خطوة رقابية جديدة ستفرض مزيداً من القيود على رواية الفلسطينيين لقضيتهم، وهذه المرّة عبر فرض إدارة “فايسبوك” سياسة معايير مجتمع جديدة على المنصة، عبر اعتبار كلمة “صهيوني” مرادفة لكلمة “يهودي”، وإضافتها إلى قائمة الفئات المحمية ضمن سياسة خطاب الكراهية الخاصة بالشركة، تحت ذريعة محاربة اللاسامية.
الخطوة تمت بعد حملة واسعة وضغوطات مارستها جهات ومنظمات عالمية صهيونية متشددة بغية اعتبار تعبير “صهيوني” يشمل المكون الهوياتي لليهود وليس مجرد تعريف سياسي وبالتالي بحسب معايير “فايسبوك” الجديدة أصبح اعتماد هذه العبارة في سياق النقاش يندرج ضمن التحريض على التمييز والكراهية.
وعلى رغم الجهود التي بذلتها مؤسسات فلسطينية لمنع مرور القرار منذ أن بدأ الحديث عنه منذ أشهر، إلا أن “فايسبوك” قرر بدأ العمل به منذ شباط/ فبراير الحالي، ومن المتوقع أن يبدأ العمل به قريباً…
“تبنّي هذا القرار من إدارة “فايسبوك” سيدفع إدارات منصات أخرى لاعتماده”
هذه السياسة التي ستكون في حيّز التنفيذ خلال أيامٍ إذا لم تتراجع عنها إدارة “فايسبوك”، لا تشكّل خطراً على القضية الفلسطينية والفلسطينيين وحسب، وإنما هي انتهاك واضح لحرية تعبير كل ناشط أو حقوقي في العالم، خصوصاً أن “الانتهاكات الإسرائيلية لا تطال الفلسطينيين فقط، ويتوسّع نطاق منتقديها إلى العالم كله”، وفق ما روته مديرة المناصرة المحلية في مركز “حملة” منى شتيه لـ”درج”.
“المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي” (حملة)، هو أحد المؤسسات التي ساهمت في نشر الوعي حول سياسة “فايسبوك” الجديدة ومدى خطورتها على القضية الفلسطينية، فتشاركت مع منظمات حقوقية فلسطينية ودولية أخرى وأطلقوا عريضة متعددة اللغات ضمن حملة دوليّة للحيلولة دون تغيير معايير “فايسبوك”، التي يرى المركز فيها “مسّاً بالحقّ في حرية الرأي والتعبير وتهدف إلى إسكات المدافعين عن حقوق الفلسطينيّين، الخاضعين للاحتلال والاضطهاد والتمييز العنصريّ الإسرائيليّ الممارس ضدهم منذ عقود”، خصوصاً أن هذه السياسات تهدف للتهرّب من مساءلة ومحاسبة الحكومة الإسرائيلية عن ممارساتها وأفعالها التمييزيّة ضد الفلسطينيين والمخالفة للقانون الدولي.
كما أكّدت منى، أن “تبنّي هذا القرار من إدارة “فايسبوك” سيدفع إدارات منصات أخرى لاعتماده”، إذ إن منصة “إنستغرام” و”واتساب” و”تويتر” وغيرها، جميعها تابعة للإدارة نفسها، أو على الأقل تتّبع النهج والمعايير ذاتها، وهو ما يخلق تخوّفاً حقيقياً من تضييق أكبر على منتقدي الممارسات القمعية الإسرائيلية.
من جهة أخرى، أكدّت منى إنّ “الصهيونيّة كحركة سياسيّة أيديولوجيّة لا تساوي الديانة اليهوديّة ولا تمثلها، إذ إنّ هناك شرائح واسعة من اليهود هم ليسوا صهيونيّين، كما أنّ هناك صهيونيّين ليسوا يهوداً ولا إسرائيليّين، وما ادعاء التطابق بين مفاهيم اليهودية والصهيونيّة إلا خلط واستغلال واضح لقضية اللاساميّة من أجل تحقيق أهداف سياسيّة بحتة”. مشيرةً إلى أن جزء كبيراً من المشاركين في الحملة والموقعين على العريضة التي تجاوز عددهم الـ 50 ألف شخص، هم يهود، سجّلوا اعتراضهم على القرار الجديد أولاً، وعلى السياسات القمعية التي تمارسها الأجهزة الصهيونية ثانياً.
إذاً، فإن تلك الخطوة من شأنها أن تقلل من وصول الصوت الفلسطيني إلى العالم، ضمن مساعٍ ممنهجة تهدف إلى فرض رقابة على المحتوى الفلسطيني، خصوصاً أن “فايسبوك” هو أكثر منصة يستخدمها الشباب الفلسطيني للتعبير عن أفكارهم السياسية والاجتماعية، كما وسرد رواياتهم…
إقرأوا أيضاً: