fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“فيتو” السلاح إذ يشكّل حكومات لبنان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعرف “حزب الله”، ونعرف نحن أيضاً، أنه يملك “فيتو” هو سلاحه. ويُفترَض أن ندرك أيضاً سبب إصرار الحزب دائماً على إعطاء هذا السلاح شرعيته الدستورية من خلال ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في 7 أيار/ مايو 2008، استعمل “حزب الله” الفيتو الحقيقي الذي يملكه من خارج المؤسسات الرسمية، ليصنع اليوم الذي اعتبره أمين عام الحزب مجيداً!

قدح الذاكرة ضروري، وضروريته قد تُفضي إلى فهم الجدل الراهن حول موقع الشيعية السياسية في التوازنات الداخلية وربطه بتمسك الثنائي، “حزب الله” و”حركة أمل” بوزارة المالية، وتالياً بالتوقيع الذي يمنح وزير المالية شراكةً مع رئيسي الجمهورية والحكومة في كل ما يسلتزم صرفاً مالياً، وهو غالباً أمر تستوجبه معظم القرارات والمراسم الصادرة عن السلطة .

في الأعلى ما يشي بأن التوقيع المذكور يمنح الشيعية السياسية “فيتو” على كل ما لا يتفق مع توجهاتها، لكنه فيتو إذا ما أُعمِلت الذاكرة، لم يستعمله الثنائي (تحديداً حركة أمل) إلا في الجدل الذي أثارته ترقية ضباط “دورة عون”، وهو أمر لا يرقى إلى مصاف الأحداث التي يعتبرها الثنائي الشيعي وتحديداً “حزب الله”، مسَّاً بمسلماته.

يومها اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أن مرسوم الترقية ليس في حاجة إلى توقيع وزير المال، فيما أصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على عدم شرعية المرسوم المذكور، ما لم يذيل بتوقيع وزير المال حينها علي حسن خليل المحسوب طبعاً على نبيه بري، بل اعتُبر “التوقيع المقدس” الذي رفعه جمهور أمل كـ”هاشتاغ”، وفي بيئة تتقن صناعة المقدسات، ضرباً للميثاقية التي ترتبط بتوقيع الوزير، والتي عادت راهناً ومن خلال التوقيع ذاته، لتكون الحدث الذي تقف على أعتابه ولادة الحكومة.

المفارقة أن الجدل المذكور انتهى على الطريقة اللبنانية بتسوية مرر خلالها عون وبري مرادهما وبتوقيع وزير المال .

الميثاقية الراهنة التي يؤسس لها التوقيع تبدو متهافتة أمام ميثاقيات أخرى دأب ثنائي الطائفة السلطوي على التمسك بها وفرضها منذ الزلزال الذي ضرب لبنان عام 2005 وأدى إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي تلاه انسحاب جيش نظام الوصاية السوري الذي كان حتى ذلك الزلزال، يملك وحده مشقة إدارة التوازنات الداخلية. وأغلب الظن أنَّ الانسحاب المذكور هو الذي فرض على “حزب الله” ملء فراغه، وبالتالي ولّد الميثاقيات التي أنتجت الميثاقية التي يصنعها راهناً توقيع وزير.

أولى هذه “الميثاقيات” التي شهرها الثنائي الشيعي في وجه الحكومة التي رأَسَها فؤاد السنيورة (2005 -2008) كانت في جلسة مجلس الوزراء التي تم التصويت فيها على المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الحريري، حينها اعتكف الوزراء الشيعة المحسوبون على “حزب الله” و”أمل”، وهم في المحصلة مجمل التمثيل الشيعي في الحكومة التي لاحقها منذ ذاك الوقت، وصف الرئيس بري لها بالبتراء. وهو عموماً العُرف الذي تكرس حتى اليوم بتسمية جميع الوزراء الشيعة من الثنائي الشيعي كرصيد ميثاقي وازن، فيما الحالة اليتيمة التي خرقت هذه الميثاقية كانت في حكومة سعد الحريري (2009-2011)، لكنها حالة لا يمكن أن يبتدعها إلا عقل يعرف كيف يقدم في الشكل ما لا يقدمه في المضمون .

عدنان السيد حسين، “الوزير الملك” في حكومة سعد الحريري التي قامت على عشرات ثلاث، هو الوزير الشيعي الذي كان “وديعة” الثنائي في حصة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، و”التقريشة” المذكورة كانت تفترض عدم حصول أي من القوى التي كانت حينها تشطر المشهد السياي، أو ما كان يُعرف بقوى 8 و14 آذار، على الثلث المعطل الذي إن صحَّ بالشكل حينها، فقد بدا بالمضمون مُعطلاً ناجزاً حين قدَّم السيد حسين استقالته مع وزراء الثامن من آذار، وسقطت بتلك الاستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري الذي كان يهم يومها بدخول البيت الأبيض.

في 7 أيار/ مايو 2008، استعمل “حزب الله” الفيتو الحقيقي الذي يملكه من خارج المؤسسات الرسمية، ليصنع اليوم الذي اعتبره أمين عام الحزب مجيداً!

“الميثاقيتان” أعلاه ضروريتان إذاً، لفهم الخشية التي يبديها الثنائي الشيعي (تحديداً حزب الله) من حكومة مصطفى أديب المفترضة، وبتمسكهما بوزارة المالية “كميثاقية” وحيدة يتوفر ابتداعها آنياً من خلال توقيع، لا سيما أنَّهما لا يملكان أياً من “الميثاقيتين” أعلاه، سواء بتسمية الوزراء الشيعة فيها، أو بالحصول على الثلث المعطل، حتى ولو تسرب منهما كلام كثير عن الميثاقيتين، إذ يدركان أنه ترف سياسي لن يجد قابلية عند الوصي الفرنسي الجديد.

عود على بدء، وفيما يفقد الثنائي الشيعي “ميثاقيتين” لازمتا تشكيل حكومات لبنان منذ حكومة الرئيس السنيورة، ويفاوض على ميثاقية قوامها توقيع وزير، وفيما الميثاقيات الثلاث تأتي أقله في اثنتين منها كبدع دستورية، لكن من داخل المؤسسات الشرعية، يعرف “حزب الله”، ونعرف نحن أيضاً، أنه يملك “فيتو” هو سلاحه. ويُفترَض أن ندرك أيضاً سبب إصرار الحزب دائماً على إعطاء هذا السلاح شرعيته الدستورية من خلال ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، التي صارت ديدناً في بيانات الحكومات المتعاقبة وإن من خارج تلك المؤسسات، وهو ما دفع بالحزب وحلفائه إلى القيام بغزوة أيار في اتكاء واضح على تلك الشرعية الحكومية. وتحت عنوان عدم المس بهذا السلاح، لكنه، أي الحزب، يرفع اليوم من شأن توقيع وزير غالباً ما كان قبل ذلك محسوباً على “أمل”، وبتعفف من قِبله لأنه يدرك على الأرجح أن “الفيتو” الذي سيتنكبه سلاحه إذا ما قُدِّر لحكومة أديب أن تذهب باتجاه الخطوط التي يرسمها للبنان واللبنانيين، غير متاح على الأرجح، أقله راهناً .

هاني عضاضة | 15.01.2025

في ضرورة دفن الجمهورية اللبنانيّة الثانية

لا شك في أن خطاب القسم لرئيس الجمهورية المنتخب بأكثرية 99 صوتاً، العماد جوزف عون، تاريخي. ولا شك في أن تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة الأولى في عهد عون بغالبية 85 صوتاً يؤسس لمرحلة جديدة من تاريخ لبنان. لكن يجب التمييز بدقة بين المراحل، فشتّان بين افتتاح مرحلة جديدة يشهد فيها البلد بضع سنوات…
18.09.2020
زمن القراءة: 4 minutes

يعرف “حزب الله”، ونعرف نحن أيضاً، أنه يملك “فيتو” هو سلاحه. ويُفترَض أن ندرك أيضاً سبب إصرار الحزب دائماً على إعطاء هذا السلاح شرعيته الدستورية من خلال ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

في 7 أيار/ مايو 2008، استعمل “حزب الله” الفيتو الحقيقي الذي يملكه من خارج المؤسسات الرسمية، ليصنع اليوم الذي اعتبره أمين عام الحزب مجيداً!

قدح الذاكرة ضروري، وضروريته قد تُفضي إلى فهم الجدل الراهن حول موقع الشيعية السياسية في التوازنات الداخلية وربطه بتمسك الثنائي، “حزب الله” و”حركة أمل” بوزارة المالية، وتالياً بالتوقيع الذي يمنح وزير المالية شراكةً مع رئيسي الجمهورية والحكومة في كل ما يسلتزم صرفاً مالياً، وهو غالباً أمر تستوجبه معظم القرارات والمراسم الصادرة عن السلطة .

في الأعلى ما يشي بأن التوقيع المذكور يمنح الشيعية السياسية “فيتو” على كل ما لا يتفق مع توجهاتها، لكنه فيتو إذا ما أُعمِلت الذاكرة، لم يستعمله الثنائي (تحديداً حركة أمل) إلا في الجدل الذي أثارته ترقية ضباط “دورة عون”، وهو أمر لا يرقى إلى مصاف الأحداث التي يعتبرها الثنائي الشيعي وتحديداً “حزب الله”، مسَّاً بمسلماته.

يومها اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أن مرسوم الترقية ليس في حاجة إلى توقيع وزير المال، فيما أصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على عدم شرعية المرسوم المذكور، ما لم يذيل بتوقيع وزير المال حينها علي حسن خليل المحسوب طبعاً على نبيه بري، بل اعتُبر “التوقيع المقدس” الذي رفعه جمهور أمل كـ”هاشتاغ”، وفي بيئة تتقن صناعة المقدسات، ضرباً للميثاقية التي ترتبط بتوقيع الوزير، والتي عادت راهناً ومن خلال التوقيع ذاته، لتكون الحدث الذي تقف على أعتابه ولادة الحكومة.

المفارقة أن الجدل المذكور انتهى على الطريقة اللبنانية بتسوية مرر خلالها عون وبري مرادهما وبتوقيع وزير المال .

الميثاقية الراهنة التي يؤسس لها التوقيع تبدو متهافتة أمام ميثاقيات أخرى دأب ثنائي الطائفة السلطوي على التمسك بها وفرضها منذ الزلزال الذي ضرب لبنان عام 2005 وأدى إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي تلاه انسحاب جيش نظام الوصاية السوري الذي كان حتى ذلك الزلزال، يملك وحده مشقة إدارة التوازنات الداخلية. وأغلب الظن أنَّ الانسحاب المذكور هو الذي فرض على “حزب الله” ملء فراغه، وبالتالي ولّد الميثاقيات التي أنتجت الميثاقية التي يصنعها راهناً توقيع وزير.

أولى هذه “الميثاقيات” التي شهرها الثنائي الشيعي في وجه الحكومة التي رأَسَها فؤاد السنيورة (2005 -2008) كانت في جلسة مجلس الوزراء التي تم التصويت فيها على المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الحريري، حينها اعتكف الوزراء الشيعة المحسوبون على “حزب الله” و”أمل”، وهم في المحصلة مجمل التمثيل الشيعي في الحكومة التي لاحقها منذ ذاك الوقت، وصف الرئيس بري لها بالبتراء. وهو عموماً العُرف الذي تكرس حتى اليوم بتسمية جميع الوزراء الشيعة من الثنائي الشيعي كرصيد ميثاقي وازن، فيما الحالة اليتيمة التي خرقت هذه الميثاقية كانت في حكومة سعد الحريري (2009-2011)، لكنها حالة لا يمكن أن يبتدعها إلا عقل يعرف كيف يقدم في الشكل ما لا يقدمه في المضمون .

عدنان السيد حسين، “الوزير الملك” في حكومة سعد الحريري التي قامت على عشرات ثلاث، هو الوزير الشيعي الذي كان “وديعة” الثنائي في حصة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، و”التقريشة” المذكورة كانت تفترض عدم حصول أي من القوى التي كانت حينها تشطر المشهد السياي، أو ما كان يُعرف بقوى 8 و14 آذار، على الثلث المعطل الذي إن صحَّ بالشكل حينها، فقد بدا بالمضمون مُعطلاً ناجزاً حين قدَّم السيد حسين استقالته مع وزراء الثامن من آذار، وسقطت بتلك الاستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري الذي كان يهم يومها بدخول البيت الأبيض.

في 7 أيار/ مايو 2008، استعمل “حزب الله” الفيتو الحقيقي الذي يملكه من خارج المؤسسات الرسمية، ليصنع اليوم الذي اعتبره أمين عام الحزب مجيداً!

“الميثاقيتان” أعلاه ضروريتان إذاً، لفهم الخشية التي يبديها الثنائي الشيعي (تحديداً حزب الله) من حكومة مصطفى أديب المفترضة، وبتمسكهما بوزارة المالية “كميثاقية” وحيدة يتوفر ابتداعها آنياً من خلال توقيع، لا سيما أنَّهما لا يملكان أياً من “الميثاقيتين” أعلاه، سواء بتسمية الوزراء الشيعة فيها، أو بالحصول على الثلث المعطل، حتى ولو تسرب منهما كلام كثير عن الميثاقيتين، إذ يدركان أنه ترف سياسي لن يجد قابلية عند الوصي الفرنسي الجديد.

عود على بدء، وفيما يفقد الثنائي الشيعي “ميثاقيتين” لازمتا تشكيل حكومات لبنان منذ حكومة الرئيس السنيورة، ويفاوض على ميثاقية قوامها توقيع وزير، وفيما الميثاقيات الثلاث تأتي أقله في اثنتين منها كبدع دستورية، لكن من داخل المؤسسات الشرعية، يعرف “حزب الله”، ونعرف نحن أيضاً، أنه يملك “فيتو” هو سلاحه. ويُفترَض أن ندرك أيضاً سبب إصرار الحزب دائماً على إعطاء هذا السلاح شرعيته الدستورية من خلال ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، التي صارت ديدناً في بيانات الحكومات المتعاقبة وإن من خارج تلك المؤسسات، وهو ما دفع بالحزب وحلفائه إلى القيام بغزوة أيار في اتكاء واضح على تلك الشرعية الحكومية. وتحت عنوان عدم المس بهذا السلاح، لكنه، أي الحزب، يرفع اليوم من شأن توقيع وزير غالباً ما كان قبل ذلك محسوباً على “أمل”، وبتعفف من قِبله لأنه يدرك على الأرجح أن “الفيتو” الذي سيتنكبه سلاحه إذا ما قُدِّر لحكومة أديب أن تذهب باتجاه الخطوط التي يرسمها للبنان واللبنانيين، غير متاح على الأرجح، أقله راهناً .

18.09.2020
زمن القراءة: 4 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية