fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

عن ثقافتي الموت والحياة في لبنان 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

  يعرف النائب رعد أن البحر ملاذ صيفي لبيئة الحزب، وأن شواطئه الجنوبية تكسر طوعاً الكثير من “المحرمات الإسلامية” في الملبس والمأكل والمشرب. لكن رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” لاقى خطاب خصومه المبستر عن ثقافة الحياة، بخطاب تعسفي غالباً ما كان مؤسساً لغلو خصومه في تلزيم ثقافة حزبه للموت. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لا نريد رئيساً (للجمهورية) لم يقف يوماً على قبر شهيد”، عبارة قالها يوماً الرئيس الراحل بشير الجميل. مناسبة هذا الاستذكار هي الكلام الكثير الذي يطلقه معارضون لحزب الله في لبنان عن تباعدهم مع نهجه وثقافته.  

 راهناً، ومن موقع شديد الخصومة معه، تحاكم أطر وشخصيات مسيحية “ثقافة حزب الله” بصفتها نقيضاً لمفهوم “العيش” عند اللبنانيين، والمسيحيين خصوصاً. والمفارقة في محاكمة كهذه، أنها متأتية من ادعاء معتلّ، لا سيما أن الشخص الأكثر كثافة في وجدان المدَّعين، هو الشخص الذي ارتبط إسمه بالحرب وبالموت كمؤشر أول عن أهوالها، ونقصد هنا بشير الجميل.

ينطوي أي كلام عن “ثقافة الموت” عند حزب الله على كثير من المبالغة، وفيه أيضاً محاكمة لوجدان غالب في البيئة الطائفية التي استدرجت هذا الكلام إلى السياسة.

قد لا ينتبه مسوّقو التهمة الى أن حاضر “حزب الله” يتقاطع، عن غير قصد طبعاً، في كثير من وقائعه ومساراته، كما خطابه التعبوي وسلوكه، مع ماضي بشير الجميل. كان الأخير صاحب “قضية” يراها عادلة، واقتضت في ما اقتضته صراعات دموية داخل البيئة المسيحية، وحروباً ضد المنظمات الفلسطينية والجيش السوري، وإنشاء “قوات لبنانية” تجاوزت قدرتها جيش لبنان، شأن لم يفضِ إليه “حوار حضاري”، بل انتهى بالحرب، والأخيرة دائماً هي أكبر مسبّب للموت.

يدّعي حزب الله أيضاً، أنه صاحب قضية عادلة، وعدالتها استدعت تأسيس “مقاومة” خاضت صراعات مذهبية، وحروباً مع إسرائيل، ثم مع تنظيمات مسلّحة خارج لبنان، وكل مدلولات قدرتها تشي أيضاً بأنها أقوى من الدولة.

 التفصيل الجغرافي الأخير يبدو استثناءً في خرق التقاطع المذكور، فبين حدود لبنان كما رآها بشيرالجميل، وبين الحدود كما يفترضها “حزب الله”، يبدو بشير الجميِّل كراهن مفترض أشبه بـ”ميني حزب الله”.

 راهناً، يتعاطى طرفا المنازلة الثقافية عن الحياة والموت وعن مدلولاتهما بالكثير من السذاجة.

البحر كمساحة سياسيّة

  ليست الحياة مثلاً مجرد الذهاب إلى البحر، أو الرقص في الملاهي، كمدلولين يتكثفان غالباً على ألسنة خصوم الحزب، وكنقيض لاستجداء موت مُدَّعى منهم. 

وحين يتصادم مفهوم مبسط كهذا مع مفهوم آخر تنكبه النائب محمد رعد بإدرج المدلولَين المذكورين كمدمرين للبنان، فنحن أمام صدام أقل ما يقال فيه إنه ناتج من وعيين معتلّين.

  يعرف النائب رعد أن البحر ملاذ صيفي لبيئة الحزب، وأن شواطئه الجنوبية تكسر طوعاً الكثير من “المحرمات الإسلامية” في الملبس والمأكل والمشرب. لكن رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” لاقى خطاب خصومه المبستر عن ثقافة الحياة، بخطاب تعسفي غالباً ما كان مؤسساً لغلو خصومه في تلزيم ثقافة حزبه للموت. 

كلمة “دمار” التي استعصت عليه دونها كل مفردات اللغة العربية، كفيلة لوحدها  بإسعاف مغالة الخصوم. 

 لا بأس والحال في تكثيف الضوء على بعض الأنماط الاجتماعية السائدة في بيئة الحزب، والتي يفترض أنه يسيّلها كمضاد اجتماعي موضعي  للفكرة السائدة عنه.

التخفّف من “المظاهر الدينيّة”

 تغير”حزب الله” بين نشأته وراهنه، وتغيرت معه سلوكيات اجتماعية كثيرة حكمت بداياته. والمرء يلتمس هذا التغيير المتزايد في التخفف من المظاهر الدينية في الملبس والملمح الشخصي والديني، وحتى في الموالد(الأعراس ذات الطابع الديني) التي تُستنسخ غالباً من أغان وموسيقى رائجة، ويُسقط عليها كلام ديني.

 سلوكيات كهذه هي تكيف غير مفتعل مع “ثقافة الحياة” التي يروج لها الخصوم. والحال، وإن اتخذ الأمر بعداً شكلياً، لكن التبصر الراهن في بيئة كهذه يشي بأنها مقبلة على الحياة أكثر من استدراجها الى الموت.

استثنائية الموت لدى “الحزب”

 ما سبق لا يعفي من تبصّر الموت بصفته جزئية مهمة تخدم حزب الله في استلاب وعي البيئة الشيعية، لكن أي موت؟

 إنه الموت الذي يقع على مقاتلي الحزب، ويمنحهم طقوساً جنائزية استثنائية، طقوساً تعلي مرتبتهم الدنيوية ويكثّفها التوغّل في الإرث التاريخي للشيعة. 

هذا ديدن الحديث الدائم لأمين عام الحزب، كما قيادييه، عن “الشهيد” بوصفه كائناً استثنائياً، وهذا على الأرجح ما أسس للمبالغة أعلاه في المواءمة بين حزب الله وثقافة الموت.

 يفترض والحال هنا بمدّعي هذه  المواءمة أن يقرأوا عبارة الرئيس الراحل بشير الجميل .

26.07.2024
زمن القراءة: 3 minutes

  يعرف النائب رعد أن البحر ملاذ صيفي لبيئة الحزب، وأن شواطئه الجنوبية تكسر طوعاً الكثير من “المحرمات الإسلامية” في الملبس والمأكل والمشرب. لكن رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” لاقى خطاب خصومه المبستر عن ثقافة الحياة، بخطاب تعسفي غالباً ما كان مؤسساً لغلو خصومه في تلزيم ثقافة حزبه للموت. 

“لا نريد رئيساً (للجمهورية) لم يقف يوماً على قبر شهيد”، عبارة قالها يوماً الرئيس الراحل بشير الجميل. مناسبة هذا الاستذكار هي الكلام الكثير الذي يطلقه معارضون لحزب الله في لبنان عن تباعدهم مع نهجه وثقافته.  

 راهناً، ومن موقع شديد الخصومة معه، تحاكم أطر وشخصيات مسيحية “ثقافة حزب الله” بصفتها نقيضاً لمفهوم “العيش” عند اللبنانيين، والمسيحيين خصوصاً. والمفارقة في محاكمة كهذه، أنها متأتية من ادعاء معتلّ، لا سيما أن الشخص الأكثر كثافة في وجدان المدَّعين، هو الشخص الذي ارتبط إسمه بالحرب وبالموت كمؤشر أول عن أهوالها، ونقصد هنا بشير الجميل.

ينطوي أي كلام عن “ثقافة الموت” عند حزب الله على كثير من المبالغة، وفيه أيضاً محاكمة لوجدان غالب في البيئة الطائفية التي استدرجت هذا الكلام إلى السياسة.

قد لا ينتبه مسوّقو التهمة الى أن حاضر “حزب الله” يتقاطع، عن غير قصد طبعاً، في كثير من وقائعه ومساراته، كما خطابه التعبوي وسلوكه، مع ماضي بشير الجميل. كان الأخير صاحب “قضية” يراها عادلة، واقتضت في ما اقتضته صراعات دموية داخل البيئة المسيحية، وحروباً ضد المنظمات الفلسطينية والجيش السوري، وإنشاء “قوات لبنانية” تجاوزت قدرتها جيش لبنان، شأن لم يفضِ إليه “حوار حضاري”، بل انتهى بالحرب، والأخيرة دائماً هي أكبر مسبّب للموت.

يدّعي حزب الله أيضاً، أنه صاحب قضية عادلة، وعدالتها استدعت تأسيس “مقاومة” خاضت صراعات مذهبية، وحروباً مع إسرائيل، ثم مع تنظيمات مسلّحة خارج لبنان، وكل مدلولات قدرتها تشي أيضاً بأنها أقوى من الدولة.

 التفصيل الجغرافي الأخير يبدو استثناءً في خرق التقاطع المذكور، فبين حدود لبنان كما رآها بشيرالجميل، وبين الحدود كما يفترضها “حزب الله”، يبدو بشير الجميِّل كراهن مفترض أشبه بـ”ميني حزب الله”.

 راهناً، يتعاطى طرفا المنازلة الثقافية عن الحياة والموت وعن مدلولاتهما بالكثير من السذاجة.

البحر كمساحة سياسيّة

  ليست الحياة مثلاً مجرد الذهاب إلى البحر، أو الرقص في الملاهي، كمدلولين يتكثفان غالباً على ألسنة خصوم الحزب، وكنقيض لاستجداء موت مُدَّعى منهم. 

وحين يتصادم مفهوم مبسط كهذا مع مفهوم آخر تنكبه النائب محمد رعد بإدرج المدلولَين المذكورين كمدمرين للبنان، فنحن أمام صدام أقل ما يقال فيه إنه ناتج من وعيين معتلّين.

  يعرف النائب رعد أن البحر ملاذ صيفي لبيئة الحزب، وأن شواطئه الجنوبية تكسر طوعاً الكثير من “المحرمات الإسلامية” في الملبس والمأكل والمشرب. لكن رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” لاقى خطاب خصومه المبستر عن ثقافة الحياة، بخطاب تعسفي غالباً ما كان مؤسساً لغلو خصومه في تلزيم ثقافة حزبه للموت. 

كلمة “دمار” التي استعصت عليه دونها كل مفردات اللغة العربية، كفيلة لوحدها  بإسعاف مغالة الخصوم. 

 لا بأس والحال في تكثيف الضوء على بعض الأنماط الاجتماعية السائدة في بيئة الحزب، والتي يفترض أنه يسيّلها كمضاد اجتماعي موضعي  للفكرة السائدة عنه.

التخفّف من “المظاهر الدينيّة”

 تغير”حزب الله” بين نشأته وراهنه، وتغيرت معه سلوكيات اجتماعية كثيرة حكمت بداياته. والمرء يلتمس هذا التغيير المتزايد في التخفف من المظاهر الدينية في الملبس والملمح الشخصي والديني، وحتى في الموالد(الأعراس ذات الطابع الديني) التي تُستنسخ غالباً من أغان وموسيقى رائجة، ويُسقط عليها كلام ديني.

 سلوكيات كهذه هي تكيف غير مفتعل مع “ثقافة الحياة” التي يروج لها الخصوم. والحال، وإن اتخذ الأمر بعداً شكلياً، لكن التبصر الراهن في بيئة كهذه يشي بأنها مقبلة على الحياة أكثر من استدراجها الى الموت.

استثنائية الموت لدى “الحزب”

 ما سبق لا يعفي من تبصّر الموت بصفته جزئية مهمة تخدم حزب الله في استلاب وعي البيئة الشيعية، لكن أي موت؟

 إنه الموت الذي يقع على مقاتلي الحزب، ويمنحهم طقوساً جنائزية استثنائية، طقوساً تعلي مرتبتهم الدنيوية ويكثّفها التوغّل في الإرث التاريخي للشيعة. 

هذا ديدن الحديث الدائم لأمين عام الحزب، كما قيادييه، عن “الشهيد” بوصفه كائناً استثنائياً، وهذا على الأرجح ما أسس للمبالغة أعلاه في المواءمة بين حزب الله وثقافة الموت.

 يفترض والحال هنا بمدّعي هذه  المواءمة أن يقرأوا عبارة الرئيس الراحل بشير الجميل .