fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

عن الجنوبيين واحتمالات الحرب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

    تقصّي انفعالات التعاطي مع انتظار الحرب لا يستقيم على اتجاه واحد، ومباشرته تستدعي فرزاً سكانياً يفرضه موقع “حزب الله” في الحرب، ثم موقع الآخرين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

    ليس استثناءً ما يعيشه الجنوبيون راهناً، فهم ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في العام 2000، يلامسون واقعهم  كما لو أنهم بين أمرين، إما حالة الحرب أو الحرب. 

   منذ ذلك التاريخ، الجنوبيون على تماس دائم مع الأمرين. وبدا أن واقعاً فرضته نزاعات حدودية كمسألة مزارع شبعا، كما تلال كفرشوبا وقرية الغجر، وتبناه “حزب الله” كمسوغ لبقاء سلاحه، قد انسحب على حياتهم ومعيشتهم، مع ما تحمله الحرب من أثقال اجتماعية ونفسية عليهم.

   لكن مؤشر تماس الجنوبيين مع الحرب تتفاوت أثقاله عليهم  بمقدار انزلاق حالة الحرب نحوه، وهو ما يلامسه راهنهم على إيقاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

  باشر الجنوبيون التماس اقتراب الحرب عليهم مع عملية حركة الجهاد الإسلامي (الفلسطينية) قرب قرية عيتا الشعب، وراح الأمر يتكثف بالوقائع العسكرية اليومية التي صار “حزب الله” في صلبها، وإن بدت محكومة حتى الآن بقواعد الاشتباك السائدة بين الأخير وإسرائيل منذ حرب تموز/ يوليو في العام 2006.

  نحن إذاً أمام وقائع عسكرية  محدودة، ويتفاوت تعاطي الجنوبيين معها رهناً بنطاقها الجغرافي.

  سكان القرى المتاخمة لهذا النطاق، باشروا منذ عملية حركة الجهاد نزوحاً ملموساً نحو القرى والمدن البعيدة نسبياً عن الحدود، ثم تكثف النزوح مع الوقائع العسكرية اليومية بين “حزب الله” وإسرائيل.

  هذه حال مدينة بنت جبيل وقرى قضائها، حيث يتلمس المراقب أثر النزوح على القطاعات الخدماتية والصحية، وتحديداً المستشفيات، من حيث التدني الواضح لقاصديها بعد الأحداث الراهنة، عدا عن إقفال المدارس الرسمية والخاصة بعد قرار وزير التربية.

  خارج النطاق الجغرافي المذكور تبدو الحياة عادية، وإن بحذر يندرج فيه الاحتمال الأكثر رعباً: الحرب.

    تقصّي انفعالات التعاطي مع انتظار الحرب لا يستقيم على اتجاه واحد، ومباشرته تستدعي فرزاً سكانياً يفرضه موقع “حزب الله” في الحرب، ثم موقع الآخرين.

  تبدو بيئة “حزب الله” متماهية معه، فيما استنطاقها يندرج كاستعصاء يتأتى من كونها أحد مكونات مناعته النفسية، والمتأتية أصلاً من تكثيف خطاب يومي يسقط على مسامعها عن العزة والكرامة،كما من استحضار الشهادة من “ماضيها” إلى حاضرها.

    ليس استثناءً ما يعيشه الجنوبيون راهناً، فهم ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في العام 2000، يلامسون واقعهم  كما لو أنهم بين أمرين، إما حالة الحرب أو الحرب. 

  بعد حرب تموز في العام 2006، كانت عبارة “أشرف الناس” فاتحة كلام أمين عام “حزب الله” أمام جمهوره. عبارة لا تزال مفاعيلها تتكثف من أثرها الرجعي، وتفضي إلى هذا الاستعصاء.

  نحن لا شك أمام بيئة تخاف الحرب، وتُثقَل بأوزارها (وهذا حدس)، لكنها تتخفف من الأخيرة بشراكة مفترضة مع حزب راكم منذ نشأته خطاباً كثف مناعتها النفسية في الحرب، فيما الأثقال الاجتماعية للأخيرة تندرج راهناً أقل وطأةً من سوابقها مع مباشرة الحزب تهيئة وتجهيز أماكن لاستيعاب النازحين في مناطق يفترض أنها ستكون بعيدة عن مناطق نفوذه.

  خارج بيئة “حزب الله”، يبدو الأمر مختلفاً. هنا تتبدى الحرب وأثقالها أكثروضوحاً، حتى وإن بدا بينهم من هم مثقلون بها، وتحكمهم التقية أحياناً.

  هؤلاء يشكلون بيئة تتسع أولاً لخصوم الحزب. وتتسع أيضاً لجمهور يتقاطع مع “حزب الله” من خارج بيئته اللصيقة، لكنه يتباين مع خياراته التي يلتبس فيها المحلي والإقليمي، كما في الحرب المفترضة راهناً. وهذا غالباً جمهور يتقي محاججة حزب تحول منذ الأزمة الاجتماعية الأخيرة راتقاً لبعض احتياجاته. جمهور وازن من جمهور “حركة أمل”يندرج في هذا السياق.

    راهناً، يبدو الانزلاق من حالة الحرب إلى الحرب خياراً محكوماً بالغموض وبالتردد من”حزب الله” ومن  إسرائيل.

  تردد “حزب الله” في مباشرة الحرب يندرج في سياقين. الأول موقع “حزب الله” في محور الممانعة، وتأثير مباشرته الحرب على دول هذا المحور، وتحديداً إيران وسوريا التي مثلت الضربة الجوية الإسرائيلية لمطاري حلب ودمشق اليوم،  وبالتزامن مع اقتراب وصول وزير خارجية إيران أمير عبد اللهيان إلى مطار العاصمة السورية، رسالة مزدوجة للدولتين، وفي مناخ أميركي-أوروبي وفّر من الدعم لإسرائيل ما لم يُتح لها منذ حرب 1973.

  السياق الآخر وراء تردد “حزب الله” في الحرب  يتأتى على الأرجح من أثقالها، التي يبدو أحد شروط التخفف منها، ومن تداعياتها الاجتماعية الهائلة، هو أن تباشرها إسرائيل. فمباشرة “حزب الله” التخفيف من التداعيات الاجتماعية والصحية خلال  الحرب المفترضة، قد لا تنسحب بالضرورة على نتائجها، فكيف وأن أمين عام “حزب الله” يشاهد على الجانب الآخر من” وحدة ساحات “الحرب حجم الدمار في قطاع غزة.

    عام 2006، أعلن “حزب الله” انتصاره على إسرائيل في حرب استمرت 33 يوماً. وهو الانتصار الذي قال فيه نصرالله عبارته الآنفة الذكر:”أشرف الناس”. لكن الصحوة من الانتصار المذكور، ومشاهدة ما خلفته تلك الحرب، دفعتا حينها  أمين عام “حزب الله” إلى القول “لو كنت أعلم”. عبارة يفترض أنها اختصرت أهوال الحرب في عقله.

   راهناً، يعلم السيد حسن نصرالله ما ستؤول إليه أي حرب يباشرها مع إسرائيل، وأن كلفة تبديد آثارها التدميرية أكبر من قدرة حزبه والمحور الذي يقيم فيه. ويعلم أيضاً أن كلفة الإعمار هي استعصاء لن يفكك مآله إلا الدول التي وشت عملية حركة “حماس” الأخيرة  بأنها محاولة لضرب تطبيعها مع إسرائيل.

15.10.2023
زمن القراءة: 4 minutes

    تقصّي انفعالات التعاطي مع انتظار الحرب لا يستقيم على اتجاه واحد، ومباشرته تستدعي فرزاً سكانياً يفرضه موقع “حزب الله” في الحرب، ثم موقع الآخرين.

    ليس استثناءً ما يعيشه الجنوبيون راهناً، فهم ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في العام 2000، يلامسون واقعهم  كما لو أنهم بين أمرين، إما حالة الحرب أو الحرب. 

   منذ ذلك التاريخ، الجنوبيون على تماس دائم مع الأمرين. وبدا أن واقعاً فرضته نزاعات حدودية كمسألة مزارع شبعا، كما تلال كفرشوبا وقرية الغجر، وتبناه “حزب الله” كمسوغ لبقاء سلاحه، قد انسحب على حياتهم ومعيشتهم، مع ما تحمله الحرب من أثقال اجتماعية ونفسية عليهم.

   لكن مؤشر تماس الجنوبيين مع الحرب تتفاوت أثقاله عليهم  بمقدار انزلاق حالة الحرب نحوه، وهو ما يلامسه راهنهم على إيقاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

  باشر الجنوبيون التماس اقتراب الحرب عليهم مع عملية حركة الجهاد الإسلامي (الفلسطينية) قرب قرية عيتا الشعب، وراح الأمر يتكثف بالوقائع العسكرية اليومية التي صار “حزب الله” في صلبها، وإن بدت محكومة حتى الآن بقواعد الاشتباك السائدة بين الأخير وإسرائيل منذ حرب تموز/ يوليو في العام 2006.

  نحن إذاً أمام وقائع عسكرية  محدودة، ويتفاوت تعاطي الجنوبيين معها رهناً بنطاقها الجغرافي.

  سكان القرى المتاخمة لهذا النطاق، باشروا منذ عملية حركة الجهاد نزوحاً ملموساً نحو القرى والمدن البعيدة نسبياً عن الحدود، ثم تكثف النزوح مع الوقائع العسكرية اليومية بين “حزب الله” وإسرائيل.

  هذه حال مدينة بنت جبيل وقرى قضائها، حيث يتلمس المراقب أثر النزوح على القطاعات الخدماتية والصحية، وتحديداً المستشفيات، من حيث التدني الواضح لقاصديها بعد الأحداث الراهنة، عدا عن إقفال المدارس الرسمية والخاصة بعد قرار وزير التربية.

  خارج النطاق الجغرافي المذكور تبدو الحياة عادية، وإن بحذر يندرج فيه الاحتمال الأكثر رعباً: الحرب.

    تقصّي انفعالات التعاطي مع انتظار الحرب لا يستقيم على اتجاه واحد، ومباشرته تستدعي فرزاً سكانياً يفرضه موقع “حزب الله” في الحرب، ثم موقع الآخرين.

  تبدو بيئة “حزب الله” متماهية معه، فيما استنطاقها يندرج كاستعصاء يتأتى من كونها أحد مكونات مناعته النفسية، والمتأتية أصلاً من تكثيف خطاب يومي يسقط على مسامعها عن العزة والكرامة،كما من استحضار الشهادة من “ماضيها” إلى حاضرها.

    ليس استثناءً ما يعيشه الجنوبيون راهناً، فهم ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في العام 2000، يلامسون واقعهم  كما لو أنهم بين أمرين، إما حالة الحرب أو الحرب. 

  بعد حرب تموز في العام 2006، كانت عبارة “أشرف الناس” فاتحة كلام أمين عام “حزب الله” أمام جمهوره. عبارة لا تزال مفاعيلها تتكثف من أثرها الرجعي، وتفضي إلى هذا الاستعصاء.

  نحن لا شك أمام بيئة تخاف الحرب، وتُثقَل بأوزارها (وهذا حدس)، لكنها تتخفف من الأخيرة بشراكة مفترضة مع حزب راكم منذ نشأته خطاباً كثف مناعتها النفسية في الحرب، فيما الأثقال الاجتماعية للأخيرة تندرج راهناً أقل وطأةً من سوابقها مع مباشرة الحزب تهيئة وتجهيز أماكن لاستيعاب النازحين في مناطق يفترض أنها ستكون بعيدة عن مناطق نفوذه.

  خارج بيئة “حزب الله”، يبدو الأمر مختلفاً. هنا تتبدى الحرب وأثقالها أكثروضوحاً، حتى وإن بدا بينهم من هم مثقلون بها، وتحكمهم التقية أحياناً.

  هؤلاء يشكلون بيئة تتسع أولاً لخصوم الحزب. وتتسع أيضاً لجمهور يتقاطع مع “حزب الله” من خارج بيئته اللصيقة، لكنه يتباين مع خياراته التي يلتبس فيها المحلي والإقليمي، كما في الحرب المفترضة راهناً. وهذا غالباً جمهور يتقي محاججة حزب تحول منذ الأزمة الاجتماعية الأخيرة راتقاً لبعض احتياجاته. جمهور وازن من جمهور “حركة أمل”يندرج في هذا السياق.

    راهناً، يبدو الانزلاق من حالة الحرب إلى الحرب خياراً محكوماً بالغموض وبالتردد من”حزب الله” ومن  إسرائيل.

  تردد “حزب الله” في مباشرة الحرب يندرج في سياقين. الأول موقع “حزب الله” في محور الممانعة، وتأثير مباشرته الحرب على دول هذا المحور، وتحديداً إيران وسوريا التي مثلت الضربة الجوية الإسرائيلية لمطاري حلب ودمشق اليوم،  وبالتزامن مع اقتراب وصول وزير خارجية إيران أمير عبد اللهيان إلى مطار العاصمة السورية، رسالة مزدوجة للدولتين، وفي مناخ أميركي-أوروبي وفّر من الدعم لإسرائيل ما لم يُتح لها منذ حرب 1973.

  السياق الآخر وراء تردد “حزب الله” في الحرب  يتأتى على الأرجح من أثقالها، التي يبدو أحد شروط التخفف منها، ومن تداعياتها الاجتماعية الهائلة، هو أن تباشرها إسرائيل. فمباشرة “حزب الله” التخفيف من التداعيات الاجتماعية والصحية خلال  الحرب المفترضة، قد لا تنسحب بالضرورة على نتائجها، فكيف وأن أمين عام “حزب الله” يشاهد على الجانب الآخر من” وحدة ساحات “الحرب حجم الدمار في قطاع غزة.

    عام 2006، أعلن “حزب الله” انتصاره على إسرائيل في حرب استمرت 33 يوماً. وهو الانتصار الذي قال فيه نصرالله عبارته الآنفة الذكر:”أشرف الناس”. لكن الصحوة من الانتصار المذكور، ومشاهدة ما خلفته تلك الحرب، دفعتا حينها  أمين عام “حزب الله” إلى القول “لو كنت أعلم”. عبارة يفترض أنها اختصرت أهوال الحرب في عقله.

   راهناً، يعلم السيد حسن نصرالله ما ستؤول إليه أي حرب يباشرها مع إسرائيل، وأن كلفة تبديد آثارها التدميرية أكبر من قدرة حزبه والمحور الذي يقيم فيه. ويعلم أيضاً أن كلفة الإعمار هي استعصاء لن يفكك مآله إلا الدول التي وشت عملية حركة “حماس” الأخيرة  بأنها محاولة لضرب تطبيعها مع إسرائيل.