fbpx

غزة: مرح حسونة لاعبة السكيت الأولى رغماً عن المجتمع

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بين أزقة مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، تسير مرح حسونة، وعلى كتفها حقيبة فيها ملابس الرياضة والسكوتر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
مرح حسونة

شغف قد يبدو في دول كثيرة عادياً ومحبباً، لكن لشابة تعيش في مجتمع غزي فهو أمر محاط بالفضول. لا تنجو فرح من انتقادات الجيران وثرثراتهم، ونظرات الاستغراب التي تلاحقها، أن تمارس فتاة الرياضة أمر ليس محبباً اجتماعياً.

لكن مرح تواصل طريقها ضاربة بأقاويل الناس عرض الحائط، ولا تلقي بالاً لأي تعليق على ممارستها رياضة “السكيت”. 

هي أول فتاة بالغة ومحجبة تمارس تلك الرياضة في مجتمع محافظ لا يزال متمسكاً بالعادات والتقاليد التي تميّز بين الإناث والذكور.

مرح (20 سنة)، أو “أم سكوتر” كما تحب أن تُنادى، أرادت تحقيق حلمها بممارسة رياضتها المفضلة منذ الصغر، على رغم الصعوبات التي واجهتها، واعتبار تلك الرياضة حكراً على الذكور في القطاع المحاصر.

بدأت مرح رياضتها المفضلة “السكيت” قبل عام بتشجيع من أهلها، لا سيما والدها الذي كان يمارس رياضة كرة القدم في العشرينات من عمره، إذ ساعدها على المضي في رياضتها من دون أن تتأثر بمن حولها، وأن تضع النجاح نصب عينيها لتحقق ما تريده.

تقول مرح لـ”درج”: “رياضة السكيت هي حياتي، وأسعى للوصول إلى العالمية، والمشاركة في بطولات عالمية، وتمثيل فلسطين في المحافل الدولية. فضلت تلك الرياضة على مجال دراستي في الجامعة، إدارة المال والأعمال، إذ إنني لا أعمل في هذا المجال حتى أتفرغ للتدرب على السكوتر.”

تضيف: “عندما بدأت تلك الرياضة لم أكن أملك ثمن الحذاء الخاص بها، ووالدي موظف حكومي متقاعد فاضطررت للعمل شهراً في شركة مختصة في مجال دراستي كي أستطيع شراء الحذاء.”

وتلفت إلى أنها حصلت على السكوتر بصعوبة بالغة لعدم توفر محلات لبيع مستلزمات رياضة السكيت، نظراً لعدم الاهتمام بها كثيراً، وضعف الإقبال عليها نتيجة افتقار القطاع إلى أماكن مخصصة لممارستها.

محجبة وبتلعب سكيت!

تعيش الفتيات والنساء في المجتمع الغزي والمجتمع الفلسطيني عموماً أوضاعاً صعبة مع استمرار الصورة النمطية التقليدية للمرأة ومع استمرار الاجحاف القانوني بحقها. هذا الواقع أثر أيضاً على الحضور الرياضي النسائي الذي ما يزال خجولاً .

بضحكة ساخرة تقول مرح، “المجتمع لم يتقبل أن أمارس رياضة السكيت في الشوارع، واعتبر ذلك تجاوزاً لعادات أهل القطاع وتقاليدهم، فعندما يراني الناس على السكوتر، تبدأ الأحاديث الجانبية (ليش هذه بنت كبيرة ومحجبة تلعب سكيت)، (تروح تقعد بالبيت أو تلاقي شغل أحسن من هذا الهبل)”.

لم تلقِ مرح بالاً لأي انتقادات، واعتبرتها دافعاً للاستمرار في الرياضة التي تحبها، والوصول إلى العالمية وحصد جوائز، لتثبت للمجتمع أن الرياضة ليست حكراً على الذكور، وأن من حق الفتيات ممارسة الرياضات التي يحبننها.

وعلى رغم موافقة والدها وتشجيعه إياها، لاقت لاعبة السكيت رفض أحد أشقائها الذي عارض ممارستها تلك الرياضة تجنباً للانتقادات، إلا أنها أقنعته بشغفها حتى أصبح داعماً لها، ويرافقها أثناء التمرين.

“أواجه تحديات كبيرة أثناء ممارسة رياضة السكيت، فلا أماكن مخصصة لذلك. أذهب إلى ملعب كرة قدم، أو أي مكان مفتوح كي ألعب السكيت، إضافة إلى ندرة المحلات التي تبيع مستلزمات السكيت، وارتفاع أسعارها، لقلة المهتمين بها”، تقول مرح.

عدم الاهتمام الكبير برياضة السكيت وبخاصة بين الفتيات، مردّه بحسبها إلى غياب الملاعب المناسبة لممارسة تلك الرياضة التي تلقى اهتماماً كبيراً في الدول الأوروبية وفي دول عربية أخرى، حيث تنظَّم لها بطولات دولية كالرياضات الأخرى.

شاهدت فتيات في قطاع غزة فيديوات مرح وصورها على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء ممارستها “السكيت” وأبدين رغبة في ممارسة تلك الرياضة، ولكن عدم وجود أماكن مخصصة وصعوبة الحصول إلى المعدات الخاصة يشكلان عائقاً أمامهن.

تأمل الفتاة العشرينية بأن تتغير نظرة المجتمع إلى اللواتي يمارسن رياضات في غزة، وعدم التمييز بين الإناث والذكور، مطالبةً بالاهتمام برياضة “السكيت”، وإنشاء ملاعب خاصة لتسهيل ممارستها، وإنشاء اتحاد خاص كاتحادات الرياضات الأخرى في القطاع، والسماح للفتيات في غزة بممارسة ما يردنه بلا قيود أو إساءة.

عائلة مرح كانت الداعم الأساسي لها. في هذا السياق، يقول والدها كامل حسونة لـ”درج” مبتسماً، “عندما أخبرتني مرح أن لديها ميولاً إلى رياضة السكيت وتريد أن تمارسها، فرحت كثيراً لأنها تهتم بالرياضة، ولم أعارض أبداً بل شجعتها أنا ووالدتها”.

ويضيف: “عندما بدأت مرح رحلتها مع السكيت ساعدتها للتغلب على نظرة الناس السلبية، بخاصة سكان المخيم الذي تقطن فيه، ولتسعى إلى تطوير نفسها في الرياضة التي تحبها، من دون أن تتأثر بما يقال عنها”.

محمد أبو شحمة- صحفي فلسطيني | 11.10.2024

ضغط عسكري على الشمال ومجازر في جنوبه… عدوان “إسرائيل” في غزة لا يتوقّف

يمارس الجيش الإسرائيلي ضغطاً عسكرياً على سكان المخيم بهدف دفعهم إلى النزوح لجنوب القطاع، تنفيذاً لما يُعرف بخطة "الجنرالات" التي وضعها اللواء الإسرائيلي المتقاعد غيورا إيلاند، والهادفة إلى إجلاء المدنيين بعد حصار محكم.
28.07.2020
زمن القراءة: 3 minutes

بين أزقة مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، تسير مرح حسونة، وعلى كتفها حقيبة فيها ملابس الرياضة والسكوتر.

مرح حسونة

شغف قد يبدو في دول كثيرة عادياً ومحبباً، لكن لشابة تعيش في مجتمع غزي فهو أمر محاط بالفضول. لا تنجو فرح من انتقادات الجيران وثرثراتهم، ونظرات الاستغراب التي تلاحقها، أن تمارس فتاة الرياضة أمر ليس محبباً اجتماعياً.

لكن مرح تواصل طريقها ضاربة بأقاويل الناس عرض الحائط، ولا تلقي بالاً لأي تعليق على ممارستها رياضة “السكيت”. 

هي أول فتاة بالغة ومحجبة تمارس تلك الرياضة في مجتمع محافظ لا يزال متمسكاً بالعادات والتقاليد التي تميّز بين الإناث والذكور.

مرح (20 سنة)، أو “أم سكوتر” كما تحب أن تُنادى، أرادت تحقيق حلمها بممارسة رياضتها المفضلة منذ الصغر، على رغم الصعوبات التي واجهتها، واعتبار تلك الرياضة حكراً على الذكور في القطاع المحاصر.

بدأت مرح رياضتها المفضلة “السكيت” قبل عام بتشجيع من أهلها، لا سيما والدها الذي كان يمارس رياضة كرة القدم في العشرينات من عمره، إذ ساعدها على المضي في رياضتها من دون أن تتأثر بمن حولها، وأن تضع النجاح نصب عينيها لتحقق ما تريده.

تقول مرح لـ”درج”: “رياضة السكيت هي حياتي، وأسعى للوصول إلى العالمية، والمشاركة في بطولات عالمية، وتمثيل فلسطين في المحافل الدولية. فضلت تلك الرياضة على مجال دراستي في الجامعة، إدارة المال والأعمال، إذ إنني لا أعمل في هذا المجال حتى أتفرغ للتدرب على السكوتر.”

تضيف: “عندما بدأت تلك الرياضة لم أكن أملك ثمن الحذاء الخاص بها، ووالدي موظف حكومي متقاعد فاضطررت للعمل شهراً في شركة مختصة في مجال دراستي كي أستطيع شراء الحذاء.”

وتلفت إلى أنها حصلت على السكوتر بصعوبة بالغة لعدم توفر محلات لبيع مستلزمات رياضة السكيت، نظراً لعدم الاهتمام بها كثيراً، وضعف الإقبال عليها نتيجة افتقار القطاع إلى أماكن مخصصة لممارستها.

محجبة وبتلعب سكيت!

تعيش الفتيات والنساء في المجتمع الغزي والمجتمع الفلسطيني عموماً أوضاعاً صعبة مع استمرار الصورة النمطية التقليدية للمرأة ومع استمرار الاجحاف القانوني بحقها. هذا الواقع أثر أيضاً على الحضور الرياضي النسائي الذي ما يزال خجولاً .

بضحكة ساخرة تقول مرح، “المجتمع لم يتقبل أن أمارس رياضة السكيت في الشوارع، واعتبر ذلك تجاوزاً لعادات أهل القطاع وتقاليدهم، فعندما يراني الناس على السكوتر، تبدأ الأحاديث الجانبية (ليش هذه بنت كبيرة ومحجبة تلعب سكيت)، (تروح تقعد بالبيت أو تلاقي شغل أحسن من هذا الهبل)”.

لم تلقِ مرح بالاً لأي انتقادات، واعتبرتها دافعاً للاستمرار في الرياضة التي تحبها، والوصول إلى العالمية وحصد جوائز، لتثبت للمجتمع أن الرياضة ليست حكراً على الذكور، وأن من حق الفتيات ممارسة الرياضات التي يحبننها.

وعلى رغم موافقة والدها وتشجيعه إياها، لاقت لاعبة السكيت رفض أحد أشقائها الذي عارض ممارستها تلك الرياضة تجنباً للانتقادات، إلا أنها أقنعته بشغفها حتى أصبح داعماً لها، ويرافقها أثناء التمرين.

“أواجه تحديات كبيرة أثناء ممارسة رياضة السكيت، فلا أماكن مخصصة لذلك. أذهب إلى ملعب كرة قدم، أو أي مكان مفتوح كي ألعب السكيت، إضافة إلى ندرة المحلات التي تبيع مستلزمات السكيت، وارتفاع أسعارها، لقلة المهتمين بها”، تقول مرح.

عدم الاهتمام الكبير برياضة السكيت وبخاصة بين الفتيات، مردّه بحسبها إلى غياب الملاعب المناسبة لممارسة تلك الرياضة التي تلقى اهتماماً كبيراً في الدول الأوروبية وفي دول عربية أخرى، حيث تنظَّم لها بطولات دولية كالرياضات الأخرى.

شاهدت فتيات في قطاع غزة فيديوات مرح وصورها على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء ممارستها “السكيت” وأبدين رغبة في ممارسة تلك الرياضة، ولكن عدم وجود أماكن مخصصة وصعوبة الحصول إلى المعدات الخاصة يشكلان عائقاً أمامهن.

تأمل الفتاة العشرينية بأن تتغير نظرة المجتمع إلى اللواتي يمارسن رياضات في غزة، وعدم التمييز بين الإناث والذكور، مطالبةً بالاهتمام برياضة “السكيت”، وإنشاء ملاعب خاصة لتسهيل ممارستها، وإنشاء اتحاد خاص كاتحادات الرياضات الأخرى في القطاع، والسماح للفتيات في غزة بممارسة ما يردنه بلا قيود أو إساءة.

عائلة مرح كانت الداعم الأساسي لها. في هذا السياق، يقول والدها كامل حسونة لـ”درج” مبتسماً، “عندما أخبرتني مرح أن لديها ميولاً إلى رياضة السكيت وتريد أن تمارسها، فرحت كثيراً لأنها تهتم بالرياضة، ولم أعارض أبداً بل شجعتها أنا ووالدتها”.

ويضيف: “عندما بدأت مرح رحلتها مع السكيت ساعدتها للتغلب على نظرة الناس السلبية، بخاصة سكان المخيم الذي تقطن فيه، ولتسعى إلى تطوير نفسها في الرياضة التي تحبها، من دون أن تتأثر بما يقال عنها”.