fbpx

غزوة الصرفند: يوم قال لنا الضابط “امسحوها بدقني”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تم رمي الحجارة علينا وقوبلنا بالشتائم، خاصةً للحاضرات. على المدخل فور وصولنا، كان شبّان قد قطعوا الطريق بدواليب، وساد فوضى وصراخ: “انا جايي نفّذ أوامر الرئيس برّي شخصياً”، قال لنا أحدهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كنتُ أحد المشاركين في فعالية السبت الفائت التي انقلبت الى حادثة اعتداء موصوف يختصر الصعوبات التي يواجهها كل من يطمح إلى ممارسة عمل سياسي حرّ في مناطق سيطرة ثنائي أمل – حزب الله.

 فقد دعا ائتلاف قوى في دائرة الجنوب الثانية (صور-الزهراني) لمؤتمر إطلاق لائحته “معاً للتغيير” المعارضة للسلطة وأحزابها في صالة الوادي في ضهور بلدة الصرفند، وهو إعلان في سياق التحضير للانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل. تحضّر الرفاق والمناصرون وأنا من بينهم للانضمام إلى الحفل والتعبير عن تضامنهم ودعمهم للائحة التغيير الوحيدة في الدائرة، من دون أن يعرفوا ما ينتظرهم. 

تفاجأنا بأعدادٍ غفيرة من مناصري حركة أمل حاملين أعلامهم، ليقطعوا الطريق على مهندس الصوت أولاً، ثم ليعتدوا على ناقل اليافطة التي من المفترض أن تعلق على المسرح وكسروها وضربوا حاملها. وصلنا مع عدد من المرشّحين إلى مدخل الصالة المطوقة لنُمنع من الدخول بذريعة أن “الصرفند أرض الرئيس (برّي) وغير مرحّب بكم فيها”. الجدير بالذكر أن الائتلاف قد أعلن عن إطلاقه في الصالة نفسها منذ حوالي شهر، من دون أن يتعرّض أحد للحاضرين. 

الصور والمقاطع المصوّرة التي جرى تداولها عن الحادثة واضحة، لا شك فيها ولا حاجة لشرحها أو استقدام شهود عيانٍ لتبيان تفاصيل ماجرى حيث تم رمي الحجارة علينا وقوبلنا بالشتائم، خاصةً للحاضرات. على المدخل فور وصولنا، كان شبّان قد قطعوا الطريق بدواليب، وساد فوضى وصراخ: “انا جايي نفّذ أوامر الرئيس برّي شخصياً”، قال لنا أحدهم.

 عناصر مخابرات الجيش كانوا موجودين يرتدون سترات كتب عليها “مخابرات الجيش”، لكنهم لم يحركوا ساكناً، بل ضحكوا عندما سألتهم لم لا يتصرّفون مع هؤلاء ليؤمنوا وصولنا إلى القاعة بدون بلبلة. 

ركضت امرأة أربعينية، تحمل علم الحركة، متجهّمة غاضبة ورفعته في وجهنا، كأننا سنستفز ونرحل تلقائيّاً. وصلنا إلى القاعة سيراً على الأقدام وعلى أعين الجيش الذي لم يحرك ساكناً سامعاً الشتائم والصراخ:” بوجك لقدّام، ما تطلعي وراكي”.

 لم يقتصر الاعتداء على الرمي بالحجارة فقط، بل وصل إلى حد إطلاق الرصاص من مسدّسٍ حربي بإتّجاه سيارة المرشّح هشام حايك. ويروي حايك المرشّح عن دائرة الزهراني ما جرى معه قائلاً: ” بناءً على تعليمات الجيش، وعندما وجدنا الطريق المؤدية إلى الصالة مغلقة بالكامل، ركنّا سياراتنا على الطريق العام بانتظار أن يعيد الجيش فتح الطريق لنصل إلى القاعة. حصل الإشكال أمامنا وضُرب شابّان من الحاضرين عندما طلبوا فتح الطريق، فترجلت من سيارتي لأرى ما حصل وأتدخل. عندها، رآني شاب وتوجّه نحوي (ربما لأنني ألبس بذلة رسمية وهذا يعني أنني مرشّح)، وأطلق رصاصتين باتجاهنا وهذا ما يوضحه الفيديو المنشور. طلبت من الحشد الموجود معي العودة للحفاظ على سلامتهم، وانتظرت الباقين وزملائي العالقين داخل الصالة ليتم إجلاؤهم”. 

عن الجيش الذي أرسل فرقة المغاوير ليؤمّن نصاب جلسة الثقة لحكومة حسّان دياب أتحدّث. الجيش الذي قال لنا باسمه ضابط السرية برتبة نقيب “امسحوها بدقني” عندما اعترضنا على أدائهم، وقال لاحقاً عندما بدأ ضرب الحجارة: “فوتوا لجوّا، انتو عم تستفزّوهم بوقفتكم، إذا هجموا يضربوكم انا بهجم معن”. عن الجيش الذي يعمل بأمرة الوالي على المنطقة، والذي لم يتدخّل إلّا من بعد مناشدته لمدّة ساعتين وبعد أن وصل الخبر للإعلام وصار الاعتداء متداولاً بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

لاحقا علمنا ان حركة أمل اصدرت بيانا يتبرأ من هؤلاء، لكن البيان بدا مفارقة ساخرة من واقع نختبره يومياً في الجنوب.

خلال التحضير للمؤتمر، اقترح أحد الرفاق أن يتم تغيير مكان الحفل كون الصالة تقع في مكان “مكشوف أمنيّاً”، إلّا أنّنا أصرّينا على ابقائه في بلدة الصرفند لرمزيّة البلدة الزهرانية من جهة، ولاستبعاد فرضية تهجم أية جهة ومناصريها علينا من جهة أخرى، آخذين بعين الاعتبار تجربة إطلاق اللائحة في دائرة الجنوب الثالثة، حيث لم تقع أية إشكالات. المفاجأة تكمن في قصر نظر حركة أمل والقيّمين على شعبة الصرفند بشكلٍ خاص، لأنّهم ببساطة أعطوا اللائحة ما تطلبه من شد عصب ضد العنجهية والبلطجة وفائض القوّة وكتم الرأي الآخر. 

المرشحة عن دائرة صور الناشطة السياسية سارة سويدان قالت لـ”درج” أنّ أحداث الأمس لن تثني من عزيمة اللائحة، بل ستقوّي وتزيد منها. وأضافت: “نحنا رح نضل مخرز بعينه، وباقيين بالمواجهة، فهذه الطبقة الفاسدة تثبت كل يوم أنّها طبقة فاشلة، ومترهّلة وغير قادرة على جذب الناس ولذلك لجأت لهذه الأعمال لترهب كل صوت حر يقف في طريقها”. 

لائحة “معاً للتغيير” ستعلن عن مرشحيها وبرنامجها الانتخابي، والأكيد أنَّ هذه اللائحة التي تتنافس مع لوائح أخرى في الدائرة نفسها قد دخلت بيوت الجنوب، وكسبت الجولة أما الرأي العام على الأقل، عبر كشف بلطجة سلطة الأمر الواقع، كما أنّها كسبت شرعيّةَ لكونها اللائحة التغييرية الوحيدة في الدائرة. 

المخيب هو أنّ الأجهزة الأمنية المتواطئة سياسياً وأمنياً مع مفتعلي هذا الإشكال، لم تتدخّل لحماية الحاضرين العُزّل، بل اكتفت “بالطبطبة” لحاملي العصي والحجارة والمسدّسات لتمنع مجزرة أو تضارباً لا تتحمّل وطأته الأجهزة في المنطقة. 

إقرأوا أيضاً:

17.04.2022
زمن القراءة: 4 minutes

تم رمي الحجارة علينا وقوبلنا بالشتائم، خاصةً للحاضرات. على المدخل فور وصولنا، كان شبّان قد قطعوا الطريق بدواليب، وساد فوضى وصراخ: “انا جايي نفّذ أوامر الرئيس برّي شخصياً”، قال لنا أحدهم.

كنتُ أحد المشاركين في فعالية السبت الفائت التي انقلبت الى حادثة اعتداء موصوف يختصر الصعوبات التي يواجهها كل من يطمح إلى ممارسة عمل سياسي حرّ في مناطق سيطرة ثنائي أمل – حزب الله.

 فقد دعا ائتلاف قوى في دائرة الجنوب الثانية (صور-الزهراني) لمؤتمر إطلاق لائحته “معاً للتغيير” المعارضة للسلطة وأحزابها في صالة الوادي في ضهور بلدة الصرفند، وهو إعلان في سياق التحضير للانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل. تحضّر الرفاق والمناصرون وأنا من بينهم للانضمام إلى الحفل والتعبير عن تضامنهم ودعمهم للائحة التغيير الوحيدة في الدائرة، من دون أن يعرفوا ما ينتظرهم. 

تفاجأنا بأعدادٍ غفيرة من مناصري حركة أمل حاملين أعلامهم، ليقطعوا الطريق على مهندس الصوت أولاً، ثم ليعتدوا على ناقل اليافطة التي من المفترض أن تعلق على المسرح وكسروها وضربوا حاملها. وصلنا مع عدد من المرشّحين إلى مدخل الصالة المطوقة لنُمنع من الدخول بذريعة أن “الصرفند أرض الرئيس (برّي) وغير مرحّب بكم فيها”. الجدير بالذكر أن الائتلاف قد أعلن عن إطلاقه في الصالة نفسها منذ حوالي شهر، من دون أن يتعرّض أحد للحاضرين. 

الصور والمقاطع المصوّرة التي جرى تداولها عن الحادثة واضحة، لا شك فيها ولا حاجة لشرحها أو استقدام شهود عيانٍ لتبيان تفاصيل ماجرى حيث تم رمي الحجارة علينا وقوبلنا بالشتائم، خاصةً للحاضرات. على المدخل فور وصولنا، كان شبّان قد قطعوا الطريق بدواليب، وساد فوضى وصراخ: “انا جايي نفّذ أوامر الرئيس برّي شخصياً”، قال لنا أحدهم.

 عناصر مخابرات الجيش كانوا موجودين يرتدون سترات كتب عليها “مخابرات الجيش”، لكنهم لم يحركوا ساكناً، بل ضحكوا عندما سألتهم لم لا يتصرّفون مع هؤلاء ليؤمنوا وصولنا إلى القاعة بدون بلبلة. 

ركضت امرأة أربعينية، تحمل علم الحركة، متجهّمة غاضبة ورفعته في وجهنا، كأننا سنستفز ونرحل تلقائيّاً. وصلنا إلى القاعة سيراً على الأقدام وعلى أعين الجيش الذي لم يحرك ساكناً سامعاً الشتائم والصراخ:” بوجك لقدّام، ما تطلعي وراكي”.

 لم يقتصر الاعتداء على الرمي بالحجارة فقط، بل وصل إلى حد إطلاق الرصاص من مسدّسٍ حربي بإتّجاه سيارة المرشّح هشام حايك. ويروي حايك المرشّح عن دائرة الزهراني ما جرى معه قائلاً: ” بناءً على تعليمات الجيش، وعندما وجدنا الطريق المؤدية إلى الصالة مغلقة بالكامل، ركنّا سياراتنا على الطريق العام بانتظار أن يعيد الجيش فتح الطريق لنصل إلى القاعة. حصل الإشكال أمامنا وضُرب شابّان من الحاضرين عندما طلبوا فتح الطريق، فترجلت من سيارتي لأرى ما حصل وأتدخل. عندها، رآني شاب وتوجّه نحوي (ربما لأنني ألبس بذلة رسمية وهذا يعني أنني مرشّح)، وأطلق رصاصتين باتجاهنا وهذا ما يوضحه الفيديو المنشور. طلبت من الحشد الموجود معي العودة للحفاظ على سلامتهم، وانتظرت الباقين وزملائي العالقين داخل الصالة ليتم إجلاؤهم”. 

عن الجيش الذي أرسل فرقة المغاوير ليؤمّن نصاب جلسة الثقة لحكومة حسّان دياب أتحدّث. الجيش الذي قال لنا باسمه ضابط السرية برتبة نقيب “امسحوها بدقني” عندما اعترضنا على أدائهم، وقال لاحقاً عندما بدأ ضرب الحجارة: “فوتوا لجوّا، انتو عم تستفزّوهم بوقفتكم، إذا هجموا يضربوكم انا بهجم معن”. عن الجيش الذي يعمل بأمرة الوالي على المنطقة، والذي لم يتدخّل إلّا من بعد مناشدته لمدّة ساعتين وبعد أن وصل الخبر للإعلام وصار الاعتداء متداولاً بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

لاحقا علمنا ان حركة أمل اصدرت بيانا يتبرأ من هؤلاء، لكن البيان بدا مفارقة ساخرة من واقع نختبره يومياً في الجنوب.

خلال التحضير للمؤتمر، اقترح أحد الرفاق أن يتم تغيير مكان الحفل كون الصالة تقع في مكان “مكشوف أمنيّاً”، إلّا أنّنا أصرّينا على ابقائه في بلدة الصرفند لرمزيّة البلدة الزهرانية من جهة، ولاستبعاد فرضية تهجم أية جهة ومناصريها علينا من جهة أخرى، آخذين بعين الاعتبار تجربة إطلاق اللائحة في دائرة الجنوب الثالثة، حيث لم تقع أية إشكالات. المفاجأة تكمن في قصر نظر حركة أمل والقيّمين على شعبة الصرفند بشكلٍ خاص، لأنّهم ببساطة أعطوا اللائحة ما تطلبه من شد عصب ضد العنجهية والبلطجة وفائض القوّة وكتم الرأي الآخر. 

المرشحة عن دائرة صور الناشطة السياسية سارة سويدان قالت لـ”درج” أنّ أحداث الأمس لن تثني من عزيمة اللائحة، بل ستقوّي وتزيد منها. وأضافت: “نحنا رح نضل مخرز بعينه، وباقيين بالمواجهة، فهذه الطبقة الفاسدة تثبت كل يوم أنّها طبقة فاشلة، ومترهّلة وغير قادرة على جذب الناس ولذلك لجأت لهذه الأعمال لترهب كل صوت حر يقف في طريقها”. 

لائحة “معاً للتغيير” ستعلن عن مرشحيها وبرنامجها الانتخابي، والأكيد أنَّ هذه اللائحة التي تتنافس مع لوائح أخرى في الدائرة نفسها قد دخلت بيوت الجنوب، وكسبت الجولة أما الرأي العام على الأقل، عبر كشف بلطجة سلطة الأمر الواقع، كما أنّها كسبت شرعيّةَ لكونها اللائحة التغييرية الوحيدة في الدائرة. 

المخيب هو أنّ الأجهزة الأمنية المتواطئة سياسياً وأمنياً مع مفتعلي هذا الإشكال، لم تتدخّل لحماية الحاضرين العُزّل، بل اكتفت “بالطبطبة” لحاملي العصي والحجارة والمسدّسات لتمنع مجزرة أو تضارباً لا تتحمّل وطأته الأجهزة في المنطقة. 

إقرأوا أيضاً:

17.04.2022
زمن القراءة: 4 minutes
|
آخر القصص
 هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
أفراح ناصر - باحثة في المركز العربي في واشنطن | 12.10.2024
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
شكري الريان - كاتب فلسطيني سوري | 12.10.2024
لماذا أخفق حزب الله؟
ندى عبدالصمد - كاتبة وصحافية لبنانية | 12.10.2024
خطبة الوداع
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 11.10.2024

اشترك بنشرتنا البريدية