انتشر فيديو على صفحات التواصل الاجتماعي يظهر فيه أحد المسلحين الذين دربتهم تركيا أمام باص أخضر، يقول مبتهجا: ” هذه هي المرة الأولى نستقل باصاً أخضر، ولا تكون وجهتنا مخيمات النزوح والحمد لله، بل لنتجه الى معركة عفرين لتحريرها من الأكراد.” إلى جانب هذا المسلح وقف مقاتل آخر على باب الباص الأخضر وهو ينادي” عفرين.. عفرين “، كما كان الجباة يصيحون في كراجات باصات النقل في الخالي من الأيام.لقد انقلب المشهد، فقبل وقت قصير، كان مشهد الباصات الخضر يجسد انتكاسة لمقاتلي المعارضة السورية، الذين انخرطوا في صفقات بين كل من تركيا وايران وحزب الله والنظام السوري. حينها كان بعض ممن يستقلون تلك الحافلات يتوجهون الى إدلب، وبعضهم الآخر الى جرابلس الخاضعة لسيطرة القوات التركية، وكانوا كما غيمة هارون الرشيد إذ خاطبها قائلا: ” أذهبي ايتها الغيمة وأمطري حيثما تشائين، فخراجك لي “. بدا تماماً أن هؤلاء المقاتلين أينما ابتعدو وتوجهوا، فهم متوجهون إلى تركيا، تنفّذ من خلالهم ما لا تود فعله من خلال قواتها العسكرية.طبعاً، منذ أيام اشتدت الدعاية التركية بين المعارضين السوريين مسلحين كانوا أو بربطات عنق، فشرعوا يقولون إن على تركيا أن تدافع عن حدودها وأمنها القومي، ضد حزب العمال الكردستاني، في إشارة الى وحدات حماية الشعب والمرأة الكرديتين، الذين يسيرون فعلاً على نهج عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، الخصم التاريخي لتركيا والمسجون فيها. إن مشهد الباص الأخضر وكلام المسلح، ينسف بكل بساطة جهود ست سنوات من نظريات ” الأمة الديمقراطية “، التي تسير عليها إدارة روج آفا وشمال سوريا من جهة، كما توضح من جهة أخرى، مدى البؤس الثوروي الذي وصل اليه حال ” المعارضة السورية ” بشقيها العسكري والسياسي، فالخطاب السياسي للمعارضة حتى اليوم، يبارك قتل الكرد بدعوى معاداتهم لتركيا صديقة المعارضة. لقد تحول مسلحو المعارضة الذين هزموا في المعارك والصفقات الى حراس للأمن ” القومي التركي ” المهدد من “الكرد”، فيما قبلوا بصفقات علنية واضحة عقدها أردوغان مع كل من إيران وروسيا المتورطتين في الحرب في سوريا وفي قتل السوريين وهزم ثورتهم.وإذا تركنا الموضوع الكردي جانباً، فإن مباركة المعارضة لتركيا باحتلالها ” بلدة ” سورية، إنما دليل آخر على ضياع بوصلة وطنية ما زالوا يتحدثون عنها، وقد صارت مجرد ذكريات مؤلمة، وكأنهم استداروا اليوم إلى ” مصالح الصديقة تركيا “، وقد ذاقوا على يدها من الانكسارات والهزائم أكثر مما ألحقه النظام بهم. فتركيا هي مهندسة تسليم حلب وريفها، وكذلك سقوط حمص وحماه، وهي التي عقدت الصفقات لإخراجهم من بيوتهم ومواقعهم ليستلمها النظام دون قتال، فقد ذهبت خطوط تركيا الحمراء في ظل دعم دول التحالف لقوات سوريا الديمقراطية و وحدات الحماية، وصار الهم الوحيد لتركيا استجرار أكبر عدد من هؤلاء المقاتلين وتدريبهم ليقاتلوا معها. تركيا ستستغل إسم ” الجيش الحر” لتحقيق مطامحها التاريخية في حلب والموصل وكركوك وجرابلس وغيرها، وبالتالي ستدفع بمقاتلي المعارضة لمحاربة القوات الكردية، بحجة أنهم موالون لحزب العمال الكردستاني، وبأنهم يشكلون تهديداً لوحدة الأراضي السورية التي مزقتها الحروب، وطبعا هي لا ترى بأساً إن سلم الكرد عفرين أو غيرها للنظام أو للميليشيات الشيعية التي تقاتل ” سنة ” تركيا، وتعبث بهيبة أسدهم أردوغان.من خلال تجارب السنوات الماضية، يبدو المشهد متجهاً نحو المزيد من العنف، والمزيد من الدمار، فالمواجهة لن تكون سهلة، ومعظم المقاتلين الكرد يقاتلون عن قناعة، وربما يحلمون فعلاً بإنشاء كيان سياسي كردي كحق انساني يعبّر عن مظالم تاريخية تعرضوا لها. تقول تركيا ومعها مسلحين من المعارضة السورية بأنهم لن يسمحوا لأحد ان يهدد الأمن القومي التركي. وحسب مفهومهم فلا شيء ولا أحد يهدد ذاك الأمن سوى الكرد وهم يبحثون عن أمن ما، ليس بالضرورة أن يكون قومياً، ولهذا فان معركة عفرين ستكون مكلفة وسيتغير المشهد تماماً.[video_player link=””][/video_player]
عفرين وحراس الأمن القومي التركي
انتشر فيديو على صفحات التواصل الاجتماعي يظهر فيه أحد المسلحين الذين دربتهم تركيا أمام باص أخضر، يقول مبتهجا: ” هذه هي المرة الأولى نستقل باصاً أخضر، ولا تكون وجهتنا مخيمات النزوح والحمد لله، بل لنتجه الى معركة عفرين لتحريرها من الأكراد.” إلى جانب هذا المسلح وقف مقاتل آخر على باب الباص الأخضر وهو ينادي” عفرين.
ها أنا ذا حرة… فماذا أنا بفاعلة؟
أن ننتظر قصف بيوتنا أمام أعيننا..
إذا كان الشيخ نعيم يعلم فتلك ورطة… ماذا لو أنه لا يعلم؟
طه خليل - صحافي سوري
انتشر فيديو على صفحات التواصل الاجتماعي يظهر فيه أحد المسلحين الذين دربتهم تركيا أمام باص أخضر، يقول مبتهجا: ” هذه هي المرة الأولى نستقل باصاً أخضر، ولا تكون وجهتنا مخيمات النزوح والحمد لله، بل لنتجه الى معركة عفرين لتحريرها من الأكراد.” إلى جانب هذا المسلح وقف مقاتل آخر على باب الباص الأخضر وهو ينادي” عفرين.
انتشر فيديو على صفحات التواصل الاجتماعي يظهر فيه أحد المسلحين الذين دربتهم تركيا أمام باص أخضر، يقول مبتهجا: ” هذه هي المرة الأولى نستقل باصاً أخضر، ولا تكون وجهتنا مخيمات النزوح والحمد لله، بل لنتجه الى معركة عفرين لتحريرها من الأكراد.” إلى جانب هذا المسلح وقف مقاتل آخر على باب الباص الأخضر وهو ينادي” عفرين.. عفرين “، كما كان الجباة يصيحون في كراجات باصات النقل في الخالي من الأيام.لقد انقلب المشهد، فقبل وقت قصير، كان مشهد الباصات الخضر يجسد انتكاسة لمقاتلي المعارضة السورية، الذين انخرطوا في صفقات بين كل من تركيا وايران وحزب الله والنظام السوري. حينها كان بعض ممن يستقلون تلك الحافلات يتوجهون الى إدلب، وبعضهم الآخر الى جرابلس الخاضعة لسيطرة القوات التركية، وكانوا كما غيمة هارون الرشيد إذ خاطبها قائلا: ” أذهبي ايتها الغيمة وأمطري حيثما تشائين، فخراجك لي “. بدا تماماً أن هؤلاء المقاتلين أينما ابتعدو وتوجهوا، فهم متوجهون إلى تركيا، تنفّذ من خلالهم ما لا تود فعله من خلال قواتها العسكرية.طبعاً، منذ أيام اشتدت الدعاية التركية بين المعارضين السوريين مسلحين كانوا أو بربطات عنق، فشرعوا يقولون إن على تركيا أن تدافع عن حدودها وأمنها القومي، ضد حزب العمال الكردستاني، في إشارة الى وحدات حماية الشعب والمرأة الكرديتين، الذين يسيرون فعلاً على نهج عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، الخصم التاريخي لتركيا والمسجون فيها. إن مشهد الباص الأخضر وكلام المسلح، ينسف بكل بساطة جهود ست سنوات من نظريات ” الأمة الديمقراطية “، التي تسير عليها إدارة روج آفا وشمال سوريا من جهة، كما توضح من جهة أخرى، مدى البؤس الثوروي الذي وصل اليه حال ” المعارضة السورية ” بشقيها العسكري والسياسي، فالخطاب السياسي للمعارضة حتى اليوم، يبارك قتل الكرد بدعوى معاداتهم لتركيا صديقة المعارضة. لقد تحول مسلحو المعارضة الذين هزموا في المعارك والصفقات الى حراس للأمن ” القومي التركي ” المهدد من “الكرد”، فيما قبلوا بصفقات علنية واضحة عقدها أردوغان مع كل من إيران وروسيا المتورطتين في الحرب في سوريا وفي قتل السوريين وهزم ثورتهم.وإذا تركنا الموضوع الكردي جانباً، فإن مباركة المعارضة لتركيا باحتلالها ” بلدة ” سورية، إنما دليل آخر على ضياع بوصلة وطنية ما زالوا يتحدثون عنها، وقد صارت مجرد ذكريات مؤلمة، وكأنهم استداروا اليوم إلى ” مصالح الصديقة تركيا “، وقد ذاقوا على يدها من الانكسارات والهزائم أكثر مما ألحقه النظام بهم. فتركيا هي مهندسة تسليم حلب وريفها، وكذلك سقوط حمص وحماه، وهي التي عقدت الصفقات لإخراجهم من بيوتهم ومواقعهم ليستلمها النظام دون قتال، فقد ذهبت خطوط تركيا الحمراء في ظل دعم دول التحالف لقوات سوريا الديمقراطية و وحدات الحماية، وصار الهم الوحيد لتركيا استجرار أكبر عدد من هؤلاء المقاتلين وتدريبهم ليقاتلوا معها. تركيا ستستغل إسم ” الجيش الحر” لتحقيق مطامحها التاريخية في حلب والموصل وكركوك وجرابلس وغيرها، وبالتالي ستدفع بمقاتلي المعارضة لمحاربة القوات الكردية، بحجة أنهم موالون لحزب العمال الكردستاني، وبأنهم يشكلون تهديداً لوحدة الأراضي السورية التي مزقتها الحروب، وطبعا هي لا ترى بأساً إن سلم الكرد عفرين أو غيرها للنظام أو للميليشيات الشيعية التي تقاتل ” سنة ” تركيا، وتعبث بهيبة أسدهم أردوغان.من خلال تجارب السنوات الماضية، يبدو المشهد متجهاً نحو المزيد من العنف، والمزيد من الدمار، فالمواجهة لن تكون سهلة، ومعظم المقاتلين الكرد يقاتلون عن قناعة، وربما يحلمون فعلاً بإنشاء كيان سياسي كردي كحق انساني يعبّر عن مظالم تاريخية تعرضوا لها. تقول تركيا ومعها مسلحين من المعارضة السورية بأنهم لن يسمحوا لأحد ان يهدد الأمن القومي التركي. وحسب مفهومهم فلا شيء ولا أحد يهدد ذاك الأمن سوى الكرد وهم يبحثون عن أمن ما، ليس بالضرورة أن يكون قومياً، ولهذا فان معركة عفرين ستكون مكلفة وسيتغير المشهد تماماً.[video_player link=””][/video_player]