fbpx

 على هذا النحو كسرنا احتكار التمثيل في جنوب لبنان 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أعادت لنا اللائحة اليقين بالجنوب الذي عرفناه، جنوب الانفتاح والنضال، الجنوب الأبيّ الذي سئم وجوه الكذب والاستخفاف بوجع الناس ومشاعرهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لاح التغيير في الجنوب بعد يوم انتخابي طويل مرّ بسلام. اقترع لبنان كلّه في كل الدوائر الانتخابية حيث تنافست لوائح السلطة بتحالفاتها واصطفافاتها البالية بوجه لوائح المعارضة غير الموحّدة في معظم الدوائر. أمّا الحكاية الأهم فهي في دائرة الجنوب الثالثة حيث تنافست لائحة الثنائي الشيعي بوجه لائحة معارضة تغييرية واحدة لا شريك لها، موحّدة الأهداف السياسية والطروحات الاقتصادية، فكانت النتيجة في أم المعارك وأكثرها رمزيّة وثأراً لسنين من الأحادية في التمثيل تحت الضغط والترهيب. الجنوب قال كلمته في هذه الانتخابات، تنظّم وتركّز واتّحد نحو هدف واحد: التغيير، فكانت النتيجة خرقاً مستحقاً بمقعدين للائحة “معاً نحو التغيير” في دائرة الجنوب الثالثة. سحبت الكرسي من تحت النائب أسعد حردان والمصرفي مروان خير الدين ليفوز الطبيب الياس جرادة والمحامي الشاب فراس حمدان. قال الجنوب كلمته في الصناديق: لا المصرفي ولا الغائب سيمرّان في هذا الاستحقاق. 

ماذا يعني أن تكسر الاحتكار للتمثيل في الجنوب؟

في نظرة سريعة لخطاب الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله قبل الانتخابات وبعدها، ترى الانحدار في النبرة من إعلان حرب سياسية شاملة، إلى دعوة إلى الحوار وتقبل الآخر والحرص على منع الفتن. كأنّه بذلك يرمم تصريح النائب محمد رعد الذي هدّد النوّاب الجدد، وأكّد قوة الحزب في وجه المعترضين على سلاحه في الداخل عشية إعلان نتائج الانتخابات في دائرة الجنوب الثالثة. خطابان بنبرتين ورسائل مختلفة، هي نتاج إعادة تقييم هذا الإنجاز الكبير لقوى المعارضة في الجنوب وما سينشب عنه من خسارات في المستقبل إذا حافظت هذه القوى على تنظيمها وزخمها في الاستحقاقات المقبلة. الحزب لم يخسر المقاعد الشيعية، إلّا أنه خسر الهيبة التي بناها على مدى 22 سنة بعد تحرير الجنوب، حكم أكثرها بذريعة أن الأرض لمن حررها، وكذلك تمثيلها في مجلس النواب. 

نشوة الخرق

أعادت لنا اللائحة اليقين بالجنوب الذي عرفناه، جنوب الانفتاح والنضال، الجنوب الأبيّ الذي سئم وجوه الكذب والاستخفاف بوجع الناس ومشاعرهم. حُقق الخرق على رغم الضغط الكبير والتعديات الملحوظة وفي ظل تسجيل عشرات المخالفات العلنية من ثنائيٍّ طاووسي، يسيطر على المنطقة غير آبه بالقوانين أو بالديموقراطية. هو خرق بمقعدين اثنين، وبذلك أطيح بمروان خير الدين المتورّط بتهريب جنى أعمار الناس لمصلحة ابن حاكم مصرف لبنان ندي سلامة كما كشفت تحقيقات “درج”. هو إنجاز كبير طبعاً، إنجاز لعملٍ تشاركي ينم عن وعي سياسي وعن تضافر جهود جبّارة أينعت فقطفت خرقين في حصون من عماه غروره وظنّ أن الناس بلا كرامات، ينتخبون من سرق جنى عمرهم تلبية للتكليف الشرعي… لكن الجنوب رفض وصرخ في وجه محتكريه وفي وجه الظلم والفساد.

جنود مجهولون

لكل معركة فرسانها، وفرسان الدائرة الثالثة مجهولون عمداً بقرارهم، معروفون وإن لم يجاهروا علناً بعملهم. منهم من ترك عمله في الخارج لأن المعركة في بلده أولوية ومنهم من تفرّغ ايماناً منه بأن هذه الأرض تستحق، ولم يرَ عائلته منذ شهر أو أكثر. مندوبون ومخططون يعرفون ناسهم خير المعرفة فكانت اولويّتهم لائحة متنوعة من نسيج الجنوب تحاكي مصائب القوم ومطالبهم. شكّلوا ماكينة انتخابية كاملة وغطّوا 70 في المئة من قراهم بمندوبين لحماية أصواتٍ قد تختفي مثلاً، صبايا وشباب تحدّوا الخوف، وفاجأوا مندوبي السلطة بحضورهم في الأقلام.

جميع من ترشّح على لائحة “معاً للتغيير” يعرف حظوظه جيّداً، ولم يترشّح ليضرب في الماء لعلّه يحصد شهرةً أو في حالة المعجزة مقعداً، ونعني هنا المرشحين الشيعة الذين يعلمون أن فرصهم في النجاح متدنية أمام احتكار الثنائي الشيعة مقاعدهم، وأمام عنجهية من خرج من “حرمانٍ” باتفاق الطائف، ليصير بعدها الطرف الحاكم الأقوى في البلد. جميع المرشّحين التزموا يسقفٍ عالٍ من الخطاب السياسي الذي وُجّه ضد منظومة فساد كاملة تتحمل مسؤولية الانهيار، فبدا الفوز فوز المجموعة والفكرة…

إقرأوا أيضاً:

23.05.2022
زمن القراءة: 3 minutes

أعادت لنا اللائحة اليقين بالجنوب الذي عرفناه، جنوب الانفتاح والنضال، الجنوب الأبيّ الذي سئم وجوه الكذب والاستخفاف بوجع الناس ومشاعرهم.

لاح التغيير في الجنوب بعد يوم انتخابي طويل مرّ بسلام. اقترع لبنان كلّه في كل الدوائر الانتخابية حيث تنافست لوائح السلطة بتحالفاتها واصطفافاتها البالية بوجه لوائح المعارضة غير الموحّدة في معظم الدوائر. أمّا الحكاية الأهم فهي في دائرة الجنوب الثالثة حيث تنافست لائحة الثنائي الشيعي بوجه لائحة معارضة تغييرية واحدة لا شريك لها، موحّدة الأهداف السياسية والطروحات الاقتصادية، فكانت النتيجة في أم المعارك وأكثرها رمزيّة وثأراً لسنين من الأحادية في التمثيل تحت الضغط والترهيب. الجنوب قال كلمته في هذه الانتخابات، تنظّم وتركّز واتّحد نحو هدف واحد: التغيير، فكانت النتيجة خرقاً مستحقاً بمقعدين للائحة “معاً نحو التغيير” في دائرة الجنوب الثالثة. سحبت الكرسي من تحت النائب أسعد حردان والمصرفي مروان خير الدين ليفوز الطبيب الياس جرادة والمحامي الشاب فراس حمدان. قال الجنوب كلمته في الصناديق: لا المصرفي ولا الغائب سيمرّان في هذا الاستحقاق. 

ماذا يعني أن تكسر الاحتكار للتمثيل في الجنوب؟

في نظرة سريعة لخطاب الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله قبل الانتخابات وبعدها، ترى الانحدار في النبرة من إعلان حرب سياسية شاملة، إلى دعوة إلى الحوار وتقبل الآخر والحرص على منع الفتن. كأنّه بذلك يرمم تصريح النائب محمد رعد الذي هدّد النوّاب الجدد، وأكّد قوة الحزب في وجه المعترضين على سلاحه في الداخل عشية إعلان نتائج الانتخابات في دائرة الجنوب الثالثة. خطابان بنبرتين ورسائل مختلفة، هي نتاج إعادة تقييم هذا الإنجاز الكبير لقوى المعارضة في الجنوب وما سينشب عنه من خسارات في المستقبل إذا حافظت هذه القوى على تنظيمها وزخمها في الاستحقاقات المقبلة. الحزب لم يخسر المقاعد الشيعية، إلّا أنه خسر الهيبة التي بناها على مدى 22 سنة بعد تحرير الجنوب، حكم أكثرها بذريعة أن الأرض لمن حررها، وكذلك تمثيلها في مجلس النواب. 

نشوة الخرق

أعادت لنا اللائحة اليقين بالجنوب الذي عرفناه، جنوب الانفتاح والنضال، الجنوب الأبيّ الذي سئم وجوه الكذب والاستخفاف بوجع الناس ومشاعرهم. حُقق الخرق على رغم الضغط الكبير والتعديات الملحوظة وفي ظل تسجيل عشرات المخالفات العلنية من ثنائيٍّ طاووسي، يسيطر على المنطقة غير آبه بالقوانين أو بالديموقراطية. هو خرق بمقعدين اثنين، وبذلك أطيح بمروان خير الدين المتورّط بتهريب جنى أعمار الناس لمصلحة ابن حاكم مصرف لبنان ندي سلامة كما كشفت تحقيقات “درج”. هو إنجاز كبير طبعاً، إنجاز لعملٍ تشاركي ينم عن وعي سياسي وعن تضافر جهود جبّارة أينعت فقطفت خرقين في حصون من عماه غروره وظنّ أن الناس بلا كرامات، ينتخبون من سرق جنى عمرهم تلبية للتكليف الشرعي… لكن الجنوب رفض وصرخ في وجه محتكريه وفي وجه الظلم والفساد.

جنود مجهولون

لكل معركة فرسانها، وفرسان الدائرة الثالثة مجهولون عمداً بقرارهم، معروفون وإن لم يجاهروا علناً بعملهم. منهم من ترك عمله في الخارج لأن المعركة في بلده أولوية ومنهم من تفرّغ ايماناً منه بأن هذه الأرض تستحق، ولم يرَ عائلته منذ شهر أو أكثر. مندوبون ومخططون يعرفون ناسهم خير المعرفة فكانت اولويّتهم لائحة متنوعة من نسيج الجنوب تحاكي مصائب القوم ومطالبهم. شكّلوا ماكينة انتخابية كاملة وغطّوا 70 في المئة من قراهم بمندوبين لحماية أصواتٍ قد تختفي مثلاً، صبايا وشباب تحدّوا الخوف، وفاجأوا مندوبي السلطة بحضورهم في الأقلام.

جميع من ترشّح على لائحة “معاً للتغيير” يعرف حظوظه جيّداً، ولم يترشّح ليضرب في الماء لعلّه يحصد شهرةً أو في حالة المعجزة مقعداً، ونعني هنا المرشحين الشيعة الذين يعلمون أن فرصهم في النجاح متدنية أمام احتكار الثنائي الشيعة مقاعدهم، وأمام عنجهية من خرج من “حرمانٍ” باتفاق الطائف، ليصير بعدها الطرف الحاكم الأقوى في البلد. جميع المرشّحين التزموا يسقفٍ عالٍ من الخطاب السياسي الذي وُجّه ضد منظومة فساد كاملة تتحمل مسؤولية الانهيار، فبدا الفوز فوز المجموعة والفكرة…

إقرأوا أيضاً: