fbpx

ستة عوامل تؤجج الاضطرابات في مناطق الـ48

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

علينا ألا نستغرب الاحتجاجات ضد توغلات اليهود اليمينيين في الأحياء العربية في يافا والرملة واللدّ. فالعرب هناك يعانون صعوبات، وبالتالي يرون في احتجاجات حي الشيخ جراح مثالاً ونموذجاً لنضالهم هم أنفسهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هذا سؤال جوهري: لماذا خرج المواطنون العرب في إسرائيل إلى الشوارع بهذا الزخم؟ من الواضح أن هناك أكثر من دافع أدى إلى هذا الانفجار في عشرات الأماكن خلال هذا الأسبوع، لا سيّما في المدن المختلطة.

1. العنصر الديني. ما زال يُنظر إلى المساس بالرموز أو القيم الدينية باعتباره عملاً يمكنه بسهولة إشعال مشاعر المجتمع العربي.

برز هذا الأمر، على سبيل المثال، في العام الماضي حين أدخلت القائمة المشتركة للأحزاب العربية نفسَها في ورطة بسبب مقترحات قوانين مناهضة لـ”علاج التحويل” وحقوق المثليين. أدركَت الحركة الإسلامية [الجناح الجنوبي] والقائمة العربية الموحدة أن بإمكانهم توظيف القضية داخل المجتمع العربي؛ فقد ركز حزب منصور عباس النقاشات على القضايا المجتمعية لا على الدين.

ولكن ما إن يخرج المارد الديني من قمقمه، يصبح من الصعب السيطرة عليه، لا سيّما حين يصبح المسجد الأقصى في المشهد.

مثَّل التمييز العنصريّ وانعدام المساواة والإبعاد وغياب أفق دبلوماسي/سياسي للفلسطينيين وصفة مضمونة لتشجيع الاحتجاجات، خصوصاً بالنسبة إلى جيل لا يرضخ للإملاءات ولا تمثّل لديه المساواة والحقوق حلماً حين تصبح البلاد جاهزة للتغيير. هذا الجيل مستعد للتصرف الفوري حتى على الرغم من تبعات الاحتجاجات العنيفة.

2. الصراع في حي الشيخ جراح. تُصوَّر هذه المسألة في إسرائيل على أنها نزاع عقاري بين المستوطنين والإسرائيليين، كالعديد من الصدامات الأخرى المماثلة في القدس. ولكن الجانب الفلسطيني لم ينطلِ عليه هذا على الإطلاق. فمصطلحات من قَبيل التطهير العرقي واجتثاث الأسر الفلسطينية من بيوتهم وإحلال مستوطنين محلهم بدعم من أجهزة الدولة [الإسرائيلية] توفر السردية الموجِّهة في هذا الجدال.

فقد ظهر في حي الشيخ جراح نضال شعبي، وكان بإمكان عدة نشطاء مسلمين ومسيحيين، بل يهود، التعاطف مع النضال الوطني الفلسطيني. استمرت الاحتجاجات هناك لأسابيع، وشملت أحداث عنف من قَبيل اعتداء شرطي على النائب عن القائمة المشتركة عوفر كسيف. لم تجذب الاحتجاجات الآلاف، لكن أصداءها كانت عالية وانعكست بقوة.

3. رمضان. مع بداية شهر رمضان، ساهمت الأحداث على أعتاب باب العامود في تأجيج وتيرة الاحتجاجات في جميع أنحاء القدس؛ ووجد كثيرون رابطاً مباشراً بين حي الشيخ جراح وباب العامود. ولنذكر أن جميع الفلسطينيين يرون في المسجد الأقصى رمزاً لسيادتهم وحضورهم الوطني في القدس.

ولهذا، فحتى المسلمين العلمانيين وغير المسلمين يمكنهم بسهولة التعاطف مع هذه القضية وتشكيل محور يربط بين حي الشيخ جراح وباب العامود والمسجد الأقصى. فكثير ممن كانوا يتظاهرون في حي الشيخ جراح صباحاً كانوا ينتقلون إلى عتبات باب العامود ثم يختمون ليلهم بالصلاة في المسجد الأقصى.

إقرأوا أيضاً:

4. جيل الشباب. حضور الشباب في هذه الاحتجاجات واضح وبارز. فهناك شبّان وشابّات يرتدون الكوفية الفلسطينية ويهتفون بالشعارات المناهضة للاحتلال والحكومة الإسرائيلية وتأييداً للنضال الوطني الفلسطيني.

هذا هو جيل اتفاقية أوسلو وتسعينيات القرن الماضي؛ وبعضهم وُلدوا قُبَيل أو بُعَيد الاحتجاجات التي قادها عرب إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2000.

هناك أيضاً جيل أصغر منهم تعتبر تلك الأحداث بالنسبة إليهم من التاريخ المعاصر، وهو جيل غير متأثر بالقيادة السياسية في رام الله، فضلاً عن تلك التي في غزة. لا يستطيع القادة العرب المحليون [في الداخل] منع هؤلاء الشباب من التظاهر.

ساد انطباع في المجتمع العربي [في إسرائيل] خلال السنوات الأخيرة أن جيل الشباب منغمس في ذاته ويتجاهل النضال الوطني؛ وهو شعور أكده الجدل السياسي وشجعت عليه الأحزاب السياسية. لكن أحداث الأسبوع المنصرم أظهرت أن الأمر يختلف عن هذا.

ومع أن عدد المحتجين الذين ينزلون إلى الشوارع لا يصل إلى عدة آلاف، يضع الشباب الذين لا يرضخون لسلطة أحد بصمتهم. ولا أحد بإمكانه إيقافهم، ولن تستطيع لائحة اتهام بتعكير السلم رَدعَهم. بل على النقيض من هذا، ينقل حضورهم رسالة إلى الجميع، سواء القادة على المستوى المحلي أو الوطني.

5. المدن المختلطة في وسط إسرائيل. قد يمثل التفاعل اليومي بين اليهود والعرب وصفة للتعاون وخفض حدة التوترات، ولكن في المدن الإسرائيلية المختلطة، لا سيّما في وسط البلاد، يمكن للمرء أن يشهد حالة من التمييز العنصري ضد كثير من سكانها العرب.

لذا علينا ألا نستغرب الاحتجاجات ضد توغلات اليهود اليمينيين في الأحياء العربية في يافا والرملة واللدّ. فالعرب هناك يعانون صعوبات من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي يرون في احتجاجات حي الشيخ جراح مثالاً ونموذجاً لنضالهم هم أنفسهم.

6. وسائل التواصل الاجتماعي. يتمّ تصوير الأحداث في حي الشيخ جراح أو المسجد الأقصى أو أي احتجاجات أخرى وتُنشَر على الفور عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولذا فالدعوة إلى الانضمام إلى التظاهرات لا تستغرق وقتاً طويلاً. بعض من يلبّون تلك الدعوة شباب لا يدركون مفهوم الاحتجاج على وجه الحقيقة، ولكنهم يريدون التنفيس عن ضيقهم وغضبهم.

عصفت مثل تلك الاحتجاجات بمدن الناصرة وحيفا، ثم انضمت إليهما اللدّ ويافا؛ لينفرط العِقد بعد ذلك.

بشكل عام، مثَّل التمييز العنصريّ وانعدام المساواة والإبعاد وغياب أفق دبلوماسي/سياسي للفلسطينيين وصفة مضمونة لتشجيع الاحتجاجات، خصوصاً بالنسبة إلى جيل لا يرضخ للإملاءات ولا تمثّل لديه المساواة والحقوق حلماً حين تصبح البلاد جاهزة للتغيير. هذا الجيل مستعد للتصرف الفوري حتى على الرغم من تبعات الاحتجاجات العنيفة.

جاك خوري

هذا المقال مترجم عن Haaretz.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً:

16.05.2021
زمن القراءة: 4 minutes

علينا ألا نستغرب الاحتجاجات ضد توغلات اليهود اليمينيين في الأحياء العربية في يافا والرملة واللدّ. فالعرب هناك يعانون صعوبات، وبالتالي يرون في احتجاجات حي الشيخ جراح مثالاً ونموذجاً لنضالهم هم أنفسهم.

هذا سؤال جوهري: لماذا خرج المواطنون العرب في إسرائيل إلى الشوارع بهذا الزخم؟ من الواضح أن هناك أكثر من دافع أدى إلى هذا الانفجار في عشرات الأماكن خلال هذا الأسبوع، لا سيّما في المدن المختلطة.

1. العنصر الديني. ما زال يُنظر إلى المساس بالرموز أو القيم الدينية باعتباره عملاً يمكنه بسهولة إشعال مشاعر المجتمع العربي.

برز هذا الأمر، على سبيل المثال، في العام الماضي حين أدخلت القائمة المشتركة للأحزاب العربية نفسَها في ورطة بسبب مقترحات قوانين مناهضة لـ”علاج التحويل” وحقوق المثليين. أدركَت الحركة الإسلامية [الجناح الجنوبي] والقائمة العربية الموحدة أن بإمكانهم توظيف القضية داخل المجتمع العربي؛ فقد ركز حزب منصور عباس النقاشات على القضايا المجتمعية لا على الدين.

ولكن ما إن يخرج المارد الديني من قمقمه، يصبح من الصعب السيطرة عليه، لا سيّما حين يصبح المسجد الأقصى في المشهد.

مثَّل التمييز العنصريّ وانعدام المساواة والإبعاد وغياب أفق دبلوماسي/سياسي للفلسطينيين وصفة مضمونة لتشجيع الاحتجاجات، خصوصاً بالنسبة إلى جيل لا يرضخ للإملاءات ولا تمثّل لديه المساواة والحقوق حلماً حين تصبح البلاد جاهزة للتغيير. هذا الجيل مستعد للتصرف الفوري حتى على الرغم من تبعات الاحتجاجات العنيفة.

2. الصراع في حي الشيخ جراح. تُصوَّر هذه المسألة في إسرائيل على أنها نزاع عقاري بين المستوطنين والإسرائيليين، كالعديد من الصدامات الأخرى المماثلة في القدس. ولكن الجانب الفلسطيني لم ينطلِ عليه هذا على الإطلاق. فمصطلحات من قَبيل التطهير العرقي واجتثاث الأسر الفلسطينية من بيوتهم وإحلال مستوطنين محلهم بدعم من أجهزة الدولة [الإسرائيلية] توفر السردية الموجِّهة في هذا الجدال.

فقد ظهر في حي الشيخ جراح نضال شعبي، وكان بإمكان عدة نشطاء مسلمين ومسيحيين، بل يهود، التعاطف مع النضال الوطني الفلسطيني. استمرت الاحتجاجات هناك لأسابيع، وشملت أحداث عنف من قَبيل اعتداء شرطي على النائب عن القائمة المشتركة عوفر كسيف. لم تجذب الاحتجاجات الآلاف، لكن أصداءها كانت عالية وانعكست بقوة.

3. رمضان. مع بداية شهر رمضان، ساهمت الأحداث على أعتاب باب العامود في تأجيج وتيرة الاحتجاجات في جميع أنحاء القدس؛ ووجد كثيرون رابطاً مباشراً بين حي الشيخ جراح وباب العامود. ولنذكر أن جميع الفلسطينيين يرون في المسجد الأقصى رمزاً لسيادتهم وحضورهم الوطني في القدس.

ولهذا، فحتى المسلمين العلمانيين وغير المسلمين يمكنهم بسهولة التعاطف مع هذه القضية وتشكيل محور يربط بين حي الشيخ جراح وباب العامود والمسجد الأقصى. فكثير ممن كانوا يتظاهرون في حي الشيخ جراح صباحاً كانوا ينتقلون إلى عتبات باب العامود ثم يختمون ليلهم بالصلاة في المسجد الأقصى.

إقرأوا أيضاً:

4. جيل الشباب. حضور الشباب في هذه الاحتجاجات واضح وبارز. فهناك شبّان وشابّات يرتدون الكوفية الفلسطينية ويهتفون بالشعارات المناهضة للاحتلال والحكومة الإسرائيلية وتأييداً للنضال الوطني الفلسطيني.

هذا هو جيل اتفاقية أوسلو وتسعينيات القرن الماضي؛ وبعضهم وُلدوا قُبَيل أو بُعَيد الاحتجاجات التي قادها عرب إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2000.

هناك أيضاً جيل أصغر منهم تعتبر تلك الأحداث بالنسبة إليهم من التاريخ المعاصر، وهو جيل غير متأثر بالقيادة السياسية في رام الله، فضلاً عن تلك التي في غزة. لا يستطيع القادة العرب المحليون [في الداخل] منع هؤلاء الشباب من التظاهر.

ساد انطباع في المجتمع العربي [في إسرائيل] خلال السنوات الأخيرة أن جيل الشباب منغمس في ذاته ويتجاهل النضال الوطني؛ وهو شعور أكده الجدل السياسي وشجعت عليه الأحزاب السياسية. لكن أحداث الأسبوع المنصرم أظهرت أن الأمر يختلف عن هذا.

ومع أن عدد المحتجين الذين ينزلون إلى الشوارع لا يصل إلى عدة آلاف، يضع الشباب الذين لا يرضخون لسلطة أحد بصمتهم. ولا أحد بإمكانه إيقافهم، ولن تستطيع لائحة اتهام بتعكير السلم رَدعَهم. بل على النقيض من هذا، ينقل حضورهم رسالة إلى الجميع، سواء القادة على المستوى المحلي أو الوطني.

5. المدن المختلطة في وسط إسرائيل. قد يمثل التفاعل اليومي بين اليهود والعرب وصفة للتعاون وخفض حدة التوترات، ولكن في المدن الإسرائيلية المختلطة، لا سيّما في وسط البلاد، يمكن للمرء أن يشهد حالة من التمييز العنصري ضد كثير من سكانها العرب.

لذا علينا ألا نستغرب الاحتجاجات ضد توغلات اليهود اليمينيين في الأحياء العربية في يافا والرملة واللدّ. فالعرب هناك يعانون صعوبات من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي يرون في احتجاجات حي الشيخ جراح مثالاً ونموذجاً لنضالهم هم أنفسهم.

6. وسائل التواصل الاجتماعي. يتمّ تصوير الأحداث في حي الشيخ جراح أو المسجد الأقصى أو أي احتجاجات أخرى وتُنشَر على الفور عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولذا فالدعوة إلى الانضمام إلى التظاهرات لا تستغرق وقتاً طويلاً. بعض من يلبّون تلك الدعوة شباب لا يدركون مفهوم الاحتجاج على وجه الحقيقة، ولكنهم يريدون التنفيس عن ضيقهم وغضبهم.

عصفت مثل تلك الاحتجاجات بمدن الناصرة وحيفا، ثم انضمت إليهما اللدّ ويافا؛ لينفرط العِقد بعد ذلك.

بشكل عام، مثَّل التمييز العنصريّ وانعدام المساواة والإبعاد وغياب أفق دبلوماسي/سياسي للفلسطينيين وصفة مضمونة لتشجيع الاحتجاجات، خصوصاً بالنسبة إلى جيل لا يرضخ للإملاءات ولا تمثّل لديه المساواة والحقوق حلماً حين تصبح البلاد جاهزة للتغيير. هذا الجيل مستعد للتصرف الفوري حتى على الرغم من تبعات الاحتجاجات العنيفة.

جاك خوري

هذا المقال مترجم عن Haaretz.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً: