fbpx

طرد بالحسنى أو بالقوة… اللاجئون في برامج الأحزاب التركية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أربعة مرشحين رئاسيين، يشددون على ضرورة عودة اللاجئين إلى بلادهم، دون أي اكتراث بالبُعد الإنساني لأزمة اللجوء.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بات حوالى 5.5 مليون لاجئ يعيشون في تركيا ولا يحملون جنسيتها، مسرحاً للحملات السياسية والانتخابية المضادة والمستعِرة بين الأحزاب والمرشحين الرئاسيين الأربعة. 

يشكّل السوريون العدد الأكبر من اللاجئين في تركيا، بحوالى 3.6 مليون شخص، يتبعهم الأفغان والأفارقة والأوكران والكثير غيرهم من الشعوب الهاربة من الحروب والموت. 

وقبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع إجراؤها في 14 أيار/ مايو، يؤكد المرشحون الرئاسيون جميعاً أنهم سيعيدون السوريين إلى بلادهم إذا ما تم انتخابهم. ومن يتابع الحملات الانتخابية في تركيا، يلاحظ تصاعداً لافتاً في مشاعر كره الأجانب، ومواقف عالية السقف والحدّة تجاه اللاجئين. 

موقف الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان لا يختلف كثيراً عن موقف خصمه اللدود، رئيس حزب “الشعب الجمهوري”، كمال كيليجدار أوغلو في ما يتعلق بقضايا اللاجئين، إذ يلتقي المرشحان على الهدف العام نفسه، وهو إعادة اللاجئين جميعهم، كل واحد إلى بلاده أو حتى إلى دول مضيفة أخرى. 

مرشح المعارضة الأبرز كيليجدار أوغلو يشير أيضاً إلى أنه “سيتفاوض مع النظام السوري من أجل إعادة مواطنيه إليه”، معتبراً أنه “من غير المقبول أن تهتم الدولة بملايين اللاجئين فيما شبابنا عاطل من العمل”، متعهداً في حال وصوله إلى السدّة الرئاسية، بإرسالهم جميعهم إلى بلادهم خلال سنتين فقط. الكلام الحاد من كيليجدار أوغلو ترافق مع إدراج برنامج حزبه الانتخابي تعهداً واضحاً بـ”مراجعة اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، وإبرام اتفاقيات منفصلة لإعادة اللاجئين أو استقبالهم مع دول أخرى”.

بات حوالى 5.5 مليون لاجئ يعيشون في تركيا ولا يحملون جنسيتها، مسرحاً للحملات السياسية والانتخابية المضادة والمستعِرة بين الأحزاب والمرشحين الرئاسيين الأربعة. 

هذا الموقف الثابت لكيليجدار أوغلو وحزب “الشعب الجمهوري” يتلاقى مع موقف إردوغان وحزب “العدالة والتنمية” الحاكم المستجد، حتى وإن بدت النبرة أقل حدّة. فحتى عام مضى، كان “العدالة والتنمية” يُحابي اللاجئين السوريين بطريقة أو بأخرى، ويعتبرهم، بشكل أساسي، يداً عاملة رخيصة ضرورية لنمو الاقتصاد التركي. ولكن تضاؤل قبول المجتمع التركي للسوريين بسبب الأزمة الاقتصادية والتضخم ونسب الفقر المرتفعة، عوامل ساهمت في تعديل موقف إردوغان وحزبه، ودفعتهما إلى تضمين برنامجهما الانتخابي فقرة تفيد بـ”ضرورة العودة الطوعية والآمنة للسوريين، ومكافحة الهجرة غير الشرعية بشكل جدّي”.

مع تنامي حدة الاستقطاب بين المرشحين الرئاسيين، يتحوّل موضوع اللاجئين إلى بند أساسي لكسب الأصوات. تعرف الأحزاب التركية الأساسية أن الموقف من اللاجئين يمكنه أن يحسّن نسبة أصواتها أو يؤدي إلى تراجعها، فلا تفوّت فرصة لطرح الموضوع والتجييش وبث المزيد من العنصرية وخطابات الكراهية، في المهرجانات الشعبية وفي الإعلام، بغية استجلاب عاطفة الناخبين وتأييدهم.

مرشح رئاسي ثالث أدلى بدلوه في ما خص موضوع اللاجئين، وراح بعيداً في بث العنصرية تجاه الأجانب. لم يستعمل سنان أوغان الطريقة الحسنى التي غالباً ما يستخدمها إردوغان أو كيليجدار أوغلو عند الحديث عن عودة اللاجئين، إنما استعمل مفردات القوة. 

وأوغان هو مرشح “تحالف الأجداد” على الرئاسة التركية، وهو التحالف الذي يضم عدداً من الأحزاب القومية المتطرفة والمعادية للأجانب، وبخاصة حزب “الظَفر”.  يتميّز هذا الحزب كما مرشحه أوغان بحدة المواقف المعادية للسوريين، كما يراهنون عليها في برنامجهم الانتخابي وخطاباتهم السياسية لعلّها تستجلب لهم أصوات الأتراك الناقمين على اللاجئين. يريد هؤلاء طرد كل لاجئ يسكن بلادهم بكل بساطة، ولا يشعرون بحاجة حتى إلى تلطيف الموقف أو نبرة الكلام كما تفعل الأحزاب الأخرى.

الطرد بالقوة هو شعارهم وفحوى برنامجهم الانتخابي. ففي خطاب في ولاية إزمير جنوب غربي تركيا، كرر رئيس حزب “الظَفر” تعهده بإعادة اللاجئين إلى بلادهم، معتبراً أنه “يجب أن نكون قادرين على طرد اللاجئين بالقوة كما فعل لبنان مؤخراً، لأنهم لن يعودوا بشكل طوعي أبداً”. 

وغالباً ما تُصدر الجمعيات غير الحكومية في تركيا بيانات منددة بمواقف أوغان ومواقف حزب “الظَفر” ومجمل الأحزاب القومية، التي غالباً ما تتعمد النزول إلى الشارع وتصوير أعضائها يقومون بشكل استعراضي باستجواب اللاجئين وتوصيتهم بمغادرة البلاد “في أقرب وقت ممكن”، والضغط عليهم بشتى الوسائل الكلامية وحتى العنفية أحياناً.

أما المرشح الرئاسي الرابع، محرم إنجة، فيشدد على ضرورة عودة اللاجئين إلى بلادهم وذلك لأسباب اقتصادية حصراً، وهو كان قد تعهد مراراً، وبشكل علني، بفتح قنوات تواصل ومفاوضات مع النظام السوري لتأمين العودة الآمنة للاجئين بحال انتخابه رئيساً للجمهورية التركية.

يتحوّل موضوع اللجوء إلى أداة للتنافس الانتخابي بين الأحزاب التركية، تعلو حدّة المواقف تباعاً، وتطفو على سطح المواقف السياسية الأخرى. قلة من الأحزاب تتكلم عن قضايا أبعد من قضية اللاجئين، وحتى حين تذكر موضوع الاقتصاد أو السياسة الخارجية للدولة، فلا تغيب عنها قضية اللاجئين بشكل أو بآخر. 

أربعة مرشحين رئاسيين، يشددون على ضرورة عودة اللاجئين إلى بلادهم، دون أي اكتراث بالبُعد الإنساني لأزمة اللجوء. مغالاة في المواقف وتصاعد مستمر لنبرة العداء والكره للأجانب قبل الانتخابات النيابية والرئاسية، لا يمكن أن تؤدي إلا إلى المزيد من التنافر بين المجتمعات التركية واللاجئة المتعددة، وإلى مواقف قد تتطور إلى أزمة أمنية في أي لحظة.

05.05.2023
زمن القراءة: 4 minutes

أربعة مرشحين رئاسيين، يشددون على ضرورة عودة اللاجئين إلى بلادهم، دون أي اكتراث بالبُعد الإنساني لأزمة اللجوء.

بات حوالى 5.5 مليون لاجئ يعيشون في تركيا ولا يحملون جنسيتها، مسرحاً للحملات السياسية والانتخابية المضادة والمستعِرة بين الأحزاب والمرشحين الرئاسيين الأربعة. 

يشكّل السوريون العدد الأكبر من اللاجئين في تركيا، بحوالى 3.6 مليون شخص، يتبعهم الأفغان والأفارقة والأوكران والكثير غيرهم من الشعوب الهاربة من الحروب والموت. 

وقبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع إجراؤها في 14 أيار/ مايو، يؤكد المرشحون الرئاسيون جميعاً أنهم سيعيدون السوريين إلى بلادهم إذا ما تم انتخابهم. ومن يتابع الحملات الانتخابية في تركيا، يلاحظ تصاعداً لافتاً في مشاعر كره الأجانب، ومواقف عالية السقف والحدّة تجاه اللاجئين. 

موقف الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان لا يختلف كثيراً عن موقف خصمه اللدود، رئيس حزب “الشعب الجمهوري”، كمال كيليجدار أوغلو في ما يتعلق بقضايا اللاجئين، إذ يلتقي المرشحان على الهدف العام نفسه، وهو إعادة اللاجئين جميعهم، كل واحد إلى بلاده أو حتى إلى دول مضيفة أخرى. 

مرشح المعارضة الأبرز كيليجدار أوغلو يشير أيضاً إلى أنه “سيتفاوض مع النظام السوري من أجل إعادة مواطنيه إليه”، معتبراً أنه “من غير المقبول أن تهتم الدولة بملايين اللاجئين فيما شبابنا عاطل من العمل”، متعهداً في حال وصوله إلى السدّة الرئاسية، بإرسالهم جميعهم إلى بلادهم خلال سنتين فقط. الكلام الحاد من كيليجدار أوغلو ترافق مع إدراج برنامج حزبه الانتخابي تعهداً واضحاً بـ”مراجعة اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، وإبرام اتفاقيات منفصلة لإعادة اللاجئين أو استقبالهم مع دول أخرى”.

بات حوالى 5.5 مليون لاجئ يعيشون في تركيا ولا يحملون جنسيتها، مسرحاً للحملات السياسية والانتخابية المضادة والمستعِرة بين الأحزاب والمرشحين الرئاسيين الأربعة. 

هذا الموقف الثابت لكيليجدار أوغلو وحزب “الشعب الجمهوري” يتلاقى مع موقف إردوغان وحزب “العدالة والتنمية” الحاكم المستجد، حتى وإن بدت النبرة أقل حدّة. فحتى عام مضى، كان “العدالة والتنمية” يُحابي اللاجئين السوريين بطريقة أو بأخرى، ويعتبرهم، بشكل أساسي، يداً عاملة رخيصة ضرورية لنمو الاقتصاد التركي. ولكن تضاؤل قبول المجتمع التركي للسوريين بسبب الأزمة الاقتصادية والتضخم ونسب الفقر المرتفعة، عوامل ساهمت في تعديل موقف إردوغان وحزبه، ودفعتهما إلى تضمين برنامجهما الانتخابي فقرة تفيد بـ”ضرورة العودة الطوعية والآمنة للسوريين، ومكافحة الهجرة غير الشرعية بشكل جدّي”.

مع تنامي حدة الاستقطاب بين المرشحين الرئاسيين، يتحوّل موضوع اللاجئين إلى بند أساسي لكسب الأصوات. تعرف الأحزاب التركية الأساسية أن الموقف من اللاجئين يمكنه أن يحسّن نسبة أصواتها أو يؤدي إلى تراجعها، فلا تفوّت فرصة لطرح الموضوع والتجييش وبث المزيد من العنصرية وخطابات الكراهية، في المهرجانات الشعبية وفي الإعلام، بغية استجلاب عاطفة الناخبين وتأييدهم.

مرشح رئاسي ثالث أدلى بدلوه في ما خص موضوع اللاجئين، وراح بعيداً في بث العنصرية تجاه الأجانب. لم يستعمل سنان أوغان الطريقة الحسنى التي غالباً ما يستخدمها إردوغان أو كيليجدار أوغلو عند الحديث عن عودة اللاجئين، إنما استعمل مفردات القوة. 

وأوغان هو مرشح “تحالف الأجداد” على الرئاسة التركية، وهو التحالف الذي يضم عدداً من الأحزاب القومية المتطرفة والمعادية للأجانب، وبخاصة حزب “الظَفر”.  يتميّز هذا الحزب كما مرشحه أوغان بحدة المواقف المعادية للسوريين، كما يراهنون عليها في برنامجهم الانتخابي وخطاباتهم السياسية لعلّها تستجلب لهم أصوات الأتراك الناقمين على اللاجئين. يريد هؤلاء طرد كل لاجئ يسكن بلادهم بكل بساطة، ولا يشعرون بحاجة حتى إلى تلطيف الموقف أو نبرة الكلام كما تفعل الأحزاب الأخرى.

الطرد بالقوة هو شعارهم وفحوى برنامجهم الانتخابي. ففي خطاب في ولاية إزمير جنوب غربي تركيا، كرر رئيس حزب “الظَفر” تعهده بإعادة اللاجئين إلى بلادهم، معتبراً أنه “يجب أن نكون قادرين على طرد اللاجئين بالقوة كما فعل لبنان مؤخراً، لأنهم لن يعودوا بشكل طوعي أبداً”. 

وغالباً ما تُصدر الجمعيات غير الحكومية في تركيا بيانات منددة بمواقف أوغان ومواقف حزب “الظَفر” ومجمل الأحزاب القومية، التي غالباً ما تتعمد النزول إلى الشارع وتصوير أعضائها يقومون بشكل استعراضي باستجواب اللاجئين وتوصيتهم بمغادرة البلاد “في أقرب وقت ممكن”، والضغط عليهم بشتى الوسائل الكلامية وحتى العنفية أحياناً.

أما المرشح الرئاسي الرابع، محرم إنجة، فيشدد على ضرورة عودة اللاجئين إلى بلادهم وذلك لأسباب اقتصادية حصراً، وهو كان قد تعهد مراراً، وبشكل علني، بفتح قنوات تواصل ومفاوضات مع النظام السوري لتأمين العودة الآمنة للاجئين بحال انتخابه رئيساً للجمهورية التركية.

يتحوّل موضوع اللجوء إلى أداة للتنافس الانتخابي بين الأحزاب التركية، تعلو حدّة المواقف تباعاً، وتطفو على سطح المواقف السياسية الأخرى. قلة من الأحزاب تتكلم عن قضايا أبعد من قضية اللاجئين، وحتى حين تذكر موضوع الاقتصاد أو السياسة الخارجية للدولة، فلا تغيب عنها قضية اللاجئين بشكل أو بآخر. 

أربعة مرشحين رئاسيين، يشددون على ضرورة عودة اللاجئين إلى بلادهم، دون أي اكتراث بالبُعد الإنساني لأزمة اللجوء. مغالاة في المواقف وتصاعد مستمر لنبرة العداء والكره للأجانب قبل الانتخابات النيابية والرئاسية، لا يمكن أن تؤدي إلا إلى المزيد من التنافر بين المجتمعات التركية واللاجئة المتعددة، وإلى مواقف قد تتطور إلى أزمة أمنية في أي لحظة.