fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“صناعة” كرة القدم: هل يهدّد الملل اللعبة الأشهر في العالم؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ماتت كرة القدم، على الأقل تلك التي أحببناها لم تعد تشبه كرة القدم، تلك اللعبة التي نشر عنها غاليلوا كتباً ومقالات بالعشرات، وكتب عنها مؤرخون، وبكى من أجلها ملايين، لم تعد تعني وتجذب محبيها الأصليين – الفقراء!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“مللت كرة القدم، لا أستطيع إكمال المباريات، بينما يمكنني مشاهدة خمس ساعات من التنس بشغف”. هذا ليس كلام مشجع أو متابع للرياضة، بل كلام الظاهرة رونالدو نوزاريو البرازيلي. جاء حديثه عقب بطولتي اليورو وكوبا أميركا الأخيرتين، وبعد إجماع من مراقبين ومحليين على انحدار مستوى المتعة وسيطرة الملل على معظم المباريات في كلَي البطولتين. 

ذهب البعض للقول إن الملل أصاب اللعبة حديثاً مقارنة مع السنوات الأخيرة، لتنضم الى هذا الرأي أراء أخرى عدة ممن ذهبوا لانتقادات أكثر تفصيلاً في اللعبة، والسبب أنها تحوّلت إلى صناعة. 

ماتت كرة القدم، على الأقل تلك التي أحببناها لم تعد تشبه كرة القدم، تلك اللعبة التي نشر عنها غاليلوا كتباً ومقالات بالعشرات، وكتب عنها مؤرخون، وبكى من أجلها ملايين، لم تعد تعني وتجذب محبيها الأصليين – الفقراء! تلك ليست وجهة نظر حالمة، إنما هي فحوى ما قاله المدرب الأرجنتيني بيلسا ذو السمعة الطيبة في تطوير خطط في اللعبة وفضله على جوانب تكتيكية عدة، وذلك في معرض انتقاده كرة القدم الحديثة ومنظّمي بطولة كوبا أميركا بين اتحاد أميركا الجنوبية والولايات المتحدة، “كرة القدم في الأساس هي ملكية شعبية، والتي يحافظ عليها الفقراء لأنها مصدر وحيد للسعادة في غياب المال. لم يعد يمتلكها الفقراء”.

التحوّل إلى صناعة

يتقاضى اللاعبون مبالغ طائلة من كرة القدم، إلى جانب رواتبهم العالية جداً، يكسبون أيضاً من ريع الإعلانات وحقوق الصور والمكاسب التي تجنيها لهم الشهرة والنجومية. تناسبت طرداً هذه المبالغ مع تحوّل اللعبة إلى صناعة متكاملة، مبنية على أرقام، تحليلات، عدد موظفين أكبر، واستثمارات أكبر من شركات عملاقة.

ذلك كله جعل من اللاعب موظفاً قليل الخيارات مضطراً للخضوع لعلاجات معينة، أنظمة غذائية مشددة، سفر بوتيرة عالية، ضغوط إعلامية، واجبات دعائية وتفاصيل كثيرة حوّلته من ذلك اللاعب الشقي الذي أراد الاستمرار بركل الكرة لأطول مدة ممكنة بعد المراهقة، إلى أشبه بمشاهير هوليوود. ذلك لأنها لم تعد مجرد لعبة ورياضة ترفيهية، بل صناعة متكاملة تقدم مادة ترفيهية يتصارع رؤوس الأموال حول كيفية استدامتها وتضخيم المال المجني منها وتوسيع رقعة الجمهور المستهدف خلف الشاشات. 

المشكلة في ذلك، أن المال أصبح هدفاً سابقاً للعبة والفن الكروي وليس العكس. وبالتالي، تتحكم الأندية عن طريق الطواقم التدريبية ومحلّلي البيانات بطريقة لعب اللاعبين أنفسهم. هذا التحكم والسيطرة الأكبر بقدرات اللاعبين وتقنيات اللعب، قلّلا من مساحة الإبداع لدى اللاعبين. وهذا ما صرّح به أخيراً الكثير من اللاعبين، منهم ليونيل ميسي. إذ انتقد استراتيجيات وطرق التدريب الحديثة التي تضع حدوداً كبيرة للاعب، الى حدّ أنها تمنعه من المراوغة أحياناً. أوليس ذلك من أجمل صفات اللاعب؟ ومن أشهر المدرّبين الذين يضعون حدوداً للاعبين هو الإسباني بيب غوارديولا. 

ليونيل ميسي الذي جمع بين الأمرين معاً، كان ربما آخر لاعبي جيل تميّز بالمهارة إلى جانب أنه صاحب النجاعة الكروية وجلب المال بالنسبة الى المستثمرين ومالكي الأندية، والذي دفع إدارة برشلونة، بعد خلاف معه، الى تسريب معلومات عن المبالغ التي كان يتقاضاها ميسي عن الإعلانات، والتي وصلت الى نصف مليار دولار في العام، كانت لبرشلونة نسبة في هذه الأرباح. 

لكن ميسي قال وهو في نهاية مسيرته، إن اللاعبين لم تعد لديهم مساحة في الإبداع، يتبعون تعليمات صارمة من المدربين حول التمرير وكيفية اللعب في أدق التفاصيل. لم يعد المدرب يضع استراتيجية فحسب، بل يتحكّم في طريقة لعبهم وعدد تمريراتهم. 

هذا الأمر التقني والسيتيماتيك الذي فُرض على اللاعبين، جعل منهم شبه آلات يتحكم بها مدرب، وهو بدوره تتحكم به إدارة تجبره على اتخاذ قرارات في جلب لاعبين وتسريح آخرين بناء على أرقام، عدد تمريرات ناجحة، مواضع الحركة وعدد الأهداف المسجّلة… وهذه الأرقام لا تعكس بالضرورة نمط لعب ومهارة لاعب على حساب آخر، بقدر ما تقدم تقريراً عن إنتاجية اللاعب. هو إذاً موظف مطالب بالقيام بما هو موكل إليه. 

تذمّر اللاعبان البلجيكي كيفين دي بروينه والإسباني رودري في تصريحات، كاشفين عن مدى صعوبة حياة لاعب كرة القدم. إذ يقول رودري في لقاء صحافي حول لعبه لأكثر من خمسة آلاف دقيقة: “تأتي لحظة يتراكم فيها كل شيء ويصبح الأمر أكثر من اللازم. أنت بحاجة إلى حالتك البدنية للعب، لكن الحالة الذهنية مهمة أيضاً. يرى الناس المباراة فقط، ولكن هناك ما قبل المباراة، والتحضير، والسفر، والوقت الذي تمضيه في الفندق، حيث تكون في المباراة. مع خالص التقدير، لكنْ هناك شيء يجب القيام به. هناك المزيد والمزيد من [الألعاب] ولا يبدو أن ذلك سيتوقف. يجب الاعتناء باللاعبين. أنا واعٍ لذلك. لقد وصلت إلى نقطة لم يعد بإمكاني [فعل ذلك] بعد الآن. ولكن يبدو أنك إذا قلت ذلك… “.

ثم يتردّد للحظة ويكمل: “انظر، أعلم أن كرة القدم هي عمل تجاري، وأعلم أن هناك الكثير من المال، ولكن هناك نقطة يتعين عليك عندها الاهتمام بالرياضيين”.

“مافيا” الفيفا!

كذلك، كانت لدييغو أرماندو مارادونا، الذي يعد من أكثر المنتقدين لمنظمة الفيفا، تصريحات انتقد فيها تنظيم المباريات في أوقات تناسب العروض التلفزيونية، “لا أحد يسأل اللاعبين ماذا يريدون، نحن من هم على أرضية الملعب، نحن أساس هذه اللعبة”. 

كان سبب هذه التصريحات، موعد مباراة في وقت الظهيرة تحت أشعة شمس قوية جداً، حددته الفيفا هذا لأنه يناسب البث التلفزيوني في معظم المناطق الزمنية في مختلف القارات. 

الفيفا، ورعاة كرة القدم اليوم، هم المتحكم الأساسي بشكل اللعبة ونوعيتها وتوجّهها. وأصبحت الأرقام هي التي تحدّد اللاعب المهم من اللاعب المهاري، فالأخير يصبح عبئاً على فريقه لأنه لا يقدم إضافة الى النادي الذي يبحث عن الفوز للأسباب الاقتصادية والمبيعات وليس من أجل أن يستمتع الجمهور ويصفّق، لتعود وتتكرر فكرة أن الكرة الجميلة لا تجلب البطولات… وبالتالي اللاعب المهاري هو لاعب عاق يرفض تعليمات المدربين فحسب. 

الموارد البشرية المتمثّلة في اللاعبين، وعلى رغم غزارة الأموال التي يتقاضونها، تبقى هي الضحية جسدياً نظراً الى تسارع ماكينة الصناعة الكروية الحديثة. وقد وجدنا نتائجها الكارثية في كل الحوادث الخطيرة التي تعرض لها لاعبون سقطوا أثناء اللعب وكادوا يفقدون حياتهم بسبب الإرهاق المفرط. بينما خارج الملعب، فإن ضحايا هذه المنظومة هم العمال الذين يتعرضون لضغط هائل أثناء بناء المنشآت الرياضية. فيما تتركز الأموال في أندية معينة على حساب أندية أخرى غير قادرة على المنافسة، وسحب المواهب من الدول الفقيرة في أميركا اللاتينية وأفريقيا وبيع عقودها بمبالغ طائلة في أوروبا. 

كانت بطولة السوبر ليغ نتاجاً لهذا الصراع المتصاعد، وطرفاه هما منظمات الفيفا واليويفا من جهة ومالكو الأندية الكبرى من جهة أخرى، إذ لاحظت الأندية الكبرى والأكثر شعبية وشهرة أنها تملك رأس المال الجماهيري الأكبر في اللعبة، وهو الأمر الذي يدر الأموال على منظمي اللعبة وأهم أجسامها التنظيمية، والذين بدورهم لا يتوارون عن جلب المعلنين والمستثمرين. 

فأين يتّجه هذا الصراع الاقتصادي؟ وما دور الحكومات الأوروبية في هذا الصراع إذا ما علمنا أنها من أهم القوى الناعمة حديثاً؟

رائد بو حمدان | 31.01.2025

17 تشرين: المساحة الحاضنة التي نسجها اللبنانيون لحماية بلدهم

تبني 17 تشرين (بمن فيها من نواب وقوى وناشطين/ات وإعلاميين/ات وغيره) لوصول جوزيف عون الى الرئاسة، وصناعة خيار نواف سلام، ليس فعل قطف أو تسلّق، بل هو خدمة للبنان ومصلحة لكل اللبنانيين، ومصدر طمأنينة للعيش المشترك بمنع غلبة فريق لبناني على آخر.
21.08.2024
زمن القراءة: 5 minutes

ماتت كرة القدم، على الأقل تلك التي أحببناها لم تعد تشبه كرة القدم، تلك اللعبة التي نشر عنها غاليلوا كتباً ومقالات بالعشرات، وكتب عنها مؤرخون، وبكى من أجلها ملايين، لم تعد تعني وتجذب محبيها الأصليين – الفقراء!

“مللت كرة القدم، لا أستطيع إكمال المباريات، بينما يمكنني مشاهدة خمس ساعات من التنس بشغف”. هذا ليس كلام مشجع أو متابع للرياضة، بل كلام الظاهرة رونالدو نوزاريو البرازيلي. جاء حديثه عقب بطولتي اليورو وكوبا أميركا الأخيرتين، وبعد إجماع من مراقبين ومحليين على انحدار مستوى المتعة وسيطرة الملل على معظم المباريات في كلَي البطولتين. 

ذهب البعض للقول إن الملل أصاب اللعبة حديثاً مقارنة مع السنوات الأخيرة، لتنضم الى هذا الرأي أراء أخرى عدة ممن ذهبوا لانتقادات أكثر تفصيلاً في اللعبة، والسبب أنها تحوّلت إلى صناعة. 

ماتت كرة القدم، على الأقل تلك التي أحببناها لم تعد تشبه كرة القدم، تلك اللعبة التي نشر عنها غاليلوا كتباً ومقالات بالعشرات، وكتب عنها مؤرخون، وبكى من أجلها ملايين، لم تعد تعني وتجذب محبيها الأصليين – الفقراء! تلك ليست وجهة نظر حالمة، إنما هي فحوى ما قاله المدرب الأرجنتيني بيلسا ذو السمعة الطيبة في تطوير خطط في اللعبة وفضله على جوانب تكتيكية عدة، وذلك في معرض انتقاده كرة القدم الحديثة ومنظّمي بطولة كوبا أميركا بين اتحاد أميركا الجنوبية والولايات المتحدة، “كرة القدم في الأساس هي ملكية شعبية، والتي يحافظ عليها الفقراء لأنها مصدر وحيد للسعادة في غياب المال. لم يعد يمتلكها الفقراء”.

التحوّل إلى صناعة

يتقاضى اللاعبون مبالغ طائلة من كرة القدم، إلى جانب رواتبهم العالية جداً، يكسبون أيضاً من ريع الإعلانات وحقوق الصور والمكاسب التي تجنيها لهم الشهرة والنجومية. تناسبت طرداً هذه المبالغ مع تحوّل اللعبة إلى صناعة متكاملة، مبنية على أرقام، تحليلات، عدد موظفين أكبر، واستثمارات أكبر من شركات عملاقة.

ذلك كله جعل من اللاعب موظفاً قليل الخيارات مضطراً للخضوع لعلاجات معينة، أنظمة غذائية مشددة، سفر بوتيرة عالية، ضغوط إعلامية، واجبات دعائية وتفاصيل كثيرة حوّلته من ذلك اللاعب الشقي الذي أراد الاستمرار بركل الكرة لأطول مدة ممكنة بعد المراهقة، إلى أشبه بمشاهير هوليوود. ذلك لأنها لم تعد مجرد لعبة ورياضة ترفيهية، بل صناعة متكاملة تقدم مادة ترفيهية يتصارع رؤوس الأموال حول كيفية استدامتها وتضخيم المال المجني منها وتوسيع رقعة الجمهور المستهدف خلف الشاشات. 

المشكلة في ذلك، أن المال أصبح هدفاً سابقاً للعبة والفن الكروي وليس العكس. وبالتالي، تتحكم الأندية عن طريق الطواقم التدريبية ومحلّلي البيانات بطريقة لعب اللاعبين أنفسهم. هذا التحكم والسيطرة الأكبر بقدرات اللاعبين وتقنيات اللعب، قلّلا من مساحة الإبداع لدى اللاعبين. وهذا ما صرّح به أخيراً الكثير من اللاعبين، منهم ليونيل ميسي. إذ انتقد استراتيجيات وطرق التدريب الحديثة التي تضع حدوداً كبيرة للاعب، الى حدّ أنها تمنعه من المراوغة أحياناً. أوليس ذلك من أجمل صفات اللاعب؟ ومن أشهر المدرّبين الذين يضعون حدوداً للاعبين هو الإسباني بيب غوارديولا. 

ليونيل ميسي الذي جمع بين الأمرين معاً، كان ربما آخر لاعبي جيل تميّز بالمهارة إلى جانب أنه صاحب النجاعة الكروية وجلب المال بالنسبة الى المستثمرين ومالكي الأندية، والذي دفع إدارة برشلونة، بعد خلاف معه، الى تسريب معلومات عن المبالغ التي كان يتقاضاها ميسي عن الإعلانات، والتي وصلت الى نصف مليار دولار في العام، كانت لبرشلونة نسبة في هذه الأرباح. 

لكن ميسي قال وهو في نهاية مسيرته، إن اللاعبين لم تعد لديهم مساحة في الإبداع، يتبعون تعليمات صارمة من المدربين حول التمرير وكيفية اللعب في أدق التفاصيل. لم يعد المدرب يضع استراتيجية فحسب، بل يتحكّم في طريقة لعبهم وعدد تمريراتهم. 

هذا الأمر التقني والسيتيماتيك الذي فُرض على اللاعبين، جعل منهم شبه آلات يتحكم بها مدرب، وهو بدوره تتحكم به إدارة تجبره على اتخاذ قرارات في جلب لاعبين وتسريح آخرين بناء على أرقام، عدد تمريرات ناجحة، مواضع الحركة وعدد الأهداف المسجّلة… وهذه الأرقام لا تعكس بالضرورة نمط لعب ومهارة لاعب على حساب آخر، بقدر ما تقدم تقريراً عن إنتاجية اللاعب. هو إذاً موظف مطالب بالقيام بما هو موكل إليه. 

تذمّر اللاعبان البلجيكي كيفين دي بروينه والإسباني رودري في تصريحات، كاشفين عن مدى صعوبة حياة لاعب كرة القدم. إذ يقول رودري في لقاء صحافي حول لعبه لأكثر من خمسة آلاف دقيقة: “تأتي لحظة يتراكم فيها كل شيء ويصبح الأمر أكثر من اللازم. أنت بحاجة إلى حالتك البدنية للعب، لكن الحالة الذهنية مهمة أيضاً. يرى الناس المباراة فقط، ولكن هناك ما قبل المباراة، والتحضير، والسفر، والوقت الذي تمضيه في الفندق، حيث تكون في المباراة. مع خالص التقدير، لكنْ هناك شيء يجب القيام به. هناك المزيد والمزيد من [الألعاب] ولا يبدو أن ذلك سيتوقف. يجب الاعتناء باللاعبين. أنا واعٍ لذلك. لقد وصلت إلى نقطة لم يعد بإمكاني [فعل ذلك] بعد الآن. ولكن يبدو أنك إذا قلت ذلك… “.

ثم يتردّد للحظة ويكمل: “انظر، أعلم أن كرة القدم هي عمل تجاري، وأعلم أن هناك الكثير من المال، ولكن هناك نقطة يتعين عليك عندها الاهتمام بالرياضيين”.

“مافيا” الفيفا!

كذلك، كانت لدييغو أرماندو مارادونا، الذي يعد من أكثر المنتقدين لمنظمة الفيفا، تصريحات انتقد فيها تنظيم المباريات في أوقات تناسب العروض التلفزيونية، “لا أحد يسأل اللاعبين ماذا يريدون، نحن من هم على أرضية الملعب، نحن أساس هذه اللعبة”. 

كان سبب هذه التصريحات، موعد مباراة في وقت الظهيرة تحت أشعة شمس قوية جداً، حددته الفيفا هذا لأنه يناسب البث التلفزيوني في معظم المناطق الزمنية في مختلف القارات. 

الفيفا، ورعاة كرة القدم اليوم، هم المتحكم الأساسي بشكل اللعبة ونوعيتها وتوجّهها. وأصبحت الأرقام هي التي تحدّد اللاعب المهم من اللاعب المهاري، فالأخير يصبح عبئاً على فريقه لأنه لا يقدم إضافة الى النادي الذي يبحث عن الفوز للأسباب الاقتصادية والمبيعات وليس من أجل أن يستمتع الجمهور ويصفّق، لتعود وتتكرر فكرة أن الكرة الجميلة لا تجلب البطولات… وبالتالي اللاعب المهاري هو لاعب عاق يرفض تعليمات المدربين فحسب. 

الموارد البشرية المتمثّلة في اللاعبين، وعلى رغم غزارة الأموال التي يتقاضونها، تبقى هي الضحية جسدياً نظراً الى تسارع ماكينة الصناعة الكروية الحديثة. وقد وجدنا نتائجها الكارثية في كل الحوادث الخطيرة التي تعرض لها لاعبون سقطوا أثناء اللعب وكادوا يفقدون حياتهم بسبب الإرهاق المفرط. بينما خارج الملعب، فإن ضحايا هذه المنظومة هم العمال الذين يتعرضون لضغط هائل أثناء بناء المنشآت الرياضية. فيما تتركز الأموال في أندية معينة على حساب أندية أخرى غير قادرة على المنافسة، وسحب المواهب من الدول الفقيرة في أميركا اللاتينية وأفريقيا وبيع عقودها بمبالغ طائلة في أوروبا. 

كانت بطولة السوبر ليغ نتاجاً لهذا الصراع المتصاعد، وطرفاه هما منظمات الفيفا واليويفا من جهة ومالكو الأندية الكبرى من جهة أخرى، إذ لاحظت الأندية الكبرى والأكثر شعبية وشهرة أنها تملك رأس المال الجماهيري الأكبر في اللعبة، وهو الأمر الذي يدر الأموال على منظمي اللعبة وأهم أجسامها التنظيمية، والذين بدورهم لا يتوارون عن جلب المعلنين والمستثمرين. 

فأين يتّجه هذا الصراع الاقتصادي؟ وما دور الحكومات الأوروبية في هذا الصراع إذا ما علمنا أنها من أهم القوى الناعمة حديثاً؟

21.08.2024
زمن القراءة: 5 minutes
|
آخر القصص
“دمقرطة” صناعة الأبطال
ديانا عيتاوي - مدوّنة في التواصل والتصميم | 31.01.2025
المواجهة مع منطق “البعث” في لبنان يجب أن تستمر 
كريم صفي الدين وعزت زهر الدين | 30.01.2025

اشترك بنشرتنا البريدية