انتسب أربعة شبان، إلى “حزب الله”، محمد وحسين وقاسم وأمهز قبل أن يبلغوا الثامنة عشر من العمر. كل فرد منهم دخل “حزب الله” بأسلوب مختلف، فمحمد شارك في معارك حلب الشرقية، بينما حسين، يُلقبه رفاق السلاح، أنه “فارس سوريا”، أما قاسم تفرغ لدراسة الحوزة الدينية، حالماً أن يصبح رجل دين، ويشارك بهداية الناس إلى “ولاية الفقيه”. وحده أمهز خرج من “المنظومة” رغم أنه أنهى دورة المقاتل، وحمى مواقع “حزب الله” على الحدود اللبنانية السورية، حين كان عمره ١٧عاماً.
آلية الانضمام لمنظومة “حزب الله” سواء لوجستياً أو عسكرياً، تبدأ بـ “طلب استقطاب”، ومن ثم يقوم الفرد بالذهاب إلى دورة “جنود” وبعدها تنفيذ دورة “الأنصار”، وهنا يمكن المضي في دورة المقاتل، أو الانخراط بدورة “الممهدون”، وفي حال اختار الفرد القيام بدورة “المقاتل” يتاح له الفرص بالتخصص بنوع معين من العمل العسكري.
تحدث محمد عن عمه الشهيد، الذي قتل في العام ١٩٩٩ بعملية لحزب الله ضد “قوات لحد”، وهي ميليشيا تشكلت بدعم من إسرائيل من أبناء القرى الجنوبية اللبنانية في جنوب لبنان، عام ١٩٧٦. ويعتبر محمد أن عمه، “بمثابة أبا فضل العباس في مخيلته”. وتابع قائلاً، “خلال طفولتي، كنت أضع، العصبة على رأسي، واطلب من والدتي أن تلتقط لي صورة، تماهياً بعمي”.
حين بلغ محمد سن الثانية عشر، كانت حرب تموز قد مضى عليها ثلاث سنوات، ومضى على احداث “٧ أيار” سنتين، في هذه الآونة دخل مدرسة الإمام الخوئي” في منطقة خلدة، وهي مدرسة تابعة لـ “مؤسسات السيد محمد حسين فضل الله”، وكان الأخير بدأ يستشعر المخاطر الداخلية ضد خصومه السياسيين، ويتوجس نشوب حرب جديدة مع إسرائيل.
ونتيجة لهذه الاوضاع المشحونة، وسّع “حزب الله” دائرة استقطابه. وأوضح محمد، “أن الانخراط في صفوف حزب الله، كان من أسهل الأمور إليه، فحزب الله يريد كل الشيعة أن يتسلحوا، ويندمجوا به”، وبحسب قول محمد، “فسهل جداً، الالتحاق بالحزب، ولكنها تخضع لمراحل عدة. بحيث لا تصير مقاتلاً، قبل أن تمر بمرحلة الاستقطاب، ثم تخضع لدورة الجنود، ومن ثم دورة الأنصار، وبعدها دورة “المقاتل”.
عندما بلغ محمد، عمر الثالثة عشر عاماً، قام بإملاء طلب استقطاب حصل عليها من مسجد يعود لـ “حزب الله”، بالقرب من بيته. وأشار أن بعد تعبئته لطلب الاستقطاب، اتصل به مسؤول بالحزب وأخبره عن نشاط رياضي سيقوم به شباب المنطقة التي يسكنها. فتعرف هناك على صبية جدد، وجميعهم إما عناصر أصبحوا متفرغين رسمياً في الحزب، أو أنهم ما زالوا في بداية رحلة الاستقطاب.
أنهى محمد كل الدورات، وانخرط في التدريبات العسكرية، وكانت أول مشاركته في سوريا عبر دعوته للقتال في حلب الشرقية. من بعدها ختم مرحلة “المقاتل” وبدأ بالتدرج في “وحدة التخريب”، وهي وحدة مخصصة للتدريب على آلية استهداف المدرعات والأهداف البشرية.
يتذكر الشاب كيف سمع للمرة الأولى صوت القذائف والرصاص، قائلاً، “كنا في الموقع مع عناصر من الجيش السوري، وكان الهدوء يسيطر على المكان، وقد استطعنا رصد تحركات عناصر لجبهة النصرة، وفجأة قامت النصرة باستهداف إحدى المواقع المحاذية لنا بصاروخ غراد، شعرت حينها أني كنت خارج اللعبة وفي ثوانٍ أصبحت داخلها، كانت الأمور تحصل كألعاب الفيديو. ولكن الموت هنا حقيقياً”.
شرح مسؤول في “حزب الله”، في اتصال مع “درج”، معنى “مرحلة الاستقطاب”، قائلاً، “هي المرحلة التي نسأل بها أي فرد غير منتسب للحزب، عن رأيه بالشهادة، وإسرائيل وسوريا”. وبحسب المسؤول القيادي، فإن الحزب يهتم جداً بالمساجد والحسينيات والمدارس الثانوية، التي تعد مراكز استراتيجية يمكن من خلالها استقطاب وجذب عناصر جديدة إلى المنظومة. وأوضح أنه، “خلال المناسبات الدينية، كعاشوراء، أو صلاة الجمعة، أو يوم الخميس الذي يتلى فيه دعاء كميل، ينشر حزب الله عناصر له داخل المساجد يكون مهمتها رصد الوجوه الجديدة واصطياد أفضل فرصة للتوجه إليها ودعوتها إلى لتقديم طلب انتساب للحزب”.
من هنا، يشرح حسين ابن الثامنة عشر عاماً، كيف تفرغ بالحزب، لقد خدم الشاب في سوريا عام ٢٠١٧. وقام بدورة “مقاتل” وهو في عمر السادسة عشر عام، أي بتاريخ ٢٠١٥، وهي دورة مفصلية للالتحاق بالشق العسكري في “حزب الله”.
وفي العام ٢٠١٣ خاض الشاب، دورة “جنود” حينها كان عمره أربعة عشر عام، وهي عبارة عن مرحلة يتعلم فيها المنتسب إلى “حزب الله” كيف يحمل السلاح ويلقنه، ويعبئ خزينة “الكلاشن كوف”، بالرصاص، وهو سلاح رشاش روسي الصنع.
حين بلغ حسين سن الخامسة عشر، انتقل إلى مرحلة “الأنصار”، التي تتفرع إلى ثلاث مراحل، محورها تعلم الأسس الدينية والإيديولوجية للحزب، ومدة كل مرحلة 45 يوماً، بمعدل ثلاثة أشهر.
أوضح حسين أن بعد إنجاز مرحلة “الأنصار”، يكون هنالك ثلاثة خيارات، “إما، العدول عن حزب الله، وعدم استكمال المسيرة معه، أو الذهاب للتدرب العسكري، أو التوجه إلى شق الممهدون، بما معناه التفرغ للدراسات الدينية، من خلال الانضواء بالدراسة الحوزوية، أي الدراسة الفقهية التابعة للمذهب الجعفري.
خلال دورة “الأنصار”، تلقى حسين دروس دينية مكثفة، وأشار، “كنا نذهب كل أسبوع إلى مكان يُحدد لنا، كالمسجد، أو المركز أو حسينية. الدروس نحصل عليها من قبل الشيخ، ويطلب منّا شراء كتب تعود إلى سلسلة المعارف الإسلامية، وهي عبارة عن أربعة كتب، هي (دروس قرآنية)، و(من زبدة الاحكام)، و(في ولاية الفقيه)، و(في أصول العقيدة الإسلامية)”. وعندما انتهى من هذه الدورة، طلب حسين من مسؤول الشعبة التابعة للمنطقة التي يسكنها، أنه يريد الالتحاق بدورة المقاتل.
مدة دورة “المقاتل” هي 45 يوم، تحصل في معسكرات “حزب الله”، يتدرب فيها المقاتل على الرماية بعيدة المدى، والالتحام المباشر، والهجوم، وقتال الشوارع، ويحصل على فرصة الصعود على المدفعية والتقنيص، ورمي القذائف.
ويخضع المجند إلى تدريبات بدنية قاسية، كأن يركض أو يمشي لساعات دون مياه، وتجبرهم القيادة أحيانا بالاكتفاء بكمية طعام مقننة جداً. تمكن حسين من الانتهاء من كل دورة “الجنود” و”الأنصار” و”المقاتل”، وتخصص عام ٢٠١٦ على رماية المدرعات العسكرية وزج بعدها في آتون الحرب السورية.
أما قاسم، فيبلغ من العمر حالياً تسعة عشر عام، يروي أجمل مراحل حياته في “حزب الله”، قائلاً، ” كنا ننتظر اللحظة التي ندعى فيها إلى معسكرات الpaint ball، وهي لعبة قتالية يستبدل فيها الرصاص بقذائف مكونة من ألوان”، فكانوا يتدربون على الالتحام العسكري مع رفاقه مستخدمين الرصاص الوهمي الملون، وأضاف قاسم، أنه “خلال رحلة المراحل الأولى في الانخراط مع حزب الله شارك بحوالي تسع رحالات إلى البراري والأنهار في الجنوب والبقاع، بحيث شكلت هذه الرحلات محطة أساسية للترفيه والمرح”.
ويقوم “حزب الله” بإنشاء ملاعب داخل المناطق الشيعية، في الجنوب والبقاع وبيروت، ومن بينها، ملعب الكاظم في حي ماضي، وملعب كابتن ماجد في برج البراجنة، وملعب الجنان، وملعب الحسن، كذلك فإن الحزب له سلطة على الملاعب التي تقوم بإنشائها البلديات في القرى المحلية كملعب النبي شيت، وملعب الخيام.
لا يحب قاسم، اللغة العسكرية ولا حمل البنادق، ولكنه يحب أن يكون داعياً إلى الجهاد في خط “حزب الله”، قاسم حالياً طالب في “الجامعة اللبنانية – كلية العلوم”. عندما أنهى قاسم دورة “الأنصار، انتقل إلى مرحلة “الممهدون” وهي مرحلة تخلو من التدريب العسكري، وتتعلق بالشق الثقافي. ومن ثمّ تلقى دروس دينية دقيقة جداً، في العقيدة، والقرآن ونهج أهل البيت الشيعة، ويصف قاسم ممازحاً هذه المرحلة بـ”تحولت إلى نصف نبي، ويراني أقراني أني متفلسفاً، من كثافة المعلومات الدينية العقائدية التي تلقيتها”.
بحسب قاسم، فإن الفرد يتخرج بعد هذه الدورة، وهو على دراية بكل التفاصيل الدينية ويفهم الأساليب التي يجب أن يحاجج بها لتبرير العقيدة القتالية التي يدافع عنها “حزب الله”، وعبر هذه الدورة يمكن أن “أصبح في المستقبل شيخاً معمماً، أو سيداً”.
أشار قاسم إلى أن دورة “ممهدون”، تتيح للفرد المنتسب إلى “حزب الله” بالسفر إلى قم المدينة المقدسة عند الشيعة في إيران، فبعض أصدقائه الأكبر منه سناً انتقل للعيش في إيران ويشارك في حضور الاجتماعات الدينية والحوارات العقائدية مع رجالات دين إيرانيين.
كذلك يوفر “حزب الله” للعنصر بحسب رواية قاسم، الأموال كي ينتسب للجامعات الإيرانية، للتخصص أكثر في عقيدة أهل البيت وتعلم فن الخطابة على المنابر.
ويركز حزب الله على فترة الطفولة وفق رؤية مدروسة، تبدأ من المدارس وتصل إلى ألعاب الفيديو. بعد حرب تموز أنتج “حزب الله” لعبة “القوة الخاصة” وحاكت اللعبة حروب “حزب الله” مع اسرائيل، بحسب مصادر فإن الحزب يعتزم إنتاج لعبة جديدة أكثر جودة من السابقة، وتحاكي الحرب السورية ضد المعارضة السورية والمجموعات المسلحة.
وعن عدد القتلى ما دون سن الثامنة عشر في “حزب الله”، يكشف مصدر لـ “درج”، بأنه اقترب من 20 شخصاً، بينما عدد القتلى اجمالياً، تجاوز الـ ٣٠٠٠، وعدد الجرحى لديه وصل إلى الـ ١٧٠٠٠ بينهم ٢٥٠ شخص ذوي إعاقات دائمة.
لقد استطاعت الوسائل الإعلامية تسريب اسماء مقاتلين ما دون سن الثامنة عشر، قتلوا في سوريا من بينهم مشهور شمس الدين، ابن الـ١٥عاماً، ومهدي أبو حمدان، وعلي الهادي أحمد عارف حسين، ومحمد حسين علي الهق، حسين إدريس، جهاد حمود.
يشبه أولئك المراهقين أنفسهم بشخصية “القاسم” المقدسة، والتي تحوز على اهتمام أبناء الطائفة الشيعية المتدينين، فهذه الشخصية والدها الإمام الحسن، وعمها الإمام الحسين، وقامت بنصرة الحسين عندما نادى في كربلاء “ألا من ناصرٍ ينصروني”، ويستشهد الشبان الذين تحدثوا لـ “درج” بالقاسم وعلي الأكبر، وهما شخصيتان شابتان ظهرتا في كربلاء ولعبتا دوراً أساسياً لتحفيز الجهاد والدفاع عن الدين الإسلامي الذي رأى الحسين أنه يتعرض للخطر.
كذلك تلعب “مجلة المهدي” دوراً في تشكيل الوعي عند الأطفال حول أهمية الجهاد، ولكن بعد الحرب السورية طرأ تغييراً في الموضوعات التي تتناولها المجملة وأسلوب عرضها، بحيث تغلب الشأن السوري على الموضوعات التي تسلط الضوء على اسرائيل، من خلال التركيز على خطورة التنظيمات المسلحة السورية والمنظمات الإرهابية كالنصرة وتنظيم الدولة، “داعش”، والإشارة إلى أن تلك المنظمات تخدم المصالح الإسرائيلية والأميركية. هذه المجلة تنشر دورياً كل شهر في مدارس “حزب الله” بشكل مجاني.
وتؤدي كشافة المهدي دوراً أساسياً في التحضير والتجهيز النفسي للمراهقين كي يصبحوا مقاتلين، لقد خسرت الكشافة عدد من قياديها في المعارك السورية، وتركوا جميعاً وصاية توجهوا فيها إلى الكشفيين يدعونهم من خلالها للاستمرار على خط الكشافة في الدفاع عن آل البيت ومحاربة التكفيريين في لبنان وسوريا ودول أخرى. وتقوم الكشافة بإحياء مناسبات “ذكرى” مقتل العناصر التابعين لها، وتُعد هذه المناسبات مهمة جداً لتجنيد الصغار وتعليمهم على المبادئ الأساسية التي من خلالها يقوم المقاتلين بالذهاب إلى سوريا.
ومن بين العناصر التي يتم إحياء سنوياً مراسم مقتلها، محمد علي عواضة من مواليد عام 1994، وقتل عام 2014، وتكريماً له أنشأت الكشافة، فرقة تحمل اسمه. أما المقاتل الآخر، فهو محمد هاشم.
إن أغلب القيادات الكشفية في “كشافة إمام المهدي”، تنتمي إلى فئة الشباب، وعدد منها يقاتل في سوريا، لذلك يستطيع المقاتل حين يعود لملازمة عمله الكشفي أثناء الدورات الكشفية الترفيهية والتثقيفية أن ينقل آراءه ويجند فكرياً مجموعة كبيرة من صغار السن، في حين ينظر المتطوعين الصغار في الكشاف إلى القيادة الكشفية على أنها مقدسة وتخلو من الشوائب لأن القائد الكشفي يحاول دائماً أن ينمي انطباعاً أنه رسول الخير نحو عقيدة الحزب.
بحسب مصادر في “حزب الله”، في ذكرى “عاشوراء” السابقة، عمل مئات المراهقين المنتسبين في صفوف الحزب، كمراقبين على الحواجز الأمنية التي انتشرت في بيروت والبقاع والجنوب، ولا ينفي المصدر أن مشهد المراهقين على الحواجز أثار حفيظة سكان المنطقة الذين يقولون كيف لمراهق أن يجيد حماية المنطقة من التهديدات الأمنية.
لقد أوكلت قيادتهم إليهم تقديم الحماية الأمنية للمناطق، بالاشتراك مع من هم أكبر منهم سناً، وتعد هذه المهمات الرقابية ذات طابع عسكري، كتفتيش المارة وتفتيش السيارات، كذلك يمنح المراهق سلاحاً يتم إشهاره بشكل علني أمام الناس، كذلك يسمح له إطلاق الرصاص في حال شعر بالخطر أو أي تهديد أمني حقيقي، شرط أن يعود ذلك بإرشاد مباشر من قيادته التي يتواصل معها طوال الساعة على الجهاز اللاسلكي.
خلال احتدام المعارك في سوريا، أرسل “حزب الله”، الكثير من المقاتلين ما دون سن الثامنة عشر، للمشاركة في المعارك السورية. ولكن لا يمكن تقدير عددهم. لأن وبحسب عناصره قد يرفع عدد مقاتليه في سوريا إلى خمسة عشر ألفاً، وذلك حسب خطورة المعارك… وعندما تهدأ يقوم بتقليص العدد كثيراً. ولكن معركة حلب الشرقية التي يراها الحزب أنها أصعب معركة خاضها في سوريا وتكبد فيها الكثير من الخسائر البشرية، فقد تم إشراك عدد كبير من المقاتلين بينهم مراهقين.
أقرَّ “حزب الله”، في العام ٢٠١٦ قانوناً داخلياً يسمح لكل من بلغ سن السادسة عشر وثمانية أشهر، بأن يقدم طلب للمشاركة في الحرب السورية، وعلى الفرد أن يحصل على موافقة من كلا والديه.
إن مشاركة المراهقين دون سن الثامنة عشر في سوريا تنقسم إلى نوعين. ففي حال تدرب الفرد وتخصص في وحدة معينة من الوحدات القتالية، يتاح له بالمشاركة في المعارك الهجومية وحروب الشوارع. أما إذا اكتفى الفرد بدورة المقاتل ولم يقم لاحقاً بأي دورة أخرى، فإنه يتاح له الفرصة المشاركة في التعبئة العسكرية العامة، وينحصر دور العنصر المنتسب إلى التعبئة بالمشاركة في حماية المواقع التي يحررها مقاتلي حزب الله المتخصصين عسكرياً.
أوضح مصدر في “حزب الله” لـ “درج”، أنه “بالإمكان رصد عدد أكبر من المراهقين في الصفوف الخلفية للحزب، التي توكلت التعبئة العسكرية حماية، وهي في أغلبها مناطق محررة، كفليطة، وعرسال، والقصير، والطفيل ودمشق. بينما في الهجوم من الممكن رصد عدد من المراهقين ولكن أقل بكثير من الموجودين في الصفوف الخلفية”.
ينتمي أغلب المراهقين في الحزب إلى التعبئة العسكرية، ويذهبون إلى سوريا لتقديم خدمات عسكرية، ولكن عدد قليل منهم استطاع الالتحاق بالصفوف الأمامية الهجومية، كوحدة “الرضوان”، أو وحدة “ناصر”، ووحدة “عزيز”، ووحدة “عمار”. فلهذه الوحدات مهمات هجومية ويخوضون المعارك الأساسية مع الجيش السوري.
من جهة أخرى، لقد أجمع المقاتلين الثلاثة على أن سوريا شكلت الحيز الأكبر من مخيلتهم الجهادية التي تكونت في خضم الحرب السورية. فعندما اندلعت الحرب في سوريا وطالب الشعب السوري بحريته، كانوا جميعاً لم يتعدوا سن الثانية أو الثالثة عشر وهم العمر الذي يحبه حزب الله.
أشار محمد، أن “الشعب السوري لم يكن ينقصه شيئاً حتى يثور على نظام الرئيس السوري، بشار الأسد”. ويقارب الشاب الحرب السورية بنزعة طائفية. لم يشارك محمد بأي معركة ضد اسرائيل، ولكنه مقتنع أن مشاركته في القتال في سوريا، يهدف إلى كسر إسرائيل.
وأوضح محمد أن كل رفاقه، كبروا على مبدأ الجهاد ضد التنظيمات الإسلامية المتطرفة، حتى في المحاضرات الجهادية والدينية فإن حضور الألفاظ التي تحمس المقاتل على القتال، يكون محورها سوريا، وكيفية تحطيم المقاتلين المنتمين إلى التنظيمات الإسلامية المقاتلة في سوريا، في المقابل خف حضور إسرائيل في المحاضرات والتوجيهات التي يلقيها القياديين على العناصر.
لقد تغير مفهوم الأعداء الوجودين بالنسبة للمقاتلين، فحسين، يرى أن إسرائيل أقل خطورة من التنظيمات الإرهابية، وبحسب رأيه فإن إسرائيل في حال نفذت حرباً فقد تمتد إلى أسبوع أو شهر، ولكن التنظيمات الإرهابية تشكل تهديداً مستمراً ووجودياً.
أمهز الشاب الوحيد الذي ترك حزب الله في شهر تموز، يقول الشاب أنه لم يعد مقتنعاً بـ “حزب الله” ولا يحب الشؤون السياسية، ومعجب جداً بأسلوب حياة الألمان ويريد الذهاب إليها لاستكمال دراسته. يشير الشاب إلى أنه اتخذ قرار ترك “حزب الله” بشكل مفاجئ، ولم يعد يستجيب لدعوات قيادة التعبئة العسكرية. لا يعرف الشاب الأسباب التي دفعته لترك الحزب كذلك، يعجز عن شرح أسباب موقفه الطارئ وخلفيته، ولكن يبدو مقتنع بأنه لا يريد ان يكون ضحية الحروب العبثية.
[video_player link=””][/video_player]