fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

في العراق انتحار العراقيات والعراقيين يتزايد: أسباب كثيرة من بينها “تعب الحياة”!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بلغ عدد المنتحرين في العام 2019 في عموم العراق 549 حالة… أسباب الانتحار كثيرة منها “وجع الحياة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لأنها لا تمتلك شجاعة حرق جسدها، أو إطلاق رصاصة في صدغها، أو لفّ حبل مشنقة فوق رقبتها، اختارت سناء (26 عاماً) ان تتناول خليط حبوب جمعته من الأدوية المتوفرة في منزلها. بعدها بساعات سمعت شقيقتها صوت أنينها الذي بدأ يتصاعد مع اشتداد الألم، ونُقلت على إثر ذلك إلى المستشفى لإجراء غسيل المعدة. 

نجت سناء من الموت انتحاراً، من دون ان تعرف أسرتها سبباً لإقدامها على فعلتها هذه. شقيقها المُقيم في ألمانيا وحده يعرف السبب: حين كانت سناء في الخامسة عشرة من عمرها تعرضت لاعتداء جنسي من قبل شقيقها الذي يكبرها بسبعة أعوام. كانت تشرب الماء في المطبخ، وحين اغلقت باب الثلاجة وجدت اخاها يقف خلفها، وقد ألصق جسده بها، وأطبق بيده على فمها ليمنعها من الصراخ…

فشلت سناء في الانتحار فكتبت لها النجاة، فيما “نجحت” 132 سيدة أخرى في الإنتحار منذ بداية العام 2020 وحتى 20 أيلول/سبتمبر منه. كما سجلت 169 حالة انتحار بين الذكور، ليستقر الرقم عند 301 حالة انتحار سجلها العراق في تسعة أشهر. وتصدرت بغداد القائمة بـ68 حالة انتحار، تتوزع بين 40 حالة بين الإناث، و28 بين الذكور. 

في منطقة الشعلة غرب بغداد وُجد عبد الرحمن (30 عاماً) مشنوقاً بحبل في غرفة منزله الذي “لا يصلح للعيش البشري” بحسب تعبير والدته. توفي والده، معيل العائلة، حين كان عبد الرحمن في العاشرة من عمره، ليتحمّل الصبي مسؤولية العائلة في سنٍ مُبكرة: “لم يتهاون ولدي في تحمّل المسؤولية على الرغم من أنه كان يتذمر في كثير من الأحيان، حظهُ العاثر حرمه من الحصول على وظيفة حكومية تحفظ له كرامته على الرغم من حصوله على شهادة البكالوريوس من كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة بغداد”.

بلغ عدد المنتحرين في العام 2019 في عموم العراق  549 حالة.

ترك عبد الرحمن والدته الستينية، وشقيقتين تدرسان في الجامعة وثالثة متزوجة، ورحل باختياره: “كلما تعرض ابني لنوعٍ من الاهانة في عمله كان يتمنى الموت، احياناً كان يقول انه لا يمتلك الشجاعة الكافية ولو امتلكها لانتحر، لقد عمل في مهن لا علاقة لها بشهادته جامعية، حمّال وعامل بناء، حتى انه كان يبيع قناني المياه المعدنية في تقاطعات العاصمة”. في النهاية فعلها عبد الرحمن. قتل نفسه. 

العنف الأسري والبطالة وأسباب أخرى

بلغ عدد المنتحرين في العام 2019 في عموم العراق 549 حالة، 285 منهم ذكور، و253 اناث، بحسب إحصاءات مفوضية حقوق الإنسان، وكانت محافظة كركوك المتصدرة لقائمة المنتحرين مع 106 حالات. 

لم تضع المفوضية احصائيات جديدة لاعداد المنتحرين لعام 2020 بعد، وهي لا تزال قابلة للازدياد بعد أن شهد العراق خلال 24 ساعة فقط في أحد ايام تشرين الأول/اكتوبر من هذا العام 6 حالات انتحار. لكن ما نشرته مفوضية حقوق الإنسان بين عاميّ 2018 و2020 من احصائيات تؤكد أن الحالات في تزايد مستمر، بعد أن كان عدد المنتحرين في عموم العراق يبلغ 319 شخصاً في العام 2018. 

وأسباب الإنتحار كثيرة، منها “وجع الحياة” بحسب تعبير شهير للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وهذا يتقاطع مع ما يقوله عضو المفوضية لـ”درج”: “أهم الأسباب هو تردي الواقع الاقتصادي وارتفاع نسبة الفقر التي وصلت إلى اكثر من 35% فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة التي تفاقمت مع انتشار وباء كورونا وبالتالي ازدادت المشاكل الاجتماعية وارتفعت نسبة الانتحار مع انتشار الوباء”. ويشير إلى أسباب أخرى أبرزها “غياب الوعي الاجتماعي، وعدم الاهتمام بالصحة النفسية والعقلية  فضلاً عن غياب خطة واضحة من قبل الدولة للتعامل مع هذه المشاكل وعدم استيعاب الحكومة لطموحات الشباب، وتوفير مراكز تهتم بتثقيفهم، وتطوير مهاراتهم، فضلا عن العجز الحكومي في حل مشكلة البطالة”. 

في مدينة الديوانية جنوبي العراق، سجّلت حالة خديجة(21 عاماً)، كـ”محاولةُ انتحار” بعد أن جرى نقلها الى مستشفى الديوانية، في نيسان/ابريل 2020، وهي تعاني من حروق بالغة في وجهها وجسدها. بعد رفضها “منحه حقوقه الزوجية”، كما تقول، ودخولها معه في سجال لفظي، حاول زوجها اغتصابها، فخرجت من المنزل صارخة في محاولة طلب النجدة، فما كان منه إلا أن جرّها بالقوة إلى مساحة داخلية في المنزل و”رشّني بالنفط وأشعل النار”. لإنقاذ الزوج، وستراً للـ”فضيحة”، سُجّلت الحادثة على أنها “محاولة انتحار”. منى الهلالي رئيسة منظمة “أور” لثقافة المرأة والطفل تؤكد “أن آلاف الحالات تشبه حالة خديجة، تُسجل حالات القتل المتعمدة للنساء على انها انتحار او محاولة انتحار، خاصة في المناطق الجنوبية، الخاضعة لسيطرة وحكم العشائر والقبائل”. 

03.11.2020
زمن القراءة: 3 minutes

بلغ عدد المنتحرين في العام 2019 في عموم العراق 549 حالة… أسباب الانتحار كثيرة منها “وجع الحياة”.

لأنها لا تمتلك شجاعة حرق جسدها، أو إطلاق رصاصة في صدغها، أو لفّ حبل مشنقة فوق رقبتها، اختارت سناء (26 عاماً) ان تتناول خليط حبوب جمعته من الأدوية المتوفرة في منزلها. بعدها بساعات سمعت شقيقتها صوت أنينها الذي بدأ يتصاعد مع اشتداد الألم، ونُقلت على إثر ذلك إلى المستشفى لإجراء غسيل المعدة. 

نجت سناء من الموت انتحاراً، من دون ان تعرف أسرتها سبباً لإقدامها على فعلتها هذه. شقيقها المُقيم في ألمانيا وحده يعرف السبب: حين كانت سناء في الخامسة عشرة من عمرها تعرضت لاعتداء جنسي من قبل شقيقها الذي يكبرها بسبعة أعوام. كانت تشرب الماء في المطبخ، وحين اغلقت باب الثلاجة وجدت اخاها يقف خلفها، وقد ألصق جسده بها، وأطبق بيده على فمها ليمنعها من الصراخ…

فشلت سناء في الانتحار فكتبت لها النجاة، فيما “نجحت” 132 سيدة أخرى في الإنتحار منذ بداية العام 2020 وحتى 20 أيلول/سبتمبر منه. كما سجلت 169 حالة انتحار بين الذكور، ليستقر الرقم عند 301 حالة انتحار سجلها العراق في تسعة أشهر. وتصدرت بغداد القائمة بـ68 حالة انتحار، تتوزع بين 40 حالة بين الإناث، و28 بين الذكور. 

في منطقة الشعلة غرب بغداد وُجد عبد الرحمن (30 عاماً) مشنوقاً بحبل في غرفة منزله الذي “لا يصلح للعيش البشري” بحسب تعبير والدته. توفي والده، معيل العائلة، حين كان عبد الرحمن في العاشرة من عمره، ليتحمّل الصبي مسؤولية العائلة في سنٍ مُبكرة: “لم يتهاون ولدي في تحمّل المسؤولية على الرغم من أنه كان يتذمر في كثير من الأحيان، حظهُ العاثر حرمه من الحصول على وظيفة حكومية تحفظ له كرامته على الرغم من حصوله على شهادة البكالوريوس من كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة بغداد”.

بلغ عدد المنتحرين في العام 2019 في عموم العراق  549 حالة.

ترك عبد الرحمن والدته الستينية، وشقيقتين تدرسان في الجامعة وثالثة متزوجة، ورحل باختياره: “كلما تعرض ابني لنوعٍ من الاهانة في عمله كان يتمنى الموت، احياناً كان يقول انه لا يمتلك الشجاعة الكافية ولو امتلكها لانتحر، لقد عمل في مهن لا علاقة لها بشهادته جامعية، حمّال وعامل بناء، حتى انه كان يبيع قناني المياه المعدنية في تقاطعات العاصمة”. في النهاية فعلها عبد الرحمن. قتل نفسه. 

العنف الأسري والبطالة وأسباب أخرى

بلغ عدد المنتحرين في العام 2019 في عموم العراق 549 حالة، 285 منهم ذكور، و253 اناث، بحسب إحصاءات مفوضية حقوق الإنسان، وكانت محافظة كركوك المتصدرة لقائمة المنتحرين مع 106 حالات. 

لم تضع المفوضية احصائيات جديدة لاعداد المنتحرين لعام 2020 بعد، وهي لا تزال قابلة للازدياد بعد أن شهد العراق خلال 24 ساعة فقط في أحد ايام تشرين الأول/اكتوبر من هذا العام 6 حالات انتحار. لكن ما نشرته مفوضية حقوق الإنسان بين عاميّ 2018 و2020 من احصائيات تؤكد أن الحالات في تزايد مستمر، بعد أن كان عدد المنتحرين في عموم العراق يبلغ 319 شخصاً في العام 2018. 

وأسباب الإنتحار كثيرة، منها “وجع الحياة” بحسب تعبير شهير للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وهذا يتقاطع مع ما يقوله عضو المفوضية لـ”درج”: “أهم الأسباب هو تردي الواقع الاقتصادي وارتفاع نسبة الفقر التي وصلت إلى اكثر من 35% فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة التي تفاقمت مع انتشار وباء كورونا وبالتالي ازدادت المشاكل الاجتماعية وارتفعت نسبة الانتحار مع انتشار الوباء”. ويشير إلى أسباب أخرى أبرزها “غياب الوعي الاجتماعي، وعدم الاهتمام بالصحة النفسية والعقلية  فضلاً عن غياب خطة واضحة من قبل الدولة للتعامل مع هذه المشاكل وعدم استيعاب الحكومة لطموحات الشباب، وتوفير مراكز تهتم بتثقيفهم، وتطوير مهاراتهم، فضلا عن العجز الحكومي في حل مشكلة البطالة”. 

في مدينة الديوانية جنوبي العراق، سجّلت حالة خديجة(21 عاماً)، كـ”محاولةُ انتحار” بعد أن جرى نقلها الى مستشفى الديوانية، في نيسان/ابريل 2020، وهي تعاني من حروق بالغة في وجهها وجسدها. بعد رفضها “منحه حقوقه الزوجية”، كما تقول، ودخولها معه في سجال لفظي، حاول زوجها اغتصابها، فخرجت من المنزل صارخة في محاولة طلب النجدة، فما كان منه إلا أن جرّها بالقوة إلى مساحة داخلية في المنزل و”رشّني بالنفط وأشعل النار”. لإنقاذ الزوج، وستراً للـ”فضيحة”، سُجّلت الحادثة على أنها “محاولة انتحار”. منى الهلالي رئيسة منظمة “أور” لثقافة المرأة والطفل تؤكد “أن آلاف الحالات تشبه حالة خديجة، تُسجل حالات القتل المتعمدة للنساء على انها انتحار او محاولة انتحار، خاصة في المناطق الجنوبية، الخاضعة لسيطرة وحكم العشائر والقبائل”.