشا “عصائب أهل الحق” العراقية، قيس الخزعلي، تارة مرتدياً عمامة رجل الدين، وتارة أخرى مرتدياً بدلةً عسكرية، على نحو ما ظهر مؤخراً في جنوب لبنان، حين تفقد مواقع حزب الله فيه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في صوره الكثيرة، يظهر قائد ميليشا “عصائب أهل الحق” العراقية، قيس الخزعلي، تارة مرتدياً عمامة رجل الدين، وتارة أخرى مرتدياً بدلةً عسكرية، على نحو ما ظهر مؤخراً في جنوب لبنان، حين تفقد مواقع حزب الله فيه. لكن الخزعلي، يخلط أحياناً بين القيافتين، فيرتدي الزيّ العسكري، ويضع عمامة بيضاء، وهذا ما دأب عليه رجال دين شيعة بدءاً من الحرب العراقية الايرانية. وكانت لحظة “الحشد الشعبي” مناسبة لتكثيف هذا الميل، ففي تلك اللحظة صارت الطائفة كلها ميليشيا مقاتلة، ولم يقو صاحب عمامة عريقة، مثل رئيس التحالف الوطني العراقي، عمار الحكيم من مقاومة البدلة العسكرية، فما بالك بحديثي النعمة في ارتدائها من أمثال قيس.وها هو الرجل يصل إلى الحدود اللبنانية الاسرائيلية كواحد من جند قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، وفي سيرته الشخصية قبل سقوط نظام صدام وبعده الكثير من العناصر التي تؤشر إلى ما آلت إليه حال قيس كواحد من جنود سليماني.  الخزعلي المولود عام ١٩٧٤ في منطقة “مدينة الصدر” شرق العاصمة بغداد، والعائد بأصوله العائلية والعشائرية إلى بلدة الناصرية العراقية الجنوبية، قادم من خلفية اجتماعية سياسية متواضعة، لكن يحمله الطموح الشخصي الجامح مُنذ أوائل شبابه، لأن يصعد في سلم السُلطة والحُكم، لاعباً ومستفيداً من تناقضات القوى السياسية، ومساهماً مباشراً في المليشيات العسكرية، التي تسعى للانقضاض على السُلطة “الشرعية” والحلول مكانها. اعتباراً من أواسط التسعينات، تلقى الخزعلي في حوزة المرجع الديني الشيعي السيد محمد محمد صادق الصدر معارفه الدينية والايديولوجية الأساسية الأولى، بعدما كان قد درس الجيولوجيا في كلية العلوم بجامعة بغداد. حادثتان رئيسيتان كونتا “وجدانه السياسي”: الانتفاضة الشيعية “الشعبانية”، التي اندلعت في كافة مُدن جنوب العراق عقب انسحاب الجيش العراقي من الكويت في ربيع عام  ١٩٩١، والتي قُمعت بوحشية وطائفية مُنقطعة النظير من قِبل النِظام العراقي السابق. وقد شكل “إذلال” المرجع الديني السيد محمد محمد صادق الصدر ذروة ذلك القمع، حينما أُجبر على الظهور على القناة التلفزيونية الرسمية، مُعلناً تنديده بتلك الانتفاضة وتأيده للنِظام العراقي.  الحادث الثاني تمثل في اغتيال السيد الصدر نفسه عام ١٩٩٩. فالصدر الذي كان ذو مكانة روحية ووجدانية استثنائية في قلوب مُقلديه من الشيعة العراقيين، شكل اغتياله صدمة شديدة لهم. والنِظام نفذ قتله بدمٍ بارد، ودون أن يكون ثمة أيّ “سببٍ” مباشر لاغتياله. فالصدر تمت تصفيته لأنه شخصية شيعية ذات وزنٍ وحضور لدى ملايين العراقيين الشيعة فحسب، الأمر الذي كان يدفع بالنِظام العراقي لأن يستشعر منه خطراً شديداً.لم تكن ردة فعل الخزعلي الشاب وقتئذ سوى الالتصاق بنجل “مُعلمه” الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، “مُقتدى الصدر”، وأن يكون واحداً من أكثر الأوفياء له في السنوات الأربعة التي فصلت بين اغتيال الصدر الوالد وصعود مُقتدى السياسي بعد الغزو الأميركي عام ٢٠٠٣. وأثناء إعلان الصدر الابن “المقاومة” بوجه الاحتلال الأميركي، كان الخزعلي الناطق الرسمي باسم “جيش المهدي” الموالي للصدر. لكن بوادر الشقاق الأول بين “الشابين”، بدأت اعتباراً من النصف الثاني من عام ٢٠٠٤، فالخزعلي اتهم الصدر بمُهادنة الاحتلال، بعد توقيع جيش المهدي على وقف اطلاق النار مع الحكومة العراقية في ذلك العام. والصدر اتهم الأخير بتأسيس جماعة خاصة ضمن جيش المهدي، مع عبد الهادي الدراجي وأكرم الكعبي. إلا أن العديد من أحاديث الساسة العراقيين، تذهب إلى أن نوري المالكي، والعديد من قادة حزب الدعوة، المنافس الشيعي للتيار الصدري، كانوا يدعمون قيس الخزعلي سراً، ليخلقوا شقاقاً سياسياً وشعبياً وعسكرياً ضمن التيار الصدري. علماً أن مقتدى الصدر اشتكى من عنف الخزعلي ومن طائفيته، وقال في مقابلة تلفزيونية أن الأخير ردّ على اختطاف شقيقه من قبل ميليشيا سنية، باختطاف ١٥٠٠ عراقي سني، مصير الكثير منهم ما زال مجهولاً.على أن خلافات الطرفين، ضمن، وعلى جيش المهدي، وأجنحته غير الرسمية، بقيت غير واضحة إلى أواخر عام ٢٠٠٨. فحينما شنّت الحكومة العراقية عمليتها العسكرية الشهيرة على جيش المهدي، والتي سُميت “صولة الفرسان”، وأدت لأن يحل الصدر جيش المهدي، ويبني تنظيماً جديداً سماه ب”لواء اليوم الموعود”. صارت ميليشيات “عصائب أهل الحق” التي كان الخزعلي قد أسسها مع قادة آخرين من التيار الصدري قبل ذلك بسنوات، أصبحت مستقلة تماماً عن جيش المهدي عسكرياً، وعن “سطوة” مُقتدى الصدر ايديولوجياً وسياسياً.  منذ ذلك الوقت، والعلاقة بين الرجلين تشهد اتهامات غير مُباشرة يتبادلانها في كل مناسبة. الخزعلي يتهم الصدر وتياره السياسي بأنهم كانوا يهادنون المُحتل الأميركي. بينما يتهم الصدر الخزعلي بموالاة إيران والتخلي عن مصالح التيار الصدري وقواعده الشعبية، وإغراق العراق، وبالذات العاصمة بغداد، بموجة الصراع الطائفي الدامي. اعتقل الخزعلي مع بعض أفراد عائلته وقيادات ميليشياته من قِبل القوات البريطانية جنوب العراق عام ٢٠٠٧. وبعد أكثر من سنتين ونصف من اعتقاله خطف مُناصروه خمس خبراء بريطانيين ضمن وزارة المالية العراقية، وتمّت مبادلتهم بالخزعلي في أواخر عام ٢٠٠٩.  بعد خروجه من السجن، بدأ المرحلة الثالثة من سيرته السياسية. فالعراق وقتها كان يعيش مرحلة “استراتيجية أوباما” التي تسعى لأن تنسحب من العراق عسكرياً وسياسياً. حينها، سعى الخزعلي لأن يستثمر خبرته العسكرية سياسياً. لكنه كان يُعاني من ثلاثة مُعضلات رئيسة:     لم يكن الرجل صادراً من خلفية عائلية دينية  شيعية “عريقة”، تستطيع أن تؤمن له شعبية وقواعد اجتماعية راسخة الولاء، كما هو حال أبناء الجيل الثالث للعائلات الدينية مثل آل الصدر والحكيم والخوئي. لذا، بقي مُعتمداً على بضعة آلاف من المقاتلين في ميلشياته وعائلاتهم، الذين لم يستطيعوا أن يوصلوا إلا نائباً واحداً إلى البرلمان، من تجمعهم الانتخابي الذي سمى نفسه بـ”الصادقون” في انتخابات عام ٢٠١٤.     على رُغم ولائه السياسي وارتباطه العسكري والمالي بالأجهزة الإيرانية، إلا أن الأخيرة بقيت ترى الخزعلي كجهة وقوة مليشيوية فحسب، وليس طرفاً سياسياً رئيسياً، كحزب الدعوة والمجلس الأعلى وفيلق بدر فيما بعد.     لم يدخل الخزعلي وتنظيمه ضمن دورة استغلال الوزارات والمؤسسات العامة العراقية، كما فعلت باقي التنظيمات والقوى السياسية الشيعية، التي تحولت لتيارات سلطوية تعتمد على أجهزة الدولة لتوظيف مناصريها والسيطرة على دورة الحياة العامة الاقتصادية والإدارية والبيروقراطية.      شكل تمدد تنظيم داعش ضمن مناطق المُثلث السُني العراقي في صيف عام ٢٠١٤، مناسبة لأن يبدأ الخزعلي رابع مراحل مسيرته السياسية. فعودة العشرات من قادة تنظيمه العسكري من إيران، وتلقيهم الدعم المالي والاعتراف الشرعي من الدولة العراقية، وسّع من نشاطهم في كافة مناطق العراق في محاربة داعش. وحتى في الدول الإقليمية، فعصائب أهل الحق تعترف بمشاركتها في الحرب في سوريا، كما أن الخزعلي أعلن أكثر من مرة تأييده لمليشيات الحوثي في اليمن، وقوى المعارضة البحرينية الشيعية، وطبعاً تربطه علاقة وثيقة مع حزب الله اللبناني.   لأسباب مُركبة، تتعلق بالتطابق الرمزي والتشابه في السلوك والمُعايشة اليومية لآلاف المُقاتلين، فإن الخزعلي يُعد راهناً، واحداً من القادة الشعبيين بين مناصريه، وواحداً من الشخصيات السياسية التي يتوقع لها أن تصعد في الحياة العامة العراقية في المُستقبل المنظور. إلا أن ذلك يتوقف على أمرين: إمكان مُشاركة مليشيات الحشد الشعبي في الانتخابات البرلمانية القادمة في شهر أيار القادم. والأمر الآخر يتعلق بما سوف تتوصل إليه الحكومة العراقية من اتفاق مع الجانب الأميركي حول مُستقبل ميليشيات الحشد الشعبي في مرحلة ما بعد داعش. فالخزعلي لا يُمكن له أن يشكل زعامة سياسية أو شعبية من دون إسناد ومُساهمة في النشاط الميليشيوي.  [video_player link=””][/video_player]

13.12.2017
زمن القراءة: 5 minutes

في صوره الكثيرة، يظهر قائد ميليشا “عصائب أهل الحق” العراقية، قيس الخزعلي، تارة مرتدياً عمامة رجل الدين، وتارة أخرى مرتدياً بدلةً عسكرية، على نحو ما ظهر مؤخراً في جنوب لبنان، حين تفقد مواقع حزب الله فيه.

في صوره الكثيرة، يظهر قائد ميليشا “عصائب أهل الحق” العراقية، قيس الخزعلي، تارة مرتدياً عمامة رجل الدين، وتارة أخرى مرتدياً بدلةً عسكرية، على نحو ما ظهر مؤخراً في جنوب لبنان، حين تفقد مواقع حزب الله فيه. لكن الخزعلي، يخلط أحياناً بين القيافتين، فيرتدي الزيّ العسكري، ويضع عمامة بيضاء، وهذا ما دأب عليه رجال دين شيعة بدءاً من الحرب العراقية الايرانية. وكانت لحظة “الحشد الشعبي” مناسبة لتكثيف هذا الميل، ففي تلك اللحظة صارت الطائفة كلها ميليشيا مقاتلة، ولم يقو صاحب عمامة عريقة، مثل رئيس التحالف الوطني العراقي، عمار الحكيم من مقاومة البدلة العسكرية، فما بالك بحديثي النعمة في ارتدائها من أمثال قيس.وها هو الرجل يصل إلى الحدود اللبنانية الاسرائيلية كواحد من جند قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، وفي سيرته الشخصية قبل سقوط نظام صدام وبعده الكثير من العناصر التي تؤشر إلى ما آلت إليه حال قيس كواحد من جنود سليماني.  الخزعلي المولود عام ١٩٧٤ في منطقة “مدينة الصدر” شرق العاصمة بغداد، والعائد بأصوله العائلية والعشائرية إلى بلدة الناصرية العراقية الجنوبية، قادم من خلفية اجتماعية سياسية متواضعة، لكن يحمله الطموح الشخصي الجامح مُنذ أوائل شبابه، لأن يصعد في سلم السُلطة والحُكم، لاعباً ومستفيداً من تناقضات القوى السياسية، ومساهماً مباشراً في المليشيات العسكرية، التي تسعى للانقضاض على السُلطة “الشرعية” والحلول مكانها. اعتباراً من أواسط التسعينات، تلقى الخزعلي في حوزة المرجع الديني الشيعي السيد محمد محمد صادق الصدر معارفه الدينية والايديولوجية الأساسية الأولى، بعدما كان قد درس الجيولوجيا في كلية العلوم بجامعة بغداد. حادثتان رئيسيتان كونتا “وجدانه السياسي”: الانتفاضة الشيعية “الشعبانية”، التي اندلعت في كافة مُدن جنوب العراق عقب انسحاب الجيش العراقي من الكويت في ربيع عام  ١٩٩١، والتي قُمعت بوحشية وطائفية مُنقطعة النظير من قِبل النِظام العراقي السابق. وقد شكل “إذلال” المرجع الديني السيد محمد محمد صادق الصدر ذروة ذلك القمع، حينما أُجبر على الظهور على القناة التلفزيونية الرسمية، مُعلناً تنديده بتلك الانتفاضة وتأيده للنِظام العراقي.  الحادث الثاني تمثل في اغتيال السيد الصدر نفسه عام ١٩٩٩. فالصدر الذي كان ذو مكانة روحية ووجدانية استثنائية في قلوب مُقلديه من الشيعة العراقيين، شكل اغتياله صدمة شديدة لهم. والنِظام نفذ قتله بدمٍ بارد، ودون أن يكون ثمة أيّ “سببٍ” مباشر لاغتياله. فالصدر تمت تصفيته لأنه شخصية شيعية ذات وزنٍ وحضور لدى ملايين العراقيين الشيعة فحسب، الأمر الذي كان يدفع بالنِظام العراقي لأن يستشعر منه خطراً شديداً.لم تكن ردة فعل الخزعلي الشاب وقتئذ سوى الالتصاق بنجل “مُعلمه” الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، “مُقتدى الصدر”، وأن يكون واحداً من أكثر الأوفياء له في السنوات الأربعة التي فصلت بين اغتيال الصدر الوالد وصعود مُقتدى السياسي بعد الغزو الأميركي عام ٢٠٠٣. وأثناء إعلان الصدر الابن “المقاومة” بوجه الاحتلال الأميركي، كان الخزعلي الناطق الرسمي باسم “جيش المهدي” الموالي للصدر. لكن بوادر الشقاق الأول بين “الشابين”، بدأت اعتباراً من النصف الثاني من عام ٢٠٠٤، فالخزعلي اتهم الصدر بمُهادنة الاحتلال، بعد توقيع جيش المهدي على وقف اطلاق النار مع الحكومة العراقية في ذلك العام. والصدر اتهم الأخير بتأسيس جماعة خاصة ضمن جيش المهدي، مع عبد الهادي الدراجي وأكرم الكعبي. إلا أن العديد من أحاديث الساسة العراقيين، تذهب إلى أن نوري المالكي، والعديد من قادة حزب الدعوة، المنافس الشيعي للتيار الصدري، كانوا يدعمون قيس الخزعلي سراً، ليخلقوا شقاقاً سياسياً وشعبياً وعسكرياً ضمن التيار الصدري. علماً أن مقتدى الصدر اشتكى من عنف الخزعلي ومن طائفيته، وقال في مقابلة تلفزيونية أن الأخير ردّ على اختطاف شقيقه من قبل ميليشيا سنية، باختطاف ١٥٠٠ عراقي سني، مصير الكثير منهم ما زال مجهولاً.على أن خلافات الطرفين، ضمن، وعلى جيش المهدي، وأجنحته غير الرسمية، بقيت غير واضحة إلى أواخر عام ٢٠٠٨. فحينما شنّت الحكومة العراقية عمليتها العسكرية الشهيرة على جيش المهدي، والتي سُميت “صولة الفرسان”، وأدت لأن يحل الصدر جيش المهدي، ويبني تنظيماً جديداً سماه ب”لواء اليوم الموعود”. صارت ميليشيات “عصائب أهل الحق” التي كان الخزعلي قد أسسها مع قادة آخرين من التيار الصدري قبل ذلك بسنوات، أصبحت مستقلة تماماً عن جيش المهدي عسكرياً، وعن “سطوة” مُقتدى الصدر ايديولوجياً وسياسياً.  منذ ذلك الوقت، والعلاقة بين الرجلين تشهد اتهامات غير مُباشرة يتبادلانها في كل مناسبة. الخزعلي يتهم الصدر وتياره السياسي بأنهم كانوا يهادنون المُحتل الأميركي. بينما يتهم الصدر الخزعلي بموالاة إيران والتخلي عن مصالح التيار الصدري وقواعده الشعبية، وإغراق العراق، وبالذات العاصمة بغداد، بموجة الصراع الطائفي الدامي. اعتقل الخزعلي مع بعض أفراد عائلته وقيادات ميليشياته من قِبل القوات البريطانية جنوب العراق عام ٢٠٠٧. وبعد أكثر من سنتين ونصف من اعتقاله خطف مُناصروه خمس خبراء بريطانيين ضمن وزارة المالية العراقية، وتمّت مبادلتهم بالخزعلي في أواخر عام ٢٠٠٩.  بعد خروجه من السجن، بدأ المرحلة الثالثة من سيرته السياسية. فالعراق وقتها كان يعيش مرحلة “استراتيجية أوباما” التي تسعى لأن تنسحب من العراق عسكرياً وسياسياً. حينها، سعى الخزعلي لأن يستثمر خبرته العسكرية سياسياً. لكنه كان يُعاني من ثلاثة مُعضلات رئيسة:     لم يكن الرجل صادراً من خلفية عائلية دينية  شيعية “عريقة”، تستطيع أن تؤمن له شعبية وقواعد اجتماعية راسخة الولاء، كما هو حال أبناء الجيل الثالث للعائلات الدينية مثل آل الصدر والحكيم والخوئي. لذا، بقي مُعتمداً على بضعة آلاف من المقاتلين في ميلشياته وعائلاتهم، الذين لم يستطيعوا أن يوصلوا إلا نائباً واحداً إلى البرلمان، من تجمعهم الانتخابي الذي سمى نفسه بـ”الصادقون” في انتخابات عام ٢٠١٤.     على رُغم ولائه السياسي وارتباطه العسكري والمالي بالأجهزة الإيرانية، إلا أن الأخيرة بقيت ترى الخزعلي كجهة وقوة مليشيوية فحسب، وليس طرفاً سياسياً رئيسياً، كحزب الدعوة والمجلس الأعلى وفيلق بدر فيما بعد.     لم يدخل الخزعلي وتنظيمه ضمن دورة استغلال الوزارات والمؤسسات العامة العراقية، كما فعلت باقي التنظيمات والقوى السياسية الشيعية، التي تحولت لتيارات سلطوية تعتمد على أجهزة الدولة لتوظيف مناصريها والسيطرة على دورة الحياة العامة الاقتصادية والإدارية والبيروقراطية.      شكل تمدد تنظيم داعش ضمن مناطق المُثلث السُني العراقي في صيف عام ٢٠١٤، مناسبة لأن يبدأ الخزعلي رابع مراحل مسيرته السياسية. فعودة العشرات من قادة تنظيمه العسكري من إيران، وتلقيهم الدعم المالي والاعتراف الشرعي من الدولة العراقية، وسّع من نشاطهم في كافة مناطق العراق في محاربة داعش. وحتى في الدول الإقليمية، فعصائب أهل الحق تعترف بمشاركتها في الحرب في سوريا، كما أن الخزعلي أعلن أكثر من مرة تأييده لمليشيات الحوثي في اليمن، وقوى المعارضة البحرينية الشيعية، وطبعاً تربطه علاقة وثيقة مع حزب الله اللبناني.   لأسباب مُركبة، تتعلق بالتطابق الرمزي والتشابه في السلوك والمُعايشة اليومية لآلاف المُقاتلين، فإن الخزعلي يُعد راهناً، واحداً من القادة الشعبيين بين مناصريه، وواحداً من الشخصيات السياسية التي يتوقع لها أن تصعد في الحياة العامة العراقية في المُستقبل المنظور. إلا أن ذلك يتوقف على أمرين: إمكان مُشاركة مليشيات الحشد الشعبي في الانتخابات البرلمانية القادمة في شهر أيار القادم. والأمر الآخر يتعلق بما سوف تتوصل إليه الحكومة العراقية من اتفاق مع الجانب الأميركي حول مُستقبل ميليشيات الحشد الشعبي في مرحلة ما بعد داعش. فالخزعلي لا يُمكن له أن يشكل زعامة سياسية أو شعبية من دون إسناد ومُساهمة في النشاط الميليشيوي.  [video_player link=””][/video_player]

13.12.2017
زمن القراءة: 5 minutes
|
آخر القصص
“يا ريت” يمكن تغيير الواقع بخطاب لنعيم قاسم!
حسن عباس - كاتب وصحافي لبناني | 23.04.2025
روما تتسلّم “شعلة” التفاوض من مسقط
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 23.04.2025

اشترك بنشرتنا البريدية