تيم سباستيان، صحافي وروائي ومؤسّس منصة www.publicinquiry.media
أعلن زعيم المتمردين في سوريا، أبو محمد الجولاني، أنه لا يوجد ما يدعو أي شخص الى الخوف منه، إلا إذا كانت يداه ملطّختين بالدماء. لكن ماذا عن يديه هو؟
لا يصبح المرء عضواً في جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش من خلال مساعدة السيدات المسنات على عبور الطريق. كما أن الشخص لا يُدرَج على قائمة المطلوبين في الولايات المتحدة مع مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار على رأسه، ويحمل لقب “مصنف بشكل خاص كإرهابي عالمي” ، بسبب حسن النوايا.
حالياً، يبدو أن الغرب مستعدّ للحديث مع الزعيم الفعلي لسوريا لأنه يسيطر على جزء كبير من البلاد، بما في ذلك العاصمة دمشق، ويصدر تصريحات مشجّعة حول الشمولية والتسامح.
لكن إذا أرادت الأجيال القادمة الحماية من الطغاة الذين يعيثون فساداً في الشرق الأوسط، فسيحتاج الجولاني إلى الإجابة عن ادعاءات كثيرة معلّقة ضده.
عندما سُئل الجولاني هذا الأسبوع عن ماضيه، قال “إنه لم يرتكب جرائم تبرر تسميته بالإرهابي”، لكنه أضاف قيداً واضحاً يثير التساؤلات: “خلال الـ 14 عاماً الماضية، لم نستهدف أي مدنيين أو مناطق مدنية”.
لكن ماذا عن السنوات السابقة؟
وفقاً لموسوعة بريتانيكا، قبل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، انضم الجولاني إلى فرع عنيف لتنظيم القاعدة في العراق كان متورطاً في “هجمات شبه يومية، وتفجيرات انتحارية، وحتى استهداف المدنيين العراقيين”. علاوة على ذلك، وجّه قادة القاعدة في عام 2004، توبيخاً لجماعته بسبب “الكم الهائل من إراقة الدماء على يديها”.
ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، تولى الجولاني لاحقاً قيادة فرع تنظيم القاعدة في سوريا (جبهة النصرة)، الذي “نفذ الكثير من الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء سوريا، غالباً ما استهدفت المدنيين”، و “في حزيران/ يونيو 2015، أعلنت جبهة النصرة مسؤوليتها عن مذبحة راح ضحيتها 20 شخصاً في قرية قلب لوزة الدرزية بمحافظة إدلب”.
هذه اتهامات خطيرة – ويستحق الزعيم الفعلي لسوريا فرصة لإثبات براءته التي يعلنها ويشدد عليها حالياً، لكن هل سيحدث ذلك؟ لا تعوِّلوا على ذلك!
إقرأوا أيضاً:
أحد أكثر الشعارات الدبلوماسية شيوعاً في هذه الأيام هو: “كان ذلك في الماضي – وهذا الآن. دعونا لا نتحدث عن الماضي، بل نخطط للمستقبل، ونطعم الجياع، ونعيد بناء ما دُمِّر”. بالطبع هناك أولويات إنسانية. لكن الوقت الطويل المستغرق لتحقيق العدالة ورفض الولايات المتحدة ودول أخرى التعامل مع الهيئات القضائية الدولية، قد أثَّر بشدة على فرص العدالة.
المساءلة القانونية مهدّدة بشكل خطير على الساحة الدولية وفي جميع دول العالم، لا تنظروا بعيداً من المحكمة الجنائية الدولية، التي تكافح من دون أي آلية تنفيذية خاصة بها، وتعتمد على دول غالباً ما تتراجع عن دعمها لتجنّب الإحراج السياسي.
عندما اتهمت المحكمة الجنائية الدولية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بارتكاب جرائم حرب، ترددت فرنسا، الموقّعة على نظام روما الأساسي، علناً بشأن ما إذا كان سيُعتقل إذا دخل البلاد، أو ما إذا كانت قواتها الأمنية ستتجاهل الأمر.
وعندما استضاف فلاديمير بوتين قادة ثلاثين دولة في قمة بريكس في تشرين الأول/ أكتوبر، لم يشر أي من الحضور إلى تهمة جرائم الحرب التي وجهتها إليه المحكمة الجنائية الدولية.
لما نُفسد مناسبة سعيدة وكل تلك الضيافة الروسية الفاخرة؟ ومع ذلك، فإن هذا النوع من اللامبالاة المدروسة يؤدي إلى سؤال أكثر خطورة. إذا أصبحت العدالة مجرد خيار إضافي في الكثير من أنحاء العالم، فهل من شك في أن الديمقراطية، المبنية على المساءلة، تكافح الآن للبقاء؟
المعركة لم تنتهِ بعد – ولكنها قد تنتهي قريباً في دول كثيرة.
إقرأوا أيضاً: