fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

شاعر وبطل… ومغتصِب: هل فقد التشيليون اعتزازهم بـ نيرودا؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كان بابلو نيرودا شاعراً، واعتُبرت حياته رمزاً للمقاومة في أميركا اللاتينية ضد الدكتاتورية. ولكن قرار تغيير اسم أكبر مطار دولي في تشيلي إلى اسمه، قوبل بغضب من ناشطي حقوق الإنسان، الذين رأوا أن هذا التكريم لا يستحقه رجل اعترف بارتكابه الاغتصاب في مذكراته الشخصية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
بابلو نيرودا

كان بابلو نيرودا شاعراً حاصلاً على جائزة نوبل، أرَّخ في شعره لحيوات البشر العاديين وكفاحاتهم في أميركا اللاتينية، واعتُبرت حياته رمزاً للمقاومة ضد الدكتاتورية.

ولكن قرار تغيير اسم أكبر مطار دولي في تشيلي إلى اسمه، قوبل بغضب من ناشطي حقوق الإنسان، الذين رأوا أن هذا التكريم لا يستحقه رجل اعترف بارتكابه الاغتصاب في مذكراته الشخصية.

وكانت اللجنة الثقافية لمجلس النواب التشيلي قد صوتت هذا الشهر على تغيير اسم مطار سانتياغو إلى نيرودا، المعروف بكتاب القصائد الذي يحمل عنوان “النشيد الشامل Canto General”، وهو تاريخ شعري جامع للأمريكتين.

وصرحت كارولينا مارزان، وهي نائب صوتت لمصلحة الخطوة، متحدثة إلى الصحافيين، بأن اسم الشاعر “الذي يفخر به جميع التشيليين” يجب أن يكون أول ما يراه الزائرون عندما يصلون إلى البلاد.

ولكن الفخر الذي كان يشعر به التشيليون تجاه نيرودا سابقاً بدأ يتضاءل في أجواء إعادة التقييم التي تثيرها سلسلة من الاحتجاجات النسوية تقودها طالبات في جميع أرجاء البلاد.

كان هذا الحراك مكوناً أساسياً في حملة حقوق الإجهاض، ثم عززته احتجاجات #لسن_أقل #NiUnaMenos التي شهدتها أميركا اللاتينية ضد قتل النساء، ومن ثم حراك #أنا_أيضاً #MeToo العالمي ضد العنف الجنسي.

قالت كارين فيرغارا سانشيز، وهي طالبة وناشطة ومشاركة في موجة احتجاجات ضد التحرش الجنسي في البلاد اتخذت شكل إضرابات طلابية في وقت سابق من العام الجاري: “لا يوجد سبب واضح لتغيير اسم المطار، كما أن هذه الخطوة تحصل في وقت بدأت النساء للتو يتجرأن على الإبلاغ عن المتحرشين”.

ينبع الجدل الحالي من صفحة تضمها مذكرات نيرودا، يصف فيها اغتصاب خادمة من سيلان البريطانية (سريلانكا) حيث شغل منصباً ديبلوماسياً في 1929.

فبعد تجاهل المرأة لتودداته، قال نيرودا إنه “أمسك معصمها بقوة” وقادها إلى غرفة نومه. وكتب عن ذلك الموقف: “كان اللقاء شبيهاً بلقاء بين رجل وتمثال. وقد أبقت عينيها مفتوحتين على اتساعهما طوال الوقت، وكانت غير متجاوبة على الإطلاق. كان لها الحق في احتقاري”.

وعلى رغم أن المذكرات نشرت قبل ما يزيد على الـ40 عاماً، إلا أن تلك الفقرة لم تصبح موضع جدل إلا في السنوات الأخيرة، وفق ما ما قالت فيرغارا سانشيز، مضيفة: “لقد بدأنا الآن فقط في هدم الأوهام المحيطة بنيرودا لأننا لم نبدأ سوى مؤخراً في الاعتراض على ثقافة الاغتصاب”.

ورأت الكاتبة وناشطة حقوق الإنسان، إيزابيل الليندي، أن أعمال نيرودا لا تزال ذات قيمة. وأوضحت متحدثة إلى “الغارديان”: “مثل كثير من النسويات الشابات في تشيلي، أشعر بالاشمئزاز من بعض الجوانب في حياة نيرودا وشخصيته. لكن لا يمكننا تجاهل كتاباته”.

وتابعت قائلة: “لا يتصرف سوى القليل جداً من الناس -خصوصاً الرجال الذين يملكون النفوذ والقوة- بلياقة. لقد كان نيرودا خطّاءً، مثلنا جميعاً بطريقة أو بأخرى، ولا تزال الأغنية الشاملة تحفة فنية”.

 

قال نيرودا إنه “أمسك معصمها بقوة” وقادها إلى غرفة نومه. وكتب عن ذلك الموقف: “كان اللقاء شبيهاً بلقاء بين رجل وتمثال. وقد أبقت عينيها مفتوحتين على اتساعهما طوال الوقت، وكانت غير متجاوبة على الإطلاق. كان لها الحق في احتقاري”.

 

ولم ترد مؤسسة بابلو نيرودا، التي تعمل على إعلاء شأن إرث الشاعر في تشيلي، على طلبات المقابلات.

لقد كان نيرودا كاتباً غزير الإنتاج لكنه كان كذلك ناشطاً سياسياً ساعد آلاف اللاجئين الجمهوريين في الهرب إلى تشيلي بعد الحرب الأهلية الإسبانية، كما أصبح سفيراً لدى فرنسا في عهد حكومة اليسار التي ترأسها سلفادور الليندي. مات نيرودا في ظروف غامضة، بعد أيام فقط من الانقلاب العسكري الذي قاده أوغستو بينوشيه.

مدحه غابرييل غارسيا ماركيز واصفاً إياه بأنه “أعظم شاعر في القرن العشرين”، غير أن الجدل الحالي أدى إلى إعادة تقييم القيمة الأدبية لنيرودا.

قال باتريسيو ألفارادو باريا، الفائز بجائزة الهيئة الوطنية للكتاب عن روايته “فرز Triage”، وهي جائزة مرموقة في تشيلي، إن نيرودا يكتسب تقديراً بسبب قيمته الدعائية والسياسية أكثر مما يقدر بسبب شعره.

وقال، “لقد تحول نيرودا إلى علامة دعائية يستفيد منها رأس المال السياسي إلى الآن. إن تأثير أعماله الأدبية قد أزاحه وحل محله كتابٌ قاموا بمجازفات أكبر”.

أحيل قرار تغيير اسم المطار -الذي يحمل حالياً اسم أرتورو ميرينو بينيتيز، مؤسس القوات الجوية والخطوط الجوية التشيلية- في هذه الأثناء إلى مجلس النواب ليخضع للتصويت النهائي.

قالت فيرغارا سانشيز: “لقد حان الوقت للتوقف عن عبادة نيرودا والتحدث عن حقيقة أنه كان معتدياً”. وتابعت: “إن كونه شاعراً مشهوراً لا يبرئه من تهمة الاغتصاب”.

 

هذا الموضوع مترجم عن موقع theguardian.com ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي.

 

27.11.2018
زمن القراءة: 3 minutes

كان بابلو نيرودا شاعراً، واعتُبرت حياته رمزاً للمقاومة في أميركا اللاتينية ضد الدكتاتورية. ولكن قرار تغيير اسم أكبر مطار دولي في تشيلي إلى اسمه، قوبل بغضب من ناشطي حقوق الإنسان، الذين رأوا أن هذا التكريم لا يستحقه رجل اعترف بارتكابه الاغتصاب في مذكراته الشخصية.

بابلو نيرودا

كان بابلو نيرودا شاعراً حاصلاً على جائزة نوبل، أرَّخ في شعره لحيوات البشر العاديين وكفاحاتهم في أميركا اللاتينية، واعتُبرت حياته رمزاً للمقاومة ضد الدكتاتورية.

ولكن قرار تغيير اسم أكبر مطار دولي في تشيلي إلى اسمه، قوبل بغضب من ناشطي حقوق الإنسان، الذين رأوا أن هذا التكريم لا يستحقه رجل اعترف بارتكابه الاغتصاب في مذكراته الشخصية.

وكانت اللجنة الثقافية لمجلس النواب التشيلي قد صوتت هذا الشهر على تغيير اسم مطار سانتياغو إلى نيرودا، المعروف بكتاب القصائد الذي يحمل عنوان “النشيد الشامل Canto General”، وهو تاريخ شعري جامع للأمريكتين.

وصرحت كارولينا مارزان، وهي نائب صوتت لمصلحة الخطوة، متحدثة إلى الصحافيين، بأن اسم الشاعر “الذي يفخر به جميع التشيليين” يجب أن يكون أول ما يراه الزائرون عندما يصلون إلى البلاد.

ولكن الفخر الذي كان يشعر به التشيليون تجاه نيرودا سابقاً بدأ يتضاءل في أجواء إعادة التقييم التي تثيرها سلسلة من الاحتجاجات النسوية تقودها طالبات في جميع أرجاء البلاد.

كان هذا الحراك مكوناً أساسياً في حملة حقوق الإجهاض، ثم عززته احتجاجات #لسن_أقل #NiUnaMenos التي شهدتها أميركا اللاتينية ضد قتل النساء، ومن ثم حراك #أنا_أيضاً #MeToo العالمي ضد العنف الجنسي.

قالت كارين فيرغارا سانشيز، وهي طالبة وناشطة ومشاركة في موجة احتجاجات ضد التحرش الجنسي في البلاد اتخذت شكل إضرابات طلابية في وقت سابق من العام الجاري: “لا يوجد سبب واضح لتغيير اسم المطار، كما أن هذه الخطوة تحصل في وقت بدأت النساء للتو يتجرأن على الإبلاغ عن المتحرشين”.

ينبع الجدل الحالي من صفحة تضمها مذكرات نيرودا، يصف فيها اغتصاب خادمة من سيلان البريطانية (سريلانكا) حيث شغل منصباً ديبلوماسياً في 1929.

فبعد تجاهل المرأة لتودداته، قال نيرودا إنه “أمسك معصمها بقوة” وقادها إلى غرفة نومه. وكتب عن ذلك الموقف: “كان اللقاء شبيهاً بلقاء بين رجل وتمثال. وقد أبقت عينيها مفتوحتين على اتساعهما طوال الوقت، وكانت غير متجاوبة على الإطلاق. كان لها الحق في احتقاري”.

وعلى رغم أن المذكرات نشرت قبل ما يزيد على الـ40 عاماً، إلا أن تلك الفقرة لم تصبح موضع جدل إلا في السنوات الأخيرة، وفق ما ما قالت فيرغارا سانشيز، مضيفة: “لقد بدأنا الآن فقط في هدم الأوهام المحيطة بنيرودا لأننا لم نبدأ سوى مؤخراً في الاعتراض على ثقافة الاغتصاب”.

ورأت الكاتبة وناشطة حقوق الإنسان، إيزابيل الليندي، أن أعمال نيرودا لا تزال ذات قيمة. وأوضحت متحدثة إلى “الغارديان”: “مثل كثير من النسويات الشابات في تشيلي، أشعر بالاشمئزاز من بعض الجوانب في حياة نيرودا وشخصيته. لكن لا يمكننا تجاهل كتاباته”.

وتابعت قائلة: “لا يتصرف سوى القليل جداً من الناس -خصوصاً الرجال الذين يملكون النفوذ والقوة- بلياقة. لقد كان نيرودا خطّاءً، مثلنا جميعاً بطريقة أو بأخرى، ولا تزال الأغنية الشاملة تحفة فنية”.

 

قال نيرودا إنه “أمسك معصمها بقوة” وقادها إلى غرفة نومه. وكتب عن ذلك الموقف: “كان اللقاء شبيهاً بلقاء بين رجل وتمثال. وقد أبقت عينيها مفتوحتين على اتساعهما طوال الوقت، وكانت غير متجاوبة على الإطلاق. كان لها الحق في احتقاري”.

 

ولم ترد مؤسسة بابلو نيرودا، التي تعمل على إعلاء شأن إرث الشاعر في تشيلي، على طلبات المقابلات.

لقد كان نيرودا كاتباً غزير الإنتاج لكنه كان كذلك ناشطاً سياسياً ساعد آلاف اللاجئين الجمهوريين في الهرب إلى تشيلي بعد الحرب الأهلية الإسبانية، كما أصبح سفيراً لدى فرنسا في عهد حكومة اليسار التي ترأسها سلفادور الليندي. مات نيرودا في ظروف غامضة، بعد أيام فقط من الانقلاب العسكري الذي قاده أوغستو بينوشيه.

مدحه غابرييل غارسيا ماركيز واصفاً إياه بأنه “أعظم شاعر في القرن العشرين”، غير أن الجدل الحالي أدى إلى إعادة تقييم القيمة الأدبية لنيرودا.

قال باتريسيو ألفارادو باريا، الفائز بجائزة الهيئة الوطنية للكتاب عن روايته “فرز Triage”، وهي جائزة مرموقة في تشيلي، إن نيرودا يكتسب تقديراً بسبب قيمته الدعائية والسياسية أكثر مما يقدر بسبب شعره.

وقال، “لقد تحول نيرودا إلى علامة دعائية يستفيد منها رأس المال السياسي إلى الآن. إن تأثير أعماله الأدبية قد أزاحه وحل محله كتابٌ قاموا بمجازفات أكبر”.

أحيل قرار تغيير اسم المطار -الذي يحمل حالياً اسم أرتورو ميرينو بينيتيز، مؤسس القوات الجوية والخطوط الجوية التشيلية- في هذه الأثناء إلى مجلس النواب ليخضع للتصويت النهائي.

قالت فيرغارا سانشيز: “لقد حان الوقت للتوقف عن عبادة نيرودا والتحدث عن حقيقة أنه كان معتدياً”. وتابعت: “إن كونه شاعراً مشهوراً لا يبرئه من تهمة الاغتصاب”.

 

هذا الموضوع مترجم عن موقع theguardian.com ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي.