fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

عن هدير عبد الرازق التي انُتهِكَ جسُدها علانية باسم الأخلاق

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا تدفع هدير عبد الرازق الآن ضريبة كونها امرأة مصرية فقط، بل تدفع أيضاً ثمن الاتهامات المستحدثة في مصر مثل “خرق قيم الأسرة المصرية” والحث على الفجور”، وفوق كل هذا، تدفع ثمن إحساس العار المجاني الذي يشعر به المصريون، من أية سيدة تتعامل بحرية وقوة ولا تبالي بأحكام الآخرين، وغير خاضعة لتسلطهم القيمي والديني والمجتمعي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“اتحكم عليا بالإعدام من أهل الأرض، أنا مش عارفة أنا عملت إيه استاهل عليه دمار حياتي بالشكل دا، أنا حياتي ادمرت، ومحدش عنده استعداد يرحم… ارحموني”.

انضمت صرخة البلوغر المصرية هدير عبد الرازق إلى صرخات كثيرة لنساء مصريات، تعرضن لانتهاك أجسادهن وحقوقهن المدنية، سواء من خلال التحرش الجنسي، أو الضرب والعنف الأسري والزوجي، أو الابتزاز والقتل. 

لكن صرخة هدير عبد الرازق الآن غير مسموعة، فمحركات البحث تضج بهوس جماعي للتلصص، ولمشاهدة الفيديو المسرب لها، وهي في وضع حميمي خاص مع زوجها، فيما تبكي هي في فيديو استغاثي للتوقف عن تداول الفيديو، بعد تدمير حياتها وحياة أسرتها بسبب “الوصمة” التي ستلاحقهم للأبد.

“شاهد قبل الحذف” أو “فضيحة هدير عبد الرازق”، كان الطُعم الذي يلهث خلفه الجوعى لمضغ خصوصية امرأة مصرية، كل تهمتها أنها لا تشعر بـ”العار” تجاه جسدها، وتسجل فيديوهات على “تيك توك”، وتعرض أزياء، وتمارس حياة جنسية طبيعية مع زوجها، لكن لا حياة طبيعية للبلوغر المصريات في ظل مجتمع همه دهس النساء وأجسادهن وخصوصياتهن، بزعم القيم المجتمعية والأخلاق.

قبل ساعات أعلنت هدير أنها حاولت الانتحار ثلاث مرات لكنها فشلت، كما فشلت أيضاً في كسب التعاطف، بعد عرض شهادتي زواجها وطلاقها من زوجها في الفيديو المسرب من دون علمها، لكن حتى وإن نجحت هدير في إنهاء حياتها، لن يغفر لها المجتمع المصري، ممارستها لفعل طبيعي كزوجة مع زوجها.

حتى الآن، وبعد أيام من انتشار الفيديو، لم تُصدر وزارة الداخلية المصرية أية بيانات تقول فيها إنها ستبدأ تحرياً وتحقيقاً، بشأن تسريب فيديو من هاتف مواطنة مصرية، الذي يعد انتهاكاً لخصوصيتها وحقوقها المدنية، والأكثر خطورة في ما أعلنته هدير عبد الرازق، أن الفيديو كان على هاتفها الشخصي، الذي تحوزه الشرطة المصرية الآن، بعد القبض على هدير في وقت سابق، بتهمة نشرها على “تيك توك” فيديوهات “تخالف قيم الأسرة المصرية”.

لا داعمين حقيقيين في قضية هدير عبد الرازق، حتى أن “المجلس القومي للمرأة” لم يتدخل حتى الآن، لا ببيان رسمي ولا بمحامين، والمجلس على صفحته الرسمية على “فيسبوك” يعرّف نفسه بأنه “يقف بجوار كل سيدة وفتاة، تتعرض لأي شكل من أشكال التهديد، من خلال تقديم سبل الدعم اللازم”.

يكتفي المجلس القومي للمرأة بمشاركة منشورات كوميدية على صفحته الرسمية، في ظل مذابح مجتمعية تحدث للنساء 

رفضت التحرش فأصبحت ضحية لمجتمع كامل 

بدأت قضية هدير عبد الرازق، عندما تقدمت بمحضر في ١٥ يونيو/ حزيران ضد أحد المواطنين، تتهمه بالتحرش الجنسي، ليتقدم هو الآخر ببلاغ كيدي ضدها، بنشر فيديوهات على “تيك توك” تحوي مقاطع تخالف قيم الأسرة المصرية، ووفقاً للمحامي ياسر سعد في تصريحاته ل”درج” فإن “الشرطة المصرية تحركت أسرع في البلاغ المقدم ضد هدير، واعتبرت بلاغها بالتحرش كاذباً، وتم القبض عليها بعد يوم واحد من بلاغها ضد أحد المواطنين، الذي لم يتم الإفصاح عن هويته حتى الآن”.

اعتبرت النيابة المصرية فيديوهاتها على “تيك توك” فاضحة وتم توجيه ثلاثة اتهامات لها، وهي: استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في نشر شائعات كاذبة عن بعض المواطنين بأنهم تحرشوا بها على غير الحقيقة، و نشر فيديوهات خادشة للحياء، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

لم تنته قضية هدير عبد الرازق بالإفراج عنها في ٢٠ يونيو / حزيران الماضي، رغم أنها صرحت في فيديو لها أنها ستعتزل “التيك توك” وتختفي إلى الأبد بعد الإفراج عنها، ليتم تسريب فيديو حميمي من هاتفها بحوزه الشرطة المصرية منذ ثلاثة أيام.

المحامي سعد يقول في تصريحاته ل”درج” إن “الفيديو الحميمي كان غير متاح للعلن، ليتم توجيه تهمة “نشر الفجور” إليها، لأن السلطات التنفيذية والقضائية في مصر حاضرة لاتهام النساء في قضايا أخلاقية جاهزة، حتى وإن كانت غير مطروحة للعلن”، ويؤكد سعد أنه “لو لم تقدم هدير بلاغ التحرش ضد هذا المواطن، ربما لم يصل وضعها إلى هذا المستوى الكارثي”.

يعاقب القانون المصري على نشر معلومات شخصية أو صور أو فيديوهات حقيقية عبر الإنترنت، في حال عدم الحصول على إذن الشخص، بتهمة التشهير بالحبس وغرامة مالية لا تتجاوز ١٠٠٠٠ جنيه مصري أو ما يساوي٢٠٠ دولار أميركي.

هدير بريئة من إحساس المجتمع بالعار من الجسد النسائي والجنس

لا تدفع هدير عبد الرازق الآن ضريبة كونها امرأة مصرية فقط، بل تدفع أيضاً ثمن الاتهامات المستحدثة في مصر مثل “خرق قيم الأسرة المصرية” والحث على الفجور”، وفوق كل هذا، تدفع ثمن إحساس العار المجاني الذي يشعر به المصريون، من أية سيدة تتعامل بحرية وقوة ولا تبالي بأحكام الآخرين، وغير خاضعة لتسلطهم القيمي والديني والمجتمعي.

لم تنجُ هدير عبد الرازق أيضاً من استهلاك مفرداتها الجنسية المتداولة في الفيديو علي “فيسبوك”، وبدأت محاكمتها علي عدم خجلها جنسياً مع زوجها، وهو ما يكشف غرق المجتمع المصري بأكمله، في موجة العار والتعالي بالتطهر والنقاء الزائف، وزادت مشكلة هدير بأنها الناجية من مرض العار الجنسي، فيما يغرق فيه ملايين المصريين بلا شفاء.

“من الأفضل أن يهرب عشرة مذنبين من أن يعاني بريء واحد ” 

رغم وجود عقوبة واضحة في القانون المصري على التشهير، إلا أن هذه العقوبة غير كافية لنجاة ضحية التشهير الجنسي من التبعات القاسية، التي تشمل الإضرار بالسمعة والصدمة العاطفية والنفسية، وصعوبة العلاقات المستقبلية، وتحديات مضاعفة لإيجاد وظيفة، والضغوط المالية، والأثر السلبي على الأسرة، والعزلة الاجتماعية، وهو ما ظهر بشكل مؤكد في حالات كثيرة لفتيات “التيك توك” اللاتي تم التشهير بهن أمنياً ومجتمعياً.

هذه التبعات ستعزل النساء عن مجتمعهن، ليصبحن في غربة مضاعفة داخل  بيئة غير آمنة وغير داعمة، لا تقل أبداً عن بيئة ملأى بالحروب والقتل والانتهاك لأبسط الحقوق الإنسانية والمدنية، أو داخل بيئة تفضل تحجيم النساء خلف الحجاب وداخل منازلهن أو على أسرة لإنجاب الأطفال، بصمت.

15.07.2024
زمن القراءة: 4 minutes

لا تدفع هدير عبد الرازق الآن ضريبة كونها امرأة مصرية فقط، بل تدفع أيضاً ثمن الاتهامات المستحدثة في مصر مثل “خرق قيم الأسرة المصرية” والحث على الفجور”، وفوق كل هذا، تدفع ثمن إحساس العار المجاني الذي يشعر به المصريون، من أية سيدة تتعامل بحرية وقوة ولا تبالي بأحكام الآخرين، وغير خاضعة لتسلطهم القيمي والديني والمجتمعي.

“اتحكم عليا بالإعدام من أهل الأرض، أنا مش عارفة أنا عملت إيه استاهل عليه دمار حياتي بالشكل دا، أنا حياتي ادمرت، ومحدش عنده استعداد يرحم… ارحموني”.

انضمت صرخة البلوغر المصرية هدير عبد الرازق إلى صرخات كثيرة لنساء مصريات، تعرضن لانتهاك أجسادهن وحقوقهن المدنية، سواء من خلال التحرش الجنسي، أو الضرب والعنف الأسري والزوجي، أو الابتزاز والقتل. 

لكن صرخة هدير عبد الرازق الآن غير مسموعة، فمحركات البحث تضج بهوس جماعي للتلصص، ولمشاهدة الفيديو المسرب لها، وهي في وضع حميمي خاص مع زوجها، فيما تبكي هي في فيديو استغاثي للتوقف عن تداول الفيديو، بعد تدمير حياتها وحياة أسرتها بسبب “الوصمة” التي ستلاحقهم للأبد.

“شاهد قبل الحذف” أو “فضيحة هدير عبد الرازق”، كان الطُعم الذي يلهث خلفه الجوعى لمضغ خصوصية امرأة مصرية، كل تهمتها أنها لا تشعر بـ”العار” تجاه جسدها، وتسجل فيديوهات على “تيك توك”، وتعرض أزياء، وتمارس حياة جنسية طبيعية مع زوجها، لكن لا حياة طبيعية للبلوغر المصريات في ظل مجتمع همه دهس النساء وأجسادهن وخصوصياتهن، بزعم القيم المجتمعية والأخلاق.

قبل ساعات أعلنت هدير أنها حاولت الانتحار ثلاث مرات لكنها فشلت، كما فشلت أيضاً في كسب التعاطف، بعد عرض شهادتي زواجها وطلاقها من زوجها في الفيديو المسرب من دون علمها، لكن حتى وإن نجحت هدير في إنهاء حياتها، لن يغفر لها المجتمع المصري، ممارستها لفعل طبيعي كزوجة مع زوجها.

حتى الآن، وبعد أيام من انتشار الفيديو، لم تُصدر وزارة الداخلية المصرية أية بيانات تقول فيها إنها ستبدأ تحرياً وتحقيقاً، بشأن تسريب فيديو من هاتف مواطنة مصرية، الذي يعد انتهاكاً لخصوصيتها وحقوقها المدنية، والأكثر خطورة في ما أعلنته هدير عبد الرازق، أن الفيديو كان على هاتفها الشخصي، الذي تحوزه الشرطة المصرية الآن، بعد القبض على هدير في وقت سابق، بتهمة نشرها على “تيك توك” فيديوهات “تخالف قيم الأسرة المصرية”.

لا داعمين حقيقيين في قضية هدير عبد الرازق، حتى أن “المجلس القومي للمرأة” لم يتدخل حتى الآن، لا ببيان رسمي ولا بمحامين، والمجلس على صفحته الرسمية على “فيسبوك” يعرّف نفسه بأنه “يقف بجوار كل سيدة وفتاة، تتعرض لأي شكل من أشكال التهديد، من خلال تقديم سبل الدعم اللازم”.

يكتفي المجلس القومي للمرأة بمشاركة منشورات كوميدية على صفحته الرسمية، في ظل مذابح مجتمعية تحدث للنساء 

رفضت التحرش فأصبحت ضحية لمجتمع كامل 

بدأت قضية هدير عبد الرازق، عندما تقدمت بمحضر في ١٥ يونيو/ حزيران ضد أحد المواطنين، تتهمه بالتحرش الجنسي، ليتقدم هو الآخر ببلاغ كيدي ضدها، بنشر فيديوهات على “تيك توك” تحوي مقاطع تخالف قيم الأسرة المصرية، ووفقاً للمحامي ياسر سعد في تصريحاته ل”درج” فإن “الشرطة المصرية تحركت أسرع في البلاغ المقدم ضد هدير، واعتبرت بلاغها بالتحرش كاذباً، وتم القبض عليها بعد يوم واحد من بلاغها ضد أحد المواطنين، الذي لم يتم الإفصاح عن هويته حتى الآن”.

اعتبرت النيابة المصرية فيديوهاتها على “تيك توك” فاضحة وتم توجيه ثلاثة اتهامات لها، وهي: استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في نشر شائعات كاذبة عن بعض المواطنين بأنهم تحرشوا بها على غير الحقيقة، و نشر فيديوهات خادشة للحياء، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

لم تنته قضية هدير عبد الرازق بالإفراج عنها في ٢٠ يونيو / حزيران الماضي، رغم أنها صرحت في فيديو لها أنها ستعتزل “التيك توك” وتختفي إلى الأبد بعد الإفراج عنها، ليتم تسريب فيديو حميمي من هاتفها بحوزه الشرطة المصرية منذ ثلاثة أيام.

المحامي سعد يقول في تصريحاته ل”درج” إن “الفيديو الحميمي كان غير متاح للعلن، ليتم توجيه تهمة “نشر الفجور” إليها، لأن السلطات التنفيذية والقضائية في مصر حاضرة لاتهام النساء في قضايا أخلاقية جاهزة، حتى وإن كانت غير مطروحة للعلن”، ويؤكد سعد أنه “لو لم تقدم هدير بلاغ التحرش ضد هذا المواطن، ربما لم يصل وضعها إلى هذا المستوى الكارثي”.

يعاقب القانون المصري على نشر معلومات شخصية أو صور أو فيديوهات حقيقية عبر الإنترنت، في حال عدم الحصول على إذن الشخص، بتهمة التشهير بالحبس وغرامة مالية لا تتجاوز ١٠٠٠٠ جنيه مصري أو ما يساوي٢٠٠ دولار أميركي.

هدير بريئة من إحساس المجتمع بالعار من الجسد النسائي والجنس

لا تدفع هدير عبد الرازق الآن ضريبة كونها امرأة مصرية فقط، بل تدفع أيضاً ثمن الاتهامات المستحدثة في مصر مثل “خرق قيم الأسرة المصرية” والحث على الفجور”، وفوق كل هذا، تدفع ثمن إحساس العار المجاني الذي يشعر به المصريون، من أية سيدة تتعامل بحرية وقوة ولا تبالي بأحكام الآخرين، وغير خاضعة لتسلطهم القيمي والديني والمجتمعي.

لم تنجُ هدير عبد الرازق أيضاً من استهلاك مفرداتها الجنسية المتداولة في الفيديو علي “فيسبوك”، وبدأت محاكمتها علي عدم خجلها جنسياً مع زوجها، وهو ما يكشف غرق المجتمع المصري بأكمله، في موجة العار والتعالي بالتطهر والنقاء الزائف، وزادت مشكلة هدير بأنها الناجية من مرض العار الجنسي، فيما يغرق فيه ملايين المصريين بلا شفاء.

“من الأفضل أن يهرب عشرة مذنبين من أن يعاني بريء واحد ” 

رغم وجود عقوبة واضحة في القانون المصري على التشهير، إلا أن هذه العقوبة غير كافية لنجاة ضحية التشهير الجنسي من التبعات القاسية، التي تشمل الإضرار بالسمعة والصدمة العاطفية والنفسية، وصعوبة العلاقات المستقبلية، وتحديات مضاعفة لإيجاد وظيفة، والضغوط المالية، والأثر السلبي على الأسرة، والعزلة الاجتماعية، وهو ما ظهر بشكل مؤكد في حالات كثيرة لفتيات “التيك توك” اللاتي تم التشهير بهن أمنياً ومجتمعياً.

هذه التبعات ستعزل النساء عن مجتمعهن، ليصبحن في غربة مضاعفة داخل  بيئة غير آمنة وغير داعمة، لا تقل أبداً عن بيئة ملأى بالحروب والقتل والانتهاك لأبسط الحقوق الإنسانية والمدنية، أو داخل بيئة تفضل تحجيم النساء خلف الحجاب وداخل منازلهن أو على أسرة لإنجاب الأطفال، بصمت.