fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“فرحتنا لم تكتمل”… سوريون عاجزون عن العودة بعدما دُمّرت منازلهم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“فرحنا بسقوط النظام، فقررنا النزول إلى سوريا لكي نتفقد منازلنا وأراضينا، ولكن عندما وصلنا لم نجد شيئاً، فالحرب دمرت كل شيء، لذلك قررنا العودة مجدداً إلى لبنان”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لم نجد شيئاً”، تعبير كرره عدد من اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان الذين ذهبوا لتفقّد منازلهم، إثر سقوط نظام الأسد، وقد تلاشت آمالهم أمام الحقيقة المرّة، فكثيرون لم يجدوا أثراً لمنازلهم أو أملاكهم. فكان خيار كثيرين البقاء في لبنان، وإن كان ذلك يعني في الواقع الحياة في خيمة، لا تقي برد الشتاء ولا حرارة الصيف، في مخيمات لا تتوافر فيها أبسط مقوّمات المعيشة.

بحسب الدولية للمعلومات، ما زالت أرقام السوريين العائدين من لبنان محدودة، وهو ما يمكن أن تؤكده جولة قصيرة بين مخيمات اللجوء، التي ما زالت على حالها بقاعاً وشمالاً وفي كل مكان تقريباً. علماً أن في لبنان نحو 3100 مخيم عشوائي، يتركز معظمها في البقاع والشمال.

بحسب دراسة مسحية للدمار الحاصل أجراها معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) في 16 مدينة وبلدة في سوريا، تبين أن حلب أكبر المدن المتضررة من جراء القصف، حيث وصل عدد المباني المدمرة إلى نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ 35 ألف مبنى مدمر، وجاءت في المرتبة الثالثة مدينة حمص التي تدمر فيها 13778 بناء، ثم الرقة حيث 12781 بناء مدمراً، ومن ثم حماة بـ6405 أبنية، ودير الزور 6405، بالإضافة إلى مخيم اليرموك 5489 بناء.

عادوا مرة أخرى إلى لبنان

يعيش عبد العيسى أحمد في أحد مخيمات المنية شمال لبنان منذ عام 2012، يروي رحلته مع العودة التي لم تكتمل لـ”درج”، قائلاً: “فرحنا بسقوط النظام، فقررنا النزول إلى سوريا لكي نتفقد منازلنا وأراضينا، ولكن عندما وصلنا لم نجد شيئاً، فالحرب دمرت كل شيء، لذلك قررنا العودة مجدداً إلى لبنان”.

يضيف، “عدت إلى خيمتي، لأن منزلي في سوريا قد دمر بالكامل، وأنا لا أملك المال حتى أقوم بإعادة الإعمار التي تحتاج مبالغ طائلة، إضافة إلى صعوبة تأمين عمل لإعالة أسرتي في سوريا حالياً”.

حال محمد مع العودة تشبه حال عبد العيسى، الذي يعيش في أحد مخيمات شمال لبنان، وإثر سقوط النظام قرر العودة إلى مدينته حماة. يقول محمد، “البيوت مدمرة، لا كهرباء ولا ماء، الحياة شبه معدومة في مدينتي، لذلك اضطررت إلى العودة مرة أخرى إلى الخيمة التي كنت أسكن فيها، رغم صعوبة العيش هنا لكنني لا أملك خياراً”. 

وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجد حالياً 6.2 مليون لاجئ سوري خارج الوطن، أي ما يقارب ثلث سكان سوريا خارج بلادهم، 3 أرباعهم (76 في المئة) في الدول المجاورة، 3 ملايين منهم في تركيا، ونحو 775 ألفاً في لبنان، وأكثر من 600 ألف في الأردن، ونحو 300 ألف في العراق، وأكثر من 150 ألفاً في مصر.

في المقابل، كانت مديرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ريما جاموس إمسيس، صرّحت بأن نحو مليون لاجئ سوري من المتوقع أن يعودوا إلى بلدهم في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، داعية الدول الى الامتناع عن إعادتهم قسراً.  ومليون لاجئ يعني أقل من سدس عدد اللاجئين حول العالم، سيحصلون على فرصة العودة إلى أحضان الوطن، مع سقوط النظام.

“أنا غير قادرة على ترميم منزلي، فأنا أرملة ولا أملك عملاً، وسأضطر للبقاء في هذه الخيمة، بانتظار إعادة الإعمار في حال حصلت”. 

شتاء آخر بعيداً عن الوطن

شتاء آخر مع البرد القارس تمضيه عائلات سورية كثيرة في لبنان، في ظل تراجع المساعدات المقدمة من المفوضية العامة للأمم المتحدة في الفترة الأخيرة، ما يعني المزيد من المعاناة. فعلى رغم سقوط النظام الذي كان يمنع كثيرين من العودة، بخاصة المطلوبين للتجنيد الإجباري والمعارضين، لم يستطع هؤلاء التنعّم بالعودة، فالبلاد غير مجهزة لاستقبال أهلها حتى الآن.

ويرتبط ذلك بشكل أساسي، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمنازل والمنشآت، بصعوبة تأمين الخدمات الأساسية من المياه والكهرباء والإنترنت والتدفئة، لا سيما في موسم الشتاء.

تقول فاطمة، وهي لاجئة سورية تعيش مع عائلة أخرى في خيمة صغيرة، “أنا أرملة ولدي ابنة وحيدة، أملت بعد سقوط النظام بأن أعود لأعيش في منزلي في سوريا، لكن عندما ذهبت لم أجده، بل وجدت حطامه”. وتضيف، “أنا غير قادرة على ترميم منزلي، فأنا أرملة ولا أملك عملاً، وسأضطر للبقاء في هذه الخيمة، بانتظار إعادة الإعمار في حال حصلت”. 

اللاجئة روضة الفارس والتي تعيش مع ثلاث عائلات أخرى في خيمة واحدة، تصف الحياة بالمخيم بالرديئة جداً، “نحن هنا نعيش مع الحشرات والجرذان والفئران، لكن على رغم ذلك أنا لا أستطيع العودة إلى سوريا والعيش هناك لأن منزلي قد دمر بالكامل ولا أستطيع إصلاحه، كما أننا لا نعرف من أين سنأكل ونشرب في سوريا، على الأقل في لبنان تصلنا بعض المساعدات”.

حال روضة وفاطمة هو حال معظم السوريين الذين يعيشون في لبنان، فعلى الرغم من مضي قرابة الشهر على سقوط النظام، عودة السوريين إلى بلادهم لا تزال خجولة، إذ تقدر بحوالى الـ50 ألف لاجئ، بحسب بعض التقديرات غير المؤكدة، بينما أعداد السوريين الموجودين في لبنان تقدّر بحوالى المليون ونصف المليون لاجئ وفق أرقام الحكومة اللبنانية، فيما تشير تقديرات أخرى إلى نحو 750 ألف لاجئ.

90% من سكان سوريا يعتمدون على المساعدات

تقول ريما جاموس إمسيس، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفوضية اللاجئين، أن أكثر من سبعة ملايين شخص نزحوا داخلاً بالفعل في البلاد، وأن أكثر من 90 في المئة من السكان يحتاجون إلى الدعم الإنساني للبقاء على قيد الحياة.

وأصدرت مفوضية اللاجئين خطة لسوريا تسعى إلى جمع “310 ملايين دولار لتلبية الاحتياجات الحرجة لما يصل إلى مليون لاجئ سوري عائد من المتوقع أن يصلوا إلى سوريا بين كانون الثاني/ يناير وحزيران/ يونيو المقبل”.

ويشهد الاقتصاد السوري أزمة غير مسبوقة، تشمل ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وضعف الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصحة، ما يشكل عائقاً كبيراً أمام عودة اللاجئين، كما أن الحرب دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية.

على الرغم من الواقع الصعب الذي يعيشه السوريون في لبنان، فبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، نحو “90 في المئة من العائلات السورية اللاجئة في لبنان تعيش فقراً مدقعاً جراء الانهيار الاقتصادي”، إنما يبدو ألا خيار آخر أمامهم الآن، بانتظار خطة إعادة الإعمار، والتي يبدو أنها ستستغرق سنوات طويلة، تحترق في عمر سوريا وأهلها.

بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 01.02.2025

في اليوم العالمي للحجاب: مانيفستو لحجاب اختياري

الحجاب مجرد عادة، تحوّلت بحكم العُرف إلى مظهر ديني، ليس أكثر، فمفسرو القرآن الأوائل الذين استسهلوا النقل وغلّبوه على العقل، لمحدودية معارفهم وضعف قدراتهم التحليلية آنذاك، فسروا "آيات الحجاب" بمعزل عن سياقها التاريخي وأسباب نزولها…
13.01.2025
زمن القراءة: 5 minutes

“فرحنا بسقوط النظام، فقررنا النزول إلى سوريا لكي نتفقد منازلنا وأراضينا، ولكن عندما وصلنا لم نجد شيئاً، فالحرب دمرت كل شيء، لذلك قررنا العودة مجدداً إلى لبنان”.

“لم نجد شيئاً”، تعبير كرره عدد من اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان الذين ذهبوا لتفقّد منازلهم، إثر سقوط نظام الأسد، وقد تلاشت آمالهم أمام الحقيقة المرّة، فكثيرون لم يجدوا أثراً لمنازلهم أو أملاكهم. فكان خيار كثيرين البقاء في لبنان، وإن كان ذلك يعني في الواقع الحياة في خيمة، لا تقي برد الشتاء ولا حرارة الصيف، في مخيمات لا تتوافر فيها أبسط مقوّمات المعيشة.

بحسب الدولية للمعلومات، ما زالت أرقام السوريين العائدين من لبنان محدودة، وهو ما يمكن أن تؤكده جولة قصيرة بين مخيمات اللجوء، التي ما زالت على حالها بقاعاً وشمالاً وفي كل مكان تقريباً. علماً أن في لبنان نحو 3100 مخيم عشوائي، يتركز معظمها في البقاع والشمال.

بحسب دراسة مسحية للدمار الحاصل أجراها معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) في 16 مدينة وبلدة في سوريا، تبين أن حلب أكبر المدن المتضررة من جراء القصف، حيث وصل عدد المباني المدمرة إلى نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ 35 ألف مبنى مدمر، وجاءت في المرتبة الثالثة مدينة حمص التي تدمر فيها 13778 بناء، ثم الرقة حيث 12781 بناء مدمراً، ومن ثم حماة بـ6405 أبنية، ودير الزور 6405، بالإضافة إلى مخيم اليرموك 5489 بناء.

عادوا مرة أخرى إلى لبنان

يعيش عبد العيسى أحمد في أحد مخيمات المنية شمال لبنان منذ عام 2012، يروي رحلته مع العودة التي لم تكتمل لـ”درج”، قائلاً: “فرحنا بسقوط النظام، فقررنا النزول إلى سوريا لكي نتفقد منازلنا وأراضينا، ولكن عندما وصلنا لم نجد شيئاً، فالحرب دمرت كل شيء، لذلك قررنا العودة مجدداً إلى لبنان”.

يضيف، “عدت إلى خيمتي، لأن منزلي في سوريا قد دمر بالكامل، وأنا لا أملك المال حتى أقوم بإعادة الإعمار التي تحتاج مبالغ طائلة، إضافة إلى صعوبة تأمين عمل لإعالة أسرتي في سوريا حالياً”.

حال محمد مع العودة تشبه حال عبد العيسى، الذي يعيش في أحد مخيمات شمال لبنان، وإثر سقوط النظام قرر العودة إلى مدينته حماة. يقول محمد، “البيوت مدمرة، لا كهرباء ولا ماء، الحياة شبه معدومة في مدينتي، لذلك اضطررت إلى العودة مرة أخرى إلى الخيمة التي كنت أسكن فيها، رغم صعوبة العيش هنا لكنني لا أملك خياراً”. 

وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجد حالياً 6.2 مليون لاجئ سوري خارج الوطن، أي ما يقارب ثلث سكان سوريا خارج بلادهم، 3 أرباعهم (76 في المئة) في الدول المجاورة، 3 ملايين منهم في تركيا، ونحو 775 ألفاً في لبنان، وأكثر من 600 ألف في الأردن، ونحو 300 ألف في العراق، وأكثر من 150 ألفاً في مصر.

في المقابل، كانت مديرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ريما جاموس إمسيس، صرّحت بأن نحو مليون لاجئ سوري من المتوقع أن يعودوا إلى بلدهم في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، داعية الدول الى الامتناع عن إعادتهم قسراً.  ومليون لاجئ يعني أقل من سدس عدد اللاجئين حول العالم، سيحصلون على فرصة العودة إلى أحضان الوطن، مع سقوط النظام.

“أنا غير قادرة على ترميم منزلي، فأنا أرملة ولا أملك عملاً، وسأضطر للبقاء في هذه الخيمة، بانتظار إعادة الإعمار في حال حصلت”. 

شتاء آخر بعيداً عن الوطن

شتاء آخر مع البرد القارس تمضيه عائلات سورية كثيرة في لبنان، في ظل تراجع المساعدات المقدمة من المفوضية العامة للأمم المتحدة في الفترة الأخيرة، ما يعني المزيد من المعاناة. فعلى رغم سقوط النظام الذي كان يمنع كثيرين من العودة، بخاصة المطلوبين للتجنيد الإجباري والمعارضين، لم يستطع هؤلاء التنعّم بالعودة، فالبلاد غير مجهزة لاستقبال أهلها حتى الآن.

ويرتبط ذلك بشكل أساسي، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمنازل والمنشآت، بصعوبة تأمين الخدمات الأساسية من المياه والكهرباء والإنترنت والتدفئة، لا سيما في موسم الشتاء.

تقول فاطمة، وهي لاجئة سورية تعيش مع عائلة أخرى في خيمة صغيرة، “أنا أرملة ولدي ابنة وحيدة، أملت بعد سقوط النظام بأن أعود لأعيش في منزلي في سوريا، لكن عندما ذهبت لم أجده، بل وجدت حطامه”. وتضيف، “أنا غير قادرة على ترميم منزلي، فأنا أرملة ولا أملك عملاً، وسأضطر للبقاء في هذه الخيمة، بانتظار إعادة الإعمار في حال حصلت”. 

اللاجئة روضة الفارس والتي تعيش مع ثلاث عائلات أخرى في خيمة واحدة، تصف الحياة بالمخيم بالرديئة جداً، “نحن هنا نعيش مع الحشرات والجرذان والفئران، لكن على رغم ذلك أنا لا أستطيع العودة إلى سوريا والعيش هناك لأن منزلي قد دمر بالكامل ولا أستطيع إصلاحه، كما أننا لا نعرف من أين سنأكل ونشرب في سوريا، على الأقل في لبنان تصلنا بعض المساعدات”.

حال روضة وفاطمة هو حال معظم السوريين الذين يعيشون في لبنان، فعلى الرغم من مضي قرابة الشهر على سقوط النظام، عودة السوريين إلى بلادهم لا تزال خجولة، إذ تقدر بحوالى الـ50 ألف لاجئ، بحسب بعض التقديرات غير المؤكدة، بينما أعداد السوريين الموجودين في لبنان تقدّر بحوالى المليون ونصف المليون لاجئ وفق أرقام الحكومة اللبنانية، فيما تشير تقديرات أخرى إلى نحو 750 ألف لاجئ.

90% من سكان سوريا يعتمدون على المساعدات

تقول ريما جاموس إمسيس، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفوضية اللاجئين، أن أكثر من سبعة ملايين شخص نزحوا داخلاً بالفعل في البلاد، وأن أكثر من 90 في المئة من السكان يحتاجون إلى الدعم الإنساني للبقاء على قيد الحياة.

وأصدرت مفوضية اللاجئين خطة لسوريا تسعى إلى جمع “310 ملايين دولار لتلبية الاحتياجات الحرجة لما يصل إلى مليون لاجئ سوري عائد من المتوقع أن يصلوا إلى سوريا بين كانون الثاني/ يناير وحزيران/ يونيو المقبل”.

ويشهد الاقتصاد السوري أزمة غير مسبوقة، تشمل ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وضعف الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصحة، ما يشكل عائقاً كبيراً أمام عودة اللاجئين، كما أن الحرب دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية.

على الرغم من الواقع الصعب الذي يعيشه السوريون في لبنان، فبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، نحو “90 في المئة من العائلات السورية اللاجئة في لبنان تعيش فقراً مدقعاً جراء الانهيار الاقتصادي”، إنما يبدو ألا خيار آخر أمامهم الآن، بانتظار خطة إعادة الإعمار، والتي يبدو أنها ستستغرق سنوات طويلة، تحترق في عمر سوريا وأهلها.