تعرض طالب سوري في الصف السابع للضرب المبرح في منطقة كتشوك شكمجي في إسطنبول، بُعيد انصراف التلاميذ من مدرستهم، فاعتدت عليه مجموعة من الطلاب الأتراك، الذين قاموا بالتهجم لفظياً على الطالب بعبارات عنصرية، ثم انهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه، وقام أحد المارة بإسعافه إلى أحد المستشفيات الحكومية.
أكد والد الطفل أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها نجله للاعتداء، فقد سبق أن تعرض لاعتداء عنصري آخر منذ فترة، وتواصل إثر ذلك مع إدارة المدرسة وبعض المعلمين، لكن المدرسة لم تتخذ أي إجراء لحمايته.
يأخذ خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا منحى تصاعدياً، يزداد خطورة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وأسعار السلع الأساسية، في البلاد التي باتت المقصد الأول للفارين من جحيم الحروب وأنظمة الاستبداد والقمع والفساد في الشرق الأوسط.
وقائع الاعتداءات ذات الطابع العنصري على الطلاب السوريين في المدارس الحكومية التركية تسير في اتجاه تصاعدي خلال الفترة السابقة، ويؤكد الأستاذ طه الغازي، في منشور له على “فايسبوك”، أن السلوكيات العنصرية لم تعد تقتصر على فئة من الطلاب الأتراك، بل إن تلك السلوكيات العنصرية بدأت تأخذ حيزاً جلياً لدى شريحة من الكوادر التعليمية والإدارية في المراكز التعليمية.
كما تعرضت فتاة سورية لخطاب الكراهية على الهواء مباشرة، أثناء لقاء أجري معها في الشارع أرادت أن تشرح عبره حقيقة الوجود السوري في تركيا، وتفند بعض الأكاذيب التي تنسج حول المساعدات التي يتلقاها السوريون، فتعرضت لهجوم من عدد من المارة الأتراك، موجهين لها إهانات، لكن المثير في هذا الخطاب هو طبيعة الهجوم وانتقاد السوريين في أمور حياتية بسيطة، كأنهم يشترون بعض المواد الغذائية والفواكه، وتحديداً الموز.
انتشر اللقاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسمي بفيديو الموز، وتحولت هذه الحادثة إلى تريند على السوشيال ميديا، وباتت محط تندر السوريين وسخريتهم، إذ استهجنوا أن يتم انتقادهم لأنهم يمارسون أبسط حقوقهم كبشر، وكأنه ليس من حق اللاجئ أن يأكل ما يشتهي.
ولم يأخذ خطاب الكراهية التي تعرضت له الفتاة على الهواء مباشرة أي صدى لدى الحكومة التركية، ولم يُعاقب أي من المعتدين عليها وعلى سوريين آخرين في مدن تركية مختلفة. وزارة الداخلية التركية أعلنت عن توقيف سبعة أشخاص “أجانب” نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي محتوى عن “أكل الموز”. وقالت إنها تتخذ إجراءات بشأن ترحيلهم، وحذرت من أنه سيتم تحديد هوية كل من ينشر مثل هذه الأمور، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.
لا يمكن تفسير هذا الاجراء إلا بأنه محاولة للهروب إلى الخلف، فبدل النظر إلى أسباب سخط بعض الأتراك من الوجود السوري، والبحث عن إجابات لأسئلة باتت ملحة حول الواقع المعيشي في تركيا، وارتفاع الأسعار الذي منع شريحة واسعة من شراء الكثير من المواد الغذائية، مثل الموز، وتفاقم أزمة البطالة وانخفاض الأجور، ذهبت الحكومة التركية إلى معاقبة بعض المتندرين على هذا الواقع الهزلي.
إقرأوا أيضاً:
لعقد من الزمن، أي مدة اللجوء السوري الى تركيا، غلب الود على العلاقات بين الأتراك والسوريين وبرز تعاطف محلي تركي مع محنة السوريين في مناسبات عدة فسارت مسيرات داعمة، وفي تلك الأثناء اقتصر الخطاب المناوئ للسوريين على فئات سياسية ضيقة، ولم يكن هذا الخطاب يأخذ أي صدى شعبي.
ولكن ومع تصاعد التنافس في الانتخابات البلدية التركية عام 2019، واستخدام الأحزاب المعارضة ورقة اللاجئين السوريين لكسب الأصوات، وانجرار مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم إلى تلك اللعبة، وإطلاق تصريحات تتنافى مع مجمل السياسات المعلنة من قبل “العدالة والتنمية” إزاء اللاجئين السوريين في تركيا، أصبح ملف اللاجئين السوريين من أبرز أدوات الصراع السياسي في تركيا.
لم تنته الحرب التي فتحت ضد اللاجئين السوريين مع انتهاء الانتخابات، بل تصاعدت أكثر، لا سيما بعد خسارة حزب “العدالة والتنمية” أبرز المدن التركية بما فيها إسطنبول وأنقرة، ما دفعه إلى التماهي أكثر مع الخطابات الشعبوية. وبدلاً من إجراء مراجعات حقيقية، تحول للرد على الخطاب الطارد للسوريين عبر تنفيذ واحدة من أوسع حملات الترحيل للسوريين في إسطنبول، كما اتخذ إجراءات صارمة تحد من حركة السوريين بين المدن والولايات التركية.
وعلى رغم أن موعد الانتخابات العامة والرئاسية المقبلة في تركيا بعد عامين، إلا أن الأحزاب التركية دخلت في دائرة الصراع الانتخابي مبكراً جداً، ما يزيد من سخونة ملف اللاجئين السوريين، لا سيما في ظل غياب برامج سياسية واقتصادية ترضي الشارع.
إقرأوا أيضاً: