fbpx

سوريا تشتعل بالمواجهات… لا مكان آمن وكل بيت مُهدد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الوضع الأمني في سوريا مرعب وخطير، لا أفق قريب لحلول سياسية، بينما يستمر النظام بتجاهل الكوارث كلها، متمسكاً بفكرة إنقاذه البلاد من الانجرار إلى الهاوية، وإن لم تكن كل هذه الصراعات هي الهاوية، فربما هاوية النظام هي إبادة سوريا بشكل كامل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

سوريا المشتعلة، إنه الوصف الأدق للأوضاع السياسية والأمنية في البلاد اليوم. الجبهات مفتوحة على كل الجهات، احتجاجات واعتقالات برعاية قصف “إسرائيلي”، الأجنبي يسرح ويمرح في كل شبر حرفياً، وتجارة الكبتاغون مزدهرة، وما زال الأسد متربعاً على كرسي الديكتاتور، يراقب خراب البلاد، التي ادعى أنه أنقذها!

بين الشمال والجنوب

لكل جهة في سوريا عدوّ تحاربه، بمن فيهم قسد والمعارضة المسلّحة والنظام وروسيا وإيران وأميركا وحتى “إسرائيل”، وكلٌّ اختار أرضاً للمعركة، ولكلٍّ أسبابه الخاصة. تستطيع في سوريا إيجاد كل أنواع الصراعات، حرب الأقليات ضد التطرف وحرب التطرف ضد الجميع وحرب النظام ضد شعبه واحتجاجات الناس ضد النظام وضربات “إسرائيل” للحفاظ على أمنها من خطر إيران المتغلغل في سوريا، ومحاولة روسيا خلق توازن عالمي جديد. الجميع وجد في سوريا مكاناً جيداً لتحقيق الأحلام والطموحات. وسط كل هذه الحروب والاحتجاجات والصراعات، تبدو عبارة “سوريا آمنة” مثيرة للسخرية، فما الأمان المتوقع في بلد مشتعل مجازياً وحرفياً؟!

في الشمال، لم يتوقف النظام وحليفته روسيا عن قصف مدينة إدلب، إذ تُستهدف المدينة وريفها بشكل شبه يومي، وعاد التصعيد العسكري الى الواجهة على جبهات إدلب بعدما أقدم مسلحو “أنصار التوحيد” يوم 26 آب/ أغسطس على تفجير نفق في قرية الملاجة بريف إدلب الجنوبي، وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن مسلحي الفصيل سيطروا على القرية بعد التفجير.

لا يبدو أن هناك مكاناً آمناً للسوريين داخل البلاد، وكذبة سوريا الآمنة هي خدعة النظام وحلفائه ودولٍ تريد التخلص من اللاجئين. يمكن للمطلع، ولو قليلاً، إدراك الخطر الذي يعيشه كل سوري، بين وحوش الجوع والنظام والفصائل المسلحة، لذلك يفضل السوريون المخاطرة بحيواتهم في البحر أملاً بحياة حقيقية.

استجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 439 هجوماً في شمال غربي سوريا منذ بداية العام الحالي حتى 13 آب، شنّتها قوات النظام وروسيا، وأخرى من مناطق سيطرة مشتركة لقوات النظام و”قسد”، وهجمات بطائرات مسيّرة وتفجيرات. وأدت الهجمات إلى مقتل 52 شخصاً وإصابة حوالى 205 أشخاص. كل هذا خلال شهرين من دون دخول أي مساعدات إنسانية إلى شمال غربي سوريا عبر معبر باب الهوى، ما أدى إلى انقطاع الخبز وشح المياه في مخيمات النازحين داخلياً.

وفي الجنوب السوري، تستمر الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد، في مدينة السويداء، لليوم 11، وما زالت الحدود الأردنية – السورية مشتعلة بتهريب المخدرات. فقد قالت القيادة العامة للجيش الأردني في بيان يوم 28 آب، إنها أسقطت مسيرة قادمة من سوريا، في المنطقة العسكرية الشرقية، وهي الطائرة الثالثة خلال شهر، إذ أسقطت السلطات الأردنية ثلاث طائرات، واحدة منها محمّلة بكيلوغرامين من مادة “الكرستال” المخدّرة وأخرى بمادة TNT المتفجرة.

“إسرائيل” في حلب و”داعش” في دير الزور

لا مكان يشعر فيه السوريون بالأمان أو الطمأنينة، الجوع يفتك بالعائلات والحر يلتهم أجساد النازحين حيث لا ماء ولا كهرباء، والخوف من الهجمات الإسرائيلية ليلاً، في ظل عدم تواني النظام وحلفائه عن استخدام المناطق السكنية لنقل شحنات الأسلحة وتخزينها.

الثورة التي بدأت بمناداة الحرية تحولت إلى حروب ضد التطرف ومجازر ارتكبها النظام، مجازر قد تتكرر في أي لحظة، وهذا يبدو خوف السوريين الأكبر الذي تجدد بعد احتجاجات السويداء، فغدا السؤال: هل يقصف النظام المحتجين أم يسهّل دخول “داعش” إلى المدينة؟

أما في حلب، فقد هاجمت أربع طائرات تابعة لـ “القوات الجوية الإسرائيلية” مطار النيرب من البحر المتوسط، واستهدفت البنية التحتية للمطار يوم الاثنين 28 آب، بحسب “روسيا اليوم“، وكانت قالت صحيفة هآرتس تقارير إعلامية، إن إسرائيل نفذت 25 هجوماً على الأراضي السورية منذ بداية العام 2023. 

وفق التقرير الذي نقلته “هآرتس”، قُتل 61 شخصاً في الهجمات، بينهم 24 جندياً سورياً، و4 مدنيين سوريين يعملون لصالح مجموعات تابعة لإيران، و24 مواطناً غير سوري يعملون لدى مجموعات تابعة لإيران، و6 أعضاء في الحرس الثوري الإيراني، و3 عناصر من “حزب الله”.

أمّا في الشمال الشرقي، فحصل تصعيد مفاجئ بين “قسد” ومجلس دير الزور العسكري، إذ أعلنت “قسد” يوم 27 آب عن عملية عسكرية تحت عنوان “تعزيز الأمن” بهدف ملاحقة خلايا “داعش” في الضفة الشرقية لنهر الفرات وتحديداً في “دير الزور”، وقال البيان: “إن هذه العملية هي إحدى المراحل المتقدمة في الكفاح المشترك التي تقودها قواتنا بدعم ومساندة من قوّات التحالف الدولي ضد داعش، وستستمر حتى تحقيق الأهداف المحددة لها”.

ازداد التصعيد مع اعتقال قائد “مجلس دير الزور” العسكري أحمد الخبيل بعد قدومه إلى الحسكة من دون معرفة أسباب هذا الاعتقال. ورداً على “قسد”، انطلقت احتجاجات وقطع طرقات على خط الخابور الشرقي شمال دير الزور وفي بلدات جديد بكارة وذيبان وقرية الشنان التي شهدت أيضاً اشتباكات مع “قسد”، كما قطع محتجون الطريق الواصل بين مدينة البصيرة وحقل العمر النفطي.

لا مكان آمن للسوريين

لا يبدو أن هناك مكاناً آمناً للسوريين داخل البلاد، وكذبة سوريا الآمنة هي خدعة النظام وحلفائه ودولٍ تريد التخلص من اللاجئين. يمكن للمطلع، ولو قليلاً، إدراك الخطر الذي يعيشه كل سوري، بين وحوش الجوع والنظام والفصائل المسلحة، لذلك يفضل السوريون المخاطرة بحيواتهم في البحر أملاً بحياة حقيقية.

وسط فوضى المواجهات والبلاد المشتعلة، تُطرح الأسئلة القديمة – الحديثة، من المسؤول وما الحل؟ يتحمل النظام مسؤولية هذه الفوضى بالدرجة الأولى، فتكلفة بقاء الأسد لم تكن فقط قتل آلاف السوريين واعتقالهم، بل جعل ما تبقى منها يعيشون في ذعر لا ينتهي، والسماح بدخول القوات الأجنبية، وبالدرجة الثانية تتبعه الدول العربية التي تُطبّع مع النظام وتمنحه فرصة جديدة لممارسة ديكتاتوريته، وثالثاً المجتمع الدولي الذي لم يكن جديّاً يوماً في اتخاذ خطوة نحو تحقيق العدالة في سوريا وحماية الناس، وكل ما قدمه من مساعدات كان أشبه بالقيام بأقل مما يستطيع.

حسب تقرير مؤشر السلام العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP) لعام 2023، تقع سوريا في المرتبة الثالثة كأخطر البلاد في العالم بعد أفغانستان واليمن. أما بالنسبة الى التكلفة الاقتصادية للعنف كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، فتربعت سوريا بالمركز الأول بنسبة 81.7 بالمئة.

بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 06.09.2024

“هالسيارة مش عم تمشي”… لكنها الحرب في ميس الجبل وليس في “ميس الريم”!

نعم، لقد تأخر الجنوبيون بالاعتراف أن هذه الحرب ليست نزهة، بل نكبة أخرى، وأنهم سوف يتجرعون مراراتها إلى أجل غير معروف، فالقافلة المغادرة، لا تعني سوى أن جنوبهم وليس ميس الجبل وحدها، على وشك فقدان الحياة.
01.09.2023
زمن القراءة: 4 minutes

الوضع الأمني في سوريا مرعب وخطير، لا أفق قريب لحلول سياسية، بينما يستمر النظام بتجاهل الكوارث كلها، متمسكاً بفكرة إنقاذه البلاد من الانجرار إلى الهاوية، وإن لم تكن كل هذه الصراعات هي الهاوية، فربما هاوية النظام هي إبادة سوريا بشكل كامل.

سوريا المشتعلة، إنه الوصف الأدق للأوضاع السياسية والأمنية في البلاد اليوم. الجبهات مفتوحة على كل الجهات، احتجاجات واعتقالات برعاية قصف “إسرائيلي”، الأجنبي يسرح ويمرح في كل شبر حرفياً، وتجارة الكبتاغون مزدهرة، وما زال الأسد متربعاً على كرسي الديكتاتور، يراقب خراب البلاد، التي ادعى أنه أنقذها!

بين الشمال والجنوب

لكل جهة في سوريا عدوّ تحاربه، بمن فيهم قسد والمعارضة المسلّحة والنظام وروسيا وإيران وأميركا وحتى “إسرائيل”، وكلٌّ اختار أرضاً للمعركة، ولكلٍّ أسبابه الخاصة. تستطيع في سوريا إيجاد كل أنواع الصراعات، حرب الأقليات ضد التطرف وحرب التطرف ضد الجميع وحرب النظام ضد شعبه واحتجاجات الناس ضد النظام وضربات “إسرائيل” للحفاظ على أمنها من خطر إيران المتغلغل في سوريا، ومحاولة روسيا خلق توازن عالمي جديد. الجميع وجد في سوريا مكاناً جيداً لتحقيق الأحلام والطموحات. وسط كل هذه الحروب والاحتجاجات والصراعات، تبدو عبارة “سوريا آمنة” مثيرة للسخرية، فما الأمان المتوقع في بلد مشتعل مجازياً وحرفياً؟!

في الشمال، لم يتوقف النظام وحليفته روسيا عن قصف مدينة إدلب، إذ تُستهدف المدينة وريفها بشكل شبه يومي، وعاد التصعيد العسكري الى الواجهة على جبهات إدلب بعدما أقدم مسلحو “أنصار التوحيد” يوم 26 آب/ أغسطس على تفجير نفق في قرية الملاجة بريف إدلب الجنوبي، وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن مسلحي الفصيل سيطروا على القرية بعد التفجير.

لا يبدو أن هناك مكاناً آمناً للسوريين داخل البلاد، وكذبة سوريا الآمنة هي خدعة النظام وحلفائه ودولٍ تريد التخلص من اللاجئين. يمكن للمطلع، ولو قليلاً، إدراك الخطر الذي يعيشه كل سوري، بين وحوش الجوع والنظام والفصائل المسلحة، لذلك يفضل السوريون المخاطرة بحيواتهم في البحر أملاً بحياة حقيقية.

استجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 439 هجوماً في شمال غربي سوريا منذ بداية العام الحالي حتى 13 آب، شنّتها قوات النظام وروسيا، وأخرى من مناطق سيطرة مشتركة لقوات النظام و”قسد”، وهجمات بطائرات مسيّرة وتفجيرات. وأدت الهجمات إلى مقتل 52 شخصاً وإصابة حوالى 205 أشخاص. كل هذا خلال شهرين من دون دخول أي مساعدات إنسانية إلى شمال غربي سوريا عبر معبر باب الهوى، ما أدى إلى انقطاع الخبز وشح المياه في مخيمات النازحين داخلياً.

وفي الجنوب السوري، تستمر الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد، في مدينة السويداء، لليوم 11، وما زالت الحدود الأردنية – السورية مشتعلة بتهريب المخدرات. فقد قالت القيادة العامة للجيش الأردني في بيان يوم 28 آب، إنها أسقطت مسيرة قادمة من سوريا، في المنطقة العسكرية الشرقية، وهي الطائرة الثالثة خلال شهر، إذ أسقطت السلطات الأردنية ثلاث طائرات، واحدة منها محمّلة بكيلوغرامين من مادة “الكرستال” المخدّرة وأخرى بمادة TNT المتفجرة.

“إسرائيل” في حلب و”داعش” في دير الزور

لا مكان يشعر فيه السوريون بالأمان أو الطمأنينة، الجوع يفتك بالعائلات والحر يلتهم أجساد النازحين حيث لا ماء ولا كهرباء، والخوف من الهجمات الإسرائيلية ليلاً، في ظل عدم تواني النظام وحلفائه عن استخدام المناطق السكنية لنقل شحنات الأسلحة وتخزينها.

الثورة التي بدأت بمناداة الحرية تحولت إلى حروب ضد التطرف ومجازر ارتكبها النظام، مجازر قد تتكرر في أي لحظة، وهذا يبدو خوف السوريين الأكبر الذي تجدد بعد احتجاجات السويداء، فغدا السؤال: هل يقصف النظام المحتجين أم يسهّل دخول “داعش” إلى المدينة؟

أما في حلب، فقد هاجمت أربع طائرات تابعة لـ “القوات الجوية الإسرائيلية” مطار النيرب من البحر المتوسط، واستهدفت البنية التحتية للمطار يوم الاثنين 28 آب، بحسب “روسيا اليوم“، وكانت قالت صحيفة هآرتس تقارير إعلامية، إن إسرائيل نفذت 25 هجوماً على الأراضي السورية منذ بداية العام 2023. 

وفق التقرير الذي نقلته “هآرتس”، قُتل 61 شخصاً في الهجمات، بينهم 24 جندياً سورياً، و4 مدنيين سوريين يعملون لصالح مجموعات تابعة لإيران، و24 مواطناً غير سوري يعملون لدى مجموعات تابعة لإيران، و6 أعضاء في الحرس الثوري الإيراني، و3 عناصر من “حزب الله”.

أمّا في الشمال الشرقي، فحصل تصعيد مفاجئ بين “قسد” ومجلس دير الزور العسكري، إذ أعلنت “قسد” يوم 27 آب عن عملية عسكرية تحت عنوان “تعزيز الأمن” بهدف ملاحقة خلايا “داعش” في الضفة الشرقية لنهر الفرات وتحديداً في “دير الزور”، وقال البيان: “إن هذه العملية هي إحدى المراحل المتقدمة في الكفاح المشترك التي تقودها قواتنا بدعم ومساندة من قوّات التحالف الدولي ضد داعش، وستستمر حتى تحقيق الأهداف المحددة لها”.

ازداد التصعيد مع اعتقال قائد “مجلس دير الزور” العسكري أحمد الخبيل بعد قدومه إلى الحسكة من دون معرفة أسباب هذا الاعتقال. ورداً على “قسد”، انطلقت احتجاجات وقطع طرقات على خط الخابور الشرقي شمال دير الزور وفي بلدات جديد بكارة وذيبان وقرية الشنان التي شهدت أيضاً اشتباكات مع “قسد”، كما قطع محتجون الطريق الواصل بين مدينة البصيرة وحقل العمر النفطي.

لا مكان آمن للسوريين

لا يبدو أن هناك مكاناً آمناً للسوريين داخل البلاد، وكذبة سوريا الآمنة هي خدعة النظام وحلفائه ودولٍ تريد التخلص من اللاجئين. يمكن للمطلع، ولو قليلاً، إدراك الخطر الذي يعيشه كل سوري، بين وحوش الجوع والنظام والفصائل المسلحة، لذلك يفضل السوريون المخاطرة بحيواتهم في البحر أملاً بحياة حقيقية.

وسط فوضى المواجهات والبلاد المشتعلة، تُطرح الأسئلة القديمة – الحديثة، من المسؤول وما الحل؟ يتحمل النظام مسؤولية هذه الفوضى بالدرجة الأولى، فتكلفة بقاء الأسد لم تكن فقط قتل آلاف السوريين واعتقالهم، بل جعل ما تبقى منها يعيشون في ذعر لا ينتهي، والسماح بدخول القوات الأجنبية، وبالدرجة الثانية تتبعه الدول العربية التي تُطبّع مع النظام وتمنحه فرصة جديدة لممارسة ديكتاتوريته، وثالثاً المجتمع الدولي الذي لم يكن جديّاً يوماً في اتخاذ خطوة نحو تحقيق العدالة في سوريا وحماية الناس، وكل ما قدمه من مساعدات كان أشبه بالقيام بأقل مما يستطيع.

حسب تقرير مؤشر السلام العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP) لعام 2023، تقع سوريا في المرتبة الثالثة كأخطر البلاد في العالم بعد أفغانستان واليمن. أما بالنسبة الى التكلفة الاقتصادية للعنف كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، فتربعت سوريا بالمركز الأول بنسبة 81.7 بالمئة.

01.09.2023
زمن القراءة: 4 minutes

اشترك بنشرتنا البريدية