يومياً عند الساعة السادسة صباحاً، يسرع الحاج أمين معمر إلى تشغيل المذياع الصغير الذي جلبه من بيته خلال رحلة نزوحه من شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة إلى منطقة مواصي، للاستماع إلى نشرة الأخبار الرئيسية التي تبثّها هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، تحت اسم “صوت إسرائيل”.
يحرص معمر على سماع نشرة الأخبار التي يقدمها صوت إسرائيل يومياً، بسبب وصول أثيرها إلى منطقة نزوحه بشكل واضح ومن دون تشويش، ويعتمد على ما يُبثّ كمصدر لمعرفة أحداث الحرب وجهود الهدنة.
وكحال معمر، يعتمد سكان قطاع غزة والنازحون على “صوت إسرائيل” وما تبثه كمصدر رئيسي للأخبار، بخاصة مع عدم وجود تلفاز لديهم، أو إنترنت لمعرفة ما يحدث عبر الشبكة العنكبوتية، إضافة إلى توقف جميع الإذاعات المحلية في غزة عن العمل بسبب قصف الجيش الإسرائيلي مقراتها وأبراج إرسالها.
ومنذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، استهدف الجيش الإسرائيلي مقرات الإذاعات المحلية العاملة في القطاع والبالغ عددها 24 محطة، وفقاً لبيانات نقابة الصحافيين الفلسطينيين. كما استهدف معدات وأجهزة البث والإرسال الخاصة بالإذاعات المحلية في قطاع غزة.
وأكدت نقابة الصحافيين توقف الكثير من الإذاعات العاملة في قطاع غزة بسبب القصف الصاروخي الذي استهدفها، وكذلك بسبب نقص الوقود، إضافة إلى تعرض إذاعات عدة للقصف المباشر، ما أدى الى تعطّلها، مثل إذاعَتَي “زمن” و”بلدنا” وغيرهما.
يقول معمر لـ”درج”: “خرجنا من منازلنا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، واصطحبت معي المذياع الصغير لمتابعة الأخبار، ولا أجد غير “صوت إسرائيل” تعمل بكل وضوح، لذلك هي مصدري الوحيد في متابعة الأخبار وما يحدث حولنا”.
ويضيف: “كنت في الأيام العادية أتابع الإذاعات المحلية لمعرفة أماكن القصف وما يحدث، ولكن في الحرب المستمرة، توقف أثير هذه الإذاعات عن المذياع، وأصبحت “صوت إسرائيل” المصدر الوحيد لنا”.
يحرص معمر على سماع نشرة الأخبار التي يقدمها صوت إسرائيل يومياً، بسبب وصول أثيرها إلى منطقة نزوحه بشكل واضح ومن دون تشويش، ويعتمد على ما يُبثّ كمصدر لمعرفة أحداث الحرب وجهود الهدنة.
لا مصدر آخر سوى “صوت إسرائيل”
يحرص الستيني أحمد العطار على الاستماع الى النشرات الإخبارية التي تقدمها “صوت إسرائيل”، لعدم وجود مصدر آخر للحصول على الأخبار.
يقول العطار لـ”درج”: “تقدم صوت إسرائيل نشرتين مفصلتين باللغة العربية، الأولى عند الساعة السادسة صباحاً والثانية عند الساعة السابعة مساءً، وخلال بدء النشرتين تجتمع كل العائلة للاستماع الى الأخبار ومعرفة ما يحدث”.
يعلم العطار أن كل ما يقال عبر “صوت” إسرائيل ليس صحيحاً، ويتضمن هجوماً وتحريضاً على القضية الفلسطينية وسكان قطاع غزة، لكنه مجبر على الاستماع إليها لعدم وجود مصدر آخر للحصول على الأخبار.
يتذكر العطار أن مذيع نشرة أخبار الساعة السادسة صباحاً لـ”صوت إسرائيل”، تحدث حول أماكن نزوح ادعى الجيش الإسرائيلي أنها آمنة وبإمكان سكان قطاع غزة الذهاب إليها، ولكنها تعرضت لقصف جوي أدى الى مقتل عدد من النازحين، وهو ما يؤكد أن تلك الإذاعة تبث أخباراً مضللة.
الإذاعي عبد الناصر أبو عون، أكد أنه بعد مرور شهر على بداية الحرب على غزة، استمر عمل الإذاعات المحلية، بخاصة القدس، وتوقفت بعد ذلك نظراً الى صعوبات فنية وتقنية، منها المكان وتوفير مصدر طاقة يضمن الاستمرارية، وتأمين فريق طاقم العمل في ظل كثافة الاستهدافات وتركيزها في المناطق التي كانت تحتوي على أبراج الهوائيات الخاصة بالإرسال، لا سيما أن الأماكن البديلة لم تكن في مأمن هي الأخرى من الاستهدافات والمخاطر المحيطة بها من كل الجهات.
يقول أبو عون لـ”درج”: “عمدت إسرائيل خلال حربها، الى استهداف الكلمة والصوت والصورة وملاحقة وسائل الإعلام المحلية والدولية، عبر سياسة الضغط والاستهداف لخنق وإيقاف نقل وفضح ممارسات الاحتلال بحق المدنيين وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومجازر مروّعة بحقهم، لما كان يقوم به الصحافيون في غزة، فأرادت الانتقام من تلك الوسائل بتغييبها وتدميرها”.
ويوضح أن الهدف من تدمير إسرائيل الإذاعات المحلية في غزة، هو استمرار بثها عبر موجاتها العاملة وإطلاق رسائلها المشوشة التحريضية تجاه الفلسطينيين والأخبار المزيفة، للتأثير على منحنى الخطاب الإعلامي الفلسطيني وبث روح الهزيمة والإحباط بين الفلسطينيين.