fbpx

عن أم سارة والجندي: أمهات الرياضيين يستحقنَّ أيضاً الفوز بالميداليات الأولمبية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد تحقيقه رقماً قياسياً جديداً في منافسات فردي الرجال للخماسي الحديث بأولمبياد باريس ركض أحمد الجندي نحو أمه لتحتضنه ثم ليحملها فرحاً، وقد همست له:”مش قلت لك هتكسب…”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد انتهاء دورة الألعاب الأولمبية في باريس، عادت البعثة المصرية إلى القاهرة، وكان على رأس العائدين أحمد الجندي وسارة سمير المتوّجان بميداليتين: ذهبية وفضية، في اليوم ما قبل الأخير من الأولمبياد، ليصبح رصيد البعثة المصرية 3 ميداليات وبترتيب 52 في جدول البطولات.

خرج أفراد البعثة من مطار القاهرة الى مقر اللجنة الأولمبية في موكب صغير، واحتفلت بالجندي وسارة مجموعة كبيرة من الأصدقاء والرياضيين والأهل والصحافيين، الذين نشروا صور احتفاء المستقبلين بحاملي الميداليات، كما انتشرت صورة لسيدة بسيطة تحتفي بإنجاز ابنتها سارة، وصور أم أحمد الجندي وهي تحتفل بفوزه في باريس وبتسجيله رقماً قياسياً جديداً.

فرحة أم سارة وأم أحمد التي رأيناها، ليست فرحة أم بنجاح ابنها فقط، بل نجاحها شخصياً، فالكثير من أمهات الرياضيين لا يقتصر دورهن على الدعوات بالتفوق بعد الصلاة، ولا على إعداد وجبة غداء متكاملة العناصر، بل يتساوى دورهن مع دور المدرب، فهي تتحول الى طبيب نفسي وخبير تغذية ومرشد تنمية بشرية وسائق محنك في الشوارع المزدحمة للحاق بموعد التمرين، وهي أيضاً طبيبة للجروح والكدمات والشد العضلي، والكثيرات ينفقن على هذه التمارين في غياب الأب.

هل تذكرون أم سفيان بوفال؟

في نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 التي أُقيمت في الدوحة، خطفت أم لاعب المنتخب المغربي سفيان بوفال الأنظار، إذ ظهرا سوياً في لقطات مصورة وهو يعانقها عقب تأهل المغرب للدور الثاني للبطولة، فبعد الفوز على كندا صعد سفيان الى المدرجات وأهداها قميصه وطبع قبلة على رأسها.

ثم بعد ذلك وبعد فوز المنتخب المغربي على البرتغال في استاد الثمامة، هرعت إليه والدته في الملعب ليرقصا ممسكين بأيدي بعضهما أمام الجماهير التي صفقت وهتفت معهما، وانتشرت صور الأم البسيطة التي تشبه أمهاتنا جميعاً وهي مبتهجة وعينها على ابنها، فرحة تُلخص الكثير من سنوات التعب والدعم والثقة في الوصول، وأيضاً امتنان الابن لهذا كله.

ذهبيّة أم أحمد الجندي

بعد تحقيقه رقماً قياسياً جديداً في منافسات فردي الرجال للخماسي الحديث بأولمبياد باريس، وإعلان فوزه بالميدالية الذهبية، وبعدما اطمأن وانتهت المنافسات، ركض أحمد الجندي نحو أمه لتحتضنه ثم ليحملها فرحاً، وقد همست له:”مش قلت لك هتكسب… لو إنت مش متأكد أنا كنت متأكدة أنك هتنجح”.

أم أحمد السيدة منى شفيق وهي طبيبة، تساند ابنها منذ أن كان في السادسة من عمره، وأتاحت له في البداية بكل صبر وطول بال أن يمارس كل الألعاب ليخوض منها ما سيستهويه ويبرع فيه، وكذلك أخوه محمد والذي بدأ بلعبة الاسكواش ثم تركها وتوجه للعبة الخماسي الحديث مثل أخيه، ولكنه لم يستطع التأهل للأولمبياد كما فعل أحمد.

شارك أحمد في 2017 في أول بطولة عالمية وفي 2018 خاض بطولات العالم لشباب، وفي أولمبياد 2018 حقق ذهبية، وفي أولمبياد طوكيو حاز الفضية، أما أمه فقد حازت الفرحة والفخر والطمأنينة.

دعوات وزغاريد أم سارة

أما سارة سمير، بطلة رفع الأثقال والتي حصدت فضية في أولمبياد باريس في نهاية منافسات الخطف والنطر في رفع الأثقال بوزن 81 كغم بمجموع أوزان 268 كغم- فهي فتاة من قرية الهوانية بالإسماعيلية، وأن تنشأ فتاة في قرية وتتوجّه لممارسة الرياضة في مركز شباب القرية، وبخاصة رفع الأثقال، وهي بعمر الحادية عشرة هو أمر صعب، ولكنها وجدت دعماً من أسرتها، وتحديداً من أمها وأخيها. 

أول بطولة شاركت فيها سارة كانت بطولة أفريقيا بتونس في عام 2012، حينها كانت في الـ14 من عمرها، فحققت الميدالية الذهبية لوزن 63 كيلوغراماً، وبعد عامين سافرت في دورة الألعاب الأولمبية للشباب في ناجينغ بالصين وحصدت الذهبية أيضاً، ثم انطلقت لبطولة الشباب في بولندا لتحقق ثلاث ذهبيات عام 2015، وصولاً الى فضية باريس والتي زغردت لها أمها في المطار وهي تستقبلها وتحتضنها.
وبتعدّد البطولات التي حضرتها سارة، تعددت السفريات مع البعثات بعيداً عن أسرتها، ولم تجد رفضاً لسفرها أو حثها للبقاء في البيت حتى تنهي دراستها وتتزوج كغالبية الفتيات، وبخاصة فتيات القرى. بل كانت والدتها تدعو لها وتدعمها دائماً وتثق في قدراتها.

يخشى كثر من الأمهات الريفيات وقاطني الأماكن الشعبية على بناتهن من أمور عدة، منها كلام أهل القرية أن الفتاة لا يجب أن تسافر وأن تبيت وحدها بعيداً عن الأسرة، أو أن يزاملها في رحلة البعثة أو حتى رحلة المدرسة أولاد وشباب، كما أن ممارسة الرياضة هي أمر غير معتاد للفتيات في القرى، وأن تنجو سارة من كل هذا الخوف وتمارس الرياضة وتمارس حقها في الاختيار هو معجزة كان جزء كبير في حدوثها ألا تخاف الأم من كلام الناس والجيران.

الأم البطل الأول في حياة الأبناء


الدكتور سكوت تي أليسون، أستاذ علم النفس بجامعة ريتشموند، توصل بعد إجرائه استطلاعات رأي، إلى أن 25 في المئة من الأميركيين يرون “أن الأم هي البطل الأول في حياتهم”، يليها الأب بنسبة 16 في المئة، وربط أليسون بين براعة تلبية الأمهات لاحتياجات أطفالهن الأساسية، وهي التغذية والسلامة الجسدية والحب والعاطفة والدعم النفسي والروحي.

وكما تعلمنا، فإن التسلسل الهرمي للاحتياجات البشرية المعروف بهرم ماسلو، يشتمل على 5 احتياجات، 4 منها بيولوجية أساسية تبدأ من قاعدة الهرم وواحدة في القمة لتحقيق الذات للفرد.

يقول أليسون: “الأم تطعمك وتحميك وتحبك وتساعدك على التواصل مع الآخرين وتشجعك على أن تقدم أفضل ما لديك”، موضحاً أنها بذلك تحقق بالضبط “الوظائف الأربع المهمة للبطل”، التي حددها علماء النفس، وهي: توفير الدفاع والحماية، تجسُّد الذكاء والحكمة، نموذج السلوك الأخلاقي، تعزيز النجاح والإلهام.

لقطات إعلانية تحكي المشوار

ربما لا توجد أعمال درامية أو وثائقية تركز على دور الأم في نجاح الأبناء الرياضيين مثلما فعلت وأنتجت شركة “بروكتر آند غامبل” إعلاناً تزامناً مع أولمبياد لندن 2012 بعنوان “شكراً أمي”، والذي رصد مجهود الأمهات في دعم أبنائهم الرياضيين، بدءاً من الاستيقاظ مبكراً وإعداد الطعام والقيادة وسط الزحام المروري للوصول للتمرين وللتشجيع أثناء التمرينات والمسابقات المحلية والفرق الصغيرة، وصولاً الى الدعم النفسي في حالات الإحباط والثقة التي تراها الأم في ابنها/ بنتها، فتعبر عن هذه الثقة له/ها، ما يعزز ثقته بنفسه ويحقق له النجاح.

استكملت الشركة تقديمها لأهمية دور الأم في دورة الألعاب الشتوية، والتي كانت في عام 2014 في سوتشي -وهي مدينة روسية تطل على البحر الأسود، بإعلان جديد يحتفي بأمهات اللاعبين واللاعبات الذين شاركوا في ألعاب تمارس على الجليد مثل الهوكي والرقص على الجليد والتزحلق على الجليد، وكيف تقوم الأمهات بتخفيف آلام السقطات في بداية مشوار اللاعب وهو طفل، ودعمه وقت الإصابات، ودفعه الى الاستكمال مرة أخرى وصولاً الى فرحتها لحظة الفوز.

وإذا كان دعم الأمهات لابن رياضي سليم جسدياً هو أمر صعب وشاق، فإن دعم طفل معوّق فقد أحد أطرافه ليصبح رياضياً ناجحاً، هو تجربة أصعب بكثير قد تقترب من حدوث معجزة. ففي إعلان آخر وتزامناً مع دورة الألعاب البارالمبية في سوتشي 2014، عُرضت لقطات تسترجع إحدى الأمهات بتعليقها الصوتي المصاحب للإعلان متحدثة نيابة عن جميع أمهات المشاركين في البطولة مستعرضة: ذكريات الأمهات اللاتي دعمن أطفالهن خلال سنوات، وظهور لقطات لهؤلاء الأطفال مع أمهاتهم، اللاتي قدمن دعماً نفسياً كبيراً لهم من خلال اصطحابهم في رحلات التمرين اليومية وجلسات العلاج الطبيعي وعدم الملل أو اليأس للتغلب على الإعاقة ليصبحوا في اللقطات الأخيرة للإعلان وفي الواقع في مدينة سوتشي: رياضيين بارالمبيين ناجحين.

وفي أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، قدمت إعلاناً أخيراً من سلسلة “شكراً أمي” يتحدث عن دعم الأمهات لأبنائهن الرياضيين في الظروف الصعبة سواء في الحياة أو في التمرين، بداية من التهدئة وقت كارثة طبيعية كالعواصف والتهدئة أثناء البكاء أثناء التمرين، وأيضاً كيف يتصرف إذا ما وجد نفسه في مصعد معطل أو تعرضت الفتاة للتحرش في الشارع أو للتنمر من الأطفال الآخرين، ما يجعلهم أقوياء في الملاعب وفي حلبات التنافس.. ناهيك بإعلان آخر لأولمبياد طوكيو 2020 يستعرض لقطات لدور الأم في إرشاد ابنها لممارسة الرياضة بروح رياضية سليمة، وتعليمه أخلاق اللعب واحترام الخصم منذ صغره.. ليصبح فوزه نظيفاً حين يكبر.

ساعات الانتظار المُتعبة

أعداد فرق الناشئين والبراعم في النوادي ومراكز الشباب كبيرة، فعلى سبيل المثال، حدد الاتحاد المصري لكرة القدم عدد اللاعبين المسموح لهم بالانضمام الى الأندية في موسم 2022/2023، بـ 30 لاعباً لكل عام من مواليد 99 وما بعدها لفرق الناشئين، أما فرق البراعم فحدده بـ 50 لاعباً لكل مرحلة عمرية من مواليد 2009 وحتى 2013، ما يعني أعداداً كبيرة من الأسر وأمهات يتعهدن بالتوصيل للنادي وإعداد حقيبة التمرين والطعام، والحرص على عدم نسيان واجب المدرسة، فربما يجد الابن أو البنت وقتاً لأداء الواجبات المدرسية بين التمارين أو أثناء الطريق المزدحم، ما يعني أيضاً أمهات يجلسن بالساعات في انتظار انتهاء أوقات التمرين.

“أكثر عبء أواجهه كأم هو ساعات الانتظارالطويلة في التمرين”، هذا ما قالته دينا صبحي لـ”درج”، وهي أم لثلاث فتيات، إلينور(20 سنة) طالبة بكلية الألسن، إليورا (17 سنة) في المرحلة الثانوية والصغيرة إلفيرا (15 سنة). والى جانب دراستهن النظامية، فهن يتعلمن فن الباليه بالمعهد العالي للباليه بأكاديمية الفنون، وهي دراسة حرة ولكنها تخضع للوائح الدراسة النظامية، حيث يوجد نظام للقبول والقيد ونظام امتحانات ودرجات وتقييم.

ولأن بناتها في صفوف دراسية مختلفة في المعهد، فإن لكل واحدة منهن موعد مختلف، فتجد نفسها مضطرة للانتظار حتى تنتهي الدروس جميعها للصفوف الثلاثة، ولكنها في نهاية كل عام ومع نجاح البنات وتميزهن وتفوقهن، تجد نفسها سعيدة وفخورة بهن، كما أنها تحرص دائماً على عدم تقصيرهن في دراستهن الأساسية، وهو ما نجحت فيه، كما نجحت مثلها أمهات كثيرات من قبل، قدمن بأيديهن الطبطبة والطعام والدواء والتصفيق.

 هل تفرح أم مصرية بذهبية اسكواش؟

ستكون الاسكواش واحدة من خمس رياضات جديدة في أولمبياد لوس أنجليس الصيفي عام 2028، بحسب ما أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية العام الماضي خلال اجتماع لجنتها التنفيذية في مومباي، على إدراج لعبة الاسكواش إلى جانب ألعاب البيسبول، سوفتبول، كرة قدم العلم، الكريكيت واللاكروس.

على المستوى الدولي، برز في هذه اللعبة لاعبون مصريون، بداية من أحمد برادة وحتى نور الشربيني ومحمد الشوربجي وعلي عزت، وربما هذا يعني حصول مصر في الأولمبياد المقبل وما يليه من بطولات على ميداليات عدة، وتحلم أمهات كثيرات يمارس أبناؤهن هذه اللعبة بالفوز بإحدى هذه الميداليات.

أميرة فودة معدة برامج في قناة إخبارية، وأم لثلاثة أبناء يمارسن لعبة الاسكواش ومصنفين محلياً وعالمياً، ياسين (15 عاماً) وهو مصنف رقم 20 على مستوى مصر وشارك في بطولات دولية في فرنسا والهند والسعودية، وفريدة (12 عاناً) وهي مصنّفة تاسعة على مستوى العالم والخامسة على مستوى مصر، أما علي أصغرهم (11 عاماً) فهو الثالث على مستوى الجمهورية والرابع عالمياً. 

تقول أميرة إن هناك تنازلات كثيرة تقدمها الأسرة حتى تحافظ على مستوى الأبناء رياضياً، فلا يوجد في جدولها أي إجازات ولا حتى نهاية أسبوع، حتى أنها أيام الأعياد تحضر التمارين، وتضيف: “لا توجد وقفة عيد ولا زيارات عائلية في الأعياد، ومنذ 5 سنوات لم أعد أستطيع استقبال أي ضيوف أو أهل في البيت، لأننا غالباً ما نكون في النادي”.

وتشير إلى أنها لم تعد تعمل بوتيرة منتظمة مثلما كانت تفعل قبل التزام الأبناء بممارسة اللعبة، إلا أنها تحاول أن تُكمل في مجال عملها كلما أمكن حتى تستطيع المساهمة في الإنفاق على رياضة الأولاد، لافتةً الى أنها طوال الوقت تكون على الطريق، تقود السيارة بالأولاد، وحيث تحصل أيضاً معظم الحوارات الزوجية المتعلقة بالتخطيط للبيت والمدارس والمصروفات.
تقول أيضاً إنها لا تستطيع أن تُعد وجبة أخرى غير تلك المتّبعة في خطتهم الغذائية “ما فيش حاجة اسمها نفسي أكل كذا انهاردة، لازم أعمل غدا معين وعشاء فيه بروتين بنسب معينة”، إذ تراقب أميرة دائماً حصص الطعام، ولا تذهب إطلاقاً إلى مطاعم المأكولات السريعة، وهو التزام تنفّذه بكل صبر وهدوء.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 13.09.2024

انتخابات الأردن: “الإخوان” هم الإجابة الهاشميّة عن الترانسفير 

وصول "الإخوان المسلمين"، الذين تصنفهم دول خليجية كجماعة إرهابية، إلى البرلمان، يكشف أيضاً عن طبيعة التوتر الصامت بين عمان وبين دول اتفاقات "إبراهام"، التي زادت من مخاوف الأردن الديموغرافية، بفعل عدم ربطها بين السلام وبين حق الفلسطينيين بدولة في الضفة الغربية والقدس. ولا بد والحال هذه من تذكير الدول الإبراهيمية باحتمالات السلام المجاني، و"الإخوان المسلمين"…
24.08.2024
زمن القراءة: 8 minutes

بعد تحقيقه رقماً قياسياً جديداً في منافسات فردي الرجال للخماسي الحديث بأولمبياد باريس ركض أحمد الجندي نحو أمه لتحتضنه ثم ليحملها فرحاً، وقد همست له:”مش قلت لك هتكسب…”.


بعد انتهاء دورة الألعاب الأولمبية في باريس، عادت البعثة المصرية إلى القاهرة، وكان على رأس العائدين أحمد الجندي وسارة سمير المتوّجان بميداليتين: ذهبية وفضية، في اليوم ما قبل الأخير من الأولمبياد، ليصبح رصيد البعثة المصرية 3 ميداليات وبترتيب 52 في جدول البطولات.

خرج أفراد البعثة من مطار القاهرة الى مقر اللجنة الأولمبية في موكب صغير، واحتفلت بالجندي وسارة مجموعة كبيرة من الأصدقاء والرياضيين والأهل والصحافيين، الذين نشروا صور احتفاء المستقبلين بحاملي الميداليات، كما انتشرت صورة لسيدة بسيطة تحتفي بإنجاز ابنتها سارة، وصور أم أحمد الجندي وهي تحتفل بفوزه في باريس وبتسجيله رقماً قياسياً جديداً.

فرحة أم سارة وأم أحمد التي رأيناها، ليست فرحة أم بنجاح ابنها فقط، بل نجاحها شخصياً، فالكثير من أمهات الرياضيين لا يقتصر دورهن على الدعوات بالتفوق بعد الصلاة، ولا على إعداد وجبة غداء متكاملة العناصر، بل يتساوى دورهن مع دور المدرب، فهي تتحول الى طبيب نفسي وخبير تغذية ومرشد تنمية بشرية وسائق محنك في الشوارع المزدحمة للحاق بموعد التمرين، وهي أيضاً طبيبة للجروح والكدمات والشد العضلي، والكثيرات ينفقن على هذه التمارين في غياب الأب.

هل تذكرون أم سفيان بوفال؟

في نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 التي أُقيمت في الدوحة، خطفت أم لاعب المنتخب المغربي سفيان بوفال الأنظار، إذ ظهرا سوياً في لقطات مصورة وهو يعانقها عقب تأهل المغرب للدور الثاني للبطولة، فبعد الفوز على كندا صعد سفيان الى المدرجات وأهداها قميصه وطبع قبلة على رأسها.

ثم بعد ذلك وبعد فوز المنتخب المغربي على البرتغال في استاد الثمامة، هرعت إليه والدته في الملعب ليرقصا ممسكين بأيدي بعضهما أمام الجماهير التي صفقت وهتفت معهما، وانتشرت صور الأم البسيطة التي تشبه أمهاتنا جميعاً وهي مبتهجة وعينها على ابنها، فرحة تُلخص الكثير من سنوات التعب والدعم والثقة في الوصول، وأيضاً امتنان الابن لهذا كله.

ذهبيّة أم أحمد الجندي

بعد تحقيقه رقماً قياسياً جديداً في منافسات فردي الرجال للخماسي الحديث بأولمبياد باريس، وإعلان فوزه بالميدالية الذهبية، وبعدما اطمأن وانتهت المنافسات، ركض أحمد الجندي نحو أمه لتحتضنه ثم ليحملها فرحاً، وقد همست له:”مش قلت لك هتكسب… لو إنت مش متأكد أنا كنت متأكدة أنك هتنجح”.

أم أحمد السيدة منى شفيق وهي طبيبة، تساند ابنها منذ أن كان في السادسة من عمره، وأتاحت له في البداية بكل صبر وطول بال أن يمارس كل الألعاب ليخوض منها ما سيستهويه ويبرع فيه، وكذلك أخوه محمد والذي بدأ بلعبة الاسكواش ثم تركها وتوجه للعبة الخماسي الحديث مثل أخيه، ولكنه لم يستطع التأهل للأولمبياد كما فعل أحمد.

شارك أحمد في 2017 في أول بطولة عالمية وفي 2018 خاض بطولات العالم لشباب، وفي أولمبياد 2018 حقق ذهبية، وفي أولمبياد طوكيو حاز الفضية، أما أمه فقد حازت الفرحة والفخر والطمأنينة.

دعوات وزغاريد أم سارة

أما سارة سمير، بطلة رفع الأثقال والتي حصدت فضية في أولمبياد باريس في نهاية منافسات الخطف والنطر في رفع الأثقال بوزن 81 كغم بمجموع أوزان 268 كغم- فهي فتاة من قرية الهوانية بالإسماعيلية، وأن تنشأ فتاة في قرية وتتوجّه لممارسة الرياضة في مركز شباب القرية، وبخاصة رفع الأثقال، وهي بعمر الحادية عشرة هو أمر صعب، ولكنها وجدت دعماً من أسرتها، وتحديداً من أمها وأخيها. 

أول بطولة شاركت فيها سارة كانت بطولة أفريقيا بتونس في عام 2012، حينها كانت في الـ14 من عمرها، فحققت الميدالية الذهبية لوزن 63 كيلوغراماً، وبعد عامين سافرت في دورة الألعاب الأولمبية للشباب في ناجينغ بالصين وحصدت الذهبية أيضاً، ثم انطلقت لبطولة الشباب في بولندا لتحقق ثلاث ذهبيات عام 2015، وصولاً الى فضية باريس والتي زغردت لها أمها في المطار وهي تستقبلها وتحتضنها.
وبتعدّد البطولات التي حضرتها سارة، تعددت السفريات مع البعثات بعيداً عن أسرتها، ولم تجد رفضاً لسفرها أو حثها للبقاء في البيت حتى تنهي دراستها وتتزوج كغالبية الفتيات، وبخاصة فتيات القرى. بل كانت والدتها تدعو لها وتدعمها دائماً وتثق في قدراتها.

يخشى كثر من الأمهات الريفيات وقاطني الأماكن الشعبية على بناتهن من أمور عدة، منها كلام أهل القرية أن الفتاة لا يجب أن تسافر وأن تبيت وحدها بعيداً عن الأسرة، أو أن يزاملها في رحلة البعثة أو حتى رحلة المدرسة أولاد وشباب، كما أن ممارسة الرياضة هي أمر غير معتاد للفتيات في القرى، وأن تنجو سارة من كل هذا الخوف وتمارس الرياضة وتمارس حقها في الاختيار هو معجزة كان جزء كبير في حدوثها ألا تخاف الأم من كلام الناس والجيران.

الأم البطل الأول في حياة الأبناء


الدكتور سكوت تي أليسون، أستاذ علم النفس بجامعة ريتشموند، توصل بعد إجرائه استطلاعات رأي، إلى أن 25 في المئة من الأميركيين يرون “أن الأم هي البطل الأول في حياتهم”، يليها الأب بنسبة 16 في المئة، وربط أليسون بين براعة تلبية الأمهات لاحتياجات أطفالهن الأساسية، وهي التغذية والسلامة الجسدية والحب والعاطفة والدعم النفسي والروحي.

وكما تعلمنا، فإن التسلسل الهرمي للاحتياجات البشرية المعروف بهرم ماسلو، يشتمل على 5 احتياجات، 4 منها بيولوجية أساسية تبدأ من قاعدة الهرم وواحدة في القمة لتحقيق الذات للفرد.

يقول أليسون: “الأم تطعمك وتحميك وتحبك وتساعدك على التواصل مع الآخرين وتشجعك على أن تقدم أفضل ما لديك”، موضحاً أنها بذلك تحقق بالضبط “الوظائف الأربع المهمة للبطل”، التي حددها علماء النفس، وهي: توفير الدفاع والحماية، تجسُّد الذكاء والحكمة، نموذج السلوك الأخلاقي، تعزيز النجاح والإلهام.

لقطات إعلانية تحكي المشوار

ربما لا توجد أعمال درامية أو وثائقية تركز على دور الأم في نجاح الأبناء الرياضيين مثلما فعلت وأنتجت شركة “بروكتر آند غامبل” إعلاناً تزامناً مع أولمبياد لندن 2012 بعنوان “شكراً أمي”، والذي رصد مجهود الأمهات في دعم أبنائهم الرياضيين، بدءاً من الاستيقاظ مبكراً وإعداد الطعام والقيادة وسط الزحام المروري للوصول للتمرين وللتشجيع أثناء التمرينات والمسابقات المحلية والفرق الصغيرة، وصولاً الى الدعم النفسي في حالات الإحباط والثقة التي تراها الأم في ابنها/ بنتها، فتعبر عن هذه الثقة له/ها، ما يعزز ثقته بنفسه ويحقق له النجاح.

استكملت الشركة تقديمها لأهمية دور الأم في دورة الألعاب الشتوية، والتي كانت في عام 2014 في سوتشي -وهي مدينة روسية تطل على البحر الأسود، بإعلان جديد يحتفي بأمهات اللاعبين واللاعبات الذين شاركوا في ألعاب تمارس على الجليد مثل الهوكي والرقص على الجليد والتزحلق على الجليد، وكيف تقوم الأمهات بتخفيف آلام السقطات في بداية مشوار اللاعب وهو طفل، ودعمه وقت الإصابات، ودفعه الى الاستكمال مرة أخرى وصولاً الى فرحتها لحظة الفوز.

وإذا كان دعم الأمهات لابن رياضي سليم جسدياً هو أمر صعب وشاق، فإن دعم طفل معوّق فقد أحد أطرافه ليصبح رياضياً ناجحاً، هو تجربة أصعب بكثير قد تقترب من حدوث معجزة. ففي إعلان آخر وتزامناً مع دورة الألعاب البارالمبية في سوتشي 2014، عُرضت لقطات تسترجع إحدى الأمهات بتعليقها الصوتي المصاحب للإعلان متحدثة نيابة عن جميع أمهات المشاركين في البطولة مستعرضة: ذكريات الأمهات اللاتي دعمن أطفالهن خلال سنوات، وظهور لقطات لهؤلاء الأطفال مع أمهاتهم، اللاتي قدمن دعماً نفسياً كبيراً لهم من خلال اصطحابهم في رحلات التمرين اليومية وجلسات العلاج الطبيعي وعدم الملل أو اليأس للتغلب على الإعاقة ليصبحوا في اللقطات الأخيرة للإعلان وفي الواقع في مدينة سوتشي: رياضيين بارالمبيين ناجحين.

وفي أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، قدمت إعلاناً أخيراً من سلسلة “شكراً أمي” يتحدث عن دعم الأمهات لأبنائهن الرياضيين في الظروف الصعبة سواء في الحياة أو في التمرين، بداية من التهدئة وقت كارثة طبيعية كالعواصف والتهدئة أثناء البكاء أثناء التمرين، وأيضاً كيف يتصرف إذا ما وجد نفسه في مصعد معطل أو تعرضت الفتاة للتحرش في الشارع أو للتنمر من الأطفال الآخرين، ما يجعلهم أقوياء في الملاعب وفي حلبات التنافس.. ناهيك بإعلان آخر لأولمبياد طوكيو 2020 يستعرض لقطات لدور الأم في إرشاد ابنها لممارسة الرياضة بروح رياضية سليمة، وتعليمه أخلاق اللعب واحترام الخصم منذ صغره.. ليصبح فوزه نظيفاً حين يكبر.

ساعات الانتظار المُتعبة

أعداد فرق الناشئين والبراعم في النوادي ومراكز الشباب كبيرة، فعلى سبيل المثال، حدد الاتحاد المصري لكرة القدم عدد اللاعبين المسموح لهم بالانضمام الى الأندية في موسم 2022/2023، بـ 30 لاعباً لكل عام من مواليد 99 وما بعدها لفرق الناشئين، أما فرق البراعم فحدده بـ 50 لاعباً لكل مرحلة عمرية من مواليد 2009 وحتى 2013، ما يعني أعداداً كبيرة من الأسر وأمهات يتعهدن بالتوصيل للنادي وإعداد حقيبة التمرين والطعام، والحرص على عدم نسيان واجب المدرسة، فربما يجد الابن أو البنت وقتاً لأداء الواجبات المدرسية بين التمارين أو أثناء الطريق المزدحم، ما يعني أيضاً أمهات يجلسن بالساعات في انتظار انتهاء أوقات التمرين.

“أكثر عبء أواجهه كأم هو ساعات الانتظارالطويلة في التمرين”، هذا ما قالته دينا صبحي لـ”درج”، وهي أم لثلاث فتيات، إلينور(20 سنة) طالبة بكلية الألسن، إليورا (17 سنة) في المرحلة الثانوية والصغيرة إلفيرا (15 سنة). والى جانب دراستهن النظامية، فهن يتعلمن فن الباليه بالمعهد العالي للباليه بأكاديمية الفنون، وهي دراسة حرة ولكنها تخضع للوائح الدراسة النظامية، حيث يوجد نظام للقبول والقيد ونظام امتحانات ودرجات وتقييم.

ولأن بناتها في صفوف دراسية مختلفة في المعهد، فإن لكل واحدة منهن موعد مختلف، فتجد نفسها مضطرة للانتظار حتى تنتهي الدروس جميعها للصفوف الثلاثة، ولكنها في نهاية كل عام ومع نجاح البنات وتميزهن وتفوقهن، تجد نفسها سعيدة وفخورة بهن، كما أنها تحرص دائماً على عدم تقصيرهن في دراستهن الأساسية، وهو ما نجحت فيه، كما نجحت مثلها أمهات كثيرات من قبل، قدمن بأيديهن الطبطبة والطعام والدواء والتصفيق.

 هل تفرح أم مصرية بذهبية اسكواش؟

ستكون الاسكواش واحدة من خمس رياضات جديدة في أولمبياد لوس أنجليس الصيفي عام 2028، بحسب ما أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية العام الماضي خلال اجتماع لجنتها التنفيذية في مومباي، على إدراج لعبة الاسكواش إلى جانب ألعاب البيسبول، سوفتبول، كرة قدم العلم، الكريكيت واللاكروس.

على المستوى الدولي، برز في هذه اللعبة لاعبون مصريون، بداية من أحمد برادة وحتى نور الشربيني ومحمد الشوربجي وعلي عزت، وربما هذا يعني حصول مصر في الأولمبياد المقبل وما يليه من بطولات على ميداليات عدة، وتحلم أمهات كثيرات يمارس أبناؤهن هذه اللعبة بالفوز بإحدى هذه الميداليات.

أميرة فودة معدة برامج في قناة إخبارية، وأم لثلاثة أبناء يمارسن لعبة الاسكواش ومصنفين محلياً وعالمياً، ياسين (15 عاماً) وهو مصنف رقم 20 على مستوى مصر وشارك في بطولات دولية في فرنسا والهند والسعودية، وفريدة (12 عاناً) وهي مصنّفة تاسعة على مستوى العالم والخامسة على مستوى مصر، أما علي أصغرهم (11 عاماً) فهو الثالث على مستوى الجمهورية والرابع عالمياً. 

تقول أميرة إن هناك تنازلات كثيرة تقدمها الأسرة حتى تحافظ على مستوى الأبناء رياضياً، فلا يوجد في جدولها أي إجازات ولا حتى نهاية أسبوع، حتى أنها أيام الأعياد تحضر التمارين، وتضيف: “لا توجد وقفة عيد ولا زيارات عائلية في الأعياد، ومنذ 5 سنوات لم أعد أستطيع استقبال أي ضيوف أو أهل في البيت، لأننا غالباً ما نكون في النادي”.

وتشير إلى أنها لم تعد تعمل بوتيرة منتظمة مثلما كانت تفعل قبل التزام الأبناء بممارسة اللعبة، إلا أنها تحاول أن تُكمل في مجال عملها كلما أمكن حتى تستطيع المساهمة في الإنفاق على رياضة الأولاد، لافتةً الى أنها طوال الوقت تكون على الطريق، تقود السيارة بالأولاد، وحيث تحصل أيضاً معظم الحوارات الزوجية المتعلقة بالتخطيط للبيت والمدارس والمصروفات.
تقول أيضاً إنها لا تستطيع أن تُعد وجبة أخرى غير تلك المتّبعة في خطتهم الغذائية “ما فيش حاجة اسمها نفسي أكل كذا انهاردة، لازم أعمل غدا معين وعشاء فيه بروتين بنسب معينة”، إذ تراقب أميرة دائماً حصص الطعام، ولا تذهب إطلاقاً إلى مطاعم المأكولات السريعة، وهو التزام تنفّذه بكل صبر وهدوء.