كانت سانا تعيش في لندن بعدما أتت من مدينة كوفنتري، وهي في العشرين من عمرها عندما أُحيلت إلى معالج نفسي. فقد توفي والدها، وبدأت وهي على بعد أميال من موطنها تنزلق في شرك الاكتئاب. وأصبحت منعزلة وكانت تحبس نفسها في غرفتها. وفي نهاية المطاف، تمكن أصدقاؤها من إقناعها بطلب المساعدة.
تصف سانا تلك الأيام قائلةً، “لقد وصل بي الحال إلى الشعور بالعجز التام واحتجت إلى ملاذ ألجأ إليه. لم يكن أمامي أي حل آخر… أرغمت نفسي على الذهاب إلى الطبيب”.
على وجه السرعة، تم تكليف معالج نفسي بحالة سانا. كانت تلك هي المرة الأولى التي تزور فيها معالجاً نفسياً، ولم تكن لديها فكرة عما يجب أن تتوقع. “كانت معالجتي النفسية بيضاء وأعتقد أنها لم تتعامل كثيراً مع أفراد من الأقليات نظراً للطريقة التي كانت تتحدث بها معي”.
وذلك لأنها خلال الجلسة الثانية و”دون أي مناسبة”، بدأت المعالجة تسأل سانا عن الزواج القسري. لم تذكر سانا أي شيء عن الزواج، لكنها ذكرت أصولها الباكستانية.

تقول سانا: “قلت لها أنا هنا للعلاج من الاكتئاب والقلق”. وأضافت، “لقد توفي والدي وذهبت إلى هناك للعلاج من الاكتئاب الذي أصابني نتيجةً لذلك وقد انزعجت بشكل واضح لدى ذكرها هذه المسألة بالتحديد”.
تصف سانا كيف ركزت المعالجة النفسية على تلك المعلومة فقط، وهي أصولها الباكستانية، لتقديم هذا التلميح غير اللائق عن سبب اكتئابها وطلبها المساعدة. “لم تكن لديها أدنى فكرة عن تأثير ذلك السؤال في مشاعري، شعرت بأنني أتعرض للتنميط”.
تقول سانا “تصورت أنه إذا كانت هذه المعالجة المحترفة غير قادرة على مساعدتي؛ إذاً حالتي ميؤوس منها”.
ومع ذلك، واصلت سانا حضور جلسات العلاج، وتعلق سانا على ذلك قائلة، “لم أعتقد أنه يحق لي الاعتراض على أي شيء لأنني كنت أتلقى هذه الجلسات من خلال هيئة الخدمات الصحية البريطانية، ولم أرد أن أبدو ناكرة للجميل”.
“لكنني لم أتمكن من التحدث بحرية والإفصاح عما بداخلي لهذه المرأة. وفي كل مرة تحاول التعمق لم أكن أتجاوب معها. أعتقد أنها شعرت بذلك لأنها بعد بضع جلسات قالت لي، “لا أعتقد أننا نحرز تقدماً. أعتقد أنه من الأفضل أن تتابعي مع معالج نفسي آخر”.
وبالفعل، كُلف معالج آخر بحالة سانا لاستكمال علاجها.
“كانت معالجتي النفسية بيضاء وأعتقد أنها لم تتعامل كثيراً مع أفراد من الأقليات نظراً للطريقة التي كانت تتحدث بها معي”.
يُعد المنتمون إلى الأقليات العرقية أكثر عرضة للإصابة بأمراض نفسية من نظرائهم البيض. ثمة مجموعة متزايدة من الأبحاث تشير إلى أن التعرض المتكرر للعنصرية يزيد من فرص الإصابة بالذهان والاكتئاب، في حين أن العوامل الأخرى التي تتعلق بالصحة العقلية مثل الفقر وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض النتائج الدراسية، عادةً ما تؤثر في البريطانيين من الأقليات السوداء والعرقية الأخرى.
على رغم ذلك، قدمت جهة مستقلة تقريراً لاستعراض قانون الصحة النفسية الذي قُدم إلى الحكومة عام 2018، تشير فيه إلى أن البريطانيين من الأقليات السود والأقليات العرقية الأخرى يعانون من “انعدام مساواة بصورة كبيرة” في ما يتعلق بالحصول على خدمات الرعاية النفسية. ركز التقرير في المقام الأول على كثرة عدد المرضى المقيمين من الأقليات العرقية لا سيما السود في وحدات العلاج النفسي: فاحتمال إيداع البريطانيين السود في وحدات العلاج النفسي تزيد عن المرضى البيض بأربعة أضعاف. ومن المرجح أيضاً أن تُقدم أدوية للمرضى من الأقليات السود والعرقية الأخرى بدلاً من جلسات العلاج التي تتضمن الحوار مع المعالجين (مثل الإرشاد النفسي والعلاج النفسي التحليلي).
وُصفت هذه العوامل إضافة إلى غياب التنوع في العاملين بمجال الصحة النفسية بأنها عوامل مساهمة في انتشار الشعور بعدم الثقة في النظام، ما يؤدي إلى امتناع بعض المرضى من الأقليات العرقية لا سيما السود عن طلب المساعدة في مرحلة مبكرة يسهل العلاج فيها.
قد تشكل بعض التصورات تجاه الصحة النفسية عاملاً إضافياً، ففي مجتمعات جنوب شرقي آسيا، قد يعد المرض النفسي وصمة إذ يرى البعض أنه قد يؤثر في فرص الزواج ويجلب العار للأسرة. وقد يتم الربط بين أسباب المرض النفسي أو علاجه وبين الدين.
يقول يوجين إليس مؤسس شبكة العلاج النفسي للسود والأفارقة والآسيويين (BAATN) “هناك تاريخ طويل من القمع في التعامل مع الأشخاص من ذوي البشرة الملونة في الطب النفسي. وقد ينظر المرضى من الأقليات العرقية إلى العلاج النفسي التحليلي والإرشاد النفسي من الزاوية نفسها”.
لكن مشكلات المرضى من الأقليات العرقية لا سيما السود، لا تقتصر على الطب النفسي. عام 2013، أعدت جمعية “مايند” الخيرية، المتخصصة في تقديم المعلومات والنصائح المتعلقة بالصحة النفسية، تقريراً للحكومة الائتلافية حول تسهيل الحصول على العلاجات الحواريّة. كانت النتائج صادمة في ما يخص المرضى المنتمين للأقليات العرقية، فقد شعر 10 في المئة فقط ممن شملهم الاستطلاع أن الخدمة العلاجية تأخذ خلفياتهم الثقافية في الاعتبار، وقال ثلث المشاركين في الاستطلاع إنهم يعتقدون أن تلك الخدمة لا تناسب الأشخاص المنتمين إلى الأقليات العرقية.
بيد أن تقييم مقدمي الخدمات الصحية لأنفسهم أعلى بكثير، فقد قال 75 في المئة من المعالجين، إن الخدمات التي يقدمونها تلبي الاحتياجات الثقافية للمرضى من الأقليات العرقية خصوصاً السود. هذا الفارق هو الذي يشكو منه هؤلاء المرضى: وهو أن المعالجين لا يدركون الواقع. كما يشكو المرضى من أن المعالجين يسخرون منهم إذا ما تحدثوا عن التمييز العنصري الذي تعرضوا له، حتى أن بعضهم يتخذ موقفاً دفاعياً، ويشير آخرون إلى التنميط العنصري وقلة الوعي بالفروق الثقافية الدقيقة.
لدي خبرة شخصية تتعلق بهذا الأمر. منذ سنوات، ذهبت إلى معالجة وشعرت بأن حالتي كانت تتحسن معها. لقد أمضينا الكثير من الوقت في تفهم العلاقات السابقة الصعبة، والتي كان بعضها مؤذياً. في أحد الأيام، نصحتني بأن أقطع علاقتي بالأشخاص الذين يسببون مشكلات من أفراد عائلتي. حاولت أن أوضح لها أن هذا الأمر ليس سهلاً بالنسبة إلى امرأة من أصول آسيوية، حيث تختلف العلاقات الأسرية عن الغرب. إذا ما قطعت علاقتي ببعض أفراد عائلتي ستكون هناك عواقب، ولم أكن أعتقد أنني أستطيع مواجهة تلك المشكلات الإضافية.
تصف سانا كيف ركزت المعالجة النفسية على تلك المعلومة فقط، وهي أصولها الباكستانية، لتقديم هذا التلميح غير اللائق عن سبب اكتئابها وطلبها المساعدة.
إضافة إلى ذلك، لم أتفق معها في تقييم هذا الأمر. إذ لم أكن أريد أن أتخلص من أفراد عائلتي، فقد عانى كثر منهم من صدمات نفسية أيضاً، لكنني كنت أرغب في تجاوز ما حدث، وأن أضمن أن تكون اختياراتي أفضل في المستقبل. لكنها ظلت تسألني كل أسبوع إذا ما كنت قد أنهيت علاقاتي معهم بالفعل. شعرت بالخجل وأنا أجيب بالنفي، كما لو أنني خذلتها. تسبب ذلك في جعل الجلسات مشوبة بالتوتر وغير مثمرة، وعلى إثر ذلك توقفت عن العلاج لسنوات.
ليس من المؤكد أن المعالجين المنتمين إلى الأقليات سيتفهمون مشكلات المرضى من الأقليات تماماً كما يريدون. لكن بالمنطق ذاته الذي يجعل المرأة تشعر بارتياح أكبر إذا ما تحدثت إلى امرأة أخرى في أمور وخبرات تتعلق بكونها امرأة، ربما يشعر الشخص من ذوي البشرة الملونة بالأمان أكثر إذا ما تحدث إلى شخص تعرض للتجارب ذاتها المقترنة بالانتماء العرقي. قد يكون الحل السريع هو أن يقوم معالجون من ذوي البشرة الملونة بعلاج المرضى المنتمين إلى الأقليات العرقية ومنها السود.
ومع ذلك، فهذا ليس دائماً ممكناً. أولاً، هناك مسألة الموقع الجغرافي. فالأشخاص الذين يعيشون خارج المدن ليس لديهم الكثير من الخيارات. غير أن زيادة عدد المعالجين من الأقليات العرقية ربما يُساعد في حل تلك المشكلة، لكن، وفقاً لما ذكرته إليس، يبدو أن معدل الانقطاع عن الدراسة أعلى بين الأقليات العرقية في أقسام العلاج النفسي، وذلك لأنهم هم أيضاً يشعرون بالإحباط بسبب قلة تفهم المدربين من ذوي البشرة البيضاء لخصوصياتهم العرقية.
فقد لاحظت إليس هذا الأمر خلال عملها لدى “شبكة المعالجين السود والأفارقة والآسيويين”، والتي أنشئت لتساعد المرضى على العثور على معالج من الأقلية السوداء أو الأقليات العرقية الأخرى، قبل أن تتحول إلى ملتقى للمختصين من أصول عرقية مختلفة، تقام فيه المنتديات ويقدم فيه التدريب، ويُمكن الانتساب إليه من طريق الحصول على العضوية.

يقول إليس، “يُطلب منك الحديث عن نفسك في إطار التدريب الذي تتلقاه في مجال العلاج النفسي، لأنه في حال كنت عازماً على مساعدة الآخرين، فعليك أن تعرف نفسك أولاً”.
ويضيف، “تحتل الهوية العرقية للمعالجين الملونين جانباً كبيراً من ذلك الحديث، بيد أن الناس لا يعرفون كيف يتحدثون عن العرق، ويشعرون بعدم الارتياح عند الحديث عنه، فضلاً عن أن المدربين لا يقولون أي شيء، إلى أن تسمع منهم في النهاية تعليقاً مفاده، (لماذا تستمر في الحديث بشأن الأمر؟) أو (لتتجاوز هذا الأمر)”.
ولمعالجة هذا الأمر، وضعت شبكة العلاج النفسي للسود والأفارقة والآسيويين برنامجها الإرشادي الخاص لكي تعطي للمتدربين مساحة للحديث، وحتى يتم الاستماع إليهم بشكل أكثر فعالية أثناء برامجهم التدريبية.
تلعب الطبقة الاجتماعية دوراً محورياً في هذا الصدد، يقول إليس، “الأمور المتعلقة بالعلاج النفسي تتمحور حول قيم الطبقة الوسطى، من طريقة كلام الناس وتعبيرهم وصولاً إلى تطلّعاتهم”.
سيكون لدى الناس بعض الخبرة حول هذا الأسلوب إذا كانوا ممن ارتادوا الجامعات، لكن الأمر قد يكون صعباً على من لم يرتادوها.
تجدر الإشارة إلى أن من سبق لهم تلقي العلاج النفسي تزيد احتمالات تدرّبهم ليصبحوا معالجين نفسيين، وكذلك تزيد فرصة ذهابهم إلى معالج نفسي في حال كان أحد معارفهم فعل ذلك مسبقاً، ويعد ذلك الأمر أكثر شيوعاً في أوساط المنتمين للطبقة الوسطى الذين تلقوا تعليماً جامعياً.
لكن العقبات تستمر حتى في المرحلة التالية للتدريب، ذلك أن النظام يشجّع المعالجين النفسيين على التعامل مع المرضى من القطاع الخاص الذين عادة ما يكونون من البيض المنتمين إلى الطبقة الوسطى.
يردف إليس، “ستوضع على كاهلك تحديات أكبر في حال أردت العمل داخل مجتمعك، وستحتاج للعمل ضمن (هيئة الخدمات الصحية الوطنية) وعلى الأرجح ستواجه العنصرية ذاتها مجدداً، ولذلك فإن الكثير من الناس يشعرون بالاستنزاف ثم يغادرون ببساطة”.
“تصورت أنه إذا كانت هذه المعالجة المحترفة غير قادرة على مساعدتي؛ إذاً حالتي ميؤوس منها”.
يعتقد إليس بأن المعالجين النفسيين -بصرف النظر عن أصولهم العرقية- بحاجة إلى الخضوع لبعض التدريب ليساعدهم على معالجة المرضى المنتمين إلى الأقليات العرقية، إلى جانب تمكينهم من التغلب على انزعاجهم من الحديث بشأن العرق.
ويضيف أيضاً، “ذلك لأن هويتك العرقية لا تشكل فارقاً في عملك كمعالج نفسي”، مشيراً إلى أنه لا يلزم للاستشاريين المتخصصين في الانتهاكات الجنسية أو الصدمات الناتجة عن الفقد أن يكونوا بالضرورة قد مروا بتلك الأمور شخصياً. لكنهم بالأحرى في حاجة إلى حيّز ضمن التدريب يتيح لهم إمكان الإلمام بتلك المشكلات وكيفية التعامل معها. لكن، “الوظيفة لا تدرّب الاستشاريين على التعامل مع العرق باعتباره مسألة طبيعية”.
قد يؤثر نوع العلاج أيضاً في النتائج النهائية الخاصة بمرضى من الأقليات العرقية، فقد بات “العلاج المعرفي السلوكي” هو النوع السائد بين أنماط العلاج التي توفرها هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
يركز العلاج المعرفي السلوكي على اللحظة الحالية بدلاً من تجارب الماضي، رامياً إلى تعديل أنماط التفكير السلبية، وهو أبعد ما يكون عن أسلوب العلاج النمطي، إذ يستلقي المريض على كرسي العلاج ويقضي العديد من السنوات في استذكار طفولته. عوضاً عن ذلك، فإن العلاج المعرفي السلوكي هو عبارة عن برنامج منهجي محدد المهمات، ومصمم لتحقيق نتائج سريعة، غالباً في غضون 10 جلسات.
من وجهة نظر منتقديه، فإن العلاج المعرفي السلوكي بات شائعاً بسبب انخفاض تكلفته على المؤسسات إلى جانب تركيزه على إعادة الناس للعمل، يقول إليس عن ذلك، “لست بحاجة إلى الكثير من التدريب لكي تعطي أحدهم برنامجاً للعلاج المعرفي السلوكي، ولذلك فإن المعالجين الذين يتبعوه يحصلون على رواتب زهيدة”.

بيد أن الفكرة الأساسية المبني عليها أسلوب العلاج المعرفي السلوكي هي أنه مهما كانت المعاناة التي يشعر بها المرضى، فإن طريقة تفكيرهم هي ما يجب تغييره. ربما يزيد ذلك الأسلوب من الصدمات التي يعانونها، خاصة حين يتعامل المعالجون النفسيون مع مجتمعات من المرجح أن يُعرب أفرادها عن حزن بالغ بسبب وقوعهم تحت وطأة المشكلات السياسية والاجتماعية الحقيقية والشديدة للغاية.
أعربت عالمة النفس غيلين كينواني في مقالها عن انتقاداتها “للعلاج المعرفي السلوكي” بسبب افتراضاته المسبقة الكامنة، بما في ذلك “الانقسام بين العالم (النهج الموضوعي) وطبيعتنا الإنسانية (ردود فعلنا الشخصية). وهو ما يتجسد في الحاجة إلى أدلة موضوعية لدعم معتقداتنا، وما يرتبط بذلك من قبيل ضرورة التشكيك ورفض واقعنا الشخصي والتجربة الحياتية التي نمر بها، وذلك إن لم يكن من الممكن دعمها بموضوعية.
“إن تشجيع الناس على البحث عن “أدلة موضوعية” من شأنها أن تُساعد على دحض الاعتقاد بأن الجميع يكرهونهم، يختلف تماماً عن أن نطلب من الأشخاص الملونين أن يثبتوا اعتقادهم بأنهم يتعرضون للعنصرية”.
تُشير كينواني إلى أن هذا النهج يُشكل تجسيداً للفكر الغربي العقلاني، ولكن ثمة الكثير من وجهات النظر العالمية الأخرى التي لا تلتزم بهذا. أما إليس، فيعتقد أن هذا الفارق الفلسفي يمكن أن يخلف تأثيراً حقيقياً في المرضى.
يصف إليس ذلك النهج الغربي في التفكير بأنه نهج خطي. “فمفاده هو أن هذا الأمر يأتي أولاً ثم يتبعه أمر آخر بعد ذلك، حتى يتسنى لنا أن نتدبر بصورة منطقية ونتوصل إلى إجابة في النهاية”.
بيد أن الكثير من الناس لا يفكرون وفقاً لهذا النمط الخطي. بل إنهم بدلاً من ذلك قد “يفكرون في أحد الأمور، ثم ينتقلون للتفكير في أمر آخر مختلف على نحو أكثر تعميماً. بمعنى أنهم منفتحون على كل ما يحدث، ثم يشكلون فكرة معينة استناداً إلى أحداث متفرقة ربما قد تعرضوا إليها”.
أوضح إليس أن النهج الخطي في التفكير يتم التأكيد عليه والتعبير عنه بوضوح وبقوة في المدارس والجامعات، لذا فإذا تلقى المريض تعليمه في المملكة المتحدة (وكلما ابتعدوا أكثر، زادت الخبرة التي يكتسبونها حول هذا النهج)، بغض النظر عن العرق، لا تزال بإمكانهم الاستفادة من طرائق العلاج التي تستند إلى هذا النهج. ولكن بالنسبة إلى الذين يتلقون تعليمهم خارج المملكة المتحدة، أو بعيداً من المجتمع الغربي بالكامل، فإن نهج العلاج المعرفي السلوكي قد لا يؤتي ثماره ببساطة. فضلاً عن ذلك، وبسبب التخفيضات التي طرأت على خدمات الصحة العقلية أثناء فترة التقشف، فقد شهد التمويل اللازم للطرائق الأخرى التي لا تركز على العلاج المعرفي السلوكي انخفاضاً ملحوظاً، سواء تلك التي تعتمد على الموسيقى أو العلاج من خلال الفنون. فهل يمكن أن يفسر ذلك إلى حد ما، لماذا لا يزال المرضى من الأقليات العرقية الذين يستطيعون الوصول إلى طرائق العلاج من خلال جلسات الحوار التي توفرها خدمة الصحة الوطنية، أقل قدرة على استعادة عافيتهم؟
على رغم من تلك الصعوبات، ثمة قصص نجاح كثيرة في علاج الأقليات السوداء والعرقية الأخرى. كانت ماندي تعمل في قطاع التكنولوجيا في ويلز عندما بدأت في زيارة مرشد علاجي. تتذكر قائلةً، “لم يكن هناك الكثير من الأشخاص من الأقليات العرقية بين عامة السكان، ناهيك بين من يمارسون مهنة العلاج النفسي”. وأضافت “كنت أتمتع بالمساحة اللازمة خلال جلسات العلاج لاستكشاف كل ما كنت أحتاج إليه… وتمكنت من الحديث عن أي فروق ثقافية احتجت إلى تفسيرها”.
والواقع أن تجربتي الإيجابية تجعلني مفعمةً بالأمل في أن يمارس المزيد من العاملين في المهنة المستوى ذاته من الحرفية والرأفة، للمساعدة في تحطيم الحواجز الثقافية”.
أما بالنسبة إلى أولئك الذين لم يجدوا المعالج النفسي المناسب من المرة الأولى، فلا يزال التعافي ممكناً. فقد أتمت سانا جلساتها العلاجية مع معالجها الثاني من دون أي مشكلة. وكما قالت، “لقد كانت أكثر تركيزاً على مساعدتي لتخطي ما شعرت به من حزن وأسى، وهو ما قد يشعر به أي شخص”.
في مجتمعات جنوب شرقي آسيا، قد يعد المرض النفسي وصمة إذ يرى البعض أنه قد يؤثر في فرص الزواج ويجلب العار للأسرة.
ولكنها حققت قدراً عظيماً من التحسن مع معالجها النفسي الأخير – التي ظلت تزوره لأكثر من عام. فعلى حد قولها، “هو رجل أبيض. وبدأ بسؤالي عن المعالجين النفسيين السابقين الذين تعاملت معهم – وعما أعجبني وما لم يعجبني في طرائق علاجهم – لذا أخبرته عن السيدة الأولى وحديثها معي عن الزواج القسري. وأعرب عن أنه يعتقد بأن ذلك كان أمراً سخيفاً وأوضح ذلك تماماً.
“لم أشعر أبداً أنه ينتقدني أو يطلق أحكاماً عليّ. وإذا التبس عليه فهم أمر ما يطرح عليّ الأسئلة بفضول، لكي يفهم. إنه جيد للغاية. لأنه ينصت ولا يُكوِّن افتراضات مسبقة أبداً”.
هذا المقال مترجم عن theguardian.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط التالي.