مع إشراقة شمس عيد الأضحى، خلت شوارع قطاع غزة من مظاهر العيد المتعارف عليها بين سكانه، بسبب استمرار الحرب وحجم الدمار الكبير، واستمرار نزوح أكثر من 70 في المئة من السكان.
لم يجد الغزيون أضاحيَ للعيد من أبقار أو أغنام بسبب استمرار الحرب، وإغلاق الجيش الإسرائيلي المعابر كلها، ومنعه إدخال متطلبات الاحتفال بهذا اليوم. ومر اليوم الأول لعيد الأضحى عليهم وسط أجواء من الحزن الشديد، بخاصة أنهم اعتادوا على إحياء هذا اليوم، بكثير من الفعاليات، سواء التضحية، أم أداء صلاة العيد، أم زيارة الأقارب.
غابت فرحة العيد عن أطفال القطاع، بخاصة أولئك الذين يعيشون في خيام النازحين مع عائلاتهم، بعدما دمر الجيش الإسرائيلي منازلهم، فلم يرتدوا ملابس جديدة كما اعتادوا في كل عيد، وغاب معها أيضاً، لهوهم في الشوارع، وارتياد أماكن الترفيه، وتناول لحوم الأضاحي، وزيارة أقاربهم.
سيطر الخراب والدمار على مناطق القطاع، في اليوم الأول للعيد، واستمر قتل الغزيين كما في الأيام السابقة، إذ قصف الجيش الإسرائيلي مناطق مختلفة من القطاع، واستهدف مدنيين وقتلهم داخل منازلهم أو داخل خيام النزوح، فارتكب 3 مجازر ضد العائلات، وصل من أفرادها إلى المستشفيات 41 شهيداً و10 إصابات خلال 24 ساعة فقط، وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية.
وأكدت الوزارة أن حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ارتفعت إلى 37337 شهيداً و85299 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأوضحت أنه لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
يعيش أهالي غزة أوضاعاً إنسانية مأسوية، في ظل عجز شديد عن تأمين المواد الغذائية الأساسية، بسبب إغلاق جيش الاحتلال المعابر، وعدم فتحها لانتظام دخول المساعدات والبضائع.
وسبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء 12 حزيران/ يونيو الحالي، من أن الكثير من سكان القطاع يتعرضون إلى مستوى كارثي من الجوع وظروف شبيهة بالمجاعة.
غياب الفرحة
جميلة الهباش (30 عاماً) اعتادت في اليوم الأول لعيد الأضحى، على الخروج برفقة شقيقاتها وصديقاتها، ولكن في ظل استمرار الحرب، حُرمت من أبسط طقوس العيد.
تقول الهباش التي سبق أن استُهدف منزلها في غزة بغارة في عام 2008 أدت إلى بتر قدميها لـ”درج””: “في هذا العيد حُرمنا من تكبيرات اللحظات الأولى لهذا اليوم، ونحر الأضاحي، بسبب إغلاق جميع المعابر مع قطاع غزة”، في حين أنها أمضت عيد الأضحى الماضي مع صديقاتها وشقيقاتها داخل مدينة غزة، ولكن هذه المرة الوضع مختلف، كما تشير.
وتضيف: “أيام العيد في غزة كانت جميلة، وترسم الفرحة على وجوه الجميع، سواء الأطفال أم الكبار بفعل الطقوس المعروفة، التي كانت تتضمن شراء الأضحية ونحرها في اليوم الأول، وازدحام البيوت بالمحبين، وفرحة الأطفال. ولكن في هذه الأيام نحتفل بين ركام المنازل المدمرة، ولا يوجد مكان آمن للعيش والاحتفال”.
فقد الأحباب
رزق حماد شاب فقد والده خلال هذه الحرب، مر عليه العيد من دون أية طقوس فرح، أو حتى مظاهر احتفال.
يقول حماد لـ”درج”: “هذه الحرب المستمرة سرقت منا العيد والأحباب، وجعلتنا نعيش أسوأ أيام حياتنا، وننتظر المساعدات لتناول الطعام، لنبقى قادرين على العيش والحصول على الطاقة اللازمة للبقاء”.
وبعد تنهيدة طويلة يضيف: “افتقدت في اليوم الأول لعيد الأضحى والدي، الذي قتله الجيش الإسرائيلي بصاروخ خلال وجوده قرب مجمع ناصر في خانيونس في أيار/ مايو الماضي وسط مجموعة من المواطنين”.
ولم تظهر على حماد علامات الفرح بسبب فقده والده، وسرقة الحرب مظاهر الاحتفال، واستمرار إسرائيل في القتل والتدمير.
وفي مدينة خانيونس، لم يؤدِّ محمود البريم صلاة العيد، بالقرب من ساحة منزله في شرق المدينة، كما اعتاد كل عام بسبب الحرب.
يقول البريم: “استيقظت في اليوم الأول لعيد الأضحى داخل خيمتي غرب خانيونس، وتذكرت صلاة العيد في العام الماضي، وكيف اصطحبت ابني أحمد بملابسه الجديدة إلى الساحة، وتعالت أصوات التكبير حينها”.
ويصف اليوم الأول لعيد الأضحى بالأصعب عليه في حياته “بسبب عدم قدرته على التضحية، أو قضاء العيد داخل منزله الذي دمره الجيش الإسرائيلي، خلال هجومه على مدينة خانيونس في كانون الأول/ ديسمبر الماضي”.
ويضيف: “كان حلمي خلال هذا العيد أن أمضيه في بيتي، وأقوم بنحر الأضحية، وأدخل الفرحة الى قلوب أهل بيتي، ولكن هذه الحرب سرقت منا الفرح والحب والاحتفال والعيد”.
نزح البريم من منزله شرق خانيونس في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ونصب خيمة في منطقة المواصي غرب المدينة، ومذاك لم يعد، بسبب استمرار الحرب وحجم الدمار الكبير الذي خلّفه الجيش الإسرائيلي هناك.
إقرأوا أيضاً: