fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

على الرحب والسعة: لبنان في لاجئيه.. عودٌ على عامٍ من “اللجوء”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

لا عامَ واحِدًا مِن سيرةِ لبنانَ ــ لبنانَ الدولةِ (١٩٢٠)، أو لبنانَ الاستقلال (١٩٤٣) ــ لا يطلب أن يُقْطَعَ مِنْ حساباتِهِ الكثيرة «حسابُ اللجوء». والمقصود بالحساب، بطبيعة الحال، ليس الحاصلَ الرياضيَّ لما جناه لبنان مِنْ مغانمَ، وما تكبّده مِنْ مغارِمَ، ذات صلة باللجوء إليه، أو قل ليس هذا فقط، وإنما ما حضرته، أو لم تحضره

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا عامَ واحِدًا مِن سيرةِ لبنانَ ــ لبنانَ الدولةِ (١٩٢٠)، أو لبنانَ الاستقلال (١٩٤٣) ــ لا يطلب أن يُقْطَعَ مِنْ حساباتِهِ الكثيرة «حسابُ اللجوء». والمقصود بالحساب، بطبيعة الحال، ليس الحاصلَ الرياضيَّ لما جناه لبنان مِنْ مغانمَ، وما تكبّده مِنْ مغارِمَ، ذات صلة باللجوء إليه، أو قل ليس هذا فقط، وإنما ما حضرته، أو لم تحضره، مسألةُ اللجوء في المشهد اللبناني العام، وما زانَتْهُ، أو لم تَزِنْهُ، على علاقات اللبنانيين بعضِهِم بعضًا، وما دخل من تبدل، أو لم يدخل، على مقاربة اللبنانيين، مؤسسات وجماعات، لمسألة اللجوء، وغيرها من ملامح هذه المسألة في تعبيراتها اللبنانية.
وإذا كانَ الافتقادُ إلى قَطْعِ حساب دوري، من هذا القبيل، بالأمْرِ الحريِّ أن يُنْظَرَ فيه بوصفه بعضًا من المعادلة المطلوب التصدي لها، فلا شكَّ أنَّ «اللجوء السوريَّ» إلى لبنان أيقظ لدى اللبنانيين اهتمامًا بمسألة اللجوء عامَّة، وبهذا المعنى، فلا معدى من التَّسليم، ولو على مضضٍ، بأنه «رُبَّ ضارَّةٍ نافعة»!
في ما يتصل باللجوء السوري إلى لبنان، لا تَهَوُّرَ بأنْ يُقالَ، حَدَّ الجَزْم في القولِ، بأنَّ ٢٠١٧ هو العامُ الذي رَجَحَ فيه، بالدليلَيْن السوري واللبناني، أن هذا اللجوءَ ليس على وشك أن ينتهيَ عمّا قريب: فبالدليل السوري، لا يبدو أن استعلاءَ أحد الأطراف في الميدان مقبل أن يترجم عن نفسه حلًّا سياسِيًّا كفيلًا بأن يعود معه اللاجئون السوريون، في مقبل منظور من الأيام، من حيث أتوا. وبالدليل اللبناني، لا يبدو أنَّ بوسعِ لبنانَ، الدولة، مع كل ما يشوب تعريف الدولة من التباس، ــ أنَّ بوسعِ لبنانَ أن يفعل فوق ما فعل، أو ما قد يقول قائل إنَّه غامَرَ في فعله، بما في ذلك «الاستغاثة»، على المعنى النحوي بـ«المجتمع الدولي»، أو مخاطبة النظام السوري مباشرة.
أمّا في ما يتصل باللجوء الفلسطيني، فلا تَهَوُّرَ بأنْ يُقالَ إنَّ ٢٠١٧ شَهِدَ عددًا من المبادرات «الإيجابية» التي لا يملك المرء ألّا يُدْهَشُ معها كيف أنَّ اللبنانيين أنْفُسَهُمُ الذين لم يحسنوا التفاوض حوارًا في ما يتصل باللجوء السوري شاركوا فيها راضين مرضيين ولو من باب المجاملة ورفع العتب…
ففي ٢٠ تموز ٢٠١٧، وفيما اللغط اللبناني في حقيقة ما كان من أمر خلال المداهمات التي قام بها الجيش اللبنانيُّ في مخيمين للاجئين السوريين في ٣٠ يونيو/ حزيران يلفظ أنفاسه، وفيما «معركة الجرود الأولى» تحتدم، ويحتدم معها سجال لبناني لم ينقطع منذ بداية النزاع السوري، عن اليد اللبنانية فيه، ــ في ذلك اليوم «أطلقت «مجموعة العمل حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان» المنبثقة عن«لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني»، من السراي الحكومي، برعاية رئيس مجلس الوزراء، وثيقة حملت عنوان «رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان». وللتذكير، فإن إطلاق هذه الرؤية تلا، بأشهر قليلة، الإعلانَ، من المكان نفسه، عن مشروع «التعداد السكاني للاجئين الفلسطينيين في لبنان»، وهو أول تعداد رسمي علني منذ ما يزيد على النصف قرن وأكثر!   
على بيَّنَةٍ من الآفاق التي يفتحها إطلاقُ تلك «الرؤية» والإعلانُ عن ذلك «التعداد»، لم يتردد رئيس «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني»، الوزير السابق الدكتور حسن منيمنه، من إشهار تفاؤله معتبرًا أنَّ هاتين المبادرتين «ستسهمان في تعديل صيغة العلاقة اللبنانية الرسمية القائمة مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».
سواء أأصاب منيمنة في تفاؤله أم خطَّأتِ الأشهرُ المقبلةُ هذا التفاؤلَ، وعلى الرَّغم من أن «الرؤية» مثقلة بما تُمليه الاستقامةُ السياسيةُ من استعادةٍ لـ«ثوابت» لبنانيَّة وفلسطينيَّة («رفض التوطين»، «حق العودة»، …)، يبقى أن أهَمَّ المترتبات على هذا الجهد هو الإقرارُ الضمنيُّ بأنَّ اللجوءَ الفلسطينيَّ إلى لبنان، وفيه، هو شيء أدنى إلى الإقامة المديدة التي لا أجَلَ زمنيًّا لها، وبأنه، هذا اللجوءَ، تحت هذا الاعتبار، يحتاج إلى مقاربة لا ترى إليه بوصفه موقتًا… أو قل ترى إليه بوصفه من باب الموقت الدائم!
إلى هذين اللجوئين اللذين ما يزالان، على اختلاف ما بينهما وعلى اختلاف الوضع القانوني للاجئيهما، معلقين بين التسليم بهما كإقامتين مديدتين لجماعتين «غير لبنانيتين» في لبنان، وبين إنكار ذلك، لا بأس، لربما، عند قطع حساب اللجوء ٢٠١٧ من استذكار «لجوء» آخر احتفل هذا العامَ، على متن صفحات كتابٍ فاخرٍ صدر عن منشورات جامعة لبنانية عريقة، بمرور مائة عام (تقريبية) عليه: اللجوء الأرمني.
ليس من الدماثة في شيء، في عرف من يعنيهم الأمر من لبنانيين ومن فلسطينيين ومن سوريين ومن لبنانيين ذوي أصول أرمنية، التَّذكيرُ بسابقة التَلَبْنُن الأرمنية، وبالملابسات التي رافقت هذه اللبننة، ولكن للدماثة مقام، وللبحث والتفكر مقام آخر، ومن هنا ما قد يستفاد من استذكار ذلك التَلَبْنُن وتلك الملابسات.
بالطبع، ليس ما تقدم سوى قليلٍ من كثيرٍ مِمّا يُمْكِنُ أنْ يُكْتَبَ في صحيفة «اللجوء» من صحف «لبنان ٢٠١٧»، بَيْدَ أنَّهُ قليل يصلح، لربما، مدخلًا للتأمل في ما قد تكون عليه «أولويات اللجوء ٢٠١٨»…  
نصّ ندوة بتوقيع “أمم للتوثيق والأبحاث”،  على الرَّحْب والسَّعة؟ لبنان في لاجئيه  
 
[video_player link=””][/video_player]

"درج"
لبنان
15.12.2017
زمن القراءة: 4 minutes

لا عامَ واحِدًا مِن سيرةِ لبنانَ ــ لبنانَ الدولةِ (١٩٢٠)، أو لبنانَ الاستقلال (١٩٤٣) ــ لا يطلب أن يُقْطَعَ مِنْ حساباتِهِ الكثيرة «حسابُ اللجوء». والمقصود بالحساب، بطبيعة الحال، ليس الحاصلَ الرياضيَّ لما جناه لبنان مِنْ مغانمَ، وما تكبّده مِنْ مغارِمَ، ذات صلة باللجوء إليه، أو قل ليس هذا فقط، وإنما ما حضرته، أو لم تحضره

لا عامَ واحِدًا مِن سيرةِ لبنانَ ــ لبنانَ الدولةِ (١٩٢٠)، أو لبنانَ الاستقلال (١٩٤٣) ــ لا يطلب أن يُقْطَعَ مِنْ حساباتِهِ الكثيرة «حسابُ اللجوء». والمقصود بالحساب، بطبيعة الحال، ليس الحاصلَ الرياضيَّ لما جناه لبنان مِنْ مغانمَ، وما تكبّده مِنْ مغارِمَ، ذات صلة باللجوء إليه، أو قل ليس هذا فقط، وإنما ما حضرته، أو لم تحضره، مسألةُ اللجوء في المشهد اللبناني العام، وما زانَتْهُ، أو لم تَزِنْهُ، على علاقات اللبنانيين بعضِهِم بعضًا، وما دخل من تبدل، أو لم يدخل، على مقاربة اللبنانيين، مؤسسات وجماعات، لمسألة اللجوء، وغيرها من ملامح هذه المسألة في تعبيراتها اللبنانية.
وإذا كانَ الافتقادُ إلى قَطْعِ حساب دوري، من هذا القبيل، بالأمْرِ الحريِّ أن يُنْظَرَ فيه بوصفه بعضًا من المعادلة المطلوب التصدي لها، فلا شكَّ أنَّ «اللجوء السوريَّ» إلى لبنان أيقظ لدى اللبنانيين اهتمامًا بمسألة اللجوء عامَّة، وبهذا المعنى، فلا معدى من التَّسليم، ولو على مضضٍ، بأنه «رُبَّ ضارَّةٍ نافعة»!
في ما يتصل باللجوء السوري إلى لبنان، لا تَهَوُّرَ بأنْ يُقالَ، حَدَّ الجَزْم في القولِ، بأنَّ ٢٠١٧ هو العامُ الذي رَجَحَ فيه، بالدليلَيْن السوري واللبناني، أن هذا اللجوءَ ليس على وشك أن ينتهيَ عمّا قريب: فبالدليل السوري، لا يبدو أن استعلاءَ أحد الأطراف في الميدان مقبل أن يترجم عن نفسه حلًّا سياسِيًّا كفيلًا بأن يعود معه اللاجئون السوريون، في مقبل منظور من الأيام، من حيث أتوا. وبالدليل اللبناني، لا يبدو أنَّ بوسعِ لبنانَ، الدولة، مع كل ما يشوب تعريف الدولة من التباس، ــ أنَّ بوسعِ لبنانَ أن يفعل فوق ما فعل، أو ما قد يقول قائل إنَّه غامَرَ في فعله، بما في ذلك «الاستغاثة»، على المعنى النحوي بـ«المجتمع الدولي»، أو مخاطبة النظام السوري مباشرة.
أمّا في ما يتصل باللجوء الفلسطيني، فلا تَهَوُّرَ بأنْ يُقالَ إنَّ ٢٠١٧ شَهِدَ عددًا من المبادرات «الإيجابية» التي لا يملك المرء ألّا يُدْهَشُ معها كيف أنَّ اللبنانيين أنْفُسَهُمُ الذين لم يحسنوا التفاوض حوارًا في ما يتصل باللجوء السوري شاركوا فيها راضين مرضيين ولو من باب المجاملة ورفع العتب…
ففي ٢٠ تموز ٢٠١٧، وفيما اللغط اللبناني في حقيقة ما كان من أمر خلال المداهمات التي قام بها الجيش اللبنانيُّ في مخيمين للاجئين السوريين في ٣٠ يونيو/ حزيران يلفظ أنفاسه، وفيما «معركة الجرود الأولى» تحتدم، ويحتدم معها سجال لبناني لم ينقطع منذ بداية النزاع السوري، عن اليد اللبنانية فيه، ــ في ذلك اليوم «أطلقت «مجموعة العمل حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان» المنبثقة عن«لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني»، من السراي الحكومي، برعاية رئيس مجلس الوزراء، وثيقة حملت عنوان «رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان». وللتذكير، فإن إطلاق هذه الرؤية تلا، بأشهر قليلة، الإعلانَ، من المكان نفسه، عن مشروع «التعداد السكاني للاجئين الفلسطينيين في لبنان»، وهو أول تعداد رسمي علني منذ ما يزيد على النصف قرن وأكثر!   
على بيَّنَةٍ من الآفاق التي يفتحها إطلاقُ تلك «الرؤية» والإعلانُ عن ذلك «التعداد»، لم يتردد رئيس «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني»، الوزير السابق الدكتور حسن منيمنه، من إشهار تفاؤله معتبرًا أنَّ هاتين المبادرتين «ستسهمان في تعديل صيغة العلاقة اللبنانية الرسمية القائمة مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».
سواء أأصاب منيمنة في تفاؤله أم خطَّأتِ الأشهرُ المقبلةُ هذا التفاؤلَ، وعلى الرَّغم من أن «الرؤية» مثقلة بما تُمليه الاستقامةُ السياسيةُ من استعادةٍ لـ«ثوابت» لبنانيَّة وفلسطينيَّة («رفض التوطين»، «حق العودة»، …)، يبقى أن أهَمَّ المترتبات على هذا الجهد هو الإقرارُ الضمنيُّ بأنَّ اللجوءَ الفلسطينيَّ إلى لبنان، وفيه، هو شيء أدنى إلى الإقامة المديدة التي لا أجَلَ زمنيًّا لها، وبأنه، هذا اللجوءَ، تحت هذا الاعتبار، يحتاج إلى مقاربة لا ترى إليه بوصفه موقتًا… أو قل ترى إليه بوصفه من باب الموقت الدائم!
إلى هذين اللجوئين اللذين ما يزالان، على اختلاف ما بينهما وعلى اختلاف الوضع القانوني للاجئيهما، معلقين بين التسليم بهما كإقامتين مديدتين لجماعتين «غير لبنانيتين» في لبنان، وبين إنكار ذلك، لا بأس، لربما، عند قطع حساب اللجوء ٢٠١٧ من استذكار «لجوء» آخر احتفل هذا العامَ، على متن صفحات كتابٍ فاخرٍ صدر عن منشورات جامعة لبنانية عريقة، بمرور مائة عام (تقريبية) عليه: اللجوء الأرمني.
ليس من الدماثة في شيء، في عرف من يعنيهم الأمر من لبنانيين ومن فلسطينيين ومن سوريين ومن لبنانيين ذوي أصول أرمنية، التَّذكيرُ بسابقة التَلَبْنُن الأرمنية، وبالملابسات التي رافقت هذه اللبننة، ولكن للدماثة مقام، وللبحث والتفكر مقام آخر، ومن هنا ما قد يستفاد من استذكار ذلك التَلَبْنُن وتلك الملابسات.
بالطبع، ليس ما تقدم سوى قليلٍ من كثيرٍ مِمّا يُمْكِنُ أنْ يُكْتَبَ في صحيفة «اللجوء» من صحف «لبنان ٢٠١٧»، بَيْدَ أنَّهُ قليل يصلح، لربما، مدخلًا للتأمل في ما قد تكون عليه «أولويات اللجوء ٢٠١٨»…  
نصّ ندوة بتوقيع “أمم للتوثيق والأبحاث”،  على الرَّحْب والسَّعة؟ لبنان في لاجئيه  
 
[video_player link=””][/video_player]